مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القضاء يُـجـيـز بيع ألعاب فيديو عنيفة

قررت سلسلة متاجر "ميديا ماركت"حصر بيع هذه اللعة إلى الشباب الذين تتجاوز أعمارهم 18 سنة.

في خطوة غير مسبوقة، أجازت محكمة سويسرية بيع أشرطة لألعاب فيديو عنيفة. ورأت المحكمة أن لعبة "القنّاص" ليست على درجة من العنف تستوجب حظرها.

ويُعد الحكم الذي أصدرته محكمة بإحدى ضواحي مدينة برن يوم الاثنين 9 يونيو انتصارا لمجموعة محلات “ميديا ماركت” المتخصصة في بيع الأجهزة والمعدات الإلكترونية، والتي تروّج “لعبة القنّاص” التي صممتها شركة “ميدواي للألعاب”، ويوجد مقرها بشيكاغو.

وبحسب ما ورد في الموقع الإلكتروني للعبة، ينبني الحكم القضائي على أن اللعبة التي يتقمص فيها اللاعبون شخصية قائد عصابة آسيوي تتحدد مهمته في “الانتقام الدموي”، ليست عنيفة بالقدر الذي يستوجب حظرها.

وكان رولاند نايف، العضو في الحزب الإشتراكي السويسري قد تقدم بشكوى إلى إحدى المحاكم بجهة برن ضد مدير مجموعة محلات “ميديا ماركت” ببرن. ويقول نايف أن ألعاب الفيديو العنيفة كلعبة “القناص” تنتهك المادة 135 من القانون الجنائي السويسري، لكن المحكمة رفضت تلك الدعوى. وخلال النطق بالحكم، قال القاضي “اللعبة أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع”.

وكانت مجموعة محلات “ميديا ماركت”، قد حددت بيع اللعبة إلى من تتجاوز أعمارهم 18 سنة، إلا أن هذا لم يحل دون انتشارها بشكل واسع بين الأحداث البالغين 14 سنة من العمر، استنادا إلى صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ”.

غير مفيدة وغامضة المقصد

تحظر المادة 135 من القانون الجنائي السويسري الأدوات الإشهارية غير المفيدة والمجانية التي لا تحقق أهدافا علمية أو ثقافية. لكن الغموض الذي يلف الكلمات الواردة في نص المادة يجعل من الصعب تطبيقها على “لعبة القنّاص”، التي يقوم اللاعبون من خلالها بحصد أرواح أعدائهم في عالم إفتراضي.

واعترف رولان نايف إثر صدور الحكم أن المادة 135 من القانون الجنائي ضعيفة، وأن الحكم كان متوقعا. وفي بيان صادر عن فرع الحزب الإشتراكي ببرن، ورد: “والآن على الحكومة الفدرالية تحمّل مسؤوليتها”.

ألان غوغنبول، خبير في مجال علم نفس الأطفال والشباب وأستاذ محاضر بجامعة زيورخ يؤكد أن أغلب الأطفال قادرون على التمييز بين الألعاب وعالم الحقيقة.

وقال غوغنبول في حديث أدلى به إلى سويس انفو: “الأغلبية الساحقة من الأطفال بإمكانهم في الحقيقة التمييز بين الواقع الافتراضي والواقع الحقيقي”، وأضاف: “هذه اللعبة ليس لها أي تأثير سلبي عليهم في الحقيقة”.

وحتى الآن لم تثبت الدراسات في مجال الإعلام وألعاب الفيديو أي علاقة بين “ألعاب القنص”، والانحراف الاجتماعي لسلوك الأطفال، لكن غوغنبول لم يستبعد تأثّر نسبة صغيرة من الأطفال بتلك الألعاب.

واعتبر عالم النفس، الذي اتهم من قبل النخبة السياسية باستخدام ظاهرة العنف لدى الأطفال ذريعة لتحقيق مكاسب سياسية، أن الميل لاعتبار الألعاب سببا في تزايد مظاهر الجنوح في صفوف الأحداث هو طريقة سهلة للهروب من حقيقة أن المجتمع السويسري قد أصبح مهووسا بهذه الظاهرة.

ويختم هذا الأخصائي النفسي كلامه بالإشارة إلى أن «محاولة تقنين استخدام ألعاب الفيديو لن يكون له أي جدوى”.

كذب ونفاق

وقال غوغنبول: “هذا كذب واضح، وسلوك غير لائق”، وواصل القول: “من جهة، لا نريد أن يكون الأطفال معجبين بالعنف، وننسى أن العنف حقيقة متجذّرة في مجتمعنا”.

وأضاف: “الكبار يعرّضون أنفسهم كل يوم لمشاهد مرعبة، خاصة تلك التي تتناقلها وسائل الإعلام، ومن الطبيعي أن يرغب الأولاد في رؤية المشاهد نفسها، والاختلاف الوحيد، هو أنهم يمرحون أكثر برؤية تلك المشاهد”.

ويشير هذا الخبير إلى أن مطالعة الكتب أو اللعب في الخارج “لم تعد تجتذب اهتمام الشباب”، كما يعتقد أن المدارس “لا تعير الاهتمام الكافي لميل الأطفال لوسائل الترفيه الحديثة”.

واستنادا إلى تقرير نشرته صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” التي تصدر في زيورخ، يقضي الشاب السويسري في المعدّل العام سبع ساعات مع ألعاب الفيديو كل أسبوع. وفي عام 2007، بلغ رقم مبيعات هذا الصنف من الألعاب 410 مليون دولار أي بزيادة 40% عن السنة التي سبقتها. أما الوقت الذي قضاه الشباب في ألعاب الفيديو فتجاوز الوقت الذي سخّره للسينما.

ويحث هذا الخبير الأولياء على القبول بالألعاب التي يفضَلها أبناءهم، لكنه يدعوهم أيضا إلى تحديد وقت الانشغال بتلك الألعاب، والتدخل إذا اقتضى الأمر. وأكد أن “الأمر يتوقف على طول الفترة التي يقضيها الطفل مع هذه الألعاب”.

وبالنسبة له فإن “الحد من تأثير هذه الألعاب وبرامج التلفزيون يتوقف على الآباء الذين عليهم تحديد الوقت الذي يقضيه الأبناء مع تلك الألعاب أو البرامج، ومدى استعدادهم لمناقشة مضامينها مع أبنائهم، وربما حتى مشاركتهم اللعب من وقت لآخر”.

سويس انفو – جوستين هان

(ترجمه وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

نظام الشبكة الأوروبية لتداول المعلومات حول الألعاب، وتصنيفها هو نطام طوعي. وتقول الجمعية المشرفة على هذا النظام إنها وضعته بناء على استشارات شملت المستهلكين، والآباء والمجموعات الدينية.

وتصنف الألعاب بحسب المراتب التالية:
3+
7+
12+
16+
18+

وتأخذ عملية الترتيب في الاعتبار، عامل اللغة، والتجسيمات العنصرية، واستهلاك المخدرات، ومستوى الخوف، والقمار، والجنس والعنف.

يرأس ألان غوغنبول قسم مجموعة العلاج النفسي الخاصة بالأطفال والشباب التابع للمكتب الاستشاري للتعليم بكانتون برن، ويرأس في الوقت نفسه معهد إدارة النزاعات والميثودراما ببرن وزيورخ.

كذلك يدرّس ألان بالعديد من الثانويات السويسرية، وألف العديد من الكتب والمقالات.

ورغم انه يعتقد أن ألعاب الفيديو العنيفة ليست خطيرة، فإنه يدعو إلى حظر ذلك الألعاب التي تثير مشاعر العنصرية أو تحمل رسائل سياسية.

كذلك يعتقد غوغنبول أن هذا النوع من ألعاب الفيديو سوف تفقد في المستقبل اهتمام وانشغال الأحداث بها بعد تكرار استخدامها، ومن المنتظر عندئذ أن يتجه الأطفال للعب في الخارج، وربما زاد شغفهم بمطالعة الكتب.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية