مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الشؤون العربية في الصحافة السويسرية

الصفحات الأولى لعدد من الصحف اليومية السويسرية بالألمانية والفرنسية
اهتمت الصحف السويسرية هذا الأسبوع بآخر المستجدات في القدس وتطورات الأزمة الخليجية . swissinfo.ch

رغم الأوضاع المتفجّرة والتوتّر المتصاعد بسبب التدابير الإسرائيلية أحادية الجانب على أعتاب القدس، ظل اهتمام الصحف السويسرية بالشؤون العربية منصبّا على مستجدات الساحة الخليجية، والتطوّرات الدولية بشأن النزاع السوري، وقضايا أخرى متفرّقة.

نبدأ بصحيفة “24 ساعة” الناطقة بالفرنسية والصادرة في لوزان، التي أجرت في عددها الصادر يوم الأربعاء 19 يوليو الجاري حوارا شاملا مع الدكتور على المنصوري، رئيس البعثة القطرية لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة بجنيف على إثر تقدّم هذا الأخير بشكوى لدى المنظمة الأممية ضد الحصار الذي تفرضه أربعة دول “شقيقة” على بلاده.

“الشعب القطري تحت الصدمة” 

في بداية الحوار، شدّد السفير على أن “الشعب القطري يعيش تحت الصدمة منذ إعلان البلدان المجاورة الحصار ضد بلاده في 5 يونيو الماضي”، ومردّ هذه الصدمة برأي المسؤول القطري، وهو شخصيا من أم إماراتية، ومتزوّج من سيدة سعودية، هو أن “المملكة العربية السعودية المشاركة في الحصار ظل ينظر إليها في قطر على الدوام بوصفها الشقيق الأكبر، ومصدر أمن وإطمئنان له”. 

ثم تطرّق السفير إلى المآسي الإنسانية التي تسبب فيها هذا الحصار “الظالم” بحسب رأيه الذي أدّى إلى تشتيت 11.000 أسرة. ويقول: “أحد أصدقائي وهو قطري تم ترحيله من دولة الإمارات العربية المتحّدة برفقة رضيع يبلغ من العمر 7 أشهر، ولكن لم يُسمح لزوجته بمرافقة مولودها لأنها إماراتية! وفي المملكة العربية السعودية، تم ترحيل المرضى القطريين وإخراجهم من المستشفيات التي كانوا يرقدون فيها”. وفي ردّه عن سؤال حول المدّة التي ستصمد فيها قطر تحت الحصار، أجاب الدبلوماسي القطري: “إلى أجل غير مسمّى بفضل الدعم الدولي وعمل وسائل الإعلام النزيهة”. 

وبعد أكثر من أربعين يوما من إعلان الحصار، يقول السفير إن بلاده لازالت تنتظر تلقي سببا وجيها يبرّر الخطوات التي اتخذتها البلدان المهاجمة لها. ولكن ألم تتهم هذه البلدان قطر بدعم الإرهاب؟ ألا تدعم قطر جماعة الإخوان المسلمين، وحركة المقاومة الإسلامية حماس؟ عن هذا السؤال، يرد ممثل دولة قطر في مقرّ الأمم المتحدة بجنيف: “دَعمُنا لحركة حماس يذهب مباشرة إلى سكان قطاع غزّة، كدفع رواتب المعلمين والممرضين، ونموّل مشاريع إعادة الإعمار. هؤلاء ليس لديهم أي علاقة بالصراع. مساعدة هؤلاء، الغرض منه هو على العكس محاولة الوقاية من الإنزلاق نحو التطرّف. نعم حماس لديها مكتب في الدوحة، كما هو الحال بالنسبة لحركة طالبان الأفغانية. وفي الحالتيْن بالإتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية”.

ثم يضيف: “أما بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، فقطر دعّمت الإخوان عندما كانوا في السلطة. اليوم هم حزب سياسي لا تصفه بأنه “منظّمة إرهابية” إلا البلدان الأربعة التي فرضت الحصار على قطر. ثمّ نحن لا ندعم الإخوان المسلمين فقط. في تونس مثلا، عندما خسروا الانتخابات، لم نتوقّف عن تقديم الدعم لتونس، وفضلا عن ذلك، لا وجود لفرع لهذا التنظيم في قطر، بل مجرّد أشخاص اضطروا إلى مغادرة بلدانهم الاصلية. وختم السفير القطري بالقول: “الحل الوحيد لهذه الازمة هو الحوار.. الجلوس ومناقشة القضايا نقطة نقطة”.

واقع جديد يتشكّل في الخليج 

عندما تنقشع غيوم هذه الازمة الطارئة داخل البيت الخليجي، سوف تنتبه شعوب تلك المنطقة إلى التغيّرات المهمّة التي باتت تطرق بقوة أبواب بلدانهم، خاصة على المستويين الإقتصادي والإجتماعي. وفي هذا السياق نتوقّف عند التقرير المطوّل الذي نشرته صحيفة “لوتون” الناطقة بالفرنسية والصادرة بجنيف يوم الخميس 20 يوليو، حول اعتماد دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية لأوّل مرةّ للضريبة على القيمة المضافة وتعميمها على جميع المستهلكين بنسبة 5% ابتداءً من يناير 2018. 

وبالنسبة للصحيفة السويسرية ظهور هذه الضرائب، بالإضافة إلى أنواع أخرى من الرسوم المحلية في الحياة اليومية للسعوديين والإماراتيين يعود أوّلا لتراجع أسعار النفط، حيث انتقل سعر البرميل ابتداءً من منتصف 2014 من 110 دولار أمريكي إلى 50 دولار فقط، ووصول العجز في ميزانية المملكة العربية السعودية إلى 200 مليار ريال في عام 2017. وتنتظر الكويت مثلا أن يبلغ هذا العجز قرابة 25 مليار دولار في العام المقبل. 

ولكن هل يكون فرض الضريبة على القيمة المضافة الحل الأمثل لإستعادة التوازن الاقتصادي في بلدان تشتهر بوجود فوارق كبيرة بين فئاتها الاجتماعية؟ بالنسبة للخبراء في المجال الاقتصادي، الإجابة حاسمة: “الضريبة على القيمة المضافة ليست هي الأداة الأكثر فعالية لأنها تؤثّر على جميع المستهلكين، ولا تؤدي إلى إعادة توزيع الثروة بطريقة عادلة”. 

الرياضة لتغيير القيم

أما على المستوى القيمي والإجتماعي، وفي الوقت الذي أوردت فيه تقريبا كل الصحف السويسرية الناطقة بالألمانية خبر ما بات يعرف بظاهرة “فتاة التنورة” في المملكة العربية السعودية، والتي اعتقلت ثم أطلق سراحها مباشرة، سلطت صحيفة “تاغس أنتسايغر” الناطقة بالألمانية والصادرة بزيورخ بتاريخ 20 يوليو 2017 الضوء على حياة امرأة سعودية أخرى هي لينا المعينا، التي صنفتها مجلة فوربس كواحدة من بين أهم مائتي شخصية نسائية في العالم العربي في عام 2014. 

تشغل لينا المعينا منصب رئيسة أكاديمية جدة يونايتد وهي عضو بمجلس الشورى السعودي، وأول سعودية تؤسس شركة خاصة للأنشطة الرياضية بهدف تعزيز ثقافة الرياضة في المملكة، التي تعاني نسبة كبيرة من سكانها من أمراض السمنة. والمعينا هي أيضا مؤسسة فريق جدة يونايتد لكرة السلة. وأوضحت الصحيفة أن لينا المعينا عملت عبر أكاديمية جدة يونايتد من أجل ترسيخ فكرة الرياضة النسائية في السعودية تعرّضت لمهاجمة رجال دين متشددين يعرضون ممارسة النساء للرياضة بحجة أنها “تشكل خطرا على غشاء البكارة وتؤدي إلى ممارسة البغاء”. 

جرائمُ رافقت نشأة الدولة العبرية

وتحت عنوان “التجارب الرهيبة للدولة الإسرائيلية الناشئة”، نشرت صحيفة “لوتون”، يوم الإثنيْن 17 يوليو، تحقيقا لمراسلها في تل أبيب سيرج دومونت حول الآلاف من الأطفال اليمنيين الذين أخذوا عنوة من أسرهم ليستخدم بعضهم ك”فئران تجارب” في المجال الطبي في مرحلة نشأة الدولة الإسرائيلية.

بعد ستين عام، يقول كاتب المقال “بدأ لغز الأطفال المفقودين” الذي يقضّ مضجع المجتمع الإسرائيلي “يبوح بأسراره”. حيث تؤكّد وثائق محفوظة اطّلعت عليها لجنة مختصة في الكنيست الإسرائيلية أن البعض من آلاف الأطفال اليمنيين الذين أخذوا عنوة من أسرهم في السنوات الأولى لنشأة الدولة الإسرائيلية، لقوا حتفهم خلال تجارب طبية استخدموا فيها كحقل تجارب. الوثائق نفسها تسجّل استبشار العديد من مدراء المستشفيات الكبيرة في الدولة الفتية وتهنئتهم لبعضهم البعض سرّا “بإمكانية التصرّف في المواد الوفيرة جدا في روش هايين”، قرية صغيرة سيق إليها الآلاف من اليمنيين في الخمسينات من القرن العشرين.  

وتنقل الصحيفة السويسرية عن عمير أوهانا، وهو نائب بالكنيست عن حزب الليكود الحاكم قوله: “إطلعت على شهادة ممرّضة تروي كيف أن أطباء حاولوا التعرّف على أسباب قوة المقاومة التي تتمتّع بها قلوب اليمنيين”. 

في نفس الموضوع دائما، تؤكّد الصحيفة تضمّن وثائق أخرى تعود إلى عامي 1949 و1950 إثباتات تشير إلى إجراء رجال من الجنس الأبيض تجارب بهدف التعرّف عما إذا كان الدم الساري في جسم اليمنيين هو “دم عبيد”. وتؤكّد هذه الوثائق تلقي على الأقل “أربعة أطفال يمنيين لقاحات تجريبية نشطة، ذات طبيعة مجهولة، توفوا على أثرها، ودفنوا في أماكن مجهولة من دون إعلام أهليهم بذلك. ولا يزال أمرهم مجهولا إلى اليوم. 

وكان اليمنيون، وكثير من الرعايا العرب الآخرين الذين هاجروا إلى إسرائيل يعتقدون أنهم يهاجرون إلى الأرض الموعودة، لكن عملية إدماجهم كانت صعبة، ولم يلقوا العناية أو الترحيب الذي لقيه المهاجرون اليهود الأوروبيون الذين بنوا دولة إسرائيل. 

جزيرة اصطناعية قبالة غزة 

هذا عن تصرّفات الدولة العبرية في الماضي، أما في الحاضر، فقد أفادت صحيفة “نويه تسوخر تسايتونغ” السويسرية الصادرة بتاريخ 16 يوليو 2017 أن إسرائيل تخطط لبناء جزيرة اصطناعية مزودة بميناء ومحطة توليد كهرباء وأخرى لتحلية المياه في قطاع غزة. وأشارت الصحيفة إلى أن دوافع هذا المشروع ليست إنسانية كما يمكن أن يُفهم للوهلة الأولى. فمن شأن هذه الجزيرة الاصطناعية بحسب التقرير “حماية المصالح الأمنية للدولة الإسرائيلية، حيث ستسيطر بشكل كامل على المياه البحرية وتضمن بذلك منع وصول شحنات أسلحة إلى القطاع”. “الامر الذي تتوجّس منه حماس”، دائما بحسب الصحيفة. 

أما السلطة الفلسطينية، وفقا لتصريحات خاصة، حصلت عليها الصحيفة، فإن هذا المشروع من شأنه “أن يرسّخ الفصل القائم بين القطاع والضفة الغربية ويوطّد أركان حكم منظمة حماس في قطاع غزة”. 

“انتهاء التمرّد في سوريا مسألة وقت”

في الشأن السوري هذه المرة، نتوقّف عند تقرير نشرته صحيفة “لوتون” يوم الجمعة 21 يوليو، نقلا عن صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية التي كشفت مؤخرا أن “الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبالتحديد قبل شهر، قرّر وضع حدّ لبرنامج المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) الهادف إلى دعم وتسليح المتمرّدين السوريين، ما يؤكّد بالنسبة للصحيفة السويسرية أن استراتيجية الولايات المتحدة في سوريا قد تغيّرت”. وتخلص الصحيفة السويسرية بالتالي إلى أن “القضاء على “التمرّد” في سوريا، بات مسألة وقت لا أكثر، ذلك أن القوات المعارضة للأسد أصبحت معزولة وفاقدة لأي دعم بعد تخلّي الولايات المتحدة عنها”. 

القرار الأمريكي بالنسبة لصحيفة “واشنطن بوست” “هو تنازل كبير لصالح روسيا”. وبحسب مصادر لم تكشف عنها “لم يعد للدعم الأمريكي للمتمرّدين من معنى بعد التدخّل العسكري الروسي المباشر في النزاع السوري -السوري، هذا التدخّل الذي حسم نهائيا ميزان القوى للمعسكر الروسي – الإيراني. 

وتأتي هذه الخطوة الأمريكية، وفقا للعديد من الخبراء الذين تستند الصحيفة إلى تحليلاتهم لتؤكّد “ما بات واضحا بأن جميع القادة في العالم أصبحوا مقتنعين بأن التمرّد ضد نظام بشّار الأسد قد فشل”، وهذا هو رأي يوشوا لانديس، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، وتشارلز ليستر، الباحث بمعهد الشرق الأوسط، الذي يذهب إلى أن “تخلّي أمريكا عن المترّدين المعتدلين سوف يصبّ في مصلحة المجموعات الأكثر راديكالية مثل الفرع السوري من منظمة القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية”. 

“باب التبانة مسرح حروب النيابة ” 

ونختم هذا العرض الصحفي الأسبوعي، بتقرير نشرته صحيفة “نويه تسوخر تسايتونغ” الناطقة بالألمانية في عددها الصادر بتاريخ 19 يوليو 2017 حول حي باب التبانة الواقع في مدينة طرابلس شمال لبنان، هذا الحي الذي بات يعكس، وفقا للتقرير “الصراعات الإقليمية في المنطقة ومشاكل الداخل اللبناني المتراكمة”.

في هذا السياق أشارت الصحيفة إلى الاشتباكات التي وقعت بين باب التبانة (منطقة ذات أغلبية سنية) وجبل محسن (علوية) على خلفية الأحداث السورية. وأوضحت أنه تم إعلان وقف إطلاق النار بقرار سياسي. ونقلت الصحيفة عن أحد الصحفيين اللبنانيين قوله: “السياسيون يشعلون القتال ثم ينسحبون بحسب ما يخدم مصالحهم السياسية”. وخلص التقرير إلى وصف مدينة طرابلس بـ “مسرح الحرب الإقليمية بالنيابة، حيث تحرض القوى الإقليمية اللبنانيين ضد بعضهم البعض من أجل إيصال رسائل ضمنية إلى الخصوم في المنطقة”. 

وبرأي الصحيفة، فقد “نجحت الدعاية الجهادية في استغلال الفراغ الفكري والشعور بالتهميش بين أبناء الطائفة السنية لاستقطاب الشباب في لبنان. أما السعودية وإيران فتؤججان الإستقطاب بين الشيعة والسنة لتحقيق مصالح جيو- سياسية”.  

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية