مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأحكام العسكرية.. “رسائل” سياسية و”ضربات” اقتصادية

صورة التقطت يوم 28 فبراير 2007 لعدد من القياديين في جماعة الأخوان المسلمين الذين أصدرت عليهم المحكمة العسكرية يوم 15 أبريل الماضي أحكاما مشددة Keystone

أكَّـد خُـبراء ومحلِّـلون سياسيون مصريون أن الأحكام العسكرية التي صدرت بحق 25 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين بمصر، بَـينهم 10 من كِـبار رجال المال والأعمال، هي أحكامٌ سياسية ذات طبيعة اقتصادية..

وأشاروا إلى أنها استهدفت تجفيف منابع الدّعم المادي وضرب القوّة الاقتصادية للجماعة، عن طريق تصفِـية شركات ومؤسسات اقتصادية محسُـوبة عليها، وشلّ حركتها بسِـجن كِـبار رجال الأعمال المُـنتمين لها، وفي مقدِّمتهم المهندس محمد خيرت الشاطر، النائب الثاني للمرشد العام للجماعة، وشريكه المهندس حسن مالك، أبرز رجالات الإخوان في مجال “البيزنس”.

وأوضح الخبراء والمحلِّـلون أن هذه الأحكام قد جاءت في وقت يشهَـد تراجُـعًا واضحًا عن الإصلاح الديمقراطي، وتوقَّـعوا أن تشهد المرحلة المُـقبلة فُـصولاً أخرى من لُـعبة “الكَـرّ والفَـرّ”، بين الجماعة والنظام، تتمثّـل ملامحها في عزم السلطات المصرية على إزاحة الجماعة من المشهد السياسي برمّـته، وذلك بتقليم أظافِـرها في أي انتخابات قادِمة، وترك الساحة للحزب الوطني الديمقراطي “الحاكم”، لإتمام سيناريو “التوريث”، بإخراج “قانوني” قدير، وحبكة “فنية” مقنعة.

وكانت المحكمة العسكرية، وبعد 73 جلسة استمرّت على مدى 18 شهرًا، قد أصدَرت يوم الثلاثاء 15 أبريل 2008، حُـكمها بتبرِئة 15 متَّـهمًا من التُّـهم المنسوبة إليهم، وإدانة 25 متّـهمًا آخرين، أصدِرت ضدّهم أحكامًا بالسِّـجن لمُـدد تتراوح بين 3 – 10 سنوات، حيث حصل خمسة منهم على أحكام بالسِّجن 10 سنوات وحصل اثنان على السِّـجن 7 سنوات وحصل خمسة آخرون على أحكام بالسِّـجن 5 سنوات، فيما حصل 13 شخصا على أحكام بالسِّـجن 3 سنوات، كما شمل الحُـكم مصادرة حِـصص كلّ رجال الأعمال: خيرت الشاطر وحسن مالك وأحمد عبد العاطي وأحمد أشرف، في الشركات المتحفّـظ عليها منذ بدء المحاكمة في عام 2007.

وفي محاولة منها للوقوف على أبعاد الموضوع ورصد التأثيرات الاقتصادية للأحكام العسكرية الصادرة بحق 25 من قيادات ورجال الأعمال بجماعة الإخوان، التقت سويس إنفو الدكتور عمرو الشوبكي، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام ومدير تحرير فصلية (أحوال مصرية) والقيادي الإخواني الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، والباحث حُـسام تمام، المتخصِّـص في شؤون الحركات الإسلامية ومدير مركز الظاهرة الإسلامية.

40% رجال أعمال!

في البداية، أوضح حُـسام تمام أن 37.5% من الإخوان الذين أحِـيلوا للمُـحاكمة العسكرية الأخيرة، (15/40)، هم من رجال المال والأعمال، كما أن 40% ممّـن صدرت بحقِّـهم أحكام بالسِّـجن، هم من رجال الأعمال، حيث أدانت المحكمة كل من: ندا وهمت والزيات (خارج البلاد) والشاطر ومالك وعبد العاطي والحدّاد وفرحات وشرف وبغدادي، مشيرًا إلى أن “الذين حصلوا على البراءة، لا يمثلون خروجا عن هذه القاعدة، فهم إمّـا أصحاب استثمارات محدودة أو غير مؤثرة، مثل زلط وعبد الجواد”.

وقال تمام في تصريحات خاصة لسويس إنفو: “الناظر في الأحكام، يلحَـظ أن رجال الأعمال كانوا الأعلى في الأحكام الصّـادرة، حيث حُـكم (غيابيًا) على ثلاثة منهم (يوسف ندا – المقيم في جيب كامبيوني الإيطالي الذي يقع وسط كانتون تيتشينو جنوب سويسرا – وهمت الشاطر والزيات) بالحدّ الأقصى للعقوبة (عشر سنوات)، كما حُـكم على اثنين فقط (الشاطر ومالك) ممّـن حوكموا (حضوريًا) بالسِّـجن (سبع سنوات)، في الوقت الذي تراوحت فيه عقوبات الآخرين بين ثلاث إلى خمس سنوات”.

وأضاف تمام أنه “على الرّغم من أن المحكمة أسقطت تُـهمة غسيل الأموال التي سبق أن وجّـهتها في بداية القضية، إلا أنها حكمت – إضافة إلى السجن – بمُـصادرة أصول وأموال عدد من رجال الأعمال، حيث قضت بمصادرة نصيب الشاطر ومالك في شركة مالك وفروعها، وشركة رواغ وفروعها، كما قضت بمُـصادرة نصيب مالك في شركة الأنوار ونصيب الشاطر وعبد العاطي في شركة الحياة، ومُـصادرة نصيب عبد الوارث في دار التوزيع والنشر الإسلامية”.

واعتبر تمام أن “القراءة الأولية للأحكام الصادرة بحق 25 من الإخوان، تكشِـف عن أننا بصدَد تحوُّل جِـذري في تعامُـل النظام مع الجماعة، يتمثل في ضرب القوّة الاقتصادية للجماعة، في محاولة لتجفيف المنابع المالية”.

وحول التأثيرات الاقتصادية المتوقعة للأحكام العسكرية على قوة وانتشار الجماعة، قال حسام تمام: “الأرجـح، أن هذه الضربة التي طالت 34 شركة للدواء والتوكيلات التجارية والسياحة والمقاولات والتعليم والنشر واستصلاح الأراضي، وأحكام السِّـجن التي صدرت بحق 15 رجل أعمال، ستكون لها تأثيرات سلبِـية على قوة الجماعة وانتشارها، على عدة دوائر”.

وأوضح تمام، أن أول الدّوائر التي ستتضرّر، هي دائرة رجال المال والأعمال داخل الجماعة والدائرة الثانية هي دائرة رأس المال الإسلامي المصري، الذي يلتقي فيه الإخوان مع مُـستثمرين ورجال أعمال متديِّـنين أو إسلاميين (من خارج الجماعة)، أما الدائرة الثالثة، فهي شبكة الاستثمارات الإخوانية والإسلامية، التي تمتدّ خارج مصر لتتّـصل بمؤسسات وشركات كُـبرى، خاصة في الخليج وتركيا.

“الجماعة ستخرُج أقوى”!

ومن جهته، رفض الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الآراء القائلة بأن اقتصاد الجماعة سيتأثَّـر بالأحكام العسكرية الأخيرة، مُـشيرًا إلى أن الجماعة مرّت بمراحل أكثر عُـنفا ودموية، وتلقت ضربات مُـتباينة، بعضها كان مفصليًا، مؤكِّـدًا أن “الجماعة ستخرج من هذه الأزمة أكثر قوة”، حسب قوله.

واعتبر أبو الفتوح في تصريحات خاصة لسويس إنفو أن تلك الأحكام “تشكِّـل انتهاكا لحقوق الإنسان، لأنها صدَرت من مَـحاكِـم عسكرية بحقّ مدنيين، حفظت لهم القوانين والمواثيق الدولية حق التقاضي أمام قاضيهم الطبيعي”، واستنكر إقدام النظام على هذه الجريمة، في الوقت الذي يدعي فيه أنه نظام ديمقراطي، مشددًا على أن “الحكم سياسي بالدّرجة الأولى وأنه جاء في منتهى القسوة ضد أناس أبرياء مخلصين للوطن، وأن النظام استهدف من ورائه التخلّـص من خصم سياسي قوي وإنهاء وجوده على الساحة السياسية”، حسب رأيه.

وحول تأثيرات هذه الأحكام على مستقبل الجماعة، قال أبو الفتوح: “لن تتأثّـر الجماعة بشيء، لأن هُـناك قيادات شابة قادرة على حمل الراية خلفًا للشاطر ومالك، وبنفس القوة وربما أكثر”، وضرب مثالا لذلك بـ “الدكتور حمدي حسن والدكتور جمال حشمت”، لكنه اعتبر “أنهم لن يكونوا بُـدلاء للشاطر ومالك وبشر، الذين سيحتفظون بمواقعهم داخل الجماعة من داخل السِّـجن، وذلك لِـما لهما من علاقات قوية بمرجعيات صياغة وصُـنع القرار داخل الجماعة”.

وحول إمكانية تأثُّـر اقتصاد الجماعة بهذه الأحكام التي سجَـنت رجال أعمال وصادرت أموالا وأغلقت شركات ومؤسسات اقتصادية، قال أبو الفتوح: “لن يكون هناك أي تأثير، لأن الجماعة دائمًا ما تتعرّض لمثل هذه الضربات من قِـبل النظام، ولم تتأثر بذلك في أي وقت من الأوقات”، معتبِـرًا أن “ما حدث هو حلقة في سلسلة من الحلقات التي تستهدِف الجماعة”، واستدرك قائلا: “الجماعة ستعمَـل على تدارُك الأمر ولديها من الإمكانيات البديل الجيِّـد للحفاظ على مواردها كما هي”.

وردًا على سؤال حول تلك البدائل، أوضح أبو الفتوح أنها “تتمثل في تبرّعات شباب الجماعة وكافة أعضائها، الذين باتت مسؤولياتهم أكبر بعد الذي حدث”، مشيرًا إلى أن “الاقتصاد المصري هو الذي سيتضرّر، وليس الاقتصاد الإخواني، لأن شركات الإخوان كانت تعمَـل على خلق مناخ اقتصادي جيد، يعمل على رفع مستوى المواطن العادي، مؤكِّـدًا أن “هذه الأحكام سيكون لها وقع سيِّء على الاقتصاد المصري ككل”.

وعن تحرّك الجماعة للطّـعن على الأحكام الصادرة، قال أبو الفتوح: “مُـحامي الجماعة عبد المنعم عبد المقصود، جهّـز بالفعل المستندات اللاّزمة للتقدّم بالطّـعن على هذه الأحكام”، معتبرًا أن “هناك فُـرص كبيرة في الاستئناف بأن يتم الإفراج عن المعتقلين، خاصة أن القضية صِـيغت بشكل غير قانوني وأنها أقيمت أمام محكمة عسكرية، بما يتعارض مع القانون الدولي، وحتى المصري، الذي يمنع مُـحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.

وأكّـد أبو الفتوح أن “الجماعة ستُـناضل بالقانون، وستلجَـأ إلى كل الهيئات المختصة في مصر، مثل: المحكمة الدستورية ومجلس الدولة، حتى تتكشّـف الحقيقة، نافيًا اتِّـجاه الجماعة إلى تدويل القضية في المحاكم الدولية، لثقتهم الكبيرة في القضاء المصري، الذي دائمًا ما ينصِـفهم، رغم مماطلة النِّـظام الحاكم في تنفيذ قراراته.

لُـعبة “الكَـرّ والفَـرّ”!

ورغم اتِّـفاقه مع أبو الفتوح في وصف الأحكام العسكرية الصادرة في حق قياديي جماعة الإخوان بأنها “سياسية”، يختلف الدكتور عمرو الشوبكي، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية بالأهرام مع الرأي المقلِّـل من التأثيرات والتداعيات الاقتصادية للأحكام على بنية وقوة الجماعة، معتبرًا أن النظام يُـدرك جيدًا أن الجماعة هي القوة السياسية الوحيدة المنافسة له والمؤثرة في الشارع، وأنها هي التي تهدِّد سيناريو التوريث الذي يشغل النظام بدرجة كبيرة.

وقال الشوبكي في تصريحات خاصة لسويس إنفو: إن ما حدث يُـعد نقطة في بحر الخلافات والاختلافات التي تُـصاحب علاقة النظام بالجماعة، ولن تكون هذه الأحكام هي الأخيرة في مسيرة تلك العلاقة، وإنما ستشهد المرحلة المقبلة فُـصولاً أخرى من لُـعبة “الكرّ والفرّ” بين الجماعة والسلطة، تقوم على التّـصميم من جانب السلطة على محاولة إزاحة الجماعة من المشهد السياسي، وذلك بتقليم أظافرها في أي انتخابات قادمة، وخاصة انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) في مصر.

وأضاف الشوبكي أن الجماعة بدورها ستحاول الاستفادة من التّـعاطف الشعبي معها، لتزيد مساحتها في الشارع المصري، وبالتالي، فإنني لا أستبعد قِـيام الجماعة بتحرّك شعبي جديد، هدفه خلخلة النظام وإظهاره في صورة الفاشل في السيطرة على الأمور أو إظهاره على أنه لا يستطيع توفير احتياجات الشعب الأساسية من غذاء وعمل وتعليم وصحة وخلافه، في محاولة لإحراج النظام أمام الشعب، مستخدمة في ذلك ذِراعها البرلماني وقواعِـدها الجماهيرية المُـنتشرة في ربوع مصر.

كما اعتبر الشوبكي أن هذه الأحكام تستهدِف في المقام الأول، قيادات الجماعة ممثّـلة في مكتب الإرشاد، بل والمُـرشد نفسه، حيث يريد النظام توجيه رسالة إلى الجماعة، مفادها أن الجميع بات في متناول الاعتِـقال وأن الدّور بات على المُـرشد نفسه، وهو الأمر الذي يمهِّـد ويعجِّـل بحدوث صِـدام أكبر، محذرًا من أن الفترة المقبلة ستكون في غاية الصعوبة، وأن التوتر سيكون شديدًا بين الجماعة والنظام، وهو ما يعني احتمال دخول البلاد في مَـتاهة لا يعلم أحد نتيجتها مُـسبقًا.

الإنتربول والأحكام العسكرية!

وعن إمكانية اعتقال إخوان الخارج، المحكوم عليهم في القضية لتنفيذ الأحكام عن طريق “الانتربول”، استبعد الشوبكي أن يكون ذلك مُـتاحًا للنظام المصري، لكونهم يتمتّـعون بكافة حقوق المواطنة في البلدان التي يعيشون فيها، إلا إذا عادوا هم بمحض إرادتهم، وهذا بالطبع أمر غير وارد بالمرة، مشيرًا إلى أن الدول الأوروبية لا تعترف بالأحكام العسكرية الصادرة في حقّ مدنيين، كما لا تطبق عليها الاتفاقيات الخاصة بتبادل المجرمين عن طريق البوليس الدولي أو ما يُـعرف بـ “الإنتربول”.

ويتفق الشوبكي مع تمام فيما ذهب إليه من القول باحتمالية تأثر الجماعة سَـلبًا بهذه الضربة الاقتصادية الموجّـهة إلى بِـنية وعصب الجماعة، ويضيف قائلا: “بالطبع هناك أضرار لحقت بالجماعة، خاصة وأن من بين المعتقلين اثنين من كِـبار رجال الأعمال بالجماعة، هما خيرت الشاطر وحسن مالك، اللذين كانا يُـموِّلان أكثر من ثُـلث مصروفات الجماعة، بخلاف الثُّـلث الذي كان يُـموِّله صِـغار التجّـار، فضلا عن الثُّـلث الأخير، الذي يُـمَـوَّل عن طريق اشتراكات الأعضاء.

وأشار الشوبكي إلى أن الشاطر صاحب عقلية اقتصادية ومالية رفيعة المستوى، لا تتوافر للكثيرين داخل الجماعة، كما أن الإخوان يتعاملون ببراغماتية قائمة على حسابات المكسب والخسارة، وهذا يظهر في خطابهم، سواء السياسي أو الاقتصادي، مشدِّدًا على أن الضَّـرر سيَـطال أيضًا التعاملات الإسلامية، سواء تلك التي لها علاقة بالبورصة أو بالبنوك، هذا غير الاقتصاد الإخواني في الخارج، والذي سيكون صاحب التأثير الأكبر، خصوصا في الخليج وتركيا، واللذان كانا قد أعلنا عن الدخول في استثمارات تشهدها مدينة 6 أكتوبر تصِـل قيمتها لأكثر من 360 مليون دولار.

وربط الشوبكي بين تأثر الاقتصاد الإخواني بهذه الأحكام وبين حدوث ضرَر مُـحتمل على الاقتصاد المصري بوجه عام، وقال: بما أن الإخوان كانوا أحد المستثمرين الكِـبار في السوق المصرية، وبالتالي، فإن ضرب مصادرهم المالية يعني تأثر الاقتصاد المصري بدوره، ولن أكون مُـزايدًا لو قُـلت إن الضّـرر الواقع على الاقتصاد المصري سيكون أكبر مِـما يتوقّـعه البعض، لما للجماعة من قدرات اقتصادية هائلة كانت ترتقي بالسوق المصري، خاصة في المشروعات الكبيرة والعملاقة مثل صناعة الأدوية.

وختامًا، فإن المشهد الحالي، وإن كان يحكي فصلا من فصول لُـعبة القط والفأر بين الإخوان والنظام، والتي بدأت أحداثها مع المحاكمة العسكرية الأولى عام 1954، (في عهد الرئيس عبد الناصر)، فإنها – بالتأكيد – لم تنته مع صدور نتيجة المحاكمة العسكرية التاسعة عام 2008، (في عهد الرئيس مبارك)، والتي رفضت الجماعة فِـكرة تقديم “التماس” بالعفو للرئيس، على الرغم من أن القانون يجيزها..

وعليه، فإن ملامح المعادلة القادمة، التي تحكم قواعد وأصول اللّـعبة، ستدور رحاها بين “سلطة” النظام من جهة و”خبرة” الجماعة من جهة أخرى، وهو ما يطرح عددًا من التساؤلات حول: “فعل” السلطة و”ردّ فعل” الجماعة على شاكلة: ماذا؟ ولماذا؟ ومن؟ وكيف؟ ومتى؟ وأين؟.. الأيام القادمة كفيلة بتقديم الإجابات الواقعية على هذه التساؤلات الشائكة.

القاهرة – همام سرحان

يعتبر الحكم العسكري، الذي صدر يوم الثلاثاء 15 أبريل 2008، هو الحكم التاسع في تاريخ الجماعة التي أكملت العقد الثامن من حياتها، وتحديدًا منذ ثورة يوليو 1952 وقيام النظام الجمهوري في مصر. وبينما أُُحِيلَ الإخوانُ للمحاكمة العسكرية مرّتين اثنتين في فترة حُـكم الرئيس (الأسبق) جمال عبد الناصر (16 عامًا)، ولم يتعرّضوا للمحاكمة العسكرية نهائيًا في فترة حكم الرئيس (السابق) محمد أنور السادات (11 عامًا)، فقد أحيلوا للمحاكمة العسكرية سبع مرّات في عهد الرئيس (الحالي) محمد حسني مبارك (27 عامًا+…..). وفيما يلي وقفات مع المحاكمات العسكرية الـ (9) للجماعة على مدى 54 عامًا من تاريخها:

1- المحاكمة الأولى: (عام 1954):
جرت أول محاكمة عسكرية للجماعة في عهد الرئيس عبد الناصر، وذلك عقب تعرّضه لمحاولة اغتيال مزعومة في حادث المنشية الشهير بالإسكندرية، وبدأت القضية في 9 نوفمبر 1954، بإلقاء القبض على العديد من عناصر الجماعة وصدر ضدّهم جميعا أحكام بالسجن، بدأت من عشر سنوات إلى الأشغال الشاقة المؤبّدة، إلا أن أبرز الأحكام كانت (الإعدام) بحق (7) من قيادات الجماعة هم: محمود عبد اللطيف ويوسف طلعت وإبراهيم الطيب وهنداوي دوير ومحمد فرغلي وعبد القادر عودة وحسن الهضيبي (المرشد العام الثاني)، الذي خفف عنه الحُـكم لاحقا إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. ونظرت القضية أمام ما سُـمي آنذاك بـ “محكمة الشعب”، ذات الطبيعة العسكرية برئاسة صلاح سالم، وعضوية كل من حسين الشافعي وأنور السادات، وأصدرت أحكامها في 4 ديسمبر 1954، أي بعد أقل من شهر على بدء القضية التي نال فيها فضيلة المرشد الحالي الأستاذ محمد مهدي عاكف حُـكما بالسجن المؤبّـد مع الأشغال الشاقة، قضّـى منها 20 عاما قبل أن يتِـم الإفراج عنه عام 1974 في عهد الرئيس السادات.

2- المحاكمة الثانية: (1965 -1966):
كانت في عهد الرئيس عبد الناصر، وتحديدًا في عام 1965، واتّـهم فيها مئات الإخوان بمُـحاولة إعادة إحياء التنظيم، وكان في مقدّمتهم المفكر الإسلامي الشهير سيِّـد قطب، الذي حُـكم عليه بالإعدام، هو ويوسف هواش، وعبد الفتاح إسماعيل، وتم تنفيذ الحكم بحقهم الصادر من المحكمة العسكرية عام 1966. كما حكم بالإعدام على سبعة آخرين خفّـف عنهم الحُـكم إلى المؤبّـد، كما صدرت أحكام بحق باقي المتهمين بدأت من عشر سنوات حتى الأشغال الشاقة المؤبدة.

3- المحاكمة الثالثة: (يناير 1995):
كانت أول قضية عسكرية للإخوان في عهد الرئيس مبارك، وذلك في 2 يناير 1995، حيث أحِـيل خلالها 49 عضوا بالجماعة للمحاكمة بتُـهمة محاولة “إعادة إحياء جماعة محظورة”، وحُـكم بالسجن على 34 منهم بمُـدد تتراوح بين 3- 5 سنوات، بينهم القياديان بالجماعة د. عصام العريان وإبراهيم الزعفراني، كما حصل 15 على البراءة.

4- المحاكمة الرابعة: ( 23 نوفمبر1995):
وهي المحاكمة الثانية للإخوان في عهد الرئيس مبارك والثانية في عام 1995، حيث أحيل 33 عضوا وقياديا بالجماعة للمحاكمة العسكرية في 23 نوفمبر 1995، وقد حُكِـمَ على 20 منهم بالسجن لمُـدد تتراوح بين 3 – 5 سنوات، فيما برّأت المحكمة 13 آخرين.

5- المحاكمة الخامسة: (30 نوفمبر 1995):
وهي المحاكمة الثالثة للإخوان في عهد الرئيس مبارك والثالثة في عام 1995، وكانت في 30 نوفمبر 1995، حيث صدر الحُـكم بحق 3 من أعضاء الجماعة، اثنان منهم حصلا على أحكام بالسجن من 3 – 5 سنوات، فيما برأت المحكمة المتهم الثالث.

6- المحاكمة السادسة: (1996):
وهي المحاكمة الرابعة للإخوان في عهد الرئيس مبارك، حيث اعتقلت الحكومة 13 عضوا بجماعة الإخوان، في مقدّمتهم المرشد (الحالي) محمد مهدي عاكف، وأحالتهم للمحاكمة العسكرية فيما سُـمي بقضية “حزب الوسط”، وصدرت فيها أحكام بحق 8 من المحالين تتراوح بين 3- 5 سنوات، بينهم مهدي عاكف، بينما أفرج عن الخمسة الباقين.

7- المحاكمة السابعة: (1999):
وهي المحاكمة الخامسة للإخوان في عهد الرئيس مبارك، وقد عُـرفت باسم “قضية النقابيين”، وكانت في عام 1999، حيث أحيل 20 قياديًا نقابيًا من أعضاء الجماعة للمحاكمة العسكرية، وصدر الحُـكم فيها في نوفمبر 2000، حيث حُـكِـم على 15 منهم بالسجن لمُـدد تتراوح بين 3 – 5 سنوات، فيما برّأت المحكمة 5 آخرين.

8- المحاكمة الثامنة: (2001):
وهي المحاكمة السادسة للإخوان في عهد الرئيس مبارك، وعُـرفت باسم قضية “أساتذة الجامعات”، حيث أحُيِلَ 22 من قيادات الجماعة، بينهم عدد كبير من أساتذة الجامعات، وصدر الحكم عليهم في 7 أبريل 2002 بالسجن لـ 15 بينهم د.محمد علي بشر ود.محمد بديع ومختار نوح المحامي الشهير والنائب البرلماني الأسبق، فيما برّأت المحكمة السبعة الباقين.

9- المحاكمة التاسعة: (2007 – 2008):
وهي المحاكمة السابعة للإخوان في عهد الرئيس مبارك، وقد أُحِيلَ فيها 40 من قيادات الجماعة، يتقدمهم النائب الثاني للمرشد العام المهندس خيرت الشاطر، ووجهت إليهم تُـهم “غسيل الأموال” وتمويل والانتماء إلى والعمل على إحياء “جماعة محظورة”، وبعد أكثر من عام و73 جلسة، صدر الحكم يوم الثلاثاء 15 أبريل2008 بالسجن على 25 منهم بمُـدد تتراوح بين 3-10 سنوات، فيما قضت المحكمة ببراءة الـ 15 الآخرين.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية