مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا وتونس تخططان لتكثيف التعاون في مجال الإبتكار والبحث الكلينيكي

امرأتان وثلاث رجال في جلسة حوارية على منصة
يوم 25 يناير 2018، شهدت المائدة المستديرة التي تناولت في العاصمة التونسية أنموذج التعاون التونسي السويسري في مجال البحث الكلينيكي، مشاركة العشرات ما بين رجال أعمال وسيدات أعمال ومسؤولين في وزارات تونسية. ©Ambassade de Suisse en Tunisie

تُشير بطاقة الدعوة التي وجهتها السفيرة السويسرية لدى تونس ريتا أدم إلى أن المناسبة تتعلق بمائدة مستديرة محورها "ديناميات الحوار بين القطاعين العام والخاص لتوجيه الإبتكار: مثال التعاون التونسي السويسري في مجال البحث الكلينيكي"، لكنك تُفاجأ وأنت تدلف إلى القاعة بعدد كبير من الموائد المستديرة التي تحلق حولها أكثر من خمسين مشاركا بين رجال أعمال وسيدات أعمال ومسؤولين في وزارات تونسية. على مدى ثلاث ساعات، تداول كثير منهم على المصدح، في مناخ عكس الأهمية الكبيرة التي يوليها الجانبان للتعاون في هذا القطاع الحيوي.

يدُلُ الخط البياني للعلاقات التونسية السويسرية على أن التعاون الثنائي ما انفك يتوسع ويتعمق، وهو ما أكدته الإحصاءات التي قدمتها السفيرة أدم في افتتاح أعمال المائدة المستديرة، فمنذ 2006 تطورت المبادلات التجارية بشكل نوعي وغدت سويسرا الزبون العاشر لتونس ورابع دولة مستثمرة في البلد. وأكدت السفيرة أدم في كلمتها الإفتتاحية، أمام ذاك الحشد من أصحاب الأعمال التونسيين والسويسريين، أن “تحرير المبادلات لم يُعطل التبادل بل طوره إذ تضاعف ست مرات في عشر سنوات”.

5000 فرصة عمل

هذه الذهنية المنفتحة للتعاون وجدت صدى لدى ممثل وزارة الصحة التونسية أنيس كلوز الذي أكد أن قطاع البحث الكلينيكي يُتيح 5000 فرصة عمل للكفاءات. وأفاد كلوز أن القطب التكنولوجي في ضاحية سيدي ثابت (شمال العاصمة تونس) فاتحٌ ذراعيه دوما لتطوير شراكات ومشاريع بحثية وعلمية. وقال إن تونس تخطط لاستقطاب 35 في المائة من البحث الكلينيكي في أفريقيا، بينما لا تتجاوز حصتها حاليا 9 في المائة منه، كما أنها تسعى لاستقطاب 300 مليون يورو من الإستثمارات في هذا القطاع. 

تبادل دوري للمعلومات 

وقعت تونس وسويسرا على اتفاق تعاون يرمي لتبادل المعلومات بشكل دوري بين مركز تنشيط الصادراترابط خارجي التونسي ونظيره السويسريرابط خارجي (SIPPO)، والسعي لإقامة فعاليات ترويجية في البلدين. وتم التوقيع على هامش منتدى الأعمال التونسي السويسري، الذي أقامه مؤخرا في مدينة زيورخ مركز تنشيط الصادرات، بالتعاون مع السفارة التونسية في برن. وأبرزت الفعالية آفاق تكثيف التبادل، خاصة في ثلاثة مجالات تشمل المنتوجات الزراعية، بما فيها الخضار والفواكه البيولوجية، وتقنيات الإعلام والاتصال، والصناعات الميكانيكية والكهربائية والالكترونية.

وفي السياق نفسه أكدت آمنة الكُعلي مديرة العلاقات العامة لدى مجموعة نوفرتيس للصناعات الدوائية السويسرية، أن البحث الكلينيكي انطلق في تونس عام 1990 واعتمد بشكل كامل على الكفاءات المحلية، التي أسست “الطب التونسي” ووضعت بالتوازي معه بذور البحث الكلينيكي. لكن الكُعلي لاحظت أن تلك الجهود الأولى كانت فردية واعتمدت أساسا على علماء، بينما تطور البحث حاليا إلى مستوى مؤسسي.  

أدوية أساسية

ولعل هذا المناخ هو الذي سمح باستقطاب مجموعات سويسرية مختصة في البحث مثل علامة “روش” التي قالت المديرة الطبية في فرعها التونسي يُسرى القرقني لـ swissinfo.ch إنها تُصنع 30 صنفا من الأدوية المعتمدة لدى منظمة الصحة العالمية بوصفها أدوية أساسية. وأوضحت أن قطاع البحوث الكلينيكية في فرع “روش” بتونس يتمتع بهيكلية متطورة وتعاون وثيق مع مراكز الإمتياز المُعتمدة من طرف وزارة الصحة التونسية. وبفضل هذه الميزات تقوم مخابر “روش” بتشخيص وتحليل 600 حالة مرضية سنويا في تونس، كما أنها تسعى إلى اختصار الزمن الذي يستغرقه عرض دواء جديد في السوق. 

غير أن السيدة الكُعلي لم تُخف، جوابا على سؤال، أن بعض الأدوية المُصنعة من قبل “نوفرتيس” شهدت إدخال أدوية جنيسة إلى السوق قبل انقضاء فترة حماية المعطيات المتفق عليها وبأسعار أقل. مع ذلك أصرت على أن توضح أن مجموعة “نوفرتيس” عازمة على البقاء في تونس والاستثمار فيها وتمكين الزبائن من الحصول على أدوية بأسعار معقولة.

ثلاث شركات كبرى

تعمل في تونس ثلاث مجموعات سويسرية متخصصة بتصنيع الأدوية هي روش Roche ونوفارتيس Novartis وداتامتريكس آي دجي Datametrix AG. وتتبوأ روش موقعا متقدما بين الشركات الخمس الأولى المتخصصة بالصناعات الصيدلانية في تونس، وقد سبق أن صُنفت الأولى سويسريا في عام 2010 بعدما حققت نموا بأكثر من 15 في المائة ومداخيل بقيمة 32.900 مليون فرنك.

فرص ومعوقات

في معرض الحديث عن الفرص والمعوقات، قال مدير مجموعة “سانوفي” الفرنسية في تونس شكري الجريبي لـ swissinfo.ch: “إن التركيز على البحث الكلينيكي يُرسي قواعد متينة لبحوث أكثر تطورا، لكن لا وجود لجسر بين الجامعات والمؤسسات الصناعية”. وأضاف “هناك إمكانات كبيرة والقانون جيد، بمعنى أن جميع الشروط متوافرة، غير أننا لم نقطع أي خطوة جديدة منذ 2015”.

ممثل وزارة الصحة التونسية أنيس كلوز استدل في تعليقه على هذا الموضوع بتجربة التعاون بين الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، مؤكدا أنها تضرب مثالا لآفاق التعاون الممكنة بين تونس وسويسرا. وقال كلوز: “إن علاقة التعاون تتيح للمستثمر الأجنبي أن يكسب 60 في المائة، وللجانب التونسي أن يُعالج مرضاه، وكذلك لتطوير البحث العلمي في الآن نفسه، وهو نوع العلاقة القائمة الآن في إطار البرامج البحثية الأوروبية المعروفة اختصارا بـH2020، والتي تجمع في الوقت نفسه بين الأطباء والباحثين الأكاديميين ورجال الصناعة. وفي هذا االصدد، أفاد كلوز أن “لجنة تشكلت في تونس بهذه الروحية وبتركيبة مُنوعة”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية