مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الجانب السياسي “معقّد جدا” وآمال بالتوصل إلى “حَلّ ما” للأزمات الإنسانية

من خلال تلاعب بسيط ببعض الحروف، نظم نشطاء سوريون هذه التظاهرة الرمزية قبالة المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف يوم الجمعة 29 يناير 2016 للتعبير عن استنكارهم لما يعتبرونه "تواطئا للمجموعة الدولية مع نظام بشار الأسد في تجويع وحصار المئات من آلاف المدنيين السوريين" في شتى أنحاء البلاد. Keystone

بين آمال ملايين السوريين الذين أنهكتهم الحرب بالعثور على حلٍ لأزمتهم الإنسانية المُرَوِعة التي توشك على الدخول في عامها السادس، وأجواء عَدَم الإرتياح والعَجز والمرارة السياسية التي سادت صفوف المعارضة السورية التي تجد نفسها مدفوعة من قبل ضغوط دولية كبيرة للجلوس على طاولة المفاوضات، تتجه الأنظار صوب الجولة الجديدة من محادثات السلام الهادفة لحل النزاع السوري أو ما أصبح يُعرف بـ"جنيف 3” التي بدأت بعد ظهر يوم الجمعة 29 يناير بلقاءات منفردة بين ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا والوفد الرسمي السوري وأطراف أخرى وممثلين عن المجتمع المدني. 

تختلف توقعات بعض السوريين المقيمين في سويسرا وآمالهم بشأن هذه المباحثات التي ترعاها الأمم المتحدة والنتائج التي يمكن أن تسفر عنها. فقبل ساعات من الموعد المقرر لانطلاق الجولة الجديدة من المفاوضات، استطلعت swissinfo.ch آراء بعض أبناء الجالية السورية للتعرف على انتظاراتهم منها وهم: توفيق الشماع، الطبيب المقيم في جنيف منذ مدة طويلة وأحد مؤسسي “اتحاد المنظمات الطبية الإغاثية السوريةرابط خارجي“، وهي هيئة غير حكومية تهتم بتوفير الأدوية والعلاج وإيصاله الى الداخل السوري؛ وزياد عقّاد المُقيم في سويسرا منذ عام 1992، والذي يترأس جمعية أصدقاء الشعب السوري رابط خارجيالتي أسستها مجموعة أشخاص من جنسيات مختلفة في عام 2012 بهدف الدعم الانساني للشعب السوري بشرائحه المختلفة؛ وهاني عباس، رسام الكاريكاتير السوري الفلسطيني الذي يعيش في جنيف منذ عامين؛ والحقوقي السوري شادي المقيم في سويسرا منذ عامين أيضاً، والناشط الحقوقي السوري خلدون الذي يسكن في سويسرا منذ ما يقارب العامين كذلك.

تجدر الإشارة بطبيعة الحال إلى أن الآراء التي عبّرت عنها هذه الشخصيات في هذه الحوارات لا تمثل بالضرورة وجهات نظر الأغلبية الساحقة لجميع المهاجرين السوريين المقيمين في الكنفدرالية، لكنها قد تكون ممثلة لجزء لا بأس به من الجالية.

swissinfo.ch: ماهي توقعاتكم بشأن مباحثات السلام السورية “جنيف 3” المتوقع إنطلاقها يوم الجمعة 29 يناير، وهل تعلقون عليها آمالاً كبيرة لا سيما بعد إخفاق “جنيف 1″ و”جنيف 2” في حل الأزمة السورية؟

هاني عباس، أنا لا أعقد أي أمل على هذه المحادثات لعدة أسباب منها إخفاق “جنيف1″ و”جنيف 2” ووجود الكثير من العقبات التي تعود بشكل رئيسي إلى طبيعة المحادثات. ومن المفترض بعد 5 سنوات من الإجرام والقصف والتهجير، أن تتجه أنظار العالم والسوريين صوب محكمة الجنايات الدولية في لاهاي لمُحاكمة جميع مُجرمي الحرب وليس إلى جنيف لإعادة تلميع وتصنيع النظام السوري من جديد ووضعه في هذه المحادثات. أنا أستغرب تمسك العالم بهذا النظام، ودعمه له بشكل أو بآخر على المستوى السياسي، مع معرفته التامة بما يتسبب به من تدمير مدن كاملة وقتل وقمع سكانها وتشريد الملايين من سوريا. لكن يبدو إن هناك جهات لديها مصلحة كبيرة في إستمرار هذه الأزمة والجنون في منطقة الشرق الأوسط برمتها.

د. توفيق الشماع: سوف يكون الجانب السياسي معقد نسبياً، ولا نأمل منه الكثير لإننا عشنا “جنيف 1″ وجنيف 2” التي لم تسفر عن أي نتائج عملية. الأمل المعقود على هذا المؤتمر الآن هو التوصل إلى حَلّ القضايا الإنسانية، ونأمل ان يفهم المُجتمع الدولي أن هذه هي اللحظة الأخيرة. هناك 400,000 إنسان محاصر يموت العشرات منهم يومياً نتيجة الجوع ونَقص الأدوية. كما نأمل ان يتوقف قصف المدن والمدنيين والمستشفيات، إذ لا يمكن الدخول في مفاوضات لإحلال السلام مع استمرار هذا القصف، ودون توفير الحد الأدنى من الإحترام للمدنيين. نحن نتمنى أولاً ان تؤدي هذه المفاوضات إلى إيقاف مُعاناة المدنيين، ومن ثَمَّ نأمل ان تشهد هذه المحادثات إنفتاحاً سياسياً.

شادي: إن طلب ستفيان دي ميستورا (مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالأزمة السورية) البدء بمحادثات هو مخالف لقرار مجلس الأمن 2254 الصادر في 18 ديسمبر 2015، لانه لا يتناول سوى الفقرة 2 من هذا القرار (التي تنص على دعوة الحكومة والمعارضة السورية للمشاركة ‘على وجه السرعة’ في مفاوضات رسمية بشأن مسار الانتقال السياسي)، والتي إستند المبعوث الأممي عليها في دعوته أطياف المجتمع على إختلافها  لحضور مباحثات تخلو من أي هدف محدد، [علماً أن هذه الفقرة تدعو إلى إقامة مفاوضات وليس محادثات] ودون إيجاد حلٍّ للمشكلة السياسية، التي تُعتَبَر المشكلة الرئيسية في سوريا والتي أفضَت إلى جميع المشاكل الأخرى.

لقد فَضَّل دي ميستورا تخصيص الأسابيع الثلاثة الأولى لمناقشة مشكلة إدخال الطعام، التي لا يفتَرَض أن تقتضي التفاوض كونها مُتَضمَّنه في القوانين الدولية وقرارت مجلس الأمن، ثم يَوَد الإستمرار بمحادثات إنسانية – مضمونة أصلاً بقوة القانون – لإسابيع أخرى، وبالتالي لن تتحقق حتى هذه في النهاية. كما رفض المبعوث الأممي طلب الهيئة العليا للتفاوض بإيقاف قصف الطيران وإطلاق سراح المعتقلين واعتبرها شروطاً مُسبقة مرفوضة، علماً بانها مواد مذكورة في قرار مجلس الأمن. كما رَفَض تطبيق الفقرة 12 التي تدعو جميع الأطراف بالسماح للوكالات الإنسانية بإيصال المساعدات الإنسانية، وكذلك الفقرة 13 التي تطالب بوقف الهجمات ضد المدنيين، وإعتبرها شروط مسبقة أيضاً. وبرأيي، ليست هذه سوى محاولات لتمييع القضية السورية وتحويلها إلى مجرد مأساة إنسانية ينبغي حلها بدعم روسي وإيراني للنظام السوري، وضغط هاتين الدولتين على المبعوث الأممي، مع تجاهل دول أوروبا وأمريكا وعَجز عربي وتركي.

زياد عقّاد: مع قرب إنتهاء العام الخامس على الوضع السوري الكارثي، وبعد إنقضاء “جنيف1″ و”جنيف2” ومحدثات فيينا، ومع الواقع الداخلي السوري والحرب القائمة، لا أتوقع أي نتيجة إيجابية نظراً لإن المحادثات الحقيقية للأسف ستكون بين قوى إقليمية تقريباً وليس بين الشعب السوري صاحب القرار في هذه المباحثات.

خلدون: يؤيد مُعظم السوريين الحَل السياسي من خلال أي محادثات بِغَض النظر عن صعوبتها، لكن المهم هو التوصل إلى حل حقيقي، وهذه هي الأمال. لكني على جانب التوقعات لا أرى إفضاء هذه المحادثات إلى حَلٍّ حقيقي، لإسباب تعود أولاً إلى الدعوة التي وجهها دي مستورا إلى الأطراف المعنية، والتي أجد أنه إعتمد فيها على بيان فيينا الأول الفقرة 7، وليس على بيان “جنيف 1″، ودعوته إلى حكومة وحدة وطنية وإلى محادثات وليس مفاوضات. وبدلاً من حديثه عن مرحلة إنتقالية أو حكومة إنتقالية ذات صلاحيات كاملة، تحدَّث المبعوث الأممي عن وقف إطلاق نار وفك الحصار، محولا بذلك جوع السوريين وموتهم إلى موضوع للتفاوض، علماً أن هذه هي أبسط الحقوق الإنسانية التي يُفترض أن تكفل للمواطن. فضلاً عن ذلك، لا تمارس روسيا دور الوسيط النزيه على الإطلاق في هذه اللقاءات، بل تتصرف باعتبارها قوة إحتلال تفرض ما تراه ملائماً بالطائرات والعتاد الحربي.

swissinfo.ch: برأيكم، ماهي الأولويات اليوم؟ رحيل بشار الأسد، أو الحفاظ على وحدة سوريا، أو وقف القصف وإيصال المعونات والإغاثات الإنسانية أو مُحاسبة مرتكبي الفظائع؟

هاني عباس: يجب أن تعتمد بداية أي مباحثات على مناقشة وبَحث مرحلة ما بعد رحيل نظام الأسد، وتكوين حكومة مجتمع مدني ليبرالي تتوفر على صلاحيات ودعم دولي على الأرض وتكون قادرة على بناء اللبنة الأولى لسوريا حرة تعددية ديمقراطية ليبرالية، ووقف دعم جميع المجموعات التي دخَلَت إلى سوريا من غير السوريين.

شادي: قبل كل شيء يجب أن تتحقق العدالة، لأنها لَن تضمن حل المشكلة الإنسانية بأسرع وقتٍ فَحَسب، ولكن وحدة سوريا أيضاً عندما يُصبح جميع مواطنيها متساويين بغض النظر عن دياناتهم وقومياتهم، كما أنَّها ستضمن رحيل بشار الأسد، الذي يمثل مفتاح جميع القضايا الأخرى. ما يجب إيقافه اليوم هو المجرم الذي يرتكب يومياً اكثر من 250 جريمة حرب مختلفة ضد الإنسانية.

د. توفيق الشماع: أرى أن الأولويات هي بوقف القصف وإيصال المعونات الإنسانية. وعلى المجتمع الدولي ان يعطي عملية إنقاذ المدنيين الأولوية في هذا المؤتمر. إذا كانت الكارثة السورية حتى الآن هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، فإننا بمواجهة أن تتحول إلى الأكبر في التاريخ، وسيكون عاراً على جبين الإنسانية أن يموت نصف مليون شخص جوعاً في القرن الواحد والعشرين بسبب عدم توافق الأجندات السياسية بين الفرقاء. قد يكون رحيل الأسد أولوية للعاملين بالسياسة، لكن المشكلة في سوريا اليوم لم تعُد مُشكلة شخص، والقرار اليوم بيد الروس والإيرانيين والأمريكان وكل من له مصلحة في المنطقة وليس الأسد. لذا لا أعتقد أن رحيل الأسد أو بقائه هو القضية الرئيسية.

زياد عقّاد: عندما إندلعت الثورة السورية، طالب القائمون بها من طلاب ومثقفين وغيرهم بالحرية والكرامة، الأمر الذي رد عليه النظام بوحشية. لذا فإن اولويتنا هي التخلص من هذا النظام الذي دمر البلد وهجَّر الشعب. هناك اليوم – وفقاً لتقارير الأمم المتحدة – نحو 7 ملايين نازح داخل سوريا، وما لا يقل عن مليوني ونصف بناء مهدم من مدارس ومساجد ومستشفيات وبيوت. إن التفاوض مع نظام كهذا لا يليق، لأننا بتفاوضنا معه إنما نعترف به، وبدلاً عن التفاوض مع النظام، يجب إقتلاعه ومحاكمته. ونحن نرجو من مفاوضي النظام أن لا ينسوا التضحية الهائلة والثمن الباهض الذي قدمه الشعب السوري.

ما الذي ينتظره السوريون من سويسرا

عند سؤاله عن مقترحاته وتصوراته الشخصية لدور سويسرا، عبّر هاني عباس عن أمله بأن يكون هناك دور للكنفدرالية وجميع الدول التي تتوفر على سلطات فاعلة ولها القدرة على ممارسة ضغوطها لإن تقول للمجتمع الدولي “كفى! لا يمكن ان نكون في القرن الواحد والعشرين وأن نتفرج على شعب يُباد بالكامل” .

من جهته، يرى شادي أن دعم سويسرا لسلام غير عادل هو مشكلة حقيقية، في إشارة إلى تحضير بعض المنظمات السويسرية التي تمولها الحكومة الفدرالية والتي تعمل تحت مُسميات المنظمات غير الحكومية لِلِقاءات المجتمع المدني، كما يحدث منذ نحو عامين مع دي ميستورا وبِدَعم من الخارجية السويسرية. كما يتمنى الحقوقي السوري قيام سويسرا بتدريب بعض الطلاب المُختصين ضمن برامج تعليمية خاصة بسوريا، أو تأهيل بعض اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها ليكونوا قادرين على بناء دولة في سوريا وُفق الخِبرة المُكتسبة من النظام الإدراي والقانوني والمالي والإقتصادي السويسري في يوم ما.

الدكتور توفيق الشماع يعتقد أن بوسع سويسرا لَعِب دور أكثر فاعلية وأقل خجلاُ مما تقوم به اليوم بإجرائها مفاوضات خلف الكواليس، أو سعيها لوضع الفُرقاء أمام بعضهم البعض في محادثات موازية غير مُعلَن عنها، والتي لن تؤدي إلى النتائج المرجوة، بسبب عدم وضع سويسرا أصحاب المصلحة الحقيقية على الأرض في مواجهة مباشرة مع المُتسببين بالمعاناة في هذه المفاوضات. وهو يرى أن بوسعها أن تتدخل بطريقة أكثر مُباشرة لمواجهة هذا الوضع، نظراً لما تتمتع به من دور تاريخي في التفاوض لحل مشاكل من هذا النوع، كما حدث مع أيران ولبنان وغيرها.

بدوره، يتمنى زياد عقّاد وقوف سويسرا إلى جانب الشعب السوري المظلوم وفَضح جرائم النظام الحاكم وحلفائه، وان لا تفتح أبوابها للمجرمين والقتلة، وأن تراقب تسللهم للبلد سواء كأفراد أو من خلال إيداعهم للأموال في مصارفها.

وبوصفه أحد ضحايا الممارسات الدكتاتورية في بلده، يود خلدون لو تمارس سويسرا دوراً يتناسب ما يحمله لها الشعب السوري في ذاكرته، من خلال جَمعها لكافة الفرقاء السوريين بلا تمييز، وتبني الوقوف إلى جانب المُضطهدين بِغَض النَظر عن جهتهم، ومُحاسبة المسؤولين عن إرتكاب جرائم الحرب سواء من المُعارضة أو النظام الحاكم.

خلدون: يبدأ ترتيب الأولويات بوقف القتال وإيصال المساعدات الطبية والغذائية فوراً، وهذه يجب أن لا تكون مادة على طاولة المفاوضات السياسية لكي لا تتحول سوريا إلى ‘هولوكوست’ القرن الواحد والعشرين. الحفاظ على وحدة البلد من الأولويات بالتأكيد، ولكن بعد وضع ميثاق وطني جديد يتم الإتفاق عليه، يراعي شروط الخصوصية الثقافية والعرقية ضمن إطار سوريا الجديدة. أما رحيل الأسد، فلا أود إختزال القضية الوطنية السورية في شخص واحد، لأن القضية أكبر بكثير، وهي تتعلق بعقلية ومنهج في ممارسة الحكم والتسلط، ومن المهم ان يكون التركيز على ذلك.

swissinfo.ch: لا يخفى أن هناك العديد من الدول الأطراف الفاعلة المتداخلة في هذه المحادثات (مثل روسيا، إيران، تركيا، العراق، المملكة العربية السعودية، دولة الإمارت العربية المتحدة، قطر)، ماهو تقييمكم لدور هذه الدول؟

هاني عباس: للأسف تم إحتواء معظم الأطراف السورية من قوى خارجية سواء النظام المحكوم اليوم من قبل روسيا وإيران، أو قوى المعارضة التي تم إحتواء جزء كبير منها من قِبَل دول أخرى. نحن نطمح باستقلالية القرار السوري المُعارض وعَدَم خضوعه لإي ضغوط خارجية، والتمسك بمطالب الشعب السوري المُتَمَثَلة بالحرية والكرامة والعدالة مع مُحاسبة جميع من إقترفوا الفضائع دون تمييز.

شادي: لا يمكن وضع جميع هذه الأطراف في خانة واحدة. بالطبع هناك إنقسامات وإختلاف في المصالح بين هذه الدول التي يؤيد بعضها بشار الأسد ويعارضه البعض الآخر. أيضاً، هناك إختلاف بين الدول المؤسساتية، والدول التي تمثل أشخاص. إن مشكلة بوتين مثلاً هي مشكلة شخصية لا علاقة لها ببقاء الأسد أو رحيله، ولكنها تتعلق بالطرف الأقوى الذي يستطيع كسر شوكة الآخر في المنطقة. أما إيران، فتسعى بكل ما لديها من موارد لِزعزعة إستقرار المنطقة. وفي حين كانت علاقة بشار الأسد مع تركيا جيدة في البداية، إلّا أنها غيرت موقفها لاحقاً بسبب إزدياد الجريمة وقربها من أرضيها. السعودية وقطر على الجانب الآخر لم تدعما الثورة منذ اليوم الأول، بسبب الدور السياسي والمحوري لسوريا في المنطقة الذي لا يمكن إنكاره. لكن مواقف هذه الدول تغيرت بسبب السياسة التي إنتهجتها سوريا ضدها في صناعة عدو خارجي للتغلب على عدو داخلي – وهي السياسة التي إتبعها النظام منذ اليوم الأول – لتصبح بالنتيجة صديقة للشعب السوري. لكن المشكلة أنها ‘صديق ضعيف’ لا يتمتع بوجود دولي مثل أمريكا وروسيا، يسمح له بممارسة الدور المطلوب وإن كان لها وجود إقليمي.

د. توفيق الشماع: لقد أصبحت سوريا مجالاً مفتوحاً ومتاعا مُباحاً لِحَل المشاكل الجيوسياسية لكل هذه الأطراف. نحن نقف للأسف على أعتاب ‘سايكس بيكو’ جديدة، تتعرض فيها المنطقة برمتها وليس سوريا فقط – وهذا ما سنراه في العراق واليمن وليبيا وحتى في مصر – لإعادة تخطيط الحدود وتوازن الكتل السياسية والإقتصادية. لقد تحول دم شعوبنا للأسف إلى خبزٍ للمصالح الدولية. نحن نأمل أن يعيد المجتمع الدولي إعتباراته المصلحية ويعطي الأولوية للقضايا الإنسانية، لأن من غير المقبول أن يقتسموا كعكة المصالح السياسية والإقتصادية على حساب دول وشعوب المنطقة.

زياد عقّاد: إن سوريا اليوم بلد مُستحل، ولكن الثورة لن تموت مهما تآمروا عليها. وبالفعل، تدور المحادثات حالياً بين هذه الأطراف الإقليمية. لدى روسيا اليوم في سوريا 4 مطارات عسكرية. أما إيران فموجودة في دمشق والقلمون، وقد استولت على الكثير من الأراضي السورية القريبة من لبنان بواسطة حزب الله، وهي هكذا شريك في هذه الساحة شئنا ام أبينا. وبدورها تؤوي تركيا مليوني لاجيء سوري، ولديها مشكلة مع الأكراد، وهي أيضاً شريك فعال في هذه المباحثات.

خلدون: لقد سعى النظام لتدويل القضية السورية منذ بداية الأزمة. ونتيجة ذلك، أصبح لدينا محوران إقليميان على الساحة السورية يدعمهما طرفان دوليان: محور إيران – العراق – حزب الله اللبناني، الذي دخل إلى المعادلة السورية بكل إمكانياته العسكرية والإقتصادية تسانده في ذلك روسيا التي لم تترد لحظة في دعم النظام، والمحور السعودي – التركي – القطري – الإماراتي الذي دخل الحرب السورية وُفق حسابات تمليها عليهم مصالحهم الوطنية والإقليمية، تدعمهم بذلك أمريكا بموقف متردٍد وضبابي للأسف. لكني لا أرى في هذه الصورة أي مصالح وطنية سورية على أرض الوطن، ولا أجد من يتكلم حقيقة عن المصالح الوطنية السورية. 

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية