مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في لبنان والعراق والجزائر.. مطالب جماهيرية بالقضاء على الفساد والمحسوبيات وإسقاط منظومات النخب

متظاهرون في العراق
متظاهرون مناهضون للحكومة يجتمعون في ميدان التحرير خلال الاحتجاجات المستمرة في بغداد، العراق، يوم الأربعاء 30 أكتوبر 2019. Copyright 2019 The Associated Press. All Rights Reserved.

هذا الأسبوع، تعددت الإهتمامات العربية في الصحف السويسرية بدءا بالإحتجاجات الشعبية العارمة في العراق ولبنان ومرورا بمقتل البغدادي زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" على يد قوات خاصة أمريكية في شمال سوريا ووصولا إلى انطلاق أشغال اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا في جنيف. 

في العراق.. “لا وجود لتعليم، ولا لزراعة ولا لصحة”

في عددها الصادر يوم 28 أكتوبر الجاري، نشرت صحيفة 24 ساعةرابط خارجي مراسلة بعثت بها صوفيا نيتّي من ميادين بغداد التي تعجّ منذ أسابيع بالمتظاهرين وتطرقت فيها إلى الوضع في العراق “الذي يمر بأسوإ أزمة اجتماعية منذ سقوط صدام حسين في عام 2003″، على حد قولها. و

رغم سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى جراء القمع الشديد الذي مارسته قوات الأمن التي لم تتردد في استخدام الذخيرة الحية للتصدي للمحتجين في العاصمة وفي مختلف مناطق البلاد، إلا أن “المعنويات لا زالت مرتفعة.. فالبعض يغني والبعض الآخر يرقص في الوقت الذي تواصل فيه قوات الأمن إطلاق قنابلها الصوتية وقذائفها المسيلة للدموع على بعد مئات الأمتار”.

في تصريحات نقلتها المراسلة من قلب ساحة التحرير التي شهدت طيلة الفترة الماضية تجمعات جماهيرية حاشدة، قال ميمون الحَسَني، وهو ناشط ومدون، إنه يُريد “ما يُريده أغلب المتظاهرين: تغيير الحكومة وبرلمانا جديدا ودستورا جديدا”، أما الملفت في هذه التحركات الإحتجاجية “غير المُسيّسة وبدون قيادات” فهو أنها “جعلت من التضامن والتعاون عناوين رئيسية لها”، كما تقول المراسلة التي استشهدت بالسيدة أمل جبّار (55 عاما وأم لسبعة أبناء كلهم عاطلون عن العمل) التي تقف بجوار سيارة أجرة وضعت فوقها كمية من العصائر والشوكولاته اشترتها بنقود الجراية الضئيلة (حوالي 227 يورو) التي تحصل عليها منذ أن توفي زوجها في الحرب العراقية الإيرانية وتقول: “سأقوم بهذا طالما استمرت المظاهرات. وإذا لم تكف نقودي فسوف أطلب سلفة من جيراني وأصدقائي”.

على بُعد بضعة أمتار، تقوم حوراء، وهي شابة في سن الخامسة والعشرين تعمل مُحاسبة في مؤسسة خاصة، بتوزيع قناني الماء وأقنعة من القماش الأبيض المضادة للغاز وتؤكد أن “مساعدة المتظاهرين هو واجبنا كشباب عراقي”، مضيفة “عائلتي تعرف أنني موجودة هنا وتُساندني”.

في السياق، نقلت الصحيفة عن جعفر، (27 عاما) وهو مهندس معماري يقدم من البصرة جنوب البلاد، القول: “نحن الشعب أقوياء (بتضامننا) مع بعضنا البعض. نحن نريد الحصول على حقوقنا”، وهنا تدخل زميله علي بوكتاش قائلا: “لقد نهبت الحكومة ثروات العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم. لقد حاربنا “الدولة الإسلامية” واستشهد أبناؤنا واليوم نعتزم الاستشهاد من أجل حقوقنا. لا وجود لتعليم، ولا لزراعة ولا لصحة. إننا نريد تحميل المسؤولية لكل الذين قاموا بسرقتنا”.

المزيد
أطلال مبنى تعرض لقصف جوي سواه بالأرض

المزيد

الصحافة السويسرية تُهوّن من أهمية مقتل البغدادي

تم نشر هذا المحتوى على كتبت صحيفة تاغس أنتسايغر، التي كانت أكثر الصحف السويسرية الصادرة يوم الإثنين 28 أكتوبر الجاري تأكيدا على أن موت البغدادي لن يُسهم كثيرا في إضعاف تنظيمه، وأن “الخليفة رحل، لا الخلافة”. على العكس من ذلك، فإن البغدادي الذي “لم يكن أبداً زعيماً كاريزميًا” حسب افتتاحية الصحيفة، أقل أهمية بالنسبة لأتباع تنظيم “الدولة الإسلامية” من فكرة الخلافة…

طالع المزيدالصحافة السويسرية تُهوّن من أهمية مقتل البغدادي

خريف عربي تفوح منه رائحة الربيع 

قدّمت صحيفة تاغيس أنتسايغر الصادرة بالألمانية ليوم الخميس 31 أكتوبر تحليلاً مفصّلاً رابط خارجيحول الأوضاع في العراق يضع البلاد في مقارنة مع الحراك الشعبيّ الذي انطلق  عام 2011 في العالم العربي وفي سياق الحراك الحالي في بعض الدول العربية الأخرى، هذا ما يظهر في عنوان المقالة لكاتبها باول أنطون كروغير ومفاده “الشعوب في العالم العربي تصرخ طلباً للكرامة”. ثمّ يجد الصحفي مدخلاً لمقالته يربط فيه أوروبا بما يجري في البلدان العربية، فيقول: “عندما تفشل الدول في شمال افريقيا والشرق الأوسط في تأمين التعليم وفرص العمل لشعوبها سيتحول الشباب إلى أوروبا بحثاً عن مستقبل أفضل”.

“يهيمن على العالم العربي خريف لا يزال يحمل رائحة ربيع قد رحل منذ زمن طويل”، هكذا يمهّد كروغير لحديثه عن الاحتجاجات الجديدة في بلدان كلبنان، حيث يحتفل المتظاهرون الآن باستقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، والعراق، حيث ينتظر الحكومة هناك المصير ذاته، وكذلك الجزائر، التي نجح فيها المتظاهرون بإسقاط حكومة بوتفليقة. ولا ينسى كروغير مصر، ولكنه يضيف أنّ المظاهرات هناك قد توقفت “بسبب الاعتقالات العشوائية لنظام السيسي”. ويجمع بين هذه البلدان في تظاهرات جماهيرها سبب موحد، بحسب الصحفي، ألا وهو طلب الكرامة.

في تحليله يتناول كروغير من البلدان العربية بالتحديد لبنان والعراق والجزائر، وهي برأيه بلدان لا تزال تحت صدمة الحروب والحروب الأهلية، ولا تزال النظم السياسية فيها تدّعي تقديم الضّمان لعدم الانتكاس والبدء من جديد بصراع داخليّ دامي، الأمر الذي لم يعد، بحسب الصحفي، كافياً “لإخافة وردع الأجيال الشابة، التي ترى بأنّ الوضع الحالي لم يعد يحتمل”، صحيح أنّهم لم يعايشوا ما عايشه آبائهم، إلّا أنّ هناك عنف يمارس عليهم الآن، في العراق مثلاً، حيث قتل منذ بداية الحراك قبل شهر أكثر من 250 شخصاً على أيدي القنّاصة، ومع ذلك فإنّهم لا يسمحون له بردعهم، “لكن الإحباط أقوى من الخوف”، كما يقول الصحفي.

غنى فاحش وفقر مدقع

يتطرق الصحفي أيضا إلى الوضع الاقتصادي للبلدان المعنية ذات الأغلبية الشابّة والفقيرة، وإلى التقسيم غير العادل للثروة فيها والفرص التي تقتصر على من لديه علاقات ومعارف، بحسب كروغير، الذي يشدد على عدم مقدرة القطاع العام في لبنان والعراق على تأمين حتى التيار الكهربائي لجميع المناطق. وهنا تأتي الاحتجاجات الهادفة إلى القضاء على الفساد والمحسوبيات وإلى اسقاط نظام النخب، أي ضدّ النظام السياسي في نهاية المطاف، والمتمثل في العراق ولبنان بالتمثيل المذهبي النسبي للقيادة السياسية، الذي وُضِعَ لتهدئة الجماعات الدينية والسكان وإقامة العدل، ولكنه انحرف عن مساره ليصبح نظاماً للمحسوبيات. أمّا في مصر والجزائر فالهدف هو الجيش وأجهزة المخابرات، التي شكلت لنفسها “دولة داخل الدولة” تتحلى بحصانة ولا تخضع للمسائلة.

في وضع كهذا يشكك كروغير في مقدرة تلك الأنظمة على القيام بالإصلاحات وتلبية مطالب المتظاهرين، وكذلك في مقدرة المتظاهرين أنفسهم على المحافظة على سلمية تحركاتهم ووضع الاختلافات والخلافات والعداءات جانباً، ويتساءل أيضاً إن كان الأمر سينتهي بفوضة عارمة وعنف. كما أنّه يذكّر بأن إيران الداعمة لمجموعات معينة في العراق ولبنان شدّدت على أنّها “لن تقبل بسقوط الأنظمة على حسابها”. الشيء الوحيد الأكيد بنظر كروغير هو أن المشاكل لن تحلّ إلّا بقيادة سياسية جيدة. ويضيف الصحفي أنّ المطالب في البلدان المعنية والمتعلقة بالإصلاحات الاقتصادية تأتي بالنسبة للكثيرين في المنطقة قبل “الحريات الدمقراطية” على الرغم من أنّ الأخيرة ليست أقل تبريراً من الأولى بشيء.

أمّا بالنسبة لأوروبا في هذا السياق فيجب عليها التخلي عن أوهامها باستتباب الوضع في مصر، كما يرى كروغير. فالسيسي الذي وصفه ترامب بـ “دكتاتوره المفضل”، لن يستطيع قمع الاحتجاجات وإغلاق الحدود – كما يفعل الآن – في حال عمت الفوضى في بلاد شمال افريقيا والشرق الأوسط الآخذة بالنمو السريع، حيث ستنهار الأنظمة هناك أو ستضر إلى استخدام العنف ضدّ شعبها، كما يقول الصحفي، الذي يرى أنّ كل ذلك سيدفع الشباب، الذي كسر حاجز الخوف من أنظمته الحاكمة، إلى البحث عن مستقبل له خارج هذه البلدان، وبالأخص في أوروبا، حيث لن تقف في طريقه بعدها لا الرحلة المميتة عبر البحر ولا الحدود المراقبة، وهكذا ستبدأ “موجة الهجرة الخريفية” لتصل إلى أراضي أوروبا، كما حدث في موجات الهجرة في عام 2011 والسنوات التي تلتها.

“لافروف جاء لفرض الوصاية الروسية على سوريا”

تحت هذا العنوان، اهتمت صحيفة “تريبون دو جنيف”رابط خارجي في عددها الصادر يوم 30 أكتوبر الماضي بانطلاق أشغال اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا واهتمت بشكل خاص بحرص الروس والأتراك والإيرانيين على التحول إلى جنيف قبيل انطلاق جلستها الأولى.

في مقالته، أفاد ألان جوردان بأن غير بيدرسون، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا لم يكن راغبا في تواجد الروس والأتراك والإيرانيين في جنيف، مضيفا بأن الدبلوماسي النرويجي “كان يظن أن بإمكانه استعادة السيطرة على سير المحادثات بين الأطراف السورية بمناسبة افتتاح أشغال اللجنة الدستورية يوم الأربعاء 30 أكتوبر في جنيف.. إلا أن الروس والإيرانيين والأتراك أظهروا أنهم اللاعبون الحقيقيون الوحيدون في الميدان”، حسب رأيه.

في السياق، أشار حسني عبيدي، مدير معهد الدراسات والبحوث حول العالم العربي والمتوسط التابع لجامعة جنيف أن “غير بيدرسون كان يُريد أن يكون الاجتماع استئنافا للمباحثات بين السوريين فقط، وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، ولم يكن راغبا في أن تشترك فيها الأطراف الخارجية، لكن ذلك لم يحصل”، وشبّه عبيدي قدوم الوزراء الثلاثة إلى جنيف بـ “عملية اختطاف”، بل اعتبرها “محاولة للتحكم في مسار هذه العملية”.

في المقابل، أشار دانيال فارنر، وهو خبير سياسي سويسري متابع للملف منذ بداياته، إلى أن “البدء في مناقشات من أجل كتابة دستور جديد، أمر يتسم بقدر كبير من المثالية. ففي الوقت نفسه، نرى أن الأسد يستعيد السيطرة على مقاليد الأمور بل يزداد قوة يوما بعد يوم”.

من جهتها، تذهب وَجْد زيمّرمان، وهي معارضة سورية تقيم في سويسرا وتترأس جمعية “نساء سوريا من أجل الديمقراطيةرابط خارجي” إلى أن “الشعب السوري يشعر بأنه تعرض للخيانة”، كما ترى أن “هذه اللجنة الدستورية تسمح بالالتفاف على مسألة الإنتقال الديمقراطي”، خصوصا وأن “أولئك الذين كانوا يُطالبون بالتغيير تم استبعادهم. كما أن الغالبية العظمى من أعضائها مؤيّدون للنظام. فهذه اللجنة ليست مُحايدة وحتى أقل شرعية”، على حد قولها.    

المزيد
طفلٌ سوري مُصاب يجلس على سرير في مستشفى بمدينة دوما شرق الغوطة

المزيد

هل تفتح اللجنة الدستورية باباً لإحلال السلام في سوريا؟

تم نشر هذا المحتوى على “مبعوث سوريا يفتح باباً لِحَلِ حرب 8 سنوات ونصف”. لم يكن هذا سوى واحد من العناوين الرئيسية التي استقبلت الأنباء الواردة بشأن موافقة الأمم المتحدة اخيراً، وبعد سنوات من المحاولة، على قائمة المُشاركين في اللجنة الدستورية التي طال انتظارها، هذه الهيئة المُصَمَّمة لوضع هياكل سياسية جديدة أكثر ديمقراطية لسوريا، تليها انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة.…

طالع المزيدهل تفتح اللجنة الدستورية باباً لإحلال السلام في سوريا؟

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية