مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

العصر النووي السّويسري يستحث الخُطى نحو نهايته المحتومة

في شهر يناير 2012، أكدت دوريس لويتهارد وزيرة الطاقة والإتصالات والنقل مجددا تصميم الحكومة السويسرية على التخلي عن استخدام الطاقة النوية. Reuters

بعد انقضاء عام على كارثة فوكوشيما في اليابان، لم يعد هناك أي مستقبل للطاقة النووية في سويسرا حيث لا يعتقد أيّ حزب سياسي الآن بإمكانية تشييد محطات نووية جديدة.

ومع أن قدرا لا بأس به من الضبابية لا زال يُحيط بالإجراءات العملية للخروج نهائيا من الحقبة النووية إلا أنه من المؤكد أن التحدي القائم.. هائـل جدا.

وفي لقاءات مع swissinfo.ch، عبر عدد من رجال السياسة عن وجهات نظرهم بخصوص هذا الملف وذلك قبل أن تعلن المحكمة الإدارية الفدرالية يوم 7 مارس 2012 عن قرارها القاضي بعدم السماح بمواصلة استغلال محطة موهلبورغ (في كانتون برن) بعد شهر يونيو 2013.  

وفي معرض تلخيصه للموقف، قال كريستوف داربولي، رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي: “فعلا، هناك ما قبل (حادثة) فوكوشيما وما بعدها. سياسة الطاقة في سويسرا في المستقبل لن تكون أبدا مثلما كانت عليه في الماضي”. وبالفعل، اعتبر جميع السياسيين الذين استجوبتهم swissinfo.ch – سواء كانوا من اليمين أو من اليسار – أن قرار التخلي عن استخدام الطاقة النووية نهائي ولا رجعة فيه.

في هذا السياق، يبدو أن حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي) الذي اعتبر أن هذا القرار اتسم بالتسرع قد عاد إلى اتخاذ موقف أكثر عقلانية. وفي هذا الصدد، يقول غي بارمولين، نائب رئيس الحزب: “إذا أخذنا بعين الإعتبار الأغلبيات القائمة في البرلمان، فإن تغيير الوجهة أمر لا رجعة فيه”. نفس الخطاب يتردد في الحزب الليبرالي الراديكالي حيث يشير النائب جاك بورجوا إلى أنه “بعد فوكوشيما، اتضح لنا أنه لن تكون هناك أغلبية إذا ما اضطررنا للذهاب أمام الشعب لتعويض بعض المحطات بفضل التكنولوجيات الحالية”.

بالإضافة إلى هذه الأجواء السياسية غير الملائمة للطاقة النووية، هناك أيضا بعض الأوجه العملية حيث يُشير النائب الإشتراكي روجيه نوردمان إلى أن “عملية بناء محطة طويلة جدا. وحتى إذا ما تمكن المؤيدون لاستخدام الطاقة النووية من تمرير مشروع بناء (محطة نووية) في غضون خمسة أعوام، فإن المحطة الجديدة لن تتمكن من الإشتغال قبل عام 2040 في حين أن محطاتنا الحالية قديمة جدا كي يأمل أنصار الذرة استبدالها قبل نهاية عمرها الإفتراضي. الأكيد إذن هو أننا سنتجه إلى مرحلة بدون طاقة نووية”.

رمز للمقاومة

في الفترة الأخيرة، قدرت الحكومة السويسرية أن آخر محطة نووية في البلاد ستغلق أبوابها بحلول عام 2034 لكن القرار الذي اتخذته المحكمة الإدارية الفدرالية يوم 7 مارس والقاضي بإغلاق محطة موهليبرغ في كانتون برن (التي تعرضت للعديد من الأعطاب الصغيرة وأثارت بعض المخاوف) قبل موفى يونيو 2013 عزز مواقف اليسار والخضر الداعين إلى التسريع بعمليات الإغلاق.

وترى إيزابيل شوفالاي، النائبة عن حزب الخضر الليبراليين أنه “يجب إغلاقها بسرعة. ففي ألمانيا قررت السلطات إغلاق محطة من نفس الصنف تعاني من مشكلة مشابهة، أما في سويسرا فنكتفي بالترميم”.

في المقابل، لا زالت القناعة سائدة على يمين الخارطة السياسية بأن هذه المحطة مأمونة ويذهب غي بارمولين أن “كل شيء تحت السيطرة إذا ما أقدمت المحطة على القيام بالأعمال الأخيرة للتوافق مع المتطلبات” القانونية والتقنية. ويشاطر الديمقراطيون المسيحيون والليبراليون الراديكاليون هذا الموقف إذ “لا يوجد مبرر خطير للمسارعة بإغلاق هذه المحطة”، مثلما صرّح جاك بورجوا.

وفيما تتراوح المواقف بين المخاوف والتطمينات، جاء قرار المحكمة الإدارية الفدرالية ليحسم الموقف (مؤقتا) لكن الأكيد هو أن النقاش العام في سويسرا حول المسألة لن يتوقف خصوصا وأن “الجدل الذي أحاط بمحطة موهليبرغ كان كبيرا لأن هذه المحطة تمثل رمزا للمقاومة بوجه الطاقة النووية”، حسب رأي داربولي.

الإقتصاد في الطاقة والطاقات الجديدة

إجمالا، يرى السّاسة السويسريون أنه توجد وسيلتين للحد من الآثار المترتبة عن التخلي عن استخدام الطاقة النووية. تتمثل الأولى في المراهنة على الإجراءات الرامية للإقتصاد في الطاقة ويلاحظ كريستوف داربولي أنه “الجهد الأول الذي يتعين القيام به. فقد أظهرت دراسات أنه بالإمكان توفير نصف الإنتاج المتأتي من الطاقة النووية في القطاع الصناعي لوحده”.

من جهته، يلاحظ أولي لوينبرغر، رئيس حزب الخضر السويسري أن “مجرد وضع الأجهزة الكهربائية في حالة انتظار (Stand by) تسمح بتوفير أزيد من إنتاج محطة واحدة لذلك نرى في أي القطاعات يجب علينا أن نتحرك”.

الوسيلة الأخرى، تتمثل في تطوير الطاقات المتجددة حيث أن “إمكانياتها التقنية تتجاوز بكثير الطاقة النووية الحالية”، مثلما يقول روجيه نوردمان مضيفا بأن “الجميع متفقون على أن نصف التعويض سيتم عن طريق الخلايا الكهرو – ضوئية Photovoltaique لأن هذه التكنولوجيا سهلة الإنتشار كما أن أسعارها تنخفض باطراد. لكن يجب أيضا توفير طاقة شتوية ما يعني الحاجة إلى طاقة الرياح والكتلة الحيوية Biomasse والكهرباء المنتج عن طريق الطاقة المائية”.  

في السياق نفسه، يؤكد أولي لوينبرغر أنه “من الناحية التقنية، كل شيء مُمكن للتقدم بسرعة إلى الأمام، فنحن نعرض على موقعنا على شبكة الإنترنت سيناريو للخروج من (استخدام الطاقة) النووية في موفى عام 2020. إننا لا نخترع شيئا بل نستعيد ببساطة الأعمال التي أنجزها خبراء علميون والإدارة الفدرالية. تكفي فقط إرادة سياسية”.

في المقابل، لا تقتصر الإشكالية على المسائل ذات الطابع التقني أو الفني، بل يؤكد مختلف الممثلين عن أحزاب اليمين منذ الآن على أنه من الضروري ضمان تأمين احتياجات البلاد من الطاقة بـ “أسعار تنافسية”، على حد تعبير جاك بورجوا.

مسار طويل

هذه الإرادة السياسية الساعية للتخلي عن استخدام الطاقة النووية سبق التعبير عنها من طرف الحكومة وأغلبية البرلمان، ويبقى الآن وضعها موضع التنفيذ وهي مسألة ليست بالأمر الهين. ويُلاحظ غي بارمولين: “النوايا شيء جميل لكن عندما أرى بطء الإجراءات، أقول لنفسي إنه من المحتمل أن نتعرض لمفاجآت غير سارة”.

في اللحظة الراهنة، تسود أجواء من الترقب الطبقة السياسية التي تنتظر تقرير الحكومة الذي سيقدم معلومات ملموسة بشأن الطريقة التي سيتم بها الإستغناء عن استخدام الطاقة النووية لجهة التحويرات القانونية والإجراءات الرامية للترويج للطاقات المتجددة وللإقتصاد في الطاقة، والتكلفة والجدول الزمني إلخ.. ومن المفترض أن يُقدم التقرير المرتقب في شهر سبتمبر 2012.

وبعد أن يُعرض هذا التقرير على استشارة مختلف الأطراف المعنية، ستقوم الحكومة بإعداد المُسودّة النهائية لمشروعها ومن ثم تحويله إلى البرلمان. وباختصار، ومع أخذ جميع هذه المراحل بعين الإعتبار فمن المحتمل جدا أن لا يبدأ العمل برزمة الإجراءات الرامية للإستغناء عن استخدام الطاقة النووية قبل أول يناير 2016.

على صعيد آخر، يثير البطء الذي تتسم به العملية مخاوف بعض السياسيين وخاصة من اليسار حيث يُلاحظ أولي لوينبرغر أنه “لا تُوجد بعدُ أغلبية سياسية تعبر عن نفسها بوضوح بشأن سرعة وتيرة هذا الخروج من (استخدام) الطاقة النووية”. ومن جهته، يحذر روجيه نوردمان من أن “طول فترة العملية تمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للطاقات المتجددة لأن الوسائل الحالية المخصصة لدعمها لا تكفي إلا إلى منتصف عام 2013. فلا بد من حلحلة جزئية على أقل تقدير وإلا فإننا سنوقف تطوير الطاقات المتجددة وهي بصدد الإقـلاع”.

يوم 25 مايو 2011، أعلنت الحكومة السويسرية عن التخلي التدريجي عن استخدام الطاقة النووية.

وسيتم وقف المحطات الخمس للبلاد ما بين عامي 2020 و2034 أي عند وصولها إلى نهاية فترة خدمتها المفترضة.

في دورة خريف 2011، حصل هذا المنعرج على موافقة البرلمان الفدرالي الذي حرص مع ذلك على ترك الباب مفتوحا بوجه تكنولوجيات نووية جديدة.  

يوم 1 ديسمبر 2011، أعلنت الحكومة السويسرية أنها تعتزم التعمق في دراسة الفائدة المنجرة عن القيام بإصلاح جبائي بيئي.

يتوجب على الحكومة الفدرالية تقديم تقرير حول الكيفية التي سيتم بها الإستغناء عن استخدام الطاقة النووية (تكاليف، جدول زمني، إجراءات، ألخ…). ومن غير المنتظر صدور هذه الوثيقة قبل السداسي الثاني من عام 2012.

مصر: من أوائل الدول العربية، التي استشعرت الدور الحيوي للتطبيقات السلمية للطاقة الذرية، بإنشاء لجنة الطاقة الذرية عام 1955، والتي تم تحويلها إلى هيئة عام 1957، تضم 4 مراكز علمية كبري، ولديها مفاعلان نوويان، أولهما بأنشاص وقدرته 5 ميغاواط، وبدأ العمل به منذ عام 1961م، وهناك مفاعل ثان بأنشاص قدرته 22 ميغاواط، بدأ العمل منذ فبراير 1998م، وقد أنشأت مصر هيئة للمحطات النووية لتقوم بالإشراف على هذه المحطات النووية، كما أن هيئة الطاقة الذرية المصرية مستمرة في نشاطها، ولديها خطة حالية لإنشاء محطة الضبعة النووية، التي تحتوي علي 8 مفاعلات نووية قدرة كل واحد 1000 ميغاواط.
 
الجزائر: تمتلك مفاعل بقوة 30 ميغاواط، في جنوبي العاصمة الجزائرية، وهو الآن يعمل كمركز أبحاث نووية. وهناك مفاعل نور بقوة 2 ميغاواط، أقيم عام 1987 مع الأرجنتين، ويقع في قلب العاصمة الجزائرية. وهناك سبعة مراكز أبحاث نووية للميدان الطبي والزراعي وغيرها.
 
الأردن: أعلن عن خطة لإقامة محطة نووية لتوليد الكهرباء، تكون جاهزة للعمل عام 2020، بقدرة تصل الى 1000 ميغاواط، يمكنها توفير 20% من الطلب على الطاقة الكهربائية، على أن تُلحق بمحطة نووية أخرى، لتغطي الطاقة النووية 30% من احتياجات الكهرباء بحلول العام 2030. كما بدأ عام 2009، وبالتعاون مع إحدى الشركات الكورية، مشروع إقامة مفاعل نووي للأبحاث، بقدرة 10 ميغاواط، في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية وأنشئ في هذه الجامعة برنامج بكالوريوس في الهندسة النووية.
 
 السعودية: قامت بإنشاء هيئة تعنى بالطاقة النووية باسم مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، وأعلنت أنها ستمتلك 16 مفاعل نووي عام 2030.
 
 الإمارات العربية المتحدة: تخطط لإنشاء أول محطة نووية عام 2017.
 
 الكويت: تم تشكيل اللجنة الوطنية لاستخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية في مارس 2009، ومن المتوقع أن يتم إنشاء أول مفاعل نووي كويتي عام 2015.
 
 سوريا: تمارس نشاطًا نوويا في مجالات سلمية مختلفة، يذكر منها بحوث البلازما والاندماج النووي.
 
 لبنان: تهتم في برامج بحوثها بالتحليل العناصري للمواد باستخدام معجل يعرف باسم «تاندم فان دي جراف» (Tandum Van de Graff).
 
تونس: يتضمن برنامج الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، إلى جانب أنشطة أخرى، بحوث وتطبيقات النظائر المشعة في الطب والصناعة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية