مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إيران وأمريكا: إتفاق على التصعيد ؟

وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي يجيب على أسئلة الصحافيين في طهران يوم 12 مارس 2006 Keystone

أخطر ما في الأزمة الأيرانية-الأمريكية المندلعة الان في الشرق الأوسط، هي أن كلا الطرفين يعتقد أن الظروف مؤاتية له للمبادءة إلى الهجوم.

وهذا ما يجعل هذه الأزمة الآن أشبه بسيارة ضعفت مكابحها إلى حد كبير، وبرغم ذلك تواصل السير بسرعة جنونية.. هذا أيضاً ما يجعلها مفتوحة على كل الإحتمالات والمفاجآت.

طهران، من جهتها، تعتقد أنها قادرة في هذه المرحلة على التصعيد لأسباب عدة لخصّتها رولا خلف ( في الفاينانشال تايمز) بالآتي: إرتفاع أسعار النفط؛ التمدد الأستراتيجي الامريكي الزائد، وقدرة إيران على إشعال القلاقل في كل أنحاء الشرق الاوسط”. وهذه عوامل تجعل الملالي الأيرانيين واثقين من خروجهم منتصرين من المجابهات الساخنة الراهنة مع أمريكا.

في المقابل، ترى واشنطن هي الأخرى أن هذا أفضل زمن للتصعيد مع طهران. إذ بعد نحو ثلاثة أشهر من “الهجوم العام” الذي شنّه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وأحال خلاله النهج التفاوضي للرئيس خاتمي مع الغربيين إلى هباء منثورً، بدأت أمريكا هجوماّ معاكساً يبدو أنه سيكون، على الأرجح، كاسحاً وعلى كل الجيهات.

فعلى الصعيد الدولي، أفادت واشنطن حتى الثمالة من إقدام نجاد على إستعداء الأوروبيين، وإرباك حلفائه الروس، وإحراج أصدقائه الصينيين، لتحقق هدفها بوضع إيران في قفص الإتهام والتعذيب في مجلس الامن الدولي. وهذا نصر أمريكي كبير قد لا تتضح مضاعفاته الأكبر الآن، لكنها حتماً على الطريق. فنحن نعيش في عصر اليدُ العليا فيه للشرعية الدولية فوق شرعيات الدول-الامم (على الأقل خارج نادي الدول الكبرى!).

وعلى المستوى الأميركي الداخلي، جاءت دعوات نجاد المفاجئة لإزالة إسرائيل من الخريطة أو نقلها شعباً ومؤسسات إلى بقعة جغرافية أوروبية، إضافة إلى رفضه الأعتراف بالهولوكوست (المحرقة اليهودية)، بمثابة الخميرة التي أنضجت خبز المتطرفين الأميركيين في الادارة والكونغرس الداعين (منذ فترة) إلى تغيير النظام الإيراني. المنطق هنا كان بسيطاً: طالما أن النظام الأيراني يدعو إلى إبادة إسرائيل، وطالما انه يسعى للحصول على أسلحة الإبادة الشاملة، فلم يعد ثمة مناص ليس فقط من منعه من تحقيق ذلك، بل العمل أيضاً “لمحوه هو من الخريطة”.

والحصيلة: تخصيص 75 مليون دولار اميركي لتمويل القوى المحلية الإيرانية العاملة على تغيير النظام، وبلورة الخطط لتجويع الملالي مالياً، مع تسريع الخطط العسكرية لشن هجمات كاسحة على البنى التحتية الإيرانية النووية والعسكرية والمدنية.

ثم هناك بالطبع المستوى الأقليمي الشرق أوسطي، والذي يشهد أصلاً حرباً باردة أمريكية-إيرانية قد تتحول في أي لحظة إلى حروب ساحنة بالواسطة في كل من لبنان والعراق وسوريا وفلسطين ، أو حتى حرباً إيرانية – أمريكية مباشرة.

موقف خطير

كوندوليزا رايس أكدت لقيادات يهودية أميركية مؤخراً أن “الطريق سيكون طويلاً قبل إحتمال اللجوء لأسخدام القوة ضد إيران”. لكنها شددت في الوقت نفسه على أن الادارة الأميركية ليست مستعدة لقبول إيران نووية، وأن لديها “الصدقية الكافية إذا إضطرت للجوء إلى الخيار العسكري”.

وهذا موقف خطير لأنه يعني أمرين متلازمين: الاول، أن واشنطن، وبرغم انها تكرر آناء الليل واطراف النهار أنها تفّضل الصراع الدبلوماسي-الأقتصادي على الأمني، إلا ان خيارها العسكري سيكون من الان فصاعداً على الطاولة. والثاني، أن التشديد على “الصدقية الامريكية” (إقرأ الشرعية الدولية) حيال الخيار العسكري، يعني منح واشنطن “حق” مهاجمة إيران في أي وقت تراه مواتياً.

وبالمناسبة، مثل هذا الهجوم، وبسبب التعقيدات المتعلقة بتدمير المواقع النووية السرية الأيرانية، سيكون مفاجئأ تماماً او لا يكون، على ما يؤكد كبار الخبراء العسكريين الاميركيين.

كل هذا المعطيات، الدولية والأميركية والأقليمية والعسكرية، تعني ان عناصر “الهجوم الأميركي المعاكس” إكتملت فصولاً. ولم تكن جولة رايس الأخيرة في الشرق الاوسط اكثر من مناسبة لإبلاغ من يهمهم الأمر في المنطقة بالاستعداد لمضاعفات ما يمكن أن يكون، شكلياً على الأقل، حرب الخليج الرابعة، تحت شعار “إما انتم معنا او ضدنا”.

لكن، لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد من التوتر بين البلدين، برغم أنهما نجحا مرات عدة منذ العام 1979 في إبرام العديد من الصفقات والتسويات (إيران-كونترا؛ ملفات الرهائن؛ حروب أفغانستان والكويت والعراق .. الخ ) ؟

يبدو ان السبب يبدأ وينتهي بنقطة وحيدة: ملف التسلح النووي الأيراني، الذي تتفرع منه بعد ذلك العديد من الملفات المرتبطة به.

فبالنسبة لأميركا، حيازة طهران للقنبلة سيخل على نحو خطير بموازين القوى العسكرية الراهنة في الشرق الاوسط، ويضع القوات الاميركية في العراق وأفغانستان والمنشآت الاسرائيلية تحت رحمة الصواريخ غير التقليدية الايرانية. وهو سيخل أيضا بموازين القوى الاستراتيجية.

فالولايات المتحدة تضع صراعها مع إيران في إطار إندفاعتها الكبرى بعد احداث 11 أيلول \ سبتمبر 2001 للسيطرة على الشرق الاوسط الكبير. وهي تريد إستخدام هذه الرقعة الجغرافية الشاسعة التي تمتد من غرب إفريقيا الى جنوب شرق آسيا، كمنصة إنطلاق نحو السيطرة على كل قارة أوراسيا (اوروبا- آسيا). وبالطبع، نفط العالم الاسلامي، وموقعه الاستراتيجي الوسيط بين اوروبا وآسيا، يلعبان دورا كبيرا في حفز هذه الاندفاعة.

كتب توماس دونالي ، من مؤسسة “أميركان إنتبرايز” للأبحاث ، “سياستنا تجاه الجمهورية الاسلامية الايرانية يجب ألا تكتب في فراغ او على ورقة بيضاء. إنها يجب أن تكون في إطار الاستراتيجية الكبرى للشرق الاوسط الكبير. والحال أنه مهما كانت طبيعة الإدارات التي ستتعاقب على البيت الأبيض، إلا ان صيغة ما من “مبدأ بوش”، الذي يستهدف أساساً الحفاظ على النظام العالمي الليبرالي والمستقر والمسالم عموما الذي نجم عن إنهيار الامبراطورية السوفياتية، ستستمر”.

ويقول باحث آخر من دورية “ويكلي ستاندرد” المحافظة أن “أي إدارة ديموقراطية جديدة لن تستطيع، حتى لو أرادت، تجنّب مسؤوليات وإلتزامات الدولة العظمى الوحيدة. إذ مهما حاول الديموقراطيون دفن رؤوسهم في الرمال الاستراتيجية، وبرغم كراهيتهم الشديدة للرئيس بوش، إلا انهم لن يستطيعوا تأمين حياة هادئة للولايات المتحدة. وهذا يشمل، على وجه الخصوص، الأدعاءات الأميركية بإمكانية العودة الى الامر الواقع في الشرق الاوسط الكبير”.

ليس ثمة، برأي هؤلاء، بديل لمبدأ بوش الهجومي المعنون “إستراتيجية متقدمة للحرية في الشرق الاوسط الموسّع”. الاستراتيجية الدفاعية باتت غير ممكنة، لان النظام السياسي الشرق اوسطي لما بعد 11 أيلول \ سبتمبر في المنطقة كان هو المصدر الرئيس للعدمية والعنف اللذين اديا الى الهجمات الارهابية. وبالتالي يجب تحقيق أهداف مبدأ بوش بالكامل إذا ما أرادت أميركا الحفاظ على زعامتها وهي: ضرب المنظمات الارهابية الاسلامية والحكومات التي تدعمها، إحتواء القوة العسكرية الصينية، ومنع قيام “محور شر” حقيقي بين القوى الراديكالية الأسلامية وبين القوة الصينية الصاعدة.

هنا تطل إيران برأسها بوصفها عقبة محتملة في وجه هذا المشروع الكبير، خاصة إذا ما إمتلكت أسلحة الردع الردع النووي.

فهذه القوة الاقليمية تعارض مباشرة مشروع التغيير الاقليمي الاميركي. وهي برغم العزلة الدولية، والهزيمة المدّمرة في الحرب مع العراق، وإنتشار القلاقل الداخلية فيها على نطاق واسع، إلا أنها ما تزال تحتفظ بزخمها الايديولوجي وبقبضتها المحكمة على السلطة.

لكن إذا ما كان ثمة إستمرارية في أهدافها الاستراتيجية والسياسية، إلا أن وسائلها تغيرت بشكل دراماتيكي. فقد إكتشفت طهران أنها غير قادرة على إخراج الامريكيين من منطقة الخليج والشرق الاوسط الاوسع، وانها بعد حربي أفغانستان والعراق باتت مطوقة بالقوات العسكرية الاميركية من كل جانب.

وربما لهذا بالتحديد، أزدادت أهمية الخيار النووي بالنسبة لها، خاصة بعد أن إقتصرت جهودها للحد من الدخول الاميركي الى المنطقة على الخيارات التقليدية، مثل توجيه الصواريخ نحو مضيق هرمز، وتعزيز الدفاعات الجوية، وبعد أن بات من الصعب عليها القيام بعمليات “إرهابية” كما كان الامر قبل العام 1996.

ويوضح توماس دونالي أن الخيار النووي الايراني كابوس في حد ذاته بالنسبة للأميركيين . لكن ليس لان الايرانيين قد يسلمون الارهابيين أسلحة نووية (فهذا أمر مستبعد تماماً تقريباً)، بل لأن هذا الخيار يهدد بتقييد حركة الاميركيين في الشرق الاوسط الكبير .

الخطر هنا هو أن تمد إيران ردعها النووي، سواء مباشرة أو كأمر واقع، الى مجموعة من الدول والمنظمات في كل المنطقة، كما فعلت الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة. وإذا ما عقد الغرب صفقة مع إيران تحتفظ بموجبها بالاسلحة النووية، فهذا سيقرأ في المنطقة على انه بداية تراجع إستراتيجي للزعامة الاميركية في العالم، وتخلياً عن مشروع الشرق الاوسط الكبير. وحينها ستسعى دول اساسية مثل السعودية الى التأقلم مع طهران كما فعلت في التسعينات، فيما ستفكر دول أخرى كباكستان بالتراجع عن السياسات التي إلتزمت بها امام واشنطن بعد هجمات 11 أيلول\ سبتمبر.

ويحذّر المحافظون الجدد الاميركيون من ان خسارة أميركا لمعركة تجريد إيران من ورقة التسلح النووي، ستكون له مضاعفات دولية خطيرة. إذ حينها ستكون فرنسا وألمانيا اكثر جراة بما لا يقاس على تحدي النفوذ الاميركي في الشرق الاوسط الكبير، وحتى في أوروبا نفسها. والاخطر ان هذا قد يشجع الصين وإيران على تعزيز تحالفهما الاستراتيجي، الامر الذي قد يشكل بداية لتحالف اوسع بين العالمين الصيني والاسلامي. وهذا هو الكابوس بعينه لدى صانعي القرار في واشنطن .

إلى أين ؟

الآن، إذا ما كانت إيران مصممة على التحرك بخطى سريعة نحو الانضمام الى النادي النووي؛ وإذا ما كانت أميركا وإسرائيل والغرب مصممون هم أيضاً على منعها من ذلك، فكيف يمكن ان تنتهي هذه اللعبة الخطرة: بالسلم والصفقات، ام بالحرب والغارات؟.

معهد “جافي” الاسرائيلي للأبحاث الاستراتيجية، قال في تقريره السنوي الأخير إن “الولايات المتحدة جادة في نيتها ضرب المنشآت النووية الايرانية”. وهو نقل عن الدكتور شلومو بروم، احد خبرائه، بأن “تورط أميركا في العراق، لن يحول دون توجيهها ضربة عسكرية لإيران، وهي قد تقوم بهجوم محدود لا يدمر قدرات إيران النووية لكنه قادر على المس بها بصورة جديّة”.

قبل ذلك، كانت “فاينانشال تايمز” تنسب إلى محللين قريبين من الادارة الاميركية قولهم أن “تحذيرات واشنطن من انها “لن تتحمل” وجود إيران نووية، اطلقت نقاشا حامي الوطيس في الولايات المتحدة حول مزايا الضربات العسكرية ضد البرنامج النووي الايراني”، وانه يتم الان دراسة الخيارات العسكرية، لكن ذلك لم يصل بعد الى مستوى بدء الاستعدادات الفعلية لتوجيه الضربات العسكرية.

لكن، ليس مضموناً أن تؤدي الغارات الجوية الى وقف البرنامج النووي الأيراني، خاصة بعد ان بات الايرانيون مكتفين ذاتياً في مجالي المعرفة التقنية والمعدات. وهذا يعني أنه إذا ما ارادت الولايات المتحدة الاجهاز الفعلي على البرنامج الايراني، فإن العمليات المحدودة لن تكون كافية. قد يكون عليها المضي قدماً لغزو كل ارض فارس وإحتلالها. وهذا ليس مشروعاً مغريا عسكرياً. فإيران بلد شاسع، وكثيف السكان، و ذو طوبوغرافيا وعرة للغاية.

هذه الصعوبات والمضاعفات، تدفع الان مراكز القرار والابحاث في الولايات المتحدة الى البحث عن وسائل اخرى أقل خطورة وأكثر فائدة.

فمثلاً، “مجلس العلاقات الخارجية” الاميركي، الذي يتمتع بنفوذ كبير على أصحاب القرار، نشر تقريراً بعنوان: “إيران: حان الوقت لمقاربة جديدة”، إقترح فيه إبرام صفقة مع إيران تستند الى “جزرة” الابقاء على برامجها النووية وفك الحصار الاقتصادي عنها، مقابل تخليها عن هدف التسلح النووي.

ويعدد المجلس المنافع التي يمكن ان تجلبها مثل هذه الصفقة لاميركا، منها أن طهران يمكن أن تلعب دوراً مهماً في تعزيز إستقرار حكومة تعددية في بغداد. كما يمكن حفزها على لعب دور بناء في كل من العراق وإفغانستان، خاصة وانها تمتلك قدرة على خلق صعوبات مهمة لهذين النظامين إذا ما استعدياها”.

ويوصي المجلس الادارة بأن “تتعامل بشكل إنتقائي مع إيران لتعزيز الاستقرار الاقليمي. وهذا يتطلب إعادة النظر حيال المقاربة الاستراتيجية إزاء هذه الدولة”. وبرغم انه يؤيد إندفاعة الولايات المتحدة لتحقيق الديمقراطية في الشرق الاوسط الكبير، إلا أنه يدعو الولايات المتحدة الى التخلي عن “خطاب تغيير الانظمة”، وعلى رأسها النظام الايراني، لان ذلك سيثير المشاعر القومية دفاعاً عن النظام، حتى لدى أولئك الذين يعارضونه.

هذا التوجه أثار حفيظة المحافظين الاميركيين، الذين إتهموا مجلس العلاقات ومعه الديموقراطيين بالتخلي عن مسؤوليات اميركا في الشرق الاوسط والعالم. بيد انهم، بدورهم، لا يبدو انهم يحبذون (علناً على الاقل) الخيار العسكري.

فقد إقترحت مؤسسة “اميركان إنتربرايز” الناطقة بإسمهم “حلاً وسطاً” بين “الصفقة الكبرى” المرفوضة وبين الحل العسكري الصعب، يقوم على تطوير الحصار الاقتصادي- العسكري لأيران ليصبح حصارا إيديولوجياً أيضا، من خلال مواصلة مشروع إدارة بوش في نشر الديموقراطية في الشرق الاوسط.

وتحدد المؤسسة هدفين: الاول، منع إيران من الحصول على دعم قوى كبرى. وبرغم ان قطع علاقات إيران بالصين سيكون صعباً، إلا ان الامر ليس كذلك مع الهند التي يمكن إغراؤها بقطع علائقها مع طهران مقابل إقامة تحالف إستراتيجي بينها وبين أميركا. (وهذا بالتحديد مع فعله بوش خلال زيارته الأخيرة للهند).

أما الهدف الثاني فهو أن تحتفظ الولايات المتحدة بالمبادرة في مشروعها الجديد للإصلاح والتغيير في الشرق الاوسط الكبير. فالعزل الحقيقي للنظام الايراني لن يتحقق إلا حين يغرق هذا الاخير في بحر أكبر من الحكومات الليبرالية القابلة للمساءلة في المنطقة. وإذا ما إستقرت الديمقراطية في أفغانستان والعراق، برغم إستمرار أعمال العنف فيهما، فستتعرض إيران الى مخاطر مضاعفة في الداخل.

وهذا يعني انه على أميركا ألا تتأخر في الإفادة من أية تناقضات داخلية قد تنشأ في إيران. وهي يجب ان تكون مستعدة للعمل بشتى الوسائل لمنع النظام الايراني من الاستقرار، ولوقف جهوده للحصول على الاسلحة النووية، سواء بالطرق العسكرية أو السلمية. بالعنف او الدبلوماسية. وفي هذه النقطة بالتحديد، ثمة تقاطع بين الجمهوريين والديمقراطيين الاميركيين. فكلهم يضع هدف قطع رأس البرنامج النووي الايراني على رأس جدول اعمالهم، وإن إختلفوا في تحديد وسائل تحقيقه.

ويبدو ان الامر سيبقى على هذا النحو حتى ولو إمتلكت إيران رسميا السلاح النووي. إذ ان الولايات المتحدة ستعمل حينذاك على إجبارها على لفظ ما إبتلعته نووياً، كما فعلت سابقا مع دول نووية اخرى مثل جنوب إفريقيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء وكازاخستان.
وهنا، ثمة نقطة لا يجب القفز فوقها: اميركا بعد 11 ايلول \ سبتمبر باتت هي “القوة الثورية” الرافضة للامر الواقع، فبها إنقلبت “الثورة الاسلامية الايرانية” الى قوة محافظة تعمل للإبقاء على الامر الواقع.

وهذا إنقلاب ضخم يجب أن يدفع الى التفكير ملياً بمسألة خطيرة أخرى هي: من يمتلك زمام المبادرة الاستراتيجية في الازمة النووية الايرانية الراهنة، سيكون قادراً على حسم الكثير من نتائجها سلفاً.

وهذا بالتحديد ما تتسابق إيران واميركا عليه الان: الأولى عبر هجوم هدفه الدفاع عن نظامها، والثانية عبر دفاع يسعى لتمهيد الاجواء أمام هجوم شامل على النظام الأيراني.
والسباق، بالمناسبة، لا يزال في بدايته. في بدايته الاولى.

سعد محيو- بيروت

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية