مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“هناك حاجة لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين”

السفيرة الفلسطينية ليلى شهيد وشاوول ارييلي، العقيد الإسرائيلي المتقاعد وعضو مبادرة جنيف للسلام خلال اللقاء الذي جمعهما مع الصحافة في قصر الأمم بجنيف يوم 4 مارس 2013. Keystone

في جنيف، دعت سفيرة فلسطين لدى الإتحاد الأوروبي ليلى شهيد، والعقيد الإسرائيلي السابق شاوول أرييلي، إلى استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية على ضوء زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمنطقة في العشرين من شهر مارس الجاري، إلا أن الآراء تباينت بينهما حول شروط استئنافها.

ففي الوقت الذي اعتبر فيه العقيد الإسرائيلي المتقاعد في لقاء جمعه رفقة ليلى شهيد بممثلي وسائل الإعلام يوم الإثنين 4 مارس 2013 في قصر الأمم بجنيف بأن على هذه المفاوضات أن “تُستأنف من النقطة التي توقفت فيها في جولة مفاوضات آنيابوليس عام 2008″، حذرت السفيرة الفلسطينية من مغبة “عقد آمال مفرطة على زيارة الرئيس الأمريكي”، معتبرة أن “ما نحن في حاجة ماسّـة له هو إحداث تغيير على أرض الواقع وفي حياة أناس يعيشون تحت الإحتلال”، على حد قولها.

دُعيت ليلى شهيد إلى جانب العقيد الإسرائيلي المتقاعد شاوول أرييلي للمشاركة في مائدة مستديرة نظمت على هامش المهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان حول “مستقبل حل الدولتين”، تبعها عرض شريطين عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

في تصريح لـ swissinfo.ch، اعتبرت سفيرة فلسطين لدى الإتحاد الأوروبي في بروكسل أن المهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان “مهمّ جدا من الناحية السياسية، ومهم بالنسبة لكل من يأخذون موضوع حقوق الإنسان مأخذ الجد، والذين يُولون أهمية لكيفية تصور الرأي العام وبالأخص الجيل الصاعد منه لمسألة السياسة الدولية، لأنه من غير المقبول أن تكون أجيالنا الصاعدة لامُبالية بالقضايا السياسية سواء تلك التي تتعلق بالقارة الافريقية او آسيا او أمريكا اللاتينية او الشرق الأوسط بل حتى بأوروبا”.

وأضافت ليلى شهيد “أعتقد بأن هذا المهرجان هو فرصة استثنائية للتعبير عبر الأفلام السينمائية  الوثائقية أو الخيالية عن المشاكل السياسية التي يعرفها العالم اليوم”.

العودة إلى مفاوضات آنابوليس

في هذه الأيام، تتجه الأنظار إلى ما يحمله معه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في زيارته المرتقبة للمنطقة ما بين 20 و 22 مارس الحالي، رغم حرص كبار المسؤولين الأمريكيين على إطلاق تحذيرات تقلل من حجم التوقعات والإحتمالات بخصوص عملية سلمية متعثرة بل متجمدة منذ سنوات.

في رد على سؤال طرحته swissinfo.ch حول توقعات الجانب الإسرائيلي من هذه الزيارة، أجاب شاوول أرييلي، العقيد الإسرائيلي المتقاعد وعضو مبادرة جنيف: “لقد أوضح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن الرئيس أوباما يأتي للمنطقة للإستماع  للطرفين، ولكن لنا أمل في أن يشرع بعد أسابيع أو أشهر من ذلك في إطلاق مبادرة جديدة”.

وأضاف العقيد الإسرائيلي المتقاعد موضحا “لا نحتاج في الواقع لمبادرة جديدة، بل نحتاج الى استئناف للمفاوضات من النقطة التي توقفت عندها في آنيابوليس في عام 2008 لأنها توصلت الى وضع أسس واضحة للمفاوضات”، على حد قوله.

في هذا السياق، عدّد أرييلي أربع قطاعات تشمل بالخصوص موضوع الأراضي “الذي تم فيه الإتفاق على اعتماد مبدإ حدود عام 1967 كقاعدة أساسية. ولكن هناك حاجة الى مقايضة بين الطرفين بخصوص بعض المناطق بحيث تسمح للفلسطينيين بتطبيق القرار الأممي 242 وباستعادة مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، ويسمح لإسرائيل  بإبقاء معظم المستوطنات التي ما وراء خط 67 تحت سيادتها” وموضوع القدس “التي يجب أن تُقام في قسمها الشرقي عاصمة للدولة الفلسطينية، والحصول على ضمانات للوصول الى الأماكن المقدسة بالنسبة لمعتنقي كل الأديان” وموضوع الأمن وكل “ما دار بشأنه من حديث بخصوص دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ووجود قوات أممية، والعمل على التخفيض من المخاوف التي لدينا في إسرائيل بخصوص التطورات المستقبلية في المنطقة”، أما الموضوع الأخير فهو “موضوع اللاجئين الذي يجب أن يُوجد له حل”.

العقيد الإسرائيلي المتقاعد شدّد كذلك على أن الحديث يدور عن “حل متكامل ومترابط، ولا يمكن فصل أي عنصر منه عن العناصر الأخرى بدون أن يكون لذلك تأثير على التوصل إلى اتفاق في باقي المواضيع الأخرى”، وانتهى شاوول أرييلي الى التعبير عن “الأمل في أن تكون لدى الرئيس أوباما الشجاعة الكافية لطرح هذه المواضيع أمام الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، ومطالبتهما بمناقشتها والتفاوض بشأنها، وتجاوز الهوة البسيطة التي بقيت في مفاوضات أنيابوليس”، حسب رأيه.

اعتبر شاوول أرييلي، العقيد الإسرائيلي المتقاعد وعضو جمعية “السلام والأمن” التي تضم حوالي 1100 من القادة المتقاعدين في الجيش وجهاز المخابرات الموساد “الداعمين لمبدإ التوصل إلى ترتيبات أمنية واتفاقيات سلام مع العالم العربي”، والعضو المشارك في مبادرة جنيف أن المبادرة “ليست وثيقة رسمية ولكنها نموذج جيد لحل دائم للمشكل الفلسطيني الإسرائيلي، قائم على أساس القرارات الدولية ومن بينها القرار 242”.

من جهتها قالت ليلى شهيد، سفيرة فلسطين لدى الإتحاد الأوروبي: “أتقدم بالشكر للسيدة كالمي ري (وزيرة خارجية سويسرا السابقة التي رعت مبادرة جنيف) التي تجرأت على مواجهة الصعاب، برفضها التزام موقف لامُبال (كعامة الدول) بدعمها لفلسطينيين وإسرائيليين رغبوا في إظهار بأن هناك شركاء من كلا الطرفين. واليوم، علينا أن نُعيد إحياء وتعديل بنود تلك المعاهدة، بعد التطورات التي حدثت، ليس فقط الإعتراف بدولة فلسطين كمراقب غير عضو في الأمم المتحدة، بل أيضا فشل كل المحاولات لإنهاء الإحتلال، وفشل التفاوض بخصوص الوضع النهائي، وإعادة الأمل للناس للثقة في المستقبل”.

“يجب وضع حد للإحتلال”

من ناحيتها، ترى السيدة ليلى شهيد، السفيرة الفلسطينية لدى الإتحاد الأوروبي أنه لا مجال لكثير من التفاؤل وتقول: “أولا لأننا وصلنا الى طريق مسدود خلال عشرين عاما من المفاوضات، انطلاقا من أوسلو 1 ثم 2 ثم شرم الشيخ، فأنيابوليس، وطابا. فالأمر لم يعد مُرتبطا بمعايير تم تدوينها في اتفاقيات لم تطبقها الحكومات الإسرائيلية الثمانية المتعاقبة، ورعتها ثلاث إدارات أمريكية متتالية، بل المشكلة في نظري تكمن في نقص في الإرادة السياسية لدى مجموعة دولية ظلت لامبالية باستثناء سويسرا التي حييتُ دعمها لمبادرة بين الطرفين في وقت كانت فيه أوروبا تبذل الكثير في الميدان الإقتصادي والشيء القليل في الميدان السياسي”.

وبخصوص زيارة الرئيس أوباما المقبلة إلى المنطقة، قالت السفيرة الفلسطينية: “يجب ألا نضع سقف الآمال عاليا، لأن خيبة أمل الشعب الفلسطيني قد تكون وخيمة. فقد رحبنا بخطابه الأول أمام الأمم المتحدة في فترته الرئاسية الأولى عندما قال: آمل في أن تصبح فلسطين جالسة في أحد مقاعد الجمعية العامة في السنة المقبلة. ولكن عندما تقدمنا بطلبنا للجمعية العامة قام بكل ما في وسعه لمنعنا من الحصول على أغلبية الأصوات… لذلك لم يعد لدى الفلسطينيين أي استعداد للمراهنة على نوايا مجهولة. وبناء على ذلك، سنركز على توعية الرأي العام من أجل تغيير الأمور على أرض الواقع بالنسبة للناس الذين يعيشون الاحتلال، لأنه لا يكفي أن نعود الى نتائج مفاوضات تمت في أنيابوليس أو طابا أو غيرها، بل يجب أن نقنع الناس الذين يعيشون تحت الإحتلال، ويجب إقناع المستوطنين الذين يُشيّدون مستوطنات جديدة كل يوم، ويجب إقناع الذين يمارسون التعذيب ضد السجناء حتى الموت مثلما حدث لعرفات جرادة لا لشيء سوى أنهم رموهم بالحجارة. وباختصار يجب وضع حد للإحتلال العسكري”.

وانتهت السيدة ليلى شهيد إلى القول: “إن ما نحتاج إليه (من الأمريكيين) وأيضا من الأوروبيين ومن بلدان مثل سويسرا ومن الأمم المتحدة، هو تقديم إشارات واضحة لتغيير فعلي في حياة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الإحتلال، هذا قبل حل مشكلة اللاجئين والأمن والقوات الدولية”. ومن بين هذه الإشارات “الإفراج عن السجناء السياسيين وتخفيف الإجراءات على نقاط التفتيش ووقف الإستيطان مثلما أشارت الى ذاك خارطة الطريق ووقف مشاريع البناء في المنطقة “جيم” التابعة للأراضي المحتلة.. باختصار تحويل الحقوق المُخوّلة لفلسطين كدولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، مثل الحدود والعاصمة وغيرها، إلى واقع على الأرض”.

أخيرا، اتفق العقيد الإسرائيلي المتقاعد شاوول أرييلي، والسفيرة الفلسطينية ليلى شهيد، على ضرورة انتظار معرفة الحكومة التي سيتوصل الى تشكيلها رئيس الوزراء بنيامين ناتنياهو، لأن “نوعية التحالفات التي ستدخل في تركيبتها هي التي ستحدد السياسة المستقبلية لإسرائيل”. ومن المحتمل أيضا أن تحدد أيضا طريقة التخاطب معها حتى بالنسبة لرئيس أكبر قوة في العالم.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية