مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إقبال متزايد على خدمات التعاونيات الزراعية المحلية بسويسرا

يلتزم كل متعاقد مع التعاونيات الزراعية بالتطوع بنصف يوم للعمل في المزارع أو لملء سلات التسوّق swissinfo

تلجأ العائلات السويسرية في المناطق المتحدثة بالفرنسية من الكنفدرالية أكثر فأكثر إلى التعاقد مع التعاونيات الزراعية المحلية للتزوّد بالمواد الغذائية العضوية النضرة من غلال وخضروات. وتتكفل التعاونيات بتوزيع هذه المواد مباشرة على البيوت.

وتعد منطقة جنيف، حيث توجد تعاونية كوكانيا الزراعية التي احتفلت السبت 23 أغسطس 2008 بالذكرى الثلاثين لانطلاقتها، من المناطق الرائدة في هذا المجال.

وتمثل هذه التعاونية التي أنشأها المستهلكون المحليون بمنطقة جنيف سنة 1978 مفخرة بالنسبة للأربع مائة عائلة (1000 شخص) هم مجموع المشاركين. ويحصل هؤلاء دوريا، مرة كل أسبوع أو كل شهر، على خضروات وغلال تم إنتاجها في حقول زراعية بالجنوب الشرقي للمدينة.

ويعتقد كلود مودري، أحد الأفراد الخمسة القائمين على حقول كوكانيا، أن السمعة الطيبة التي تتمتع بها هذه التجربة هي التي تفسر الإقبال الذي تجده من المستهلكين، ولا زال مائة شخص ينتظرون دورهم للتعاقد مع هذه التعاونية.

ويقول كلود مودري في تصريح إلى سويس إنفو: “هذه التجربة تلقى إقبالا شديدا إلى حد الآن. وتضاعف عدد المشاركين بمعدل عشرة أشخاص كل سنة، لكن الأمر أصبح الآن ملفتا للنظر، فكل يوم تصلنا طلبات جديدة”.

يُعتقد أن أول ظهور للتعاونيات الزراعية التعاقدية المحلية، كان في اليابان، خلال الستينات، ثم حازت لاحقا على شعبية كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي فرنسا وفي بعض البلدان النامية. وعلى الرغم من أن التجربة مرّ عليها في سويسرا ثلاثون سنة، إلا أنها لم تلفت الأنظار إلا مع بداية الألفية الجديدة.

الأسباب التي تجعل المستهلكين يفضلون هذه التعاونيات على المراكز التجارية عديدة ومتنوعة. فالكثيرون يريدون إطّلاعا أفضل على مكونات الغذاء الذي يستهلكون: من أي مصدر هو؟ وكيف يتم إنتاجه؟. ومن الأسباب أيضا، تعاظم الاهتمام بالسلامة الغذائية و الرغبة في دعم الزراعات المحلية.

الغذاء المحلي

يرى جيروم شابلي ، طالب دكتوراه في الجيولوجيا بجامعة جنيف، انضم إلى التعاونية الزراعية المحلية بمنطقته منذ ثلاث سنوات أنه “من المهم جدا التعود على استهلاك الخضروات الموسمية المحلية”.

ويضيف جيروم: “أعتقد أن المستهلكين أصبحوا الآن أكثر وعيا واهتماما بالسلامة الغذائية، وأنهم قد سئموا تناول خضروات قديمة. فلو قارنا تكلفة إشتراء المواد العضوية من محلات ميغرو (سلسلة محال تجارية كبرى بسويسرا)، أو من محلات كووب، وتكلفة الخضروات التي تنتجها التعاونيات، لوجدنا أن الأولى أغلى ثمنا، وأقل جودة. المتعاقدون مع التعاونيات مستفيدون بكل تأكيد”.

وتتفق ستيفاني يوستريش، وهي عضوة بالتعاونية كوكانيا، على أن الاهتمام بهذه الظاهرة، يزداد، وقاعدة المشاركين تتسع على المستوى المحلي.

وتقول: “لدينا الكثير من الأصدقاء الذين يحصلون على الخضروات من تعاونية كوكانيا أو غيرها من التعاونيات، ومع الوقت يزداد اهتمام الناس بها أكثر فأكثر. ونشأت الكثير من الجمعيات المشابهة في فترة زمنية قصيرة”.

ويقول شانتال، عضو بتعاونية فلون الزراعية، والتي فتحت أبوابها بلوزان سنة 2007: “أريد أن أستهلك خضروات وغلال نبتت ونمت بجوار محل إقامتي. إنه من الحماقة، نقل المنتجات الزراعية من منطقة إلى أخرى داخل سويسرا أو على المستوى الأوروبي”.

لكل تجربة سلبياتها

هذه المشروعات مع ذلك لا تخلو من سلبيات، ومن ذلك طريقة التسديد، والتي ترافقها ضريبة سنوية مسبقة الدفع، وعدم الانتظام نسبيا في أوقات التوزيع، والمفاجآت غير السارة كأن تحصل على نبات الشّمر، في الوقت الذي تكون محتاجا فيه للكوسة.

وعن هذه الظاهرة، تقول نيكولاس بيرتولد، الناطقة الرسمية بإسم الإتحاد السويسري لمنتجي الخضروات: “رغم محدودية هذه التجربة، فإنها تساعد على تعزيز الوعي، وتشجع المستهلكين على استهلاك المنتجات السويسرية، لكن الإقدام على تلك الخطوة يتطلب من الشخص امتلاك حوافز كافية، نظرا لما في العقد من التزامات ومتطلبات”.

لكن عدم المعرفة مسبقا بالمواد التي توزعها التعاونية تدفع الشخص للاشتراك لاكتشاف المزيد من المنتجات غير المعهودة، كخرشوف القدس، أو الإيجاس الياباني. وتضيف نيكولاس: “رغم أني ّلست من هواة الجزر الأبيض واللفت، لكنها توفر لنا فرصة لتنويع النظام الغذائي شيئا ما”.

ويمكن أن يدعى الأعضاء المشتركون في تعاونية كوكانيا ، مرة في السنة للعمل نصف يوم في الحقول الزراعية، ويتنوع العمل بين زراعة وتحريك للأرض، او ملء الأكياس التي توزع لاحقا على المشتركين.

وبالنسبة لمودري هذا التواصل الاجتماعي هو أيضا مهم جدا. ويسترسل في القول: “نحن جزء من بنية صغيرة، نلتقي فيها بأناس نشترك معهم في نفس الأهداف: نريد أن نستهلك منتجات ذات جودة عالية، وخدمة الأرض، والحصول على أجور عادلة، والكثيرون متشبثون بذلك، وأجد هذا الأمر مهما جدا”.

مناطق سويسرا المتحدثة بالألمانية

في المناطق السويسرية الناطقة بالفرنسية، يبلغ عدد العائلات التي تحصل بانتظام على احتياجاتها من الغلال والخضروات من إحدى التعاونيات العشرين الموجودة بالمنطقة 3.400 عائلة. وتوجد سبع من هذه التعاونيات في كانتون جنيف، وخمس في كانتون فو. لكن ما يثير الاستغراب حقا، هو عدم اهتمام سكان المناطق السويسرية الناطقة بالألمانية بهذا النوع من التعاونيات.

وحتى الآن، لا يوجد سوى مشروع واحد في بازل، تم الإعلان عنه سنة 1980. وطبقا للمعلومات الواردة من المكتب الفدرالي للفلاحة تفتح العديد من المزارع سجلات لتسجيل الراغبين في التزود بالغلال والخضروات، دون أن يتخذ ذلك شكل التعاقد الملزم بين منتج ومستهلك.

ويبدو أن السويسريين من أصول ألمانية يفضلون تغليب التقاليد المحلية، لا إتباع المبادئ العامة، حتى لو كان مبدأ الاستقلالية الغذائية، كما يؤكد جيرهارد هازينغر من جمعية “من أجل سلة تحترم معايير البيئة”، الناشطة بمنطقة برينجي بكانتون فريبورغ.

يعتقد على نطاق واسع ان التعاونيات الزراعية التعاقدية المحلية ظهرت اول مرة في اليابان في منتصف الستينات، ثم انتقلت الظاهرة إلى الولايات المتحدة، وإلى فرنسا وبعض الدول النامية. ورغم أن سويسرا عرفت هذه التجربة منذ ثلاثين سنة، إلا أنها لم تعرف إقبالا ملحوظا إلا مع بداية الالفية الجديدة.

في المناطق السويسرية الناطقة بالفرنسية، يبلغ عدد العائلات التي تحصل بانتظام على احتياجاتها من الغلال والخضروات من إحدى التعاونيات العشرين الموجودة بالمنطقة 3.400 عائلة. وتوجد سبع من هذه التعاونيات في كانتون جنيف، وخمس في كانتون فو. لكن ما يثير الاستغراب حقا، هو عدم اهتمام سكان المناطق السويسرية الناطقة بالألمانية بهذا النوع من التعاونيات.إذ لا يوجد سوى مشروع واحد في بازل.

ويبرم المستهلك عقدا محدد البنود مع مزارع أو فريق من المزارعين، وبمقتضى ذلك العقد يتم تزويد المستهلك باحتياجاته من الخضروات والغلال. ويلتزم المزارع بانتاج تلك الخضروات بحسب المواصفات التي يطلبها المستهلك، في المقابل يلتزم المستهلك بدفع ضمانات مالية كل شهر.

وفي مثل هذه الصيغة من العقود، يتم تحديد النوعية والجودة والكمية والأسعار مسبقا. وطبقا لطبيعة المؤسسة، يحصل المتعاقدون على سلة تشتمل على خليط من الغلال والخضروات، والذرى، والحليب ومشتقاته، واللحم، وقد تشتمل ايضا على الخمر وزيت الزيتون.

ترجمه من الانجليزية وعالجه: محمد شريف 

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية