مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دعم دستوري مُرتقب لطبيب العائلة في سويسرا

.يرتبط ضمان العلاجات الأساسية الجيدة للجميع في سويسرا بتعزيز دور وحضور طبيب العائلة Keystone

ينُـص مقترح فصل دستوري جديد يُـعرض على تصويت الناخبين يوم 18 مايو 2014، على ضمان الوصول إلى رعاية طبية أساسية تتسم بالجودة للجميع في سويسرا، عن طريق تعزيز طب العائلة. هذا الفصل يمثل القاعدة الأساسية لجملة من الإجراءات المتناسقة، الرامية إلى مواجهة تشيُّـخ السكان مع إعادة التوازن إلى توزيع الأطباء بين المناطق.

نقطة البداية كانت تحرّك الأطباء العائليين. فقد كانوا الجهة التي دفعت الحكومة والبرلمان الفدراليين إلى بلورة هذا الفصل الدستوري مُـرفقا بسلسلة من الإجراءات التي تُـعيد الألق إلى الطب العائلي، باعتباره حجر الزاوية لكل أصناف العلاج الأساسي.

منذ عام 2006، دعا هذا الصنف من العاملين في الحقل الطبي إلى اتخاذ إجراءات تُـضفي قدرا أكبر من الجاذبية على مهنتهم. في الوقت نفسه، حذروا من المفارقة القائمة بين ارتفاع عدد المسنين في صفوف السكان وما يترتب عنه من أمراض مُـزمنة ومتعددة والتراجُـع المستمر في عدد الأطباء العائليين، بسبب غياب تجدد الأجيال في هذا القطاع.

وبالفعل، لا تزيد نسبة طلبة كليات الطب، الذين يختارون هذا التخصص عن 10%، وهي وضعية يعزوها أطباء العائلة إلى سياسة صحية تستهين بعملهم ويلقون بالمسؤولية خصوصا على نظام مكافآت غير مُـجزٍ، مقارنة بتخصصات طبية أخرى.

وفي سابقة غير معهودة في سويسرا، نظم أصحاب البدلات البيضاء مظاهرات في الساحات العامة، إلا أن عدم الاستجابة لنداءاتهم، دفعهم إلى إطلاق مبادرة شعبية بعنوان “نعم لطب العائلة” في عام 2009. نص المبادرة تضمن إجبار الكنفدرالية والكانتونات على الترويج لهذا التخصص وضمان الوصول إلى الجميع في كافة أنحاء البلاد وضمان التكوين الجامعي والتأهيل المهني له، إضافة إلى تسهيل إجراءات ممارسته.

المبادرة حطّـمت جميع الأرقام القياسية. ففي أقل من ستة أشهر، تم التوقيع عليها من طرف أكثر من 200000 شخص يحق له التصويت أو بكلمة أخرى أكثر من ضعف العدد المطلوب لإطلاق مبادرة شعبية.

جميع المِـهن المرتبطة بالعلاجات الأساسية

في تصريح لـ swissinfo.ch، اعتبرت النائبة الاشتراكية مارينا كاروبيو غوشيتي، أن “هذا الفصل الدستوري، أفضل من تلك المبادرة، لأنه ينُـص على تعزيز جميع العلاجات الطبية الأساسية، بما يسمح بمواجهة أفضل لكافة المشاكل الصحية ولإشكالية وصول السكان إلى العلاجات. لقد تم التأكيد على أهمية طب العائلة، لكن تم إدماج جميع المهن المتعلقة بالعلاجات الأساسية. وبهذه الطريقة، تمت بلورة تصور لرعاية طبية مُـدمجة تشتمل – بالإضافة إلى طبيب العائلة – أطرافا مهنية أخرى، كالممرضين والمعالجين الطبيعيين… إلخ”.

النائبة التي تعمل كطبيبة عائلة، ترى أيضا أن العلاجات الأساسية يجب أن تستند في المستقبل على هذا التعاون والتكامل ما بين مختلف المهن، وتقول: “من أجل أن يتم التكفل بطريقة ملائمة بالمصابين بأمراض مزمنة، لابد من مقاربة شاملة”. وفي هذا الصدد، سيقدم الفصل الدستوري المعروض على التصويت، في صورة إقراره، “دفعا مهما” في هذا الاتجاه.

الفصل 117 أ (جديد): العلاجات الطبية الأساسية.

.       تعمل الكنفدرالية والكانتونات في إطار ما لديها من اختصاصات، من أجل أن يصل الجميع إلى علاجات طبية أساسية كافية وذات جودة. الطرفان يعترفان ويعززان طب العائلة، باعتباره عنصرا أساسيا لتلك العلاجات.

.       تُـصدر الكنفدرالية تعليمات تتعلق بـ:

‌-           التكوين والتأهيل لفائدة المهن الخاصة بالعلاجات الطبية الأساسية، إضافة إلى الشروط المطلوبة لممارستها.

‌-    الأجر المناسب لخدمات طب العائلة.

ضمانة لفائدة مجموعة مهنية

على الضفة المقابلة، يلاحظ غي بارمولان، النائب عن حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي)، الذي أعرب، على غرار معظم زملائه في الحزب، عن رفضه للنص المعروض على التصويت، الذي حظي بموافقة بقية الأحزاب، أن “المشروع البديل أقل سوءا بالتأكيد من المبادرة، لكنه يطرح مشكلة كبرى، بحكم أنه يضمن في الدستور مرتّـبا لفائدة مجموعة مهنية. إنه أمر غير مسبوق! فما الذي تعنيه (أجرة ملائمة لخدمات الطب العائلي)؟”، الواردة في الفصل المقترح.

في سياق متصل، يقول بارمولان: “نحن متفقون جميعا على أن خدمة العلاجات الأساسية يجب أن تكون موزعة بشكل جيد على التراب الوطني ومتاحة للجميع وأن يحصل طب العائلة على الدعم، ولكن ليس عن طريق هذا الفصل الدستوري”، ثم يضيف محذِّرا من خطر تحويل بعض اختصاصات الكانتونات إلى الكنفدرالية “يتعين على الكانتونات والبلديات أن تكون أكثر نشاطا، لأنها أعلم بالاحتياجات. فالقرب من المواطن، لا المركزية، هو الذي يؤدي إلى النجاعة”.

في معرض الرد، تلفت مارينا كاروبيو غوشيتي إلى أن النص المطروح للتصويت، يشير بوضوح إلى أن الكنفدرالية والكانتونات يتحركون ضمن المشمولات الخاصة بكل منهم. لذلك، ترى النائبة الاشتراكية أن هذا الفصل “يمثل رسالة قوية من جهة، ويسمح بإطلاق مشاريع ملموسة من جهة أخرى”.

طبقا للإحصائيات الصادرة عن فدرالية الأطباء السويسريين، بلغ عدد الأطباء الممارسين للمهنة سنة 2012 في الكنفدرالية، 31858  بزيادة 3،3% مقارنة بالعام السابق. 62،5% منهم رجال و37،5% نساء. في الأثناء، كانت الزيادة في عدد النساء أكثر وضوحا: +5،8% مقابل +1،8% لدى الزملاء من الرجال.

53،1% من الأطباء كانوا يمارسون المهنة على مستوى العيادات أو المصحات الخاصة، مقابل 45،2% يعملون في المستشفيات، فيما يشتغل 1،7% في مجالات أخرى.

المهنيون العاملون في المجال الطبي الخاص بالإسعافات الأولية (بمن فيهم أطباء الأطفال) كانوا يمثلون حوالي 45% ومن ضمنهم لم تزد نسبة النساء عن 30%.

في المستشفيات بلغت نسبة النساء 42،2%، مقابل 33،9% في العيادات الخاصة و26،8% في مجالات أخرى. أما في الفئة العمرية المتراوحة بين 25 و34 عاما، فقد آلت الأغلبية إلى النساء. ونظرا للارتفاع المسجل في نسبة النساء ضمن طلبة كليات الطب وفي صفوف الأطباء الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما، فمن المنتظر أن تزداد هذه النسبة ارتفاعا في السنوات القادمة، خصوصا وأن العديد من الرجال سيحالون على التقاعد.

في 2012، بلغ معدل أعمار الأطباء 48،8 عاما: 45 عاما للنساء و51 عاما للرجال.

تفاقم ظاهرة تأنيث المهن الطبية مشكلة تجدد الأجيال في صفوف أطباء العائلة، نظرا لأن العديد من النساء يخترن العمل بدوام نسبي، كي يتمكّـن من رعاية أطفالهن.

حزمة من الإجراءات

إضافة إلى الفصل الدستوري، تم التوافق بين الكنفدرالية والكانتونات والمنظمات الممثلة للأطباء واللجنة التي أطلقت المبادرة، على اتخاذ جملة من الإجراءات في إطار خطة شاملة تحمل اسم “طب العائلة والطب الأساسي”. هذه الخطة التوجيهية  حرص على اعتمادها وزير الصحة ألان بيرسي، من أجل البحث المشترك والأسرع عن حلول قابلة للإنجاز على المدى القصير والمتوسط”.

في الوقت الحاضر، يجري تنفيذ عدة إصلاحات على مستويات مختلفة، تشمل التكوين والأبحاث في مجال الطب الأساسي والطب العائلي، إضافة إلى مراجعة للقانون الفدرالي المتعلق بالمهن الطبية الجامعية.

بالإضافة إلى زيادات مرتقبة في الأجور، تعتزم الحكومة الفدرالية الترفيع في أسعار التحاليل المخبرية المنجزة من طرف عيادات أطباء العائلة،  بما يضمن وصول 35 مليون فرنك إضافي في السنة إلى صناديقها. كما أن الترفيع في التكلفة الإجمالية لمستحقات أطباء العائلة، سيؤدي إلى حصولهم على 200 مليون فرنك إضافي في السنة. ومن المقرر أن يتم تعويض هذا المبلغ من خلال تخفيض تكلفة بعض الخدمات التقنية المقدَّمة من طرف مختصين آخرين (الذين احتجوا رفقة المستشفيات على هذا التوجه، رغم أنهم لا يعارضون الفصل الدستوري المقترح). في المقابل، أعرب أصحاب المبادرة عن ارتياحهم التام لهذه المقترحات وقرروا، تبعا لذلك، سحبها.

غياب حملة معارضة

رغم كل شيء، يشدد النائب البرلماني غي بارمولان على أن “جميع الإصلاحات يُـمكن أن تنفّذ، دون الحاجة إلى الفصل الدستوري، كما يمكن للكانتونات التحفيز ماليا على استقرار أطباء العائلة في المناطق التي تعاني من نقص أو من غيابهم”.

في 4 أبريل، أوصت اللجنة المركزية لحزب الشعب السويسري بالتصويت بـ “لا”، على غرار المجموعة البرلمانية التابعة للحزب. في المقابل، لن يقود الحزب حملة انتخابية نشطة حول هذه المسألة، لأن أولوياته في اقتراع 18 مايو تقتصر على الموارد المخصصة لاقتناء طائرات غريبن القتالية وعلى المبادرة المتعلقة بالأجور الدنيا.

(نقله من الإيطالية وعالجه: كمال الضيف)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية