مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

طائرة وقطمران شمسيان في رحلات استعراضية في الولايات المتحدة

القمطران السويسري "بلانيت سولار" أثناء مروره أمام تمثال الحرية بنيويورك في 17 يونيو 2013 AFP

نفّذ كل من قطمران "تورانور بلانيت سولار"، وطائرة "سولار إيمبولس"، العاملان بالطاقة الشمسية، خلال الأشهر الأخيرة، جولات داخل الولايات المتحدة، لإبراز القدرات الهائلة للطاقات المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية.
.

ولئن حقّقت هذه الجولات هدفها في التواصل مع المعنيين بهذه التكنولوجيا ومع الرأي العام هناك، فإن إقناع المستثمرين وإيجاد شركاء، يحتاج إلى مزيد من الوقت.

واستطاعت طائرة “سولار إيمبولس” الخفيفة الوزن والعاملة بالطاقة الشمسية، إتمام رحلاتها في الولايات المتحدة بنجاح تام، رغم وقوع تصدّع في أحد أجنحتها.

وحتى في مجال النقل البحري، قام قطمران “تورانور بلانيت سولار”، الذي يشتغل كذلك بواسطة الطاقة الشمسية، برحلات تجريبية ودراسية عبر العالم، وتوقّـف في ثلاثة موانئ بالساحل الشرقي للولايات المتحدة.

ويعتقد رولف فوستنهاغن، أستاذ إدارة موارد الطاقة المتجدّدة في جامعة سانت – غالن، بأن الولايات المتحدة هي أفضل وِجهة لجلب الانتباه لمثل هذه المشاريع، التي تريد أن تُـلفت أنظار الرأي العام إليها.

وقال في حديثه لـ swissinfo.ch بأن “هذه المشاريع هي نماذج من التكنولوجيا المتطوّرة، وتحتوي على جانب من المغامرة، وهذا ما من شأنه أن يجلب اهتمام الأمريكيين. وأعتقد أن الصّدى الذي سوف تتركه في بلد “نعم، نحن قادرون”، سيكون صدى واسعا”. لكن التحدّي الحقيقي، يضيف الأستاذ الجامعي: هو “إقناع الناس هناك بأن الأمر لا يتعلق بمجرد لُـعبة تكنولوجية متطورة، بل بوسائل نقل فعلية للمستقبل او بحلول مُجدية في مجال الطاقة”.

ويضيف هذا الخبير: أن “اقناع الأمريكيين يتطلب جهدا أكثر، مما هو الحال بالنسبة للأوربيين الذين لديهم الكثير من المنشآت المُسيّـرة بالطاقة الشمسية أو الهوائية. أما في الولايات المتحدة، فإن هناك مناطق ما زالت فيها مصادر الطاقة الأحفورية هي السائدة”.

ربح عام  كامل

تعتبر جولة “عبور الولايات المتحدة”، عملية رابحة بالنسبة لطائرة سولار إيمبولس، خاصة وأن الفريق المُشرف على هذا المشروع، كان قد خطط لتأجيل الجولة عبر العالم لسنة أخرى، بسبب متاعب تقنية.

وأوضح أندري بورشبيرغ، القائد الثاني للطائرة الشمسية “بدلا من الحديث عن ضياع عام كامل، نحن نعتقد أننا قد ربحنا عاما وقررنا أن نستفيد من ذلك عبْـر نقل هذا الجيل الأوّل من هذه الطائرة إلى الولايات المتحدة”. أما النموذج الثاني للطائرة، الذي يتم تركيبه حاليا في سويسرا، فسيشرع في جولته عبر العالم في عام 2015.

وفي الولايات المتحدة، تناوب أندري بورشبيرغ وزميله برتراند بيكار على قيادة هذه الطائرة خلال رحلتها من سان فرانسيسكو إلى نيويورك، رحلة تخللتها عمليات توقّف في فينيكس وسانت لويس ودالاس وسينيسيناتي وواشنطن.

وعن هذه التجربة، يقول بورشبيرغ: “كان من المثير للإهتمام رؤية ردود أفعال الناس، وأعتقد أن مستوى التفاعل والإهتمام يختلف في أمريكا عن غيرها من الأماكن. وللأمريكان قُـدرة على الإعجاب بهذا النوع من المشروعات الحديثة، وهذه الأفكار الجديدة، أمر يثير الإستغراب فعلا”.

كذلك، بدا أندري بورشبيرغ راض عن التغطية الإعلامية التي حظيت بها رحلات طائرة “سولار إيمبولس”: “الكثير من المشروعات الرائدة، إما قد وقع تطويرها في الولايات المتحدة أو تحقيقها هناك. ويظل هذا البلد أفضل مكان لإطلاق أي مشروع أو فكرة جديدة. وهناك تحصل المشروعات على صدى واسعا من حيث الإنتشار والإتصال”.

المزيد

حماس كبير

لقد حلّق بورشبيرغ بصُحبة زميله بيرتران بيكار من سان فرانسيسكو الى نيويورك. وقد توقفا في كل من فينيكس ودالاس وسانت لوي وسينسيناتي وواشنطن دي سي.

وقال بورشبيرغ “لقد كان من المهم رؤية ردود فعل الناس هنا. فقد كان حماسهم واهتمامهم أكبر مما شاهدناه في باقي المناطق. فالأمريكيون يملكون هذه القدرة على إبداء الإعجاب بالمشاريع الرائدة والأفكار الجديدة. وهذا ما كان مؤثرا”.

كما شدّد بوشبيرغ على أهمية استغلال الإهتمام  الكبير لوسائل الإعلام الأمريكية: “لكون الكثير من المشاريع الرائدة تم تطويرها او إنجازها هنا. فالولايات المتحدة ما زالت تعتبر من أحسن الأماكن لإطلاق المشاريع والأفكار الجديدة. وهنا يمكن الحصول على أكبر صدى لتلك المشاريع”.

شمس وبحر

مثل الطائرة الشمسية، حصل قطمران “تورانور بلانيت سولار”، الذي يعتمد في تشغيله على الطاقة الشمسية، على استقبال كبير عندما توقف في كل من ميامي ونيويورك وبوسطن بالساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية.

وقال المدير التنفيذي باسكال غولبيي: “لقد كانت ردود الفعل جد متحمِّسة. وكنت استمع لهُتافات تقول “يالها من سفينة جميلة”، و”يا للمفاجأة إنها تستخدم الطاقة الشمسية فقط”.

وتقوم سفينة “بلانيت سولار”، في تعاون مع جامعة جنيف، بدراسة حول تأثيرات التغيرات المناخية على طبقات الجو “غولف ستروم”. وفي هذا الإطار، قام طاقم السفينة في العالم الماضي ولأول مرة في تاريخ الرحلات البحرية، بجولة عبر الكرة الأرضية على متن سفينة تسير بالطاقة الشمسية.  

وكانت مؤسسة “سويس نيكس” – بوسطن، التي هي بمثابة قنصلية للبحث العلمي السويسري (في الولايات المتحدة) قد قامت في شهر يونيو بتنظيم عدة تظاهرات لشرح المهمة التي تقوم بها سفينة بلانيت سولار.

وقال سيباستيان هوغ  من سويس نيكس ببوسطن “لقد قمنا في إشتراك مع مؤسسة “وودس هول أوسيانوغرافيك” بتنظيم ندوة علمية، شارك فيها بحاثة في مجال المناخ والبيولوجيا البحرية من البلدين، وعززا فيها الروابط بينهما”. وقد تم بالمناسبة تعزيز سمعة جامعة جنيف كجامعة رائدة في هذا المجال.

وهناك ترحيب في الولايات المتحدة الأمريكية بكل ما هو إبداع يتم في باقي البلدان، كما يقول السيد هوغ. وكانت مؤسسة سويس نيكس قد نظمت مؤخرا مسابقة شارك فيها 20 متسابقا من سويسرا، منحت لكل منهم مدّة دقيقة واحدة لتقديم مؤسسته. وقد جلبت التظاهرة حوالي 300 زائر، إذ كما يقول “كثيرا ما يبدي عموم الأمريكيين اهتماما كبيرا بالإبداعات التكنولوجية من أوروبا”.

يعتبر القطمران البالع طوله 35 مترا أكبر سفينة تسير بالطاقة الشمسية في العالم. وتبلع مساحة الألواح الشمسية 516 مترا مربعا. وقد استغرقت الرحلة حول العالم 19 شهرا وانتهت في شهر مايو من العام الماضي في موناكو.

يقوم طاقم السفينة في الوقت الحالي بجولة دراسية لتحليل تأثيرات التغيرات المناخية على المحيطات.

في سيرها وفقا لمجرى الرياح، توقفت السفينة خلال هذا الصيف في ميامي ، نيويورك، وبوسطن. وأثناء عودتها نحو أوروبا ستعرج على بلدان الشمال الأوربي.  

استخدامات محتملة كثيرة

عن سؤال حول كيف ينوي الساهرون على المشروعين السويسريين المستخدمين للطاقة الشمسية، استقطاب شركاء وداعمين أو ممولين جدد؟

يجيب غولبيي من مشروع “بلانيت سولار”: “ميزانيتنا لهذا العام جاهزة، لذلك سوف لن نتوجه بشكل مكثف للبحث عن مصادر تمويل. لكننا نحصل على طلبات لتطوير نشاطات جديدة، مثل استضافة مجموعات على متن السفينة. وهذا ما يبدو لنا نشاطا واعدا بشكل كبير”. والمقصود بنشاط الضيافة استقبال موظفي مؤسسات، إذ أن سفينة سولار بلانيت بامكانها استقبال حوالي 20 شخصا والإبحار بهم لمسافة قصيرة”.  

أما المسؤولون عن الطائرة الشمسية، فيرغبون في إبرام عقود جديدة، إذ يقول أندري بورشبيرغ: “نجري مفاوضات هامة نأمل في أن تتوصل إلى شيء ملموس”. ويقدر بأن هناك بعض الشراكات المهمّة المحتملة التي قد ترى النور”، وهذا ليس فقط في المجال المالي، بل ايضا مثلما هو الحال مع الشركاء الأوروبيين، في العمل معا من أجل تحقيق الهدف المشترك”.

وبإمكان الجميع أن يستفيد في نهاية المطاف من هذه الإبداعات، إذ يقول رولف فوستنهاغن: “عندما أنظر الى الامكانيات المتاحة، أجد أن الولايات المتحدة تعتبر المكان المنطقي لذلك، لأن اقتصادها يعم العالم ويؤثر بشكل كبير بانبعاثاته الغازية المؤثرة في البيئة “.

وفي نفس الوقت، يدور في الولايات المتحدة جدل سياسي مثير، يحاول فيه الرئيس الأمريكي اوباما البحث عن حلول عملية بخصوص التحديات التي تهدد المناخ. ويأمل فوستنهاغن في “أن يكون المشروعان السويسريان بمثابة مساهمة متواضعة، تساعد في إعطاء دفع لهذه السياسة”.

تم عرض الطائرة الخفيفة الوزن والعاملة بالطاقة الشمسية في عام 2009 في مدينة زيورخ.

هذا المشروع الذي هو وليد فكرة رائد  الطيران السويسري بيرتراند بيكار، وقامت هذه الطائرة بأول رحلة لها في تاريخ الطيران المستخدم للطاقة الشمسية في عام 2010.

يعادل طول هذه الطائرة البالغ 63 مترا طول طائرة أير باس أ- 340. ولكن بدلا من 300 راكبا، ليس بداخل هذه الطائرة سوى مقعد واحد خاص بقائد الطائرة.

حلقت طائرة سولار إيمبولس في عام 2010 فوق سويسرا، وفي عام 2012 فوق البحر الأبيض المتوسط، وخلال الأشهر الماضية القريبة  فوق الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي عام 2015، من المنتظر أن يقوم نموذج آخر متطوّر  من هذه  الطائرة  بجولة حول العالم.

(نقله من الفرنسية وعالجه: محمد شريف)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية