مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أحداث غزة: قلق المنظمات الإنسانية وجمود العواصم

Keystone

عبرت المنظمات الإنسانية الأممية عن قلقها لتأثيرات القتال في غزة بين الفصائل الفلسطينية وبالأخص استهداف المدنيين وعدم احترام حرمة المستشفيات وسيارات الإسعاف.

وفي الوقت الذي عبرت فيه المنظمات الانسانية عن القلق، قابلت العواصم بجمود اقتراح الأمين العام بان كي مون الداعي لإرسال قوات أممية لقطاع غزة معتبرة في معظمها الاقتراح غير قابل للتطبيق.

عبرت المنظمات الإنسانية الأممية صباح الجمعة 15 يونيو في جنيف عن القلق من تأثيرات ما يعرفه قطاع غزة من اقتتال بين الفصائل الفلسطينية، معززة تواجدها في حدود ما تسمح به الأوضاع الأمنية.

حرمة المستشفيات وسيارات الإسعاف

منظمة الصحة العالمية وعلى لسان الناطقة باسمها فضيلة الشايب أدانت الهجمات التي تمت ضد أربعة مستشفيات على الأقل حيث سمع إطلاق نار ، وكذلك استهداف سيارات إسعاف.

وطالبت الناطقة باسم منظمة الصحة العالمية” باحترام حياد عمال الإغاثة خصوصا وأن عددا من سكان القطاع يحتاجون الى علاج لأمراض مزمنة”.

وأشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من جهتها الى أن المستشفيات في قطاع غزة “تعمل فوق طاقتها وأن عمال الإغاثة يعملون بدون انقطاع نظرا لتعذر وصول من يستخلفوهم بسبب عمليات الاقتتال”.

وأشار الصليب الأحمر الى أن اشتباكات مكثفة تمت في 14 يونيو في ضواحي مستشفى القدس بغزة، كما أن مستشفيات خان يونس ورفح عرفت مواجهات مماثلة وان مقاتلين تمركزوا داخل المستشفى الأوربي ومستشفى ناصر.

وتقول اللجنة الدولية لصليب الأحمر التي تساعد الهلال الأحمر الفلسطيني في نقل الجرحى وإخلاء المدنيين المحاصرين في أماكن الاقتتال” أن كل الأطراف تعترف بالدور الإنساني للجنة الدولية وبالأخص دورها في إخلاء الجرحى”. ولكن اللجنة الدولية وجهت نداءات مباشرة وغير مباشرة عبر وسائل الإعلام المحلية تدعو فيها الأطراف المختلفة ” للإحجام عن ارتكاب أعمال عنف ضد المنشئات الصحية او ضد المرضى او ضد عمال الإغاثة”. كما ذكرت ” بضرورة السماح لسيارات الإسعاف بالوصول الى الضحايا ونقلهم الى المستشفيات ، وأن المراكز الطبية يجب ألا تستخدم لأغراض عدائية”.

اسمحوا لنا بتقديم المساعدة الإنسانية

برنامج الغذاء العالمي عبر عن “القلق من تدهور الأوضاع الأمر الذي سيكون له تأثير سلبي على الفئات الأكثر ضعفا مثل النساء والأطفال والمرضى والمسنيين”. وقالت الناطقة باسم البرنامج كريستيان بيرتيوم “إننا نطالب الأطراف المشاركة في الصراع بالسماح بترك الممرات الإنسانية مفتوحة لتقديم الإغاثة للفئات المتضررة”.

وقالت الناطقة باسم برنامج الغذاء العالمي “أنه نظرا لتعذر التنقل في قطاع غزة تم السماح لعمال الإغاثة بالعمل انطلاقا من منازلهم”. وكان برنامج الغذاء العالمي قد اعد مخزونا من المواد الغذائية في المنطقة يقدر بحوالي 4500 طن”. أما عما هو موجود في الأسواق من خضر ومواد غذائية فتقول “إنها متوفرة في الوقت الحالي ولكن ليس لأكثر من أسبوع”.

وكان برنامج الغذاء العالمي قد استطاع إكمال توزيع المئونة الغذائية التي يقدمها لحوالي 375 الف متضرر في قطاع غزة والتي تكفي لسد الحاجيات الأساسية لمدة حوالي شهر.

ومن الاحتياجات المستعجلة في الوقت الحالي ترى كريتسيان بيرتيوم “أنها تتمثل أساسا في الأدوية والماء والكهرباء”.

ضحايا من الأطفال أيضا

صندوق الأمم المتحدة للطفولة أورد على لسان الناطقة باسمه فيرونيك طافو أن “من بين الضحايا الذين سقطوا خلال الأيام الأخيرة 12 طفلا من ضمنهم اربعة ما دون سن الثامنة عشرة”. وقالت الناطقة باسم اليونيسيف “إن الأربعة أصيبوا في قصف دبابة إسرائيلية مرابطة في رفح على الحدود المصرية وهو ما كذبته السلطات الإسرائيلية”.

وأشارت الناطقة باسم اليونيسيف الى الاضطرابات التي رافقت اجتياز امتحان التوجيهي الذي يشمل أكثر من 22 الف طالب في قطاع غزة. فقد سقط “اثنان من الطلاب تحت رصاص المتقاتلين كما تم غلق تسعة مراكز امتحان في غزة وثلاثة في خان يونس مما حرم 200 طالب من اجتياز هذا الاختبار”.

فشل جميع الأطراف

في الوقت الذي تبدي فيه المنظمات الإنسانية قلقا بخصوص تدهور الأوضاع الأمنية والانسانية في قطاع غزة، تتكاثر التصريحات المشككة في جدية الدعوة الوحيدة لتدخل دولي لوقف القتال في قطاع غزة والآتية من الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون .

فقد وصف دبلوماسي بريطاني ما صرح به بان كي مون بانه “ما هو إلا ذر رماد في العيون”. وحتى من يعتبرون أن ما صرح به الأمين العام هو بمثابة اقتراح نابع من نوايا حسنة فإنهم يقيمون بانه “غير قابل للتطبيق في ظل الظروف السائدة وبحكم تجربة التدخلات الدولية في منطقة الشرق الأوسط”. وهو الموقف الذي عبر عنه وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير بقوله “إنه احتمال من غير الممكن تصوره”.

وقد حذرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني الدول التي قد ترسل قوات للمنطقة “بأن عليها أن تتوقع أن تكون قوات قادرة على محاربة حماس وليس فقط لجرد عمليات التهريب التي تتم بين رفح ومصر”، على حد تعبيرها.

أما المستشار ألأممي الخاص لقضايا السلام ونائب الأمين العام الأسبق للقضايا الإنسانية يان إيغلاند، فقد لخص موقف الأطراف المختلفة من تفاقم الأوضاع في أراضي السلطة الفلسطينية بقوله “إن ما يحصل هو نتيجة لفشل السياسة الفلسطينية والسياسة الإسرائيلية وفشل السياسة الدولية”.

ولا شك أن هذه الاعترافات تاتي متأخرة نوعا ما على غرار ما لخصته ممثلة السلطة الفلسطينية في باريس هند خوري بقولها “لقد صرخنا مستنجدين ولكن أحدا لم يسمعنا”.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

تبلغ مساحة قطاع غزة 362 كلم مربّـع، ويبلغ عدد سكانه 1،5 مليون فلسطيني، وتسجل فيه أعلى معدل كثافة سكانية في العالم.
يقع جنوب غرب إسرائيل على حدود مصر، وهي منطقة ساحلية بطول 45 كلم وبعرض يتراوح ما بين 6 و10 كلم، ولا يتوفر على موارد طبيعية، كما يعاني من نقص مزمن في الماء ومن غياب شبه كامل لمؤسسات صناعية.
على مدى عشرات السنين، أقام في قطاع غزة 8000 مستوطن إسرائيلي في 21 مستوطنة، تحت حماية الجيش الإسرائيلي، قبل انسحاب أحادي الجانب في صيف 2005.
يعتبر قطاع غزة القاعدة الأساسية لحركة حماس.
900 ألف من سكان قطاع غزة هم لاجئون أو أبناء لاجئين، استقروا في المنطقة بعد فرارهم أو طردهم من بيوتهم من طرف القوات الإسرائيلية في عام 1948.
طبقا للأرقام الرسمية الفلسطينية، فإن أكثر من نصف سكان قطاع غزة يعيشون تحت خط الفقر، كما ما لا يقل عن 45% من السكان النشطين، يعانون من البطالة.
بعد انسحابها، احتفظت إسرائيل بسيطرتها على المجال الجوي وعلى المياه الجوفية للقطاع وعلى حركة تنقل البضائع، كما تُـشرف على حركة السكان الوافدين والمغادرين للقطاع.

صحيفة لوتون (تصدر في جنيف) رأت في الهجوم الظافر لحماس في غزة “محطة هامة في ثورة كبرى يتسم بها زمننا الحالي وتتمثل في ما تشهده المنطقة العربية الإسلامية من تراجع القومية السلطوية والعلمانية المتآكلة جراء العديد من أشكال التورط بوجه قوى راديكالية كان محكوما عليها بالسرية في السابق”.

وعلى غرار صحيفة لوكيتيديان جوراسيان (تصدر في دوليمون) التي اعتبرت أن غياب تسوية للقضية الفلسطينية بعد مرور 40 عاما على حرب حزيران هي “السبب الرئيسي وراء التهاب الوضع مجددا في الأراضي الفلسطينية ولبنان”، أكدت لوتون أن الخيط الرفيع الذي يربط بين كل المخاضات التي تمر بها المنطقة يتمثل في “فلسطين والظلم الأساسي الذي تكابده”.

وذكرت الصحيفة بأن وضع حد لهذه المظلمة كان “الهدف المعلن للقومية العربية التي أنهكت ثم تخلت عنه والتقطته اليوم التيارات الزاحفة الجديدة التي أضافت إليه بُعد الوعد الإلاهي الذي سيتحقق في كل الأحوال”

صحيفة لا تريبون دو جنيف (تصدر في جنيف) حاولت التعمق في أسباب ما يحدث في غزة وذكرت بأن الجناح الراديكالي لحركة حماس الذي كان معارضا لقرار المشاركة في العملية الديمقراطية كبح جماح عناصره منذ الفوز الإنتخابي الذي تحقق في يناير 2006 كما أشارت إلى أن الجناح المعتدل في حماس كان يؤمل في ممارسة السلطة بطريقة أمينة لكن المجموعة الدولية أقامت العراقيل بوجهه رافضة أن تتعامل مع مجموعة موصوفة بالإرهابية، وهو ما مثل “خطأ قاتلا وموقفا مدانا”، حسب رأي ألفارو دي سوتو، المبعوث الأممي السابق إلى الشرق الأوسط في تقريره النهائي حول مهمته.

وفي حديث أدلى به إلى صحيفة 24 ساعة (تصدر في لوزان) قال المحلل السياسي باراه ميكائيل الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية إن رسالة حماس – التي تريد حسم الموقف نهائيا مع فتح – إلى إسرائيل وإلى المجموعة الدولية هو التالي: “لقد قمنا بما يكفي من التنازلات ولدينا صلاحيات سياسية” وأضاف بأن الأسلوب المستعمل لا يُحتمل وهو مُدان أيضا لكن حماس توجد في وضع لا يُحتمل بسبب الضغوط التي تتعرض لها والصراعات الداخلية القائمة داخلها. فلم يكن بإمكانها الصمود لستة أشهر إضافية.

واعتبر باراه ميكائيل أن “المسؤولية عن الفوضى الحالية تقع أيضا على عاتق المجموعة الدولية التي أدى حرمانها للفلسطينيين من معوناتها ولـ 500 ألف موظف من مرتباتهم إلى تعميق راديكالية المجتمع وتأجيج الخلافات السياسية”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية