مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الرئيس السويسري: “عام 2014 بدأ بشكل مُضطرب”

ديديي بوركهالتر، رئيس الكنفدرالية ووزير الخارجية يتحدث أثناء الندوة الصحفية التي عقدها في نادي الصحافة السويسري بجنيف بعد ظهر 3 مارس 2014. Keystone

في لقاء مع ممثلي الصحافة الدولية، أقر رئيس الكنفدرالية بأن عام 2014 "بدأ بشكل مضطرب، وخلق تحديات كبرى بالنسبة للأولويات الإستراتيجية للدبلوماسية السويسرية في مجالات الأمن والتعاون" في إشارة إلى الأزمة الأوكرانية. في الأثناء، كان اقتراح الرئاسة السويسرية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بتشكيل "فريق اتصال" خاص بأوكرانيا محور اللقاءات الثنائية التي أجراها بوركهالتر في جنيف وبالأخص مع الجانب الروسي.

في لقائه السنوي مع الصحافة الدولية في جنيف، استعرض الرئيس السويسري ووزير الخارجية ديديي بوركهالتر  أولويات الدبلوماسية السويسرية خلال العام الجديد سواء في مجال العلاقات الثنائية أو من خلال ترؤسها لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

ومع أن اهتمام بوركهالتر تركز على الأزمة الأوكرانية ومحاولات الوساطة التي تقوم بها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وعلى الأزمة الناشئة مع الإتحاد الأوروبي بعد تصويت 9 فبراير 2014 بخصوص الهجرة المكثفة، إلا أنه لم يتجاهل أزمات أخرى مثل سوريا، حيث شدد في خطاب ألقاه صبيحة الإثنين في مفتتح الدورة الخامسة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان بأن سويسرا “تُطالب بتمديد فترة قيام لجنة التحقيق المستقلة بمهامها”، وحرص على التذكير بـمبادرة بلاده الداعية إلى “تحويل ملف الإنتهاكات في الأزمة السورية إلى المحكمة الجنائية الدولية”.

الرئيس السويسري تطرق أيضا إلى الأزمة القائمة منذ أشهر في افريقيا الوسطى وقال إن سويسرا “تطالب بتعيين لجنة تحقيق” في الإنتهاكات التي ارتكبت هناك. وعن التقرير الذي أصدرته الأمم المتحدة بخصوص جمهورية كوريا الشمالية والذي تحدث عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في حق الشعب الكوري الشمالي، قال رئيس الكنفدرالية: “يجب أن تُواصل المجموعة الدولية تطبيق توصيات التقرير الأممي، وتحويل الملف عند الضرورة إلى المحكمة الجنائية الدولية”.

في حديثه مع الصحافة الدولية أسهب رئيس الكنفدرالية في شرح حقيقة القرار الذي اتخذه الشعب السويسري في تصويت 9 فبراير 2014 المتعلق بـ “الحد من الهجرة المكثفة”، كما تطرق إلى الكيفية التي ستعالج بها الحكومة الأزمة الناجمة عن هذا التصويت وخاصة فيما يرتبط بتطبيق الإتفاقية المتعلقة بحرية تنقل الأشخاص بين الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي وسويسرا.

الرئيس بوركالتهر أوضح أن تأثيرات هذا التصويت “أدت الى تعبئة طاقة الدبلوماسية السويسرية من أجل شرح الموقف السويسري وشرح إرادة الشعب السويسري المعبّر عنها من خلال هذا التصويت بخصوص ما يرغب في تدوينه في دستوره”. وإذا كان هذا أمرا بديهيا في داخل سويسرا ويُمكن فهمه بسهولة، فإنه “ليس بالأمر الذي يسهُل فهمه في الخارج”، حسب قوله.

من الخطوات العملية التي ستتخذها الحكومة الفدرالية من أجل تطبيق قرار الشعب “قيام وزارة العدل والشرطة بإعداد مشروع قرار من الآن وحتى الصيف القادم بخصوص سياسة الهجرة، وتقديم مشروع القانون للمشاورات في نهاية العام لتحضير النصوص الدستورية والإنتهاء منه مع بداية عام 2017″، كما قال السيد بوركهالتر.

بموازاة ذلك، أشار الرئيس السويسري إلى أن “الحكومة قررت القيام باتصالات مع دول الإتحاد الأوروبي ومع المفوضية الأوروبية لمعرفة إلى أي حد يمكن تكييف اتفاق حرية تنقل الأشخاص. وبما أنه اتفاق ثنائي فإن ذلك يتطلب الموافقة عليه من قبل المفوضية وجميع الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي وموافقة سويسرا. وهو ما ليس بالأمر السهل”، حسب تعبير بوركهالتر.

وبخصوص توسيع اتفاقية حرية تنقل الأشخاص لتشمل كرواتيا أيضا بوصفها آخر الأعضاء الملتحقين بالإتحاد، وهو مسار طرأ عليه بعض الإضطراب منذ تصويت 9 فبراير 2014، أوضح الرئيس السويسري أن برن “تنظر في حلول غير تمييزية، ولا ترغب في التسرع في هذا المجال”، كما شدد على أنه يُولي (ومعه الحكومة الفدرالي) أهمية كبرى لكيفية تحديد معالم سياسة الهجرة التي ستنكبّ وزارة العدل والشرطة على إعدادها حتى الصيف القادم، مُؤمّلا أن يجد شركاء سويسرا فيها “ما يلبّي متطلباتهم” في مجال الهجرة.

أزمة أوكرانيا غيّرت الأولويات

من ضمن التحديات التي تُواجه السياسة الخارجية للكنفدرالية في “الغد القريب”، كما قال بوركهالتر الذي يشغل في نفس الوقت منصب وزير الخارجية هناك “الرئاسة السويسرية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والأزمة الأوكرانية”.

السيد ديديي بوركهالتر اعترف أنه “بالرغم من التحضير الجيد لكافة الملفات من أجل تولي سويسرا لهذه الرئاسة، فوجئنا بالأزمة الأوكرانية، وقد عمل ذلك على إعادة النظر في الأولويات”. ونظرا لطبيعة عمل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا القائم على أساس الإجماع بين كل أعضائها، وبحكم أهميتها كجسر بين الشرق والغرب، أوضح رئيس الكنفدرالية أنه من الصعب بالنسبة لها إحراز تقدم سريع لأن ذلك يتطلب موافقة جميع الأعضاء وعددهم سبعة وخمسون (57)، لذلك يتمثل دورها في “الشرح ومحاولة الإقناع”، ما يعني صعوبة تمرير الإقتراحات وتحويلها إلى قرارات، ولهذا السبب “تحولنا الآن إلى فكرة اقتراح لجنة اتصال خاصة بأوكرانيا، ولجنة لمتابعة الأوضاع في مختلف أنحاء البلاد”، على حد قوله.

بخصوص لجنة الإتصال المقترحة، أفاد السيد بوركهالتر بأن “مهمتها الأساسية ستتمثل في دعم أوكرانيا خلال الفترة الانتقالية، وستكون بمثابة أرضية لتبادل المعلومات حول الدعم الدولي المقدم وحول المشاريع المنفذة في أوكرانيا”، وأضاف “نفضل الحفاظ على شكل من أشكال الحوار بدل تباعد أكثر في المواقف بين الأطراف الرئيسية في هذه الأزمة”.

مع ذلك، لا زالت هذه الخطوة العملية في مرحلة تفاوض مع الأطراف المعنية، حيث كانت محور اللقاء الذي جمع بوركهاتر بنظيره الروسي سيرغاي لافوروف على هامش افتتاح الدورة الخامسة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف. ومع أنه لم ترشح تفاصيل عن هذا الإجتماع إلا أن رئيس الكنفدرالية أوضح بأن “الصعوبات لم يتم تذليلها كلية، وأن مشاورات إضافية مازالت مُبرمجة في جنيف”.

في سياق متصل، قال بوركهالتر، الرئيس الحالي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا متحدثا عن لجنة متابعة التطورات في أوكرانيا: “إننا نرغب في إرسال بعثة مكونة من حوالي 100 شخص لمتابعة التطورات في كامل التراب الأوكراني من منظور عسكري ومن منظور حقوق الإنسان واحترام الأقليات”. وفي مرحلة قادمة، تعتزم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الإشراف على تنظيم الإنتخابات، والمساعدة على تحديد ما حصل في الأزمة الأوكرانية.

عقدةٌ اسمها “شبه جزيرة القرم”

لدى حديثه عن سياسة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بخصوص حل الأزمة الأوكرانية، شدد الرئيس السويسري على ضرورة أن يكون ذلك “في إطار الوحدة الترابية” للبلاد. وفي رد على سؤال طرحته swissinfo.ch بخصوص الوحدة الترابية المقصودة في ظل التضارب القائم بين الأطراف المتصارعة في أوكرانيا وخاصة فيما يتعلق بشبه جزيرة القرم، أجاب الرئيس السويسري: “إن تحديد مصير شبه جزيرة القرم أمر بين أيدي سكانها، ولكن في الوقت الحالي وفي إطار حدود الدولة القائمة حاليا في أوكرانيا، يجب الشروع في مرحلة انتقالية تسمح بضم كل التيارات. قد يكون ذلك أمرا صعبا في الوقت الحالي الذي يُنظر فيه، من قبل قسم من شعب أوكرانيا ومن قبل روسيا  للحكومة الإنتقالية على أنها لا تمثل وحدة وطنية فعلية. ولكن الهدف هو الوصول إلى مسار انتخابي يضمن لأوكرانيا تحديد مصيرها بنفسها في إطار حدودها الوطنية وبضم جميع التيارات فيها. وقد نكون مازلنا بعيدين كل البعد عن ذلك في الوقت الحالي، لذلك يجب أن نواصل جهودنا في إطار فريق الإتصال لإيجاد تقارب أكثر بدل التشتت”.

وفي إجابة على سؤال آخر حول قيام سويسرا بتجميد أرصدة الرئيس الأوكراني السابق وعائلته وعما إذا كان سُينظر لتلك الخطوة على أنه تصرف عدائي يُفقدها حيادها في هذه الأزمة، رد الرئيس بوركهالتر: “إن تلك الخطوة خطوة قامت بها الدولة السويسرية وليست منظمة الأمن والتعاون في أوروبا”، مستدركا بأن “عدم احترام الحياد قد نُنتقد به لو لم نقم بتلك الخطوة”.        

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية