مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

معتقلو غوانتانامو السابقون يحتاجون إلى علاج من نوع خاص

مدة احتجاز المعتقلين والصدمة التي أصيبوا بها في غوانتانامو تتسببان في مشاكل تستدعي طريقة خاصة في العلاج Keystone

محتجزو غوانتانامو الثلاثة الذين وافقت سويسرا على استقبالهـم فوق أراضيها يحتاجون لعلاج خاص بـُغية مساعدتهم على الاندماج مُجددا في المجتمع بعد قبوعهم لسنوات طويلة وراء القضبان.

وفي حديث مع swissinfo.ch، أوضحت بريجيت أمبول، الخبيرة في معالجة التعذيب بمصحة تابعة للصليب الأحمر السويسري، أن الرجال الثلاثة يعانون على الأرجح من أعراض الضغوط النفسية ما بعد الصدمة نتيجة المعاملة التي تعرضوا لها في معسكر غوانتانامو الأمريكي.

بريجيت أمبول مسؤولة عن الطب والعلاج في المصحة الخارجية لضحايا التعذيب والحرب التابعة للصليب الأحمر السويسري، حيث يخضع المحتجزون السابقون لعمية تقييم أولى.

وكانت الحكومة السويسرية قد أعلنت يوم الأربعاء 3 فبراير الجاري أنها ستستقبل الشقيقيـــْن الأيغوريين من ولاية شينجيانغ الصينية للعيش فوق أراضيها، وذلك لأسباب إنسانية. وسيحصل الأخوان باهتيار وأركين مهنوت على رخصة الإقامة في كانتون الجورا شمال غربي سويسرا.

ويذكر أن مواطنا أوزبكيا كان أول معتلقي غوانتانامو السابقين الذي يحصل على تصريح بالإقامة في سويسرا إذ استقر في كانتون جنيف في شهر يناير الماضي. ومن غير المتوقع أن تستقبل الكنفدرالية المزيد من محتجزي غوانتانامو السابقين.

swissinfo.ch: لأي نوع من المشورة والعلاج سيحتاج الأشخاص الذين اعتقلوا في غوانتانامو لسنوات طويلة ؟

بريجيت أمبول: أعتقد أن هؤلاء الأشخاص تعرضوا لتعذيب شديـد وأنهم يعانون من اضطرابات الضغط النفسي ما بعد الصدمة، وهو ما يعني أنهم يعانون من نشاط زائد في المخ. فهم لا يستطيعون النوم، وتزعجهم الكوابيس، كما يعانون من حساسية بالغة. ومن المهم جدا أن يعلم هؤلاء الأشخاص أن هذه الأعراض قد تكون نتيجة ما تعرضوا له من تعذيب، وبالتالي سيتوفرون على هذه المعلومة (الضرورية) وقد يسيطرون على حالتهم ذهنيا. وبالتالي سيكونون قد أدركوا أن ما حدث لهم يقترن بالأعراض التي يعانون منها.

وستكون الخطوة الثانية معرفة ما هي استراتيجيات التصدي التي لجئوا إليها. هل احتفظوا بغريزة البقاء على قيد الحياة أُثناء التعذيب أو العزلة؟ وما هي الأعراض الجسديــة؟

إنهم يعانون من مشكلة مزدوجة لأنهم لن يعودوا إلى عائلاتهم، بل هم يقصدون عالما مجهولا وفراقهم عن الأهل سيتواصل.

كيف يواصلون الـعيش عندما يصلون إلى مكان جديد؟ كيف يمكنكم مساعدتهم؟

بريجيت أمبول: أعتقد أن الخطوة الاولى تتم من خلال التواصل معهم عبر الترجـمة، والخطوة الثانية تتمثل في تقديم المساعدة طبية والمساعدة النفسية لهم. فليس بوسعك معالجة الصدمات النفسية من خلال الحديث عنها فقط. عليك أولا مساعدتهم على الإقرار بأنهم أقوياء وبأنهم بقوا على قيد الحياة. نحن نناقش ذلك مع المريض كخطوة أولى. نحاول تعزيز شعوره بالاستقلالية، فهو ليس مجرد ضحية، بل هو مقاتل أيضا ونجا من الموت. وبالتالي يمكنه أن يكون فخورا جدا بما أنجزه، فهو أقوى حتى مني.

بعد ذلك، نزودهم باستراتيجيات التصدي العلاجية. نحن لا نعلم إن كانوا سيستفيدون من تخيل (العيش في) مكان آمــن. فبعض الناس [يحاولون] تجنب الحديث عن هذا الأمر. وهناك مجموعة كبيرة ومتنوعة من استراتيجيات التأقلم والمواجهة.

وتعتمد كيفية ومدى اندماجهم على وجود أفراد من أسرتهم أو أصدقاء لهم أو أشخاص من بلد [المنشأ]، وعلى درجة لطافة الإطار المـحيط بهم. وينبغي على الشعب السويسري دعمهم ومساعدتهم، وليس الخوف منهم.

إذا تكفل كانتون ما باستقبال معتقلين سابقين، هل سيكون مسؤولا عن توفير العناية النفسية لهم؟ وما هي التسهيلات المتوفرة في الكانتونات؟

بريجيت أمبول: توجد في الكانتونات خدمة الطب النفسي العاديــة، ولكنها ليست متخصصة في علاج ضحايا التعذيب والصدمات النفسية الشديدة. لدينا [في الصليب الأحمر] أربعة مراكز في سويسرا. اعتقد أنهم سوف يُرسلون إلى واحد منها للحصول على تقييم أو للخضوع للعلاج.

من المؤكد أن مثل هؤلاء الأشخاص الذين اعتــُقلوا ظلما، وفي مكان مثير جدا للجدل، يشعرون بالغضب فعد الإفراج عنهم.

بريجيت أمبول: إذا تعرضت للإحساس بقلة الحيلة وفقدان السيطرة، فعادة ما يتكون لديك كلا الشعورين: العجز والغضب. وأعتقد أن هؤلاء الناس يستطيعون السيطرة على مشاعرهم. وإن لم يكن الأمر كذلك، وبدت عليهم نزوات عدوانية، فيجب معالجتهم لأن استعادة السيطرة على مشاعرهم جزء هام من العلاج.

ولكنني أفترض أنهم يشعرون الآن بالاكتئاب بالأحرى، أكثر من العدوانية، وأنهم يكبتون تلك المشاعر. لكن هذا يعني أنهم على درجة أعلى من التوتر ويشعرون بمزيد من الألم أو يعانون من أعراض توتر أخرى في الجسم. ولكن يمكن معالجة هذه الحالة.

كم من الوقت سوف تستغرق عملية إعادة التأهيل؟

بريجيت أمبــول: طول المدة يعتمد على الفرد. نحن نبدأ بـ 20 حصة لمدة نصف عام تقريبا. ولاحظنا من خلال تجربتنا أنه يمكن تحقيق إعادة تأهيل جيدة في ظرف عام أو عامين. ويعتمد المدى الذي يمكن بــُلوغه في هذه العملية على القدرات الفردية والعلاقة بين المعتقلين السابقين والمعالجين.

وأنت أيضا ستعلم سريعا جدا إلى أي مدى يمكنك الذهاب. فإذا استنتجت أن حالته الصحية قد استقرت، وأنه طوّر استراتيجات المواجهة والتأقلم، فإن ذلك يعني أن التكهنات بشأن تحسن وضعه جيدة جدا.

المحامي الذي يمثل الشقيقين الأيغوريين اللذين وافق كانتون الجورا على استقبالهما قال إن سويسرا لديها سجل جيد في مجال المساعدة على إعادة تأهيل ضحايا التعذيب، وأن مجيئهما إلى هنا أمر إيجابي. لماذا؟

بريجيت أمبول: نحن [في الصليب الأحمر] عملنا في هذا المجال لمدة تناهز الآن 12 عاما. وتعلمنا الكثير من مرضانا على مدى كل هذه السنوات، ونحن على صلة بمراكز أخرى في أوروبا أو في دول أخرى، ولدينا أعضاء متخصصون في الفريق.

هنا في سويسرا، سيستفيد [المحتجزون] من إمكانيات متنوعة. سيتوفرون على رعاية طبية جيدة، وعلى عناية نفسية، كما يمكن أن يــحصلوا على علاج جسدي، بشكل فردي جدا. وأعتقد أن هذا الأمر خاص جدا. وهنالك شيء آخر مهم جدا هو أنهم سيتمكنون من التحدث بلغتهم الأم، لأن هذا الأمر مضمون في مراكزنا.

هل يمكن القول إن هذا النوع من الــرعاية جديـد نسبيا؟

بريجيت أمبول: أعتقد أن هذا الحقل بــمجمله جديد تماما. في الماضي، لم يكن يعرف الأطباء النفسيين حق المعرفة بأن الكثير من الناس يعانون من اضطرابات ضغط ما بعد الصدمة. وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001، أنجــِزت أبحاث كبيرة في هذا المجال، وأعتقد أن أي طبيب نفسي أو أي عالم نفسي يحتاج إلى معرفة ذلك.

ولكن هذه المجموعة [من الأعراض التي يعاني منها محتجزو غوانتانامو]: السجن الطويل، والأعراض الكثيرة، والصدمات النفسية الشديدة، والهجرة – هي بمثابة حزمة لا يمكن أن يتعامل معها سوى مراكز معينة، لأنها حزمة سيئة.

تُـتيح المصحة، التي يوجد مقرها في برن، للأشخاص الذين تعرّضوا لفظائع التعذيب أو أهوال الحروب، أن يتجاوزا تجاربهم الأليمة ويُـطوِّروا مهاراتهم الشخصية ويعزِّزوا قدُراتهم العائلية والاجتماعية.

يقول المشرفون على المصحة، إن استعادة صحة جيدة والكرامة والعزيمة الذاتية، شروط أساسية كي يتمكّـن هؤلاء الأشخاص من الاندماج مجدّدا في المجتمع.

توفِّـر خدمات الاستشارة والتدريب المقدَّمة للحِـرفيين العاملين في هذا القطاع، دعما محدّدا وموجّـها لهم بهدف تمكين الأشخاص المصدومين وعائلاتهم من العثور على علاج واستشارة من طرف أخصائيين مؤهلين.

تتمّ توعية الجمهور السويسري بهذه الإشكالية عبر حملات موجّـهة، ترمي إلى تعزيز التفهّـم للمهاجرين الذين يعانون من صدمات ناجمة عن تعرّضهم للعنف.

تبلغ الميزانية السنوية للمصحة حوالي 3 ملايين فرنك، تُـموَّل أساسا من طرف الصليب الأحمر السويسري، كما تحصـل على تبرعات وهِـبات من عدّة مصادر.

يضم الفريق العامل في المصحة، أطباء وأطباء نفسانيين ومعالجين طبيعيين ومحلّـلين نفسيين ومستشارين اجتماعيين، يعملون ضمن مجموعات تفاعلية، ويعالج المركز سنويا قرابة 360 شخصا.

يناير 2002: نقل أول مجموعة من السجناء من أفغانستان إلى غوانتانامو.

15 يوليو 2005: سويسرا تدعو
الولايات المتحدة إلى التقيد بمعاهدات جنيف.

16 فبراير 2006: خمسُ خبراء أمميون في مجال حقوق الإنسان، يطالبون بإغلاق معتقل غوانتانامو.

29 يونيو 2006: المحكمة الأمريكية العليا تقضي بأن إدارة بوش ليس لها سلطة إنشاء محاكم عسكرية.

12 يوليو 2006: الحكومة الأمريكية تعترف بسريان معاهدات جنيف على معتقلي غوانتانامو.

3 يناير 2007: تقرير أعده أعوان من مكتب التحقيقات الفدرالي FBI، يكشف عن حالات عديدة لسوء معاملة في معتقل غوانتانامو.

21 يناير 2009: الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوقع مرسوما يامر بغلق سجن غوانتانامو في غضون سنة، وينص على إعتماد وسائل مشروعة لتسوية ملف السجناء.

ويضم السجن حاليا 200 سجين تقريبا من جنسيات إسلامية مختلفة، وتختلف درجة خطورة الإتهامات الموجهة إليهم من سجين إلى آخر.

وكان عدد معتلقي غوانتانامو قد بلغ في إحدى الفترات 800 سجين.

تبث أن الكثير من هؤلاء المعتقلين لم تكن لهم أية صلة بمجموعات إرهابية، لكنهم يخشون العودة إلى بلادهم بسبب خطر التعرض للإيقاف أو للتعذيب.

منحت السلطات السويسرية حق اللجوء لمواطن أزبكي في عام 2009، وتمكن من الاستقرار في كانتون جنيف في شهر يناير 2010.

يوم 3 فبراير 2010، أعلنت الحكومة السويسرية أن كانتون الجورا سيمنح رخضة الإقامة لشقيقين أيغوريين كانا محتجزين أيضا في غوانتانامو.

وافقت المحكمة الإدارية الفدرالية يوم 18 ديسمبر 2009 على الطعن الذي تقدم به محتجز جزائري سابق في غوانتانامو ضد رفض مكتب الهجرة الفدرالي لطلب اللجوء الذي تقدم به، وبالتالي سيبث من جديد النظر في طلبه.

(ترجمته من الإنجليزية وعالجته: إصلاح بخات)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية