مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المثليون قد “يتزوجون” قريبا في سويسرا

لا توجد إحصائيات رسمية عن عدد الأزواج المثليين في سويسرا، لكن التقديرات تشير إلى أنهم يمثلون 5% من إجمالي السكان الذين تجاوز عددهم 7 مليون نسمة في عام 2000 Keystone

لا يتمتع المثليون والمثليات في سويسرا بأية حقوق على مستوى قانون الزوجية إذ تُعتبر حياتهم معا مجرد شراكة بين فردين. لكن الوضع قد يتغير قريبا إذا ما صوت الناخبون لصالح مشروع قانون فدرالي جديد.

المشروع الذي سيطرح في استفتاء شعبي يوم 5 يونيو القادم يدعو إلى منح المثليين جملة من الإمتيازات التي ظلت لحد الآن حكرا على الزيجات المعهودة.

ليس للشواذ جنسيا (سواء كانوا من اللواطيين أو من السحاقيات) أي وجود على المستوى القانوني في سويسرا. فاختيارهم العيش معا مثل الزيجات المعهودة بين الجنسين لا زال يتم خارج أي إطار شرعي أو قانوني، وبالتالي لا يُعترف لهم لا بالحقوق ولا بالواجبات.

ويتسبب هذا الوضع أحيانا في مشاكل عملية. ففي حال وفاة أحدهما، يُضطر الشريك إذا ما ورث أملاكا من الرفيق المتوفى دفع ضرائب مرتفعة جدا، إذ لا يستفيد من أي تخفيض ضريبي أو أي إعفاء مثلما هو الشأن بالنسبة للمتزوجين من جنسين مختلفين.

ولإيجاد حلول لمثل هذه المشاكل، وافق البرلمان السويسري على قانون فدرالي حول اعتماد عقد الشراكة المُسجلة بين شخصين من نفس الجنس، وهو بمثابة عقد زواج. ويخص هذا القانون الرفاق المثليين فقط. فخلافا لما يعرف بـ”باكس” (PACS) في فرنسا على سبيل المثال (حرفيا: ميثاق التضامن المدني)، لا يشمل العقد السويسري زيجات الأفراد من جنسين مختلفين الذين يعيشون تحت سقف واحد من دون إبرام عقد الزواج المدني أو الشرعي المتعارف عليهما.

حقوق وواجبات

عمليا، يقترح القانون الفدرالي الجديد أن يُسجل المثليون شراكتهم أمام مسؤول في أحد مكاتب الحالة المدنية. وبتسجيل تلك الشراكة، يلتزم الموقعان بعيش حياة زوجية بما تقتضيه من حقوق ووجبات. كل طرف يتعهد بمساعدة واحترام شريكه وبالمساهمة في النفقات المنزلية المشتركة وباتخاذ القرارات الخاصة بمكان إقامتهما معا.

كما يتعين على كل طرف أن يـُُعلم الآخر بمبلغ دخله وممتلكاته وديونه. ويتحمل الشريكان معا مسؤولية الديون التي تمت باسمهما.

وفيما يتعلق بالملكية، يخضع الطرفان لنظام شبيه بنظام فصل الممتلكات في قانون الزوجية المعتاد. وفي حال فسخ الشراكة، ينص القانون الفدرالي الجديد على اقتسام المكتسبات التي تم اقتناؤها خلال الفترة التي استمرت فيها الشراكة.

وعلى مستوى قانون الميراث، يستفيد المثليون من نفس حقوق المتزوجين (من جنسين مختلفين) سواء تعلق الأمر بالتأمينات الإجتماعية أو جرايات التقاعد أو الضرائب. وفي حال وفاة أحد الشريكين، يحق للرفيق الباقي على قيد الحياة الاستفادة من علاوة دورية تماما مثل أي أرمل أو أرملة في الوقت الحاضر.

وفيما يخص حقوق الأجانب، يخضع الشركاء الأجانب لنفس قواعد الأزواج الأجانب في الزيجات بين الجنسين. إذ يمكن للشريك الأجنبي طلب الجنسية بعد خمس سنوات من الإقامة في سويسرا شرط أن يكون عقد الشراكة قد سجل قبل ثلاث سنوات من تقديم طلب التجنيس.

لا للتبني!

وتشبه جوانب عدة من شروط الشراكة المُسجلة بين المثليين الزواج المعهود بين الجنسين. لذلك ليس من المستغرب لجوء المعارضين للمشروع إلى استعمال تعبير “الزواج بين المثليين” وليس الشراكة فحسب. في المقابل، تظل فوارق أساسية قائمة بين الشراكة والزواج.

أول تلك الفوارق وأهمها: الأطفال. فخلافا للمتزوجين من الجنسين، لا يحق للشركاء المثليين تبني الأطفال. كما يُُحظر عليهم اللجوء إلى أساليب الحمل الاصطناعي.

في المقابل، إذا ما كان لأحد الشريكين طفل من زواج أو علاقة سابقة، يتعين على رفيقه الجديد أن يساعده في تحمل كافة واجباته كأب أو أم إزاء الطفل.

ومن أكبر الفوارق الأخرى بين الشراكة والزواج: الإسم. فتسجيل الشراكة لا يؤثر على الإسم القانوني، إذ لا يطرأ أي تغيير على إسم أحد الشريكين أو كليهما في سجلات الحالة المدنية.

أما في الحياة اليومية، فيستطيع الشريكان استخدام اسم أحدهما أو كليهما. ويمكن تسجيل هذه الأسماء في جوازات السفر أو بعض العقود.

نحو زواج حقيقي؟

وقد تمت المصادقة على القانون الفدرالي الجديد بسهولة في البرلمان حيث حظي بدعم جميع أحزاب اليسار واليمين الليبرالي. أما الديمقراطيون المسيحيون (وسط اليمين) فمازالت لديهم آراء متباينة حول المسألة.

ويرى أنصار الشراكة المسجلة بين المثليين أن القانون الجديد يقتصر على حل المشاكل العملية التي يواجهها الشواذ، لا أقل ولا أكثر. وفي هذا السياق، يقول النائب الراديكالي (يمين) جون بول غلاسون عضو لجنة دعم القانون: “لا يتعلق الأمر بتقليد الزواج”.

لكن هذا التبرير لم يقنع الجميع. وقد تمكن تنظيمان سياسيان صغيران لهما توجه مسيحي محافظ (وهما الاتحاد الديمقراطي الفدرالي والحزب الإنجيلي الشعبي) من الحصول على التوقيعات اللازمة لتنظيم استفتاء شعبي حول المسألة كي تكون الكلمة الأخيرة بيد الناخب السويسري.

ويرى المعارضون أنه ليس من واجب الدولة سن تشريع خاص لأقلية ما. ويتساءل نائب الاتحاد الديمقراطي الفدرالي كريستيان فابر، الرئيس المشارك في لجنة تنظيم الاستفتاء، “لم لا يتم سن تشريع مماثل للإخوة والأخوات الذين يعيشون معا؟”.

ويخشى المعارضون أيضا أن تتحول الشراكة المسجلة بين المثليين إلى خطوة أولى باتجاه إقرار زواج حقيقي بينهم في المستقبل. ويـُذكر السيد فابر بأنه “تم بحث مسألة التبني خلال المناقشات البرلمانية. ولا شك أنها ستعود على الطاولة قريبا. فبعض البلدان مثل هولندا تتجه نحو السماح بالتبني لأزواج المثليين”.

سبر آراء مؤيد

وتشير التوقعات إلى أن غالبية الناخبين السويسريين قد تصوت لصالح القانون الجديد يوم 5 يونيو المقبل، إذ أظهر سبر للآراء أنجز في نهاية أبريل الماضي أن 66% من المُستجوبين يدعمون الشراكة المسجلة بين المثليين.

ورغم أن نسبة أنصار الحزبين اللذين نظما الاستفتاء تظل محدودة جدا، إلا أنهما حصلا بعدُ على دعم ثقيل الوزن إذ عبر حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد، أول حزب في البلاد (بالنظر لنسبة الأصوات التي تحصل عليها في آخر انتخابات برلمانية)، عن رفضه للقانون.

في المقابل، قد يؤدي اتحاد كافة أحزاب اليسار واليمين الليبرالي إلى ميل الكفة نحو التصويت بـ”نعم”.

أما الكنائس التي يحظى رأيها بأهمية كبيرة حول هذه المسألة، فظلت منقسمة أيضا. فبينما تدعم رابطة الكنائس البروتستانتية الشراكة المسجلة بين المثليين، تعارضها الأوساط الإنجيلية ومؤتمر الأساقفة (الكاثوليك) السويسريين.

سويس انفو

وافق البرلمان السويسري على قانون تسجيل الشراكة بين المثليين بـ118 صوتا مقابل 50 في مجلس النواب، و25 صوتا دون أي اعتراض في مجلس الشيوخ.
حسب آخر سبر للآراء، 66% من الناخبين السويسريين قد يصوتون لصالح القانون الجديد.

تعد الشراكة المُسجلة بين المثليين التي ستعرض للتصويت في استفتاء شعبي يوم 5 يونيو مشروعا فدراليا.
ثلاثة كانتونات سويسرية (جنيف ونوشاتيل وزيورخ) اعتمدت بعد الشراكة المُسجلة بين المثليين. وتعني تلك الشراكة في كل من جنيف ونوشاتيل أيضا الزيجات من جنسين مختلفين. تُعد كانتونات اخرى مشاريع مماثلة، لكنها تنتظر نتيجة تصويت يوم 5 يونيو على المستوى الفدرالي.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية