مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

روبرت فورد: “أمريكا تخسر الحرب في سوريا”

صورة من الأرشيف يعود تاريخها إلى 12 مايو 2012 تظهر جنودا سوريين يرفعون علم الثورة بعد انشقاقهم عن الجيش النظامي وانضمامهم إلى المعارضة المسلحة للنظام السوري في الخالدية في محافظة حمص، وسط البلاد. Keystone

رغم مرور أكثر من شهر على طلب الرئيس أوباما تفويضا من الكونجرس باستخدام القوة العسكرية الأمريكية ضد تنظيم داعش، لم ينجح حتى في حشد تأييد أعضاء حزبه الديمقراطي للموافقة على ذلك التفويض لأنهم يخشون من أن يسفر منح تفويض مفتوح إلى توريط الولايات المتحدة في حرب جديدة في الشرق الأوسط، مع أن أوباما يعتمد على تدريب عدة آلاف من المقاتلين المنتمين للمعارضة السورية المعتدلة ليكونوا جنود المشاة ضد مقاتلي التنظيم الإرهابي على أن تساندهم الولايات المتحدة بضربات جوية.

إدارة أوباما اعتمدت نفس التكتيك في تحرير تل العرب (كوباني) السورية بالإعتماد على قوات البشمركة الكردية على الأرض والهجمات الجوية الأمريكية.. ولكن هل يمكن أن تفوز الولايات المتحدة بهذه الإستراتيجية وتقتلع مقاتلي تنظيم داعش من الأراضي السورية؟ بهذا السؤال بدأ الحوار مع السفير روبرت فورد آخر سفير للولايات المتحدة في دمشق الذي التقته swissinfo.ch في واشنطن..

السفير روبرت فورد: هذه الإستراتيجية لن يُكتب لها النجاح، فعلى الرغم من تواصل الضربات الجوية لدول التحالف ضد أهداف ما يسمي بالدولة الإسلامية فإنها لا تزال تحتفظ بعمق استراتيجي لها في سوريا يُساند وجودها على مساحة شاسعة من الأراضي العراقية، وعلى الجانب الآخر عجزت إدارة أوباما عن طرح آلية مقبولة لتحقيق تسوية سياسية عن طريق الحوار في سوريا فيما ركز نظام الأسد هجماته على مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة الذين يقاتلون داعش في شمال وشرق البلاد بدلا من أن يحاول الخلاص من نفوذ داعش المتنامي على الأراضي السورية ولذك أرى أن الولايات المتحدة تخسر الحرب في سوريا بعجزها عن تقليص قبضة داعش وفشلها في توفير تسوية سياسية للأزمة الكبري في سوريا.

المزيد

swissinfo.ch: وكيف يمكن للولايات المتحدة تصحيح الوضع؟ وما هي التغييرات الواجب تبنيها لتغيير الإستراتيجية التي تراها فاشلة؟

السفير روبرت فورد: يجب أن تقرر إدارة أوباما ما إذا كانت تريد اقتلاع تنظيم داعش من سوريا أم مجرد احتواء التنظيم في العراق فإذا قررت أن هدفها الإستراتيجي هو إزالة داعش من سوريا فعليها أن تستعد لتقديم مساعدات ضخمة لمقاتلي المعارضة السورية المعتدلة وتوسيع نطاق الهجمات الجوية الأمريكية داخل سوريا وإقامة منطقة حظر للطيران في شرقي سوريا لتوفير الحماية للمقاتلين السوريين في نضالهم ضد تنظيم داعش والحيلولة دون استهدافهم بهجمات نظام الأسد والتفاوض مع المعارضة السورية والحلفاء في دول الجوار حول شكل الصفقة السياسية التي يمكن أن تكون مقبولة لكل الأطراف لتسوية الأزمة السورية.

swissinfo.ch: باستثناء فكرة إنشاء منطقة حظر للطيران التي رفضتها إدارة أوباما، ما الجديد الذي يُمكن أن يطرأ على أسلوب مساعدة الولايات المتحدة لمقاتلي المعارضة السورية المعتدلة التي تعاني من الإنقسام وتتلاعب بها القوي الإقليمية؟

السفير روبرت فورد: مجرد زيادة المساعدات بشكل ضخم لن يكفي. فالمطلوب تشكيل قيادة موحدة لقوات المعارضة السورية غير الجهادية تكون مهمتها تلقي المساعدات الخارجية وتسليح مقاتليها وتدريبهم وبحيث يتم استبعاد أي مجموعات قتالية من المعارضة لا تنفذ أوامر تلك القيادة، وأن تقطع المعارضة السورية كل علاقاتها مع جبهة النصرة، وأن تعمل المعارضة السورية المعتدلة على إزالة مخاوف الأقليات العلوية والمسيحية وغيرها وتوفير الحماية لها لتتخلى عن مساندة نظام الأسد. وأن تقبل القيادة الموحدة التفاوض من أجل التوافق على تسوية سياسية لإنهاء الصراع بدون فرض شرط مُسبق بضرورة تنحي الأسد وأن تضم قيادة المعارضة ممثلين عن كافة الأقليات السورية ورجال الأعمال بحيث يمكن ممارسة أقصى درجات الضغط على الأسد وتسهيل التوصل لحل سياسي.

swissinfo.ch: ولكن الولايات المتحدة هي التي أصرت على ضرورة تنحي الأسد وأخفقت في إطلاق مبادرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية كخطوة أولي على طريق التوصل لتسوية سياسية؟

السفير روبرت فورد: الولايات المتحدة ترى أنه من الأفضل أن يتنحى الأسد باعتباره فاقدا للشرعية ولكن أي مفاوضات لن يُكتب لها النجاح بدون أن يشارك فيها ممثلون عن طرفي القتال لأنه في نهاية المطاف فإن من يحملون السلاح هم الذين يتعيّن موافقتهم على وقف إطلاق النار، وبالتالي يلزم أن تجمع المفاوضات بين ممثلين عن نظام الأسد وممثلين عن المعارضة السورية.

جنرال امريكي: “حلفاءُ لأمريكا ربما يُرسلون جنودا الي سوريا لدعم متدرّبي المعارضة”

واشنطن (رويترز) – قال رئيس أركان الجيش الامريكي الجنرال راي اوديرنو إن بعض حلفاء الولايات المتحدة في القتال ضد متشددي تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا ربما يكونون على استعداد لإرسال جنود لمرافقة ودعم قوة من مقاتلي المعارضة السورية يخطط الإئتلاف لتدريبهم وإعادتهم الي سوريا. وأبلغ اوديرنو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الامريكي يوم الاربعاء 18 مارس 2015 ان الجيش على علم بان قوة المعارضة السورية ستحتاج إلى مساعدة ودعم حال إعادتها الي سوريا وانه يدرس أفضل السبل لتقديم تلك المساعدة.

وسُئل اوديرنو هل القوات الموالية للرئيس السوري بشار الاسد ربما تحاول على الفور القضاء على قوة المعارضة التي سيدربها الإئتلاف، فقال: “إن الحلفاء سيكونون حذرين بشان الأماكن التي سيُرسل اليها مقاتلو المعارضة وما هي العمليات التي سيضطلعون بها في بادىء الأمر”. واضاف قائلا: “ونحن ندرس استخدام تلك القوات حال تدريبها.. اعتقد ان علينا ان نكون حذرين للغاية بشان كيف سنفعل ذلك… اعتقد انه سيكون هناك بعض عناصر الدعم التي ستكون ضرورية لمساعدتهم”.

ولم يحدد اوديرنو نوع عناصر الدعم الذي ربما يكون ضروريا. وغالبا ما تستخدم الكلمة للاشارة الي جنود يقومون بمهام المخابرات والاستطلاع والاخلاء الطبي والاتصالات ومهام اخرى تدعم العمليات القتالية. وقال اوديرنو: “انه بالنظر إلى أن الغرض من إنشاء قوة مقاتلي المعارضة هو التصدي لمتشددي تنظيم الدولة الاسلامية فان الحلفاء سيقومون بمسعى في بادىء الأمر لوضعها في مكان من غير المُرجّح ان تتعرض فيها لهجوم من جانب جيش الاسد”.

وبدأ الجيش الأمريكي في شهر فبراير الماضي عملية لانتقاء اعضاء المعارضة السورية الذين سينضمّون إلى تدريب عسكري في معسكرات يجري إنشاؤها في حوالي أربع دول في المنطقة. وقالت متحدثة باسم وزارة الدفاع الامريكية ان الحلفاء حددوا حتى الآن حوالي 2000 مرشح من المعارضة السورية للتدريب. ويأمل شركاء الإئتلاف بتدريب 5000 إلى 5500 من اعضاء المعارضة السورية سنويا وأن تكون البداية بقوة صغيرة قوامها 200 إلى 300 متدرب لكل مجموعة.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 19 مارس 2015)

swissinfo.ch: وماذا عن مقاتلي داعش الذين يحملون السلاح ويسيطرون على مساحة كبيرة من سوريا؟ هل سيكفي تدريب خمسة آلاف مقاتل من المعارضة السورية المعتدلة كل عام لاجتثاثهم من الأراضي السورية؟

السفير روبرت فورد: تدريب خمسة آلاف كل عام بالتأكيد لا يكفي نظرا لأن المساحة التي تسيطر عليها قوات داعش في سوريا تصل إلى مساحة دولة مثل بلجيكا ولذلك فإنه حتى تدريب عشرة آلاف مقاتل سوري لن يكون كافيا إلا بمساندة جوية مكثفة ومضاعفة أعداد المقاتلين المدربين إلى عشرات الالآف ولكن إدارة أوباما لم تقرر ذلك حتى الآن.

swissinfo.ch: وهل يمكن أن يؤدي نجاح الرئيس أوباما في الحصول على موافقة الكونغرس على التفويض له باستخدام القوة المسلحة ضد تنظيم داعش إلى إرسال قوات أمريكية إلى سوريا؟

السفير فورد: لا أعتقد ذلك لأن غالبية الشعب الأمريكي تعارض بقوة إرسال إي جنود أمريكيين إلى سوريا أو العراق وكل ما لدى الولايات المتحدة حاليا هو حوالي 2500 جندي أمريكي في العراق يقدمون خدمات التدريب والاستشارات العسكرية وليس المشاركة في عمليات قتالية لأن الأمريكيين يخشون بشكل عام من التورط في حرب جديدة في الشرق الأوسط.

swissinfo.ch: إذا قد يكون الحل تشكيل قوة عربية مشتركة كتلك التى دعا إلى تشكيلها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؟

السفير روبرت فورد: سيكون من الصعب جدا تشكيل مثل تلك القوة لأننا لم نشهد لسنوات طويلة استعدادا عربيا لتشكيل قوةعربية مشتركة، بالإضافة إلى أن كل دولة من دول الجوار العربية لها أجندتها الخاصة فيما يتعلق بكل من سوريا والعراق.

swissinfo.ch: وهل وجدت لدى إدارة الرئيس أوباما استعدادا لمراجعة استراتيجيتها في التعامل مع الأزمة السورية وتصحيح الأخطاء التي وقعت فيها؟

السفير روبرت فورد: ما تركز عليه إدارة أوباما الآن كأولوية هو مواجهة سيطرة تنظيم داعش على مساحة كبيرة من العراق بما في ذلك الموصل ثاني أكبر المدن العراقية لذلك ليس هناك استعداد حاليا لتغيير إدارة أوباما موقفها من التعامل مع الأزمة السورية. وما لم تقرر واشنطن تقديم مساعدات ضخمة لقيادة موحدة للمعارضة السورية وتوسع مساندتها الجوية فمن الأفضل لها أن تتخلي عن هدف تقليص تنظيم داعش في سوريا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية