مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نكسة قوية لليمين القومي السويسري

قد يضطر رئيس حزب الشعب توني برونير إلى إعادة النظر في تكتيكات الحزب في مجال سياسة المعارضة Keystone

تكبد حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) هزيمة حقيقية خلال الاستفتاءات الفدرالية ليوم الأحد 1 يونيو 2008 بعد أن رفض الناخبون بوضوح لا لبس فيه مبادرته الداعية إلى طرح عمليات منح الجنسية على التصويت الشعبي، والتي تحمل عنوان" من أجل عمليات تجنيس ديمقراطية".

ولم يكن أحد يتوقع حقا أن تنجح تلك المبادرة في إقناع غالبية الشعب السويسري، بحيث كشفت استطلاعات الرأي التي سبقت عملية التصويت عن عدم تأييدها. فضلا عن أن قبول مبادرة من قبل الشعب هو، على أي حال، حدث نادر إحصائيا.

تُـبيـن النسبة التي حققتها مبادرة حزب الشعب (ما يزيد قليلا عن 36%) حجم الهزيمة التي مُني بها هذا الأخير يوم أمس الأحد، إذ لم ينجح أول حزب في البلاد (حصل على 29% من الأصوات في انتخابات أكتوبر 2007) في تعبئة الناخبين خارج صفوفـه.

فضلا عن ذلك، وباستثناء شفيتس، رفضت كافة الكانتونات السويسرية تلك المبادرة، وهذه مفاجأة بالفعل، لأنه كان يمكن توقـّع حصول حزب الشعب على أغلبية الأصوات في بعض الكانتونات القروية الصغيرة في سويسرا المتحدثة بالألمانية، وهي مناطق عادة ما تساند أطروحاته.

ويتعزز الشعور بالهزيمة إذا ما قارنا نتائج يوم الأحد بالنتائج التي حققها الحزب لدى طرحه لمشاريع مماثلة. ففي الماضي، نجح حزب الشعب بسهولة وفي مناسبات عديدة في تعبئة 45% على الأقل من المواطنين لدعم قضايا مرتبطة بالهجرة أو بالهوية الوطنية.

موضوع مُــتجاوز

وإن كان حزب الشعب قد فشل هذه المرة، فليس لافتقار حملته السياسية للإمكانيات الضرورية، إذ لم يبخل كعادته بالمُلصقات المثيرة والإعلانات الإشهارية وتواجد نشطائه على الميدان. لكن مجهوداته تلك لم تؤت ثمارها.

ومن ثم يمكن التساؤل عن أسباب هذه الانتكاسة. ومن بينها بالتأكيد أن الإشكالية المطروحة – أي منح بعض البلديات لمواطنيها إمكانية التصويت على طلبات التجنس – باتت قضية مُتجاوزة بالفعل.

وينظم مثل هذه الاستفتاءات عددٌ قليل فقط من البلديات – جميعها ناطقة بالألمانية. وعلاوة على ذلك، لم تُقدِم أي منها على هذا النوع من التصويت لمنح الجنسية لأجانب منذ أن قضت المحكمة الفدرالية (أعلى سلطة قضائية في البلاد) في عام 2002 بأن تلك الممارسات تمييزية وبالتالي غير متوافقة مع الدستور. وفي ظل هذه الظروف، لم تشعر حتما الغالبية العظمى من السكان بأنها معنية جدا بالمسألة التي طُرحت على التصويت يوم الأحد 1 يونيو.

وبطبيعة الحال، ولئن لم تنتشر قط عمليات التجنس من قبل الشعب على نطاق واسع في البلاد، فإن حزب الشعب السويسري حاول جر النقاش إلى مجال أوسع ويتمثل في الحفاظ على الديمقراطية المباشرة والخوف من المجرمين الأجانب. لكن معارضيه تصدوا له بمبرر لا يقل فعالية، وهو رفض القرارات التعسفية.

وفي توضيحات لسويس انفو، نوه جورج لوتس، المحلل السياسي في جامعة لوزان، إلى إن ارتباك الناخبين خلال الحملة كان أحد الأسباب الرئيسية لفشل الاقتراع، وقال: “لقد كانت حملة شعبوية للغاية، وركزت كثيرا على المجرمين الأجانب والديمقراطية المحلية، لكن الأشياء التي كان من شأن المبادرة تغييرها لم تكن واضحة في الواقع”.

هل أصبح الحزب مثار ملل؟

وخلال استطلاع الرأي الأخير حول استفتاءات يوم 1 يونيو، أعرب معهد gfs.berne عن اعتقاده بأن افتقار مبادرة حزب الشعب للدعم الكافي ربما يعود للمواجهة القائمة منذ عدة أشهر بين الحزب ووزيرة العدل والشرطة إيفلين فيدمر -شلومبف التي يريد إقصاءها من صفوفه (بعد تعويضها لخلفها وزميلها في الحزب كريستوف بلوخر، انظر المادة المتعلقة).

وصحيح أن هذا المسلسل السياسي-الإعلامي قد وضع حزب الشعب منذ أسابيع عديدة في بؤرة الضوء. لكن لكل ميدالية وجهان، فرُبما يكون الحزب قد بدأ بالفعل يثير ضجر المواطنين بسبب انقساماته الداخلية.

والأمر المؤكد هو أنه غداة الإطاحة بوزير العدل والشرطة السابق كريستوف بلوخر من الحكومة يوم 12 ديسمبر الماضي، أعلن حزب الشعب أنه يريد الانتقال إلى سياسة المعارضة والكفاح من أجل تمرير أفكاره دون البحث عن التسوية مع الأحزاب الأخرى. لكن نسبة 36% المتواضعة جدا التي سجلتها المبادرة قد تدفع قادته إلى التفكير في صعوبات ذلك النهج الفردي.

بيد أن هذه المعطيات لا تعني أنه يمكن “دفن” حزب الشعب بسرعة، لأن جدول الأعمال السياسي مازال يتيح له الكثير من الفرص التي قد تمكنه من حشد دعم المواطنين لآرائه. وقد نذكر هنا توسيع اتفاق حرية تنقل الأشخاص بين سويسرا والاتحاد الأوروبي ليشمل رومانيا وبلغاريا.

ففي حال طرح هذه المسألة على التصويت الشعبي، قد يدفع شبح تدفق غجر رومانيا على سويسرا إلى كسب الحزب نسبة أكبر من تأييد المواطنين مقارنة مع مبادرة التجنيس عبر الاقتراع.

سويس انفو

رفض الناخبون السويسريون مبادرة حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) “من أجل عمليات تجنيس ديمقراطية” بـ1.415.189 صوتا مقابل 804.680.
ويعني ذلك بلغة النـِّسب أنها رُفضت بـ63,8% مقابل 36,2%.
باستثناء شفيتس، رفضت كافة الكانتونات السويسرية المبادرة وبلغت نسبة المشاركة في التصويت يوم الأحد 1 يونيو الجاري 44,1%.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية