مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تصويت غير مُطمئن وارتياب حقيقي من الدولة “المتطفلة”

"أغلبية بالصدفة".. عنوان صحيفة لوتون الصادرة في جنيف swissinfo.ch

تناولت معظم الصحف السويسرية الصادرة صباح الإثنين 18 مايو في تعليقاتها الطابع "غير المُقنع" للإنتصار الذي سمح بتمرير مقترح الحكومة الداعي إلى اعتماد جواز السفر بالإستدلال الإحيائي. وأشار عدد من المعلقين إلى أن برن ستكون من الآن فصاعدا تحت رقابة لصيقة في كل ما يتعلق بحماية المعطيات.

واعتبرت العديد من الصحف أن الموافقة المحدودة جدا التي حصل عليها جواز السفر “البيومتري” تؤشر لحذر السويسريين تُجاه الحكومة الفدرالية. ومن الطريف أن صحيفتي لوتون (تصدر بالفرنسية في جنيف): و”بليك” (تصدر بالألمانية في زيورخ) استخدمتا نفس العنوان: “أغلبية بالصدفة” للتعليق على نتيجة التصويت الشعبي على مقترح الحكومة اعتماد جواز السفر بالإستدلال الإحيائي.

وفيما تركز اهتمام الصحيفة الناطقة بالألمانية على الخاسرين “حزب الشعب والحزب الإشتراكي والخضر”، شددت الصحيفة الصادرة في جنيف على الوحدة التي أظهرها الناخبون على المستوى الوطني للتعبير عن توجسهم وارتيابهم. فالسويسريون وهم “شعب يهوى السفر والترحال، كان لديهم مبرر ممتاز للتصويت بنعم” للحصول على “المفتاح السحري الذي سيُعترف به قريبا في كل مكان” لكن “كان لديهم في الوقت نفسه سبب آخر جيد للرفض” بالإصرار على خيار حماية معطياتهم الشخصية.

وقالت لوتون “في بلد السر المصرفي، حيث تُمنح أهمية فائقة لحماية المعطيات والخصوصية، كان على الدولة أن تبذل جهدا مضاعفا للتطمين” قبل أن تستدرك: “لكنها أخفقت. بل الأسوأ من ذلك، ساهمت – من خلال اجتهاد مبالغ فيه – في رفع مستوى التوجس بتوجهها لإنشاء سجل مركزي للمعطيات الإحيائية” (أو البيومترية). ما يعني أن (المواطنين) “لن يتسامحوا مع أي تجاوز (قد ترتكبه السلطات) على ميدان حماية المعطيات ذي الحساسية الشديدة”، على حد تعبير الصحيفة.

“تجنب الحريق”

من جهتها، اعتبرت صحيفة “24 ساعة” (تصدر بالفرنسية في لوزان) أن “السويسريين منحوا أولوية محدودة لتعلقهم بحرية تنقلهم” لكن نتيجة التصويت جاءت “ضيقة إلى حد بعيد”، ما يعني أن من مصلحة الحكومة أن تُبدي “قدرا من التواضع بوجه قرار الشعب”.

وذهبت الصحيفة إلى أن الحكومة الفدرالية – من خلال إنشائها لقاعدة بيانات مركزية لم يشترطها أحد – لعبت بالنار. ومع أنها نجحت في تمرير القانون أمام الشعب، إلا أنها تُواجه المهمة الأعسر: تجنب الحريق”.

صحيفة “آرغاور تسايتونغ” (تصدر في أرغاو بالألمانية) اتهمت بدورها السياسيين “بعدم أخذ مخاوف السكان تُجاه الملفات والتجاوزات (في التعامل مع) المعطيات على محمل الجد منذ البداية”.

أما صحيفة “لاليبرتي” (تصدر بالفرنسية في فريبورغ) فأشارت إلى أنه “لم يكن هناك وجود لستار “الروشتي” (الذي عادة ما يُرمز به إلى الفوارق الثقافية التي تنعكس على كيفية التصويت بين الأنحاء المتحدثة بالألمانية والفرنسية في سويسرا) أو الإختلاف بين الريف والمدينة” في هذا التصويت المتقارب جدا والذي انخرط فيه جيل الإنترنت بكثافة.

جينة “الإرتياب”

وفي محاولة لشرح الظاهرة، ذكّـرت الصحيفة الصادرة في فريبورغ بأن “جينة الإرتياب” التي تمخضت عن قضية الملفات الشهيرة والشرطة السرية المعروفة باسم P26 التي اكتشفها السويسريون مذهولين قبل 20 عاما، لا زالت مستمرة بل إنها تُحول الـ “نعم” الضئيلة التي صدرت عنهم يوم الأحد 17 مايو إلى تحذير موجه للسلطات، لأنه “منذ ذلك الحين، عندما يفتح “الشقيق الأكبر” عينه، لا يغفل عنه السويسري. وكل محاولة لوضع “شرطي خارق للعادة” وراء ظهره تثير انتباهه وتوجسه”.

لهذا السبب أيضا، اعتبرت صحيفة “تاغبلات سانت غالر” (تصدر بالألمانية في سانت غالن) أن الأمان الذي وعدت به السلطات لطمأنة المعارضين لجواز السفر ذي الرقيقة الألكترونية الُمدمجة تحول الآن إلى “الوصية الأولى” التي يتعين احترامها والإلتزام بها.

ولكن ماذا بعدُ؟ صحيفة “در بوند” (تصدر بالألمانية في برن) ترى بدورها أنه يجب على الحكومة الفدرالية الآن “أن تبدد المخاوف المبررة للمعارضين لدى تطبيقها للقانون المتعلق بجوازات السفر”، لكن اليومية الصادرة في العاصمة الفدرالية تتوجس من احتمالات تليين القانون وفتح قاعدة البيانات بوجه عمليات بحث منهجية (من الشرطة أو من أجهزة الإستخبارات) وترى أنه يظل إغراء كبيرا.

في المقابل، تذهب صحيفة “تاغس أنتسايغر” (تصدر بالألمانية في زيورخ) إلى حد مطالبة البرلمان بالموافقة على مقترح حزب الخضر الداعي إلى أن يكون تسجيل المعطيات المضمنة بجوازات السفر بالإستدلال الإحيائي (البيومترية) في قاعدة البيانات المركزية اختياريا. كما تدعو الصحيفة الصادرة في زيورخ بترك المجال لـ “حرية الإختيار” لتزويد بطاقات الهوية برقيقة أليكترونية أم لا.

أخيرا، تعتقد صحيفة “بازلر تسايتونغ” (تصدر بالألمانية في بازل) بأنه يوجد “مجال مناورة لحلول وسط” خلال المفاوضات المقبلة تمهيدا لتطبيق المشروع وتقترح على سبيل المثال التخلي عن أخذ بصمات الأصابع أو تقليص فترة الإحتفاظ بالمعطيات المقررة مبدئيا بعشرين عاما.

كمال الضيف بالإشتراك مع إيزابيل إيشنبرغر – swissinfo.ch

جواز السفر بالإستدلال الإحيائي
نعم: 953136 (50،14%)
لا: 947632 (49،86%)

الطب التكميلي
نعم: 1283838 (67%)
لا: 631908 (33%)

نسبة المشاركة في التصويت: 38،3%

ظهرت فكرة جواز السفر بالإستدلال الإحيائي في الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. ومنذ 25 أكتوبر 2006، أصبحت الولايات المتحدة تطالب كل قادم لأراضيها أن يكون بحيازته جواز سفر متضمن لرقيقة إلكترونية تحمل بياناته الشخصية، بما في ذلك صورته وبصماته الرقمية. وكل من ليس بحوزته هذا الجواز، يُمنع من الدخول إلا إذا كان متحصلا على تأشيرة دخول.

حتى الآن ،اعتمدت هذا الجواز خمسون دولة، بما في ذلك كل البلدان الأعضاء في اتفاقيات شنغن. ومن المحتمل أن يصل عدد البلدان التي ستعتمد هذا الجواز إلى التسعين بموفى سنة 2009.

بعد موافقة الناخبين (50،14%) يوم 17 مايو 2009، يُنتظر أن تعتمد سويسرا يوم فاتح ماي 2010 هذا الصنف من الجواز. وينص القانون الذي وافق عليه السويسريون على تثبيت رقيقة إلكترونية تشتمل على بصمات أصبعين وصورة فوتوغرافية للشخص.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية