مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

كراهية الإسلام تتزايد بعد 6 أعوام من هجمات سبتمبر

"المركز الإسلامي في أمريكا" في مدينة ديربورن بولاية ميشيغان، أحد أكبر المراكز الإسلامية في الولايات المتحدة swissinfo.ch

مشاعر متناقضة جاءت بها إلى المجتمع الأمريكي الذكرى السادسة لهجمات سبتمبر الإرهابية.

فقد حاول المسلمون الأمريكيون التأكيد من جديد على أنهم جزء لا يتجزّأ من نسيج ذلك المجتمع وأنهم، وإن اختلفوا في تقاليدهم وشعائرهم الدينية، فإنهم ليسوا أقل وطنية ولا حبا للسلام والأمن من باقي المواطنين الأمريكيين.

فقد خرج مئات من المسلمين الأمريكيين في مسيرة في شوارع نيويورك للتعبير عن إدانتهم لهجمات سبتمبر الإرهابية، رافعين لافتات تؤكِّـد أن الإسلام دين سلام يحترم الكرامة الإنسانية ويكفل التعايش السلمي والاحترام للديانات السماوية الأخرى.

وجاء الرد سريعا من عشرات المحتجِّـين الأمريكيين، الذين أحاطوا بمسيرة المسلمين الأمريكيين وهتفوا بشعارات مُـعادية للإسلام، واضطرت قوات الشرطة إلى التفريق بين الجانبين.

ورغم أن نسبة الأمريكيين الذين يكِـنُّـون مشاعر معادية للإسلام، كانت 13% في أعقاب هجمات سبتمبر، فإنها ارتفعت إلى 46% بعد مرور ستة أعوام على تلك الهجمات.

ولتفسير تلك الظاهرة المزعجة، توجّـهت سويس إنفو إلى مدينة ديربورن بولاية ميشيغان، حيث يوجد أكبر تجمّـع للمسلمين الأمريكيين في مدينة واحدة، والتقت بالإمام حسن القزويني، إمام المركز الإسلامي في أمريكا، أكبر المراكز الإسلامية في الولايات المتحدة فقال: “إن وسائل الإعلام الأمريكية تُـروِّج أفكارا خاطئة عن الإسلام والمسلمين وتشيّـع أجواءً من الخوف من الإسلام، بتصويره على أنه ديانة تدعو إلى العنف، بينما تروّج أوساط أمريكية أخرى لنظرية صِـراع الحضارات التي طرحها صامويل هنتنجتون قبل هجمات سبتمبر، وتحاول تصوير الإسلام كديانة وثقافة لا يمكن أن تنسجِـم مع الثقافة الغربية، وبالتالي، فإن الصِّـراع حتمِـي بين ثقافة الشرق الإسلامي وثقافة الغرب العلماني، وتمّ استغلال هجمات سبتمبر كنموذج لذلك الصراع المزعوم وإشاعة المخاوف من الإسلام والمسلمين، لذلك، تتزايد نسبة الأمريكيين الذين يكِـنون مشاعر سلبية إزاء الإسلام، رغم مرور ستة أعوام على هجمات سبتمبر”.

ويري الإمام القزويني أن هناك دورا محوريا يتعيَّـن على المسلمين في أمريكا القيام به لتغيير ذلك التوجّـه من خلال زيادة مشاركتهم في الحياة العامة والعمل السياسي، وزيادة مشاركتهم في التصويت في الانتخابات المحلية والقومية والتحول بعيدا عن السلبية بتفهم أهمية دور المواطن الإيجابي بالكِـتابة إلى الصحف لتصحيح الخطأ وردّ المزاعم وتفنيدها، والكتابة أو الاتصال بممثليهم في الكونغرس بمجلسيه وبذل جهود منظمة ومتّـسقة ومتواصلة لشرح الوجه الحضاري الحقيقي للإسلام، وإظهار التزامهم باحترام القانون الأمريكي والدخول في حوار مع جيرانهم وأصدقائهم من غير المسلمين في المجتمع الأمريكي، باعتبار أن الناس أعداء ما جهلوا، ومُـعظم الأمريكيين لا يعرفون الكثير عن الإسلام، وأضاف الإمام القزويني يقول:

“إذا كان هناك قُـرابة ثمانية ملايين مسلم في الولايات المتحدة يعملون بكل جِـدّ واجتهاد من أجل أسَـرِهم والمجتمع الذي يعيشون فيه ويُـظهرون كل يوم كيف أنهم مواطنون صالحون وسفراء طيِّـبون لدينهم الإسلامي ويتعاملون بسماحة مع أبناء الديانات الأخرى، مع مواصلة زعماء المسلمين الأمريكيين تعميق وتعزيز مشاعر التسامح الديني بين المسلمين الأمريكيين في تعاملهم كأقلية مع المجتمع الأمريكي، بل والدخول في حوار متحضِّـر مع رجال الدين المسيحي واليهودي في الولايات المتحدة، فسيؤدي هذا في نهاية المطاف إلى تغيير تلك المشاعر السلبية”.

إساءة المسؤولين الأمريكيين إلى الإسلام

أما السيد داود وليد، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية في ولاية ميشيغان، فيرى أن هناك سببان في زيادة المشاعر المناهضة للإسلام والمسلمين في المجتمع الأمريكي بعد ستة أعوام من هجمات سبتمبر:

أولا، أن قرارات السياسة الخارجية الأمريكية لإدارة الرئيس بوش فيما يتعلق بالدول العربية والإسلامية تثير مشاعر الغضب، بل وتفضي إلى احتجاجات عنيفة في بعض أرجاء العالم الإسلامي، وعندما تركِّـز عليها وسائل الإعلام الأمريكية، وخاصة شبكتي فوكس وسي إن إن وتربطها بكون المحتجِّـين من المسلمين، فإنها تُـثير مشاعر الخوف من الإسلام بين جمهور الأمريكيين وتخلق بذلك نوعا من ردود الفعل السلبية لدى المواطنين الأمريكيين.

ثانيا، إساءة بعض المسؤولين الأمريكيين إلى الإسلام، مثل توم كونتريدو، عضو الكونغرس من ولاية كولورادو، الذي دعا إلى قصف الكعبة المشرّفة وتدمير مدينة مكّـة، لوقف ما زعم أنه عُـنف الإسلام، ووصف أعضاء آخرين لمنظمات إسلامية أمريكية عريقة، مثل الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية بأنها منظمات تضُـم جِـهاديين يسعَـون لاستخدام العنف ضد الولايات المتحدة وطرح أفكار عنصرية تُـطالب بترحيل المسلمين من أمريكا، ثم وقوع الرئيس بوش نفسه في إغراء الإساءة إلى الإسلام بالحديث عمّـا وصفه بخطر الفاشية الإسلامية!

ويرى السيد داود وليد أنه عندما يسمع المواطن الأمريكي مثل هذه الطنطنة الإعلامية والتصريحات النارية المعادية للإسلام والمسلمين من مسؤولين أمريكيين، فإن النتيجة المنطِـقية هي زيادة المشاعر السلبية عن الإسلام والمسلمين، حتى بعد مرور ستة أعوام على هجمات سبتمبر.

جرائم الكراهية في تصاعد

وردّا على سؤال لسويس إنفو، عما إذا كانت المشاعر السلبية عن الإسلام والمسلمين قد أدّت إلى زيادة في حالات انتهاكات الحقوق المدنية للمسلمين الأمريكيين، قال المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية في ولاية شيكاغو:

“منذ وقوع هجمات سبتمبر قبل ستة أعوام، تتزايد جرائم الكراهية والتمييز ضد المسلمين في أمريكا عاما بعد عام، ومع أن كثيرا من الناس يعتقدون أن عدد تلك الجرائم كان أكبر في أعقاب وقوع تلك الهجمات، فإنه لسوء الحظ، عدد جرائم الكراهية والتمييز ضد المسلمين في أمريكا في عام 2006 تضاعف عدة مرات بالمقارنة مع ما كان عليه الحال في عامي 2001 و2002، كما يتعرض المسلمون في المطارات ونِـقاط الحدود الأمريكية إلى عمليات تفتيش واستجواب على أساس تصنيفهم العرقي، كما تتعرض مؤسساتهم الخيرية لغارات من مكتب المباحث الفدرالي، بحجّـة تمويلهم لمساعدات إنسانية في غزة وفي لبنان، مما جعل المسلمين الأمريكيين يتردّدون في التبرع للأعمال الخيرية، خِـشية اتهامهم بتمويل الإرهاب”!

وتوقع السيد وليد أن تتزايد حالات التمييز والتفرقة ضد المسلمين الأمريكيين في المدى القصير، ولكن مع تزايد القوة السياسية للمسلمين الأمريكيين وزيادة مشاركتهم في الانتخابات والعملية السياسية وانخراطهم بشكل أكبر في الحوار مع الأمريكيين من غير المسلمين وشرح الوجه الحقيقي للإسلام، بعيدا عن الصور النمطية السلبية التي تخاطب المواطن الأمريكي، سيتمكّـن المسلمون الأمريكيون في المدى البعيد من عكس تلك المشاعر السلبية عن الإسلام والمسلمين.

وخلّـص السيد وليد إلى أنه يتعيّـن على المسلمين الأمريكيين بذل جهود لتغيير ذلك الواقع، من خلال المشاركة في التصويت، بل والترشّـح للوظائف العامة والمجالس المحلية والتفاعل الإيجابي مع ممثليهم في الكونغرس، سواء باللقاء المباشر أو بالكتابة إليهم وشرح مواقف المسلمين الأمريكيين والتعبير عن اهتماماتهم، وأن لا يركن المسلم الأمريكي إلى الصمت، حينما يسمع أو يشاهد أو يقرأ أي تشويه أو مغالطة عن الإسلام أو المسلمين في وسائل الإعلام الأمريكية، بل يسارع إلى الرد لتوضيح الحقيقة، وفضلا عن ذلك، يتعيّـن انخراط المسلمين الأمريكيين فيه ومساندتهم للمؤسسات الإسلامية الأمريكية، التي تبذل جهودا منظمة لنشر الصورة الحقيقة للإسلام والمسلمين في المجتمع الأمريكي وتدافع عن حقوقهم المدنية والسياسية.

الحياة أصعب بعد هجمات سبتمبر

وتشير أحدث دراسة أجراها مركز بيو لدراسات الرأي العام، إلى أن المسلمين الأمريكيين يرون أن حياتهم قد أصبحت أكثر صعوبة منذ هجمات سبتمبر قبل ستة أعوام، رغم مسارعتهم إلى إدانة تلك الهجمات ورفضهم للتطرف الإسلامي من قِـبل أشخاص يحاولون استغلال الدِّين الإسلامي، لتحقيق أهداف سياسية باستخدام العنف.

وعدّدت الدراسة المصاعب، التي يواجهها المسلمون في أمريكا منذ هجمات سبتمبر، فقالت إنها تراوحت بين التمييز والتفرقة والاستهداف بالمراقبة من أجهزة الأمن، وبين الوقوع ضحية لجهل الأمريكيين بالإسلام واستسلامهم للصور السلبية النمطية التي تبثها وسائل الإعلام، والربط المزعوم بين الإسلام والعنف والإرهاب.

وهكذا، يبدو أن حلول ذكرى هجمات سبتمبر تُـجدد نشاط تلك الصور السلبية عن الإسلام وتتجدّد معها حُـجة أن المسلمين الأمريكيين لم يعبِّـروا بشكل كافٍ عن إدانتهم لهجمات سبتمبر، وفي بلد يطالب حكومات العالم بالالتزام بالحقوق الأساسية للإنسان، لا تحرّك منظمات حقوق الإنسان والحقوق المدنية ساكنا إزاء الانتقاص المتواصل للحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة من خلال قوانين مكافحة الإرهاب، وما يسمى بقانون الباتريوت وغيره، والتي تُـعطي صلاحيات استثنائية لملاحقة واعتقال كل من تحُـوم حوله الشُّـبهات، حتى بدون أدلة وبدون توجيه اتهام!

محمد ماضي – واشنطن

دبي (رويترز) – أثار أول شريط لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن منذ نحو ثلاثة أعوام حماسة أنصار القاعدة، لكن مسلمين آخرين في العالم العربي كانوا أقل حماسة، بل وساورهم القلق من تفجّـر عنف جديد.

وبمناسبة الذكرى السادسة لهجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، التي أعلنت القاعدة مسؤوليتها عنها، وصف بن لادن المولود في السعودية، الولايات المتحدة بأنها ضعيفة في رسالة اعتبرها بعض أنصاره علامة على أن عملية جديدة قد تكون وشيكة.

وانقسم المحللون بشأن ما إذا كان الشريط الجديد يهدف إلى الإيعاز بهجمات جديدة.

ورغم أن بن لادن لم يهدِّد بحدوث شيء محدّد في الشريط، تناقل كثير من المدونين الإسلاميين استنتاجا مشرفا على منتدى على الانترنت مرتبط بالقاعدة، والذي قال “الضربة قادمة لا محالة.. بإذن الله”.

وكرّر بعضهم تلك العبارة، فيما عبّـر البعض الآخر عن سعادته لرؤية بن لادن، الذي يُـعتقد على نطاق واسع انه يختبئ في الجبال على الحدود الأفغانية الباكستانية.

وكتب مدوِّن يستخدم اسم اليعقوبي قائلا: إن “عباد الصليب” لن يتاح لهم الوقت ليفهموا ما يحدث لهم، وإن غرورهم لن يساعدهم ولا أكاذيب إعلامهم عندما يرون الأنباء بأعينهم.

وفي شريط الفيديو الذي حمل اسم “الحل” وأنتجته مؤسسة السحاب الجناح الإعلامي للقاعدة، دعا بن لادن الأمريكيين إلى التخلي عن الديمقراطية الرأسمالية واعتناق الإسلام، إذا كانوا يريدون إنهاء الحرب في العراق.

وظهر في الشريط وهو يرتدى عباءة بدلا من زي المقاتلين الذين كان يفضله في الماضي.

وقال صاحب متجر في القاهرة، اكتفى بذكر اسمه الأول وهو محمد، إن دعوة بن لادن ليست جادّة، وأضاف “أعتقد أن دعوته للغرب لاعتناق الإسلام هي تمهيد لإطلاق تهديدات جديدة ضدّهم، وسيقول عندئذ (لقد عرضت عليكم السلام بأن طلبت منكم اعتناق الإسلام) ليُـبرر تهديداته”.

ورغم معارضتهم بشدّة لسياسات الولايات المتحدة في الدول المسلمة، قال عدد من المسلين إنهم ضد أي عملية مماثلة لعملية 11 سبتمبر، التي قُـتل فيها نحو ثلاثة آلاف شخص.

وقال محمد حسن، وهو مهندس مدني مصري “الهجمات لن تحل أي مشكلة، بل ستزيدها سوءا… لقد نفّـذ (بن لادن) هجوما من قبل وماذا كانت النتيجة.. حروب ومُـعاناة لكل المسلمين في جميع أنحاء العالم”.

ويقول زعماء القاعدة، إن جهادهم ضد القوى الغربية هو ردُّ فعل للتّـأييد الأمريكي لإسرائيل على حساب العرب على مدى العقود الستة الماضية، وردّ فعل أيضا على حربَـي أفغانستان والعراق.

وعلّـق هلال، وهو فلسطيني يعيش في الإمارات، على شريط بن لادن قائلا “من الصعب للغاية قول أي شيء عنه، إنه يتحدث عن قضايا مهمّـة وحقيقية، لكن الأسلوب الذي يريد حلّ هذه القضايا به غير سليم”، وأضاف “عندما أسمعه أقول (أتمنى لو أن زعيما عربيا يركز بهذا الشكل على القضايا العربية)، لكنني ضد قتل الأبرياء”.

وقال عبد الأعلى نوارة، وهو محام بمصر، إن ظهور بن لادن “يثبت أن الأمريكيين لا يستطيعون الوصول إليه. لديه تحصينات قوية ومن غير المرجّـح أن يصلوا إليه”.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 9 سبتمبر 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية