مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مئذنة لانغنتهال: الأطراف المتنازعة “مُـتـفـقـة” على الذهاب حتى النهاية!

مدينة "الوسط" الخلابة لانغنتهال: هل يُفسِد الجدل حول المئذنة التي لم تُبن بعدُ صورتها المتناغمة؟ swissimage

قبل نحو العام، و في يوم 29 نوفمبر 2009 تحديداً، تصَدَّر خَبر أقَرارَ الناخبين السويسريين لمشروعٍ يدعو إلى حظر بناء المزيد من المآذن على أراضي الكنفدرالية عناوين الصُحف المحلية و العالمية. ومنذ ذلك الحين، استَقطَبت بلدية لانغنتهال شمال العاصمة بَرن إهتمام وسائل الإعلام الأجنبية بسبب الخلاف الدائِر حول بناء مئذنة مُلحَقة بالمركز الإسلامي في هذه المدينة.

لا يعود الإهتمام الكبير الذي أولته الصحافة المحلية والعالمية لمدينة لانغنتهال الى شهرتها كمركزٍ للتصميم الصناعي والهندسة وصناعة الخَزَف (Porcelaine)، كما إنَّه ليس بسبب تَمثيلها للمنطقة المعروفة باسم “المتوسط السويسري – الألماني” في الأنحاء المتحدثة بالألمانية من الكنفدرالية، بل إنَّ كل الضجيج الإعلامي الذي بدأ منذ عام 2006 لم يتوقف لِحد الآن، يعود الى مِئذنة لم تُشَيَّد بعد!

ولا تَتَميز هذه المدينة الصناعية الصغيرة التي تسكنها نحو 15.000 نسمة بموقعها الجغرافي في وسط سويسرا فحسب، ولكنّها تَعكِس الواقع الإستهلاكي “للمتوسط السويسري – الألماني” أيضاً. وقد دفعت المَكانة المُمَيَزة لِلانغنتهال العديد من الشركات الى “إستخدامها” كَسوق اختبارٍ عند طَرحِها لِمنتوجاتٍ جديدة. و بالنسبة لهذه الشركات، فإنَّ ما يُباع في لانغنتهال سوف يَجد طريقه حتماً الى مخازن كانتونات الجزء الناطق بالألمانية من البلاد.

لكن ما ليس حَتمياً لبعض سكّان لانغنتهال اليوم، هو حصول الجالية المسلمة المقيمة في المدينة على ترخيصٍ لبِناء مئذنة مُلحقة بمركزهم الإسلامي. وكان بعض أعضاء الجالية قد تقدَّموا بطلبٍ للحصول على مثل هذه التَرخيص من أجل توسيع وتجديد مركزهم الإجتماعي ولِبِناء قُبَّة ومئذنةٍ ترتفع إلى ستة أمتار في عام 2007.

ومنذ أن صَوَّت الشعب السويسري بالموافقة على مُبادرة حظر بناء المآذن، في 29 نوفمبر من العام الماضي، تَصَدَّرَت هذه المدينة الصغيرة عناوين الصُحف المرة تلو الأخرى بسبب هذا الطلب، على الرغم من أن لانغنتهال لم تكن الجهة التي أطلَقَت هذه المبادرة في الأصل. وفي هذه الأثناء يُشغِل الجدَل المُتَزايد حول مَنح رخصة البناء من عدمها السلطات المُخْتَصَّة في الكانتون.

وفيما لو تمَّ بناء المئذنة المُتنازع عليها، فإنَّها ستكون مُلحقة بالمركز الإسلامي الذي يقع في منطقة صناعية بإحدى ضواحي لانغنتهال الخارجية. وفي الواقع، لا يُشير مبنى هذا المركز بإضاءته الزاهية ليلا إلى أنه مركز ديني، كما أنه لا يحمل أي طابع شرقي بأي شكلٍ من الأشكال، بل إنه أقرب في مظهره إلى قاعة لممارسة الألعاب الرياضية.

دعاية غير مرغوبة

و لا يشعر توماس روفينار عمدة مدينة لانغنتهال بالكثيرِ من البهجة جرّاء هذا الضجيج الإعلامي. ويتمنى المهندس السابق أن يرى الناس مدينَته وهي ترتقي الى سمعتها باعتبارها “مدينة وَسَط” و”كَعَيّنة تعكِس المتَوسِط السويسري بسلبياته و إيجابياته”.

وفي تصريح لـ swissinfo.ch أشار روفينار إلى أن السلوك الإنتخابي لسُكّان مدينة لانغنتهال عند التصويت على مشروع حظر بناء المآذن في موفى نوفمبر 2009، كان “مُماثلاً للمُتوسط السويسري العام”، كما بَيَّنَ أنَّ لانغنتهال لم تُبد – بالمُقارنة مع أي جزءٍ آخر في الكنفدرالية – تأييداً أكبر أو أدنى لمشروع الحَظر. في المقابل، اتَّهم عمدة المدينة بعض الأحزاب السياسية بمحاولة استغلال الدعاية التي أثارها استفتاء حظر بناء المآذن.

وفي نفس السياق، رفض روفينار الصورة التي قدمتها وسائل الأعلام عن لانغنتهال بوصفها مدينةٍ “مُحافظة ومُعادية للإسلام”، وقال: “أصبح هناك إهتمام مفاجئ بمدينة لانغنتهال من قِبَل وسائل الإعلام العالمية، التي تقوم بِربط المدينة بالجَدل الدائر حول بناء المآذن، على الرغم من عدم تَعَلُق المسألة الأساسية أصلاً بلانغنتهال”. وجدير بالذكر أن روفينار عضوٌ في حزب الشعب السويسري (يمين مُتَشَدّد)، الذي شارك بعض ساسته في إطلاق المبادرة الشعبية الداعية إلى حظر بناء المآذن التي جرى التصويت عليها العام الماضي.

نصب تذكاري لِلُجنة منع المآذن…

على بُعدِ أقل من 100 متر، و في إحدى الصالات الحديثة لفندق Parkhotel، الذي أنشِئ في مدينة لانغنتهال مؤخراً، قامت لجنة عمل “أوقفوا بناء المآذن”، بكشف النِقاب عن نموذج نصبٍ تذكاري حديدي ذي شكلٍ لولبي مقلوب تعتزم اللجنة إقامته عند مفتَرَقٍ مركزي لِلطُرُق في وسط المدينة. و يقول الناشطون في هذه اللجنة بأن الهدف من وراء هذا النصب الذي يفترض أن يبلغ إرتفاعه 7 أمتار، هو “تخليدٌ لذكرى حَظْر بناء المآذن في البلاد، وتذكير الناس بالإضطهاد الذي يتَعَرَض له غير المسلمين في الدول الإسلامية”. وأشارت اللجنة الى الهجوم الإرهابي الأخير الذي تعرَّضت له كنيسة في العاصمة العراقية بغداد، كما شارك شخص مسيحي ينتمي الى الطائفة الآرامية بإلقاء كلمةٍ في هذا التجَمُّع.

وفي المُناسبة نفسها، تحدَّث عضو حزب الشعب السويسري فالتر فوبمان، عما أسماها “غَطرَسة لا تُصَدَّق” من جانب السلطات المُختصة في كانتون برن، بسبب منحها الضوء الأخضر لبِناء المئذنة على الرغم من تصويت أغلبية الناخبين السويسريين لصالح مُبادرة حظر بناء المآذن. وركَّز أعضاء اللجنة على مُخاطبة مخاوف السكان السويسريين ذوي الأغلبية المسيحية بالتحديد.

.. يرفضه المجلس البلدي

من جهتة، رفض المجلس البلدي في لانغنتهال خلال جلسته الأسبوعية المنعقدة يوم 18 نوفمبر 2010، َمنح المناهضين لبناء المآذن قطعة أرض لتشييد نصبهم التذكاري المُقترح عليها، وصَرَّح المجلس في بيان له عن رفضِه تقديم مكانٍ عامٍ لإنشاء نُصبٍ كهذا.

وفي حديث مع وكالة الأنباء السويسرية، بيَّن روفينار أنَّ الالتماس الذي تقدم به مناهضو المآذن إلى البلدية من أجل بناء هذا النصب، أثار ردود أفعالٍ سلبية لدى السُكّان. واعتبر عمدة لانغنتال رفض المجلس “مَنطقياً كونَه يمَثل سكّان البلدية”.

“تناقض سياسي”

ليس السويسريون هم الوحيدون الذين قد تعتري بعضهم مشاعر الخوف، ذلك أن مُسلمي مدينة لانغنتهال الذين ينحدرون أساساً من مقدونيا وألبانيا وكوسوفوً لديهم ما يخشَونه أيضاً وإن اختلف الأمر.

ووصف مُطلب كرادمي، رئيس الجالية الإسلامية في لانغنتهال إدراج سويسرا لِمُسلمي أوروبا الذين عانوا من الإرهاب مع من وصفهم بـ “إرهابيين عرب” في سلّة واحدة بـ “المفارقة القاتلة”. وقال مذكرا:” لم تكن هناك حرية دينية في يوغوسلافيا السابقة. وكان إمام الجامع مُجبراً على الإنتماء إلى الحزب الشيوعي، كما عانى المُسلمين الأمرَّين أثناء النزاعات الدامية في جمهوريات البلقان خلال تسعينيات القرن الماضي”.

وأضاف كرادمي أنَّه لمِن المحزن أن يصبح ضحايا الإضطهاد هدفاً للدعاية السياسية مجدداً في بلد مثل سويسرا التي تفخر بنظامها الديمقراطي الذي يضمَن الحرية الدينية للجميع.

وحسب رئيس الجالية الإسلامية في المدينة، فإن كون الشخص ألبانياً لا يجعله بالضرورة مُسلِماً، وعلَّق بالقول :” كمجتمعٍ ألباني، نحن موَحَدون من الناحية الثقافية، حتى لو إنتمينا إلى ثلاث ديانات مختلفة، وهذا النوع من التعايش هو أمرٌ طبيعي بيننا”. وتمنّى كرادمي أن يكون هذا هو الحال في سويسرا أيضاً.

“.. حتى المحكمة االفدراليةفي جميع الأحوال”

من ناحيته، لا يرى دانيال كيتيغَر، المُستشار القانوني للجالية الإسلامية في لانغنتال بوجود حل قريب لهذا الخِلاف، حيث كان واضِحاً منذ البداية بأنَّ مُعارضي بناء المئذنة سوف يحمِلون هذا النزاع الى آخر سُلطة قانونية في سويسرا ألا وهي المحكمة الفدرالية (مقرها لوزان)، غير أنَّ كيتيغر مُقتنع في الوقت نفسه بأنَّ الحَظر على بناء المآذن لن يَصمُد على المدى الطويل، وفي رأيه فإن “المحطة الأخيرة لهذا الحظر ستكون أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على أكثر تقدير”.

ولكنَّ هذه القناعة كانت مختلفة تماماً خلال قيام لجنة عمل “أوقفوا بناء المآذن” بإزاحة الستار عن نصبها التذكاري، حيث “نَصَح” عضو حزب الشعب السويسري فالتَر فوبمان المحكمة الأوروبية التي تتخذ من ستراسبورغ (شرق فرنسا) مقرا لها بهذه المناسبة بـ “عدم إدانة القرار الشعبي الواضح لدولة ذات سيادة”.

وفي خطابه الذي توجه به إلى جمهور الحاضرين، قال فوبمان: “في حال اعتُبِرَ حظر بناء المآذن إنتهاكاً لحقوق الإنسان، سيتعين عندئِذٍ النظر الى مُقاضاة القرآن ككُل”، وحسب فوبمان دائما: “سَيَتوَجَّب عندئذٍ الحُكم على الرّجْم و الزواج القَسري وضرب النساء والأطفال أيضاً”.

الأعمال تجري كالمُعتاد

في الوقت الذي كانت فيه لجنة حَظر المآذن منَهمكة بإزاحة الستار عن نموذج نصبها التذكاري، جلس رجال أعمال في قاعة الطعام الكُبرى التابعة لنفس الفندق للإستمتاع بتناول وجبة الطعام المُقَدَّمة اليهم من قِبَل موظفين آسيويين. ولا يبدو أن موضوع المئذنة أو النصب التذكاري كانت محوراً لأحاديثهم التي دارت بالإنجليزية والإيطالية.

بدلاً من ذلك، تناهت إلى الأسماع أسماء شركاتٍ ومؤسساتٍ معروفة في مدينة لانغنتهال مثل منسوجات “لانتال” Lantal ، و Création Baumann للستائر وللمنسوجات المُستَخدمة في التصميمات الداخلية، وبطبيعة الحال مجموعة آمّان Ammann الهندسية التي تملكها عائلة عضو الحكومة الفدرالية الجديد يوهان شنايدر- أمّان، الذي يشغل حالياً منصب وزير الإقتصاد. وبالنسبة للعاملين في هذه القطّاعات، تبقى بلدية لانغنتهال مَقراً صناعياً وتصديرياً عالمياً، أمّا السياسة المحلّية، فلا تحوز على الكثير من إهتماماتهم.

ولدى سؤال إحدى الموظفات الأجنبيات العاملات في الفندق، حول تأثير التظاهرات المُتكررة لمُعارضي بناء المآذن على الأعمال بصفة عامة والقطاع الفندقي بشكلٍ خاص، همسَت بِتَحفظ : “في العادة لا يأتي رجال الأعمال سوى أثناء أيّام العمل، في حين تجري التظاهرات غالباً خلال عطلة نهاية الأسبوع، التي يٌّقِل فيها عدد النُزلاء والذين لا يعرفون على الأغلب شيئاً عن هذه التظاهرات. أمّا الضيوف السويسريون الذين يأتون لِقضاء عطلة نهاية الأسبوع ، فهُم مُطّلعون على المشكلة”.

عبَّرت الجالية الإسلامية في بلدية لانغنتهال عن رغبتِها في الحصول على رُخصة بناءٍ من أجل إضافة مئذنة (بدون مكبرات للصوت) وقُبة إلى مركزها الإسلامي، بالإضافة إلى تَجديد وتَوسيع المَبنى الحالي.

في 2006، قام السكان المَحليين بِجَمع 3500 توقيع لمَنع الترخيص، غير أن السلطات المعنية في مدينة لانغنتهال وافقت على طلب البناء.

بعد تحويل لجنة عمل “أوقفوا بناء المآذن”، إعتراضها الى شكوى، وافقت عليها سلطة البناء في كانتون بَرن في شهر أبريل 2007، وتم سَحب الموافقة على طلب رُخصة البناءٍ التي مَنَحَتها المدينة سابِقاً.

بعد إجراء تغييرات في طلب رُخصة البناء (حُذِف فيها التجديد والتوسيع المُزمَع إقامته) مَنَحَت المدينة في يونيو 2009 – أي قبل إجراء الإستفتاء الشعبي بخمسة أشهر – موافقتها مُجدداً على مَنح الجالية المسلمة ترخيص بناء جزئي.

في نهاية سبتمبر 2010 ، أكَدَت سلطة البناء في كانتون بَرن مَنحها الضوء الأخضرالجزئي لهذا التصريح بسبب صُدور الموافقة قبل إجراء الإستفتاء الشعبي. ونَصَت النتيجة بالموافقة على بناء المئذنة و عدم الموافقة على عمليات التوسيع. كما رفضت السلطات ذاتها الشكوى المُقَدَّمة من السُكان ومن لُجنة حظر المآذن.
.
في شهر أكتوبر 2010، قامت نفس اللجنة بتقديم شكوى جديدة أمام المحكمة الإدارية لكانتون بَرن أعتَرَضت فيها على القرار الصادر بالموافقة على بناء المئذنة.

من المُتوقَّع صدور قرارٍ بهذه القضية في صيف عام 2011. وسيكون بإمكان الطرفين المُتنازعين مواصلة الشكوى والتوجُه الى المحكمة الفدرالية إعتماداً على نَتيجة القرار الصادر عن المحكمة الإدارية لكانتون برن.

منذ عام 2006، يَحتَدم الجدل حول بناء المآذن في كلّ من بلدية لانغنتهال Langenthal (كانتون بَرن)، وفانغن Wangen (بالقرب من أولتَن في كانتون سولوتورن) و بلدية فيل Wil (كانتون سانت غالَّن).

في عام 2007، أثارَت طلبات بناء مآذن في هذه البلديات الثلاث إحتجاجات واسعة عند بعض السكّان، على عكس قاعات المراكز الدينية الإسلامية التي لم تكن مَثار جدلٍ في يوم ما على الإطلاق.

في عام 1960 تم بناء أول مسجدٍ يشتمل على مئذنة في سويسرا. ولم يُثِر هذا المسجد (المُسَمّى بمسجد محمود) الذي أقيم في مدينة زيورخ أي نوعٍ من الجدل يوما ما.

كان من المُفترض بناء مركزٍ إسلامي في منطقة “فانكدورف” Wankdorf في العاصمة السويسرية بَرن. وكان مقررا أن يكون من ضمن أكبر المراكز الإسلامية في أوروبا، لكن المشروع لم يخضع لأية مُتابعة، وبالتالي لم يرَ النور.

أدت النزاعات الدئرة حول بناء المآذن الى إطلاق شخصيات يمينية محافظة وأخرى مُتشدِّدة لمُبادرةٍ شعبية لقيت الدعم والمساندة من طرف حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي) والإتحاد الديمقراطي الفدرالي (حزب صغير – يمين مسيحي). وقد جرى الإستفتاء الشعبي على هذه المُبادرة في 29 نوفمبر 2009.

خلافا للكثير من التوقعات، تم قبول هذه المُبادرة بشكلٍ واضح وبنسبة 57،5 % صوتاً، مما أُثأر ردود أفعالٍ واحتجاجات في جميع أنحاء العالم. في المقابل، أدت في ذات الوقت الى إزدياد النقاشات في العديد من الدول الأوروبية الأخرى حول الإسلام والمسلمين عموما في أوروبا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية