مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

زيارة المُحتجزين وإعادة الروابط العائلية… ودورات تكوينية متنوعة!

بناية بيضاء اللون وطريق مؤدية إلى مدخل سجن في مدينة تونسية
في عام 2016، أنجزت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتعاون مع وزارة العدل التونسية فضاء جديدا لاستقبال عائلات المساجين في السجن المدني بمدينة القصرين، غرب البلاد. cicr

تُقدم البعثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر في تونس خدمات إنسانية مختلفة ليس فقط في النطاق المحلي، وإنما أيضا في المجال الاقليمي. وقد عرفت البعثة ذروة نشاطها مع وصول أكثر من مليون لاجئ من ليبيا إلى مخيم "الشوشة" في جنوب تونس، إبان الحرب الأهلية في ليبيا سنة 2011. 

بعد إقفال المخيم، عادت البعثةرابط خارجي إلى نشاطها التقليدي، وهو يتمثل أساسا في زيارة المُحتجزين في مراكز الإيقاف وإعادة الروابط بين الأسر المُشتتة وتقديم المساعدة لضحايا الألغام والأطفال والمرضى الذين يحتاجون لإعادة تأهيل، والذين يُعانون من بتر أو تشوه أو شلل في الأطراف، بالإضافة إلى التعامل مع التداعيات الإنسانية المرتبطة بالصراع بين المغرب وجبهة البوليساريو.

فاتن مطير، مسؤولة الإعلام في البعثة الاقليمية للجنة الدولية بتونس قالت لـ swissinfo.ch: “إن موظفي اللجنة الدولية سبق أن زاروا التونسيين المعتقلين في قاعدة غوانتانامو الأمريكية (أخلي سبيلهم لاحقا)، ومكنتهم من الإتصال بأسرهم عبر الفيديو. كما أدوا أيضا زيارات إلى أشخاص آخرين مُحتجزين داخل تونس”. وقد انطلق هذا النوع من الزيارات في تونس منذ سنة 2005، إلا أنها أوضحت أن “من ضوابط تلك الزيارات أن لا يتم الخوض في مضمونها سوى مع السلطات الرسمية، من أجل ضمان الفعالية في تحسين ظروف الإعتقال”.

مطير أفادت أيضا أن أعضاء من اللجنة أدوا 45 زيارة إلى أماكن اعتقال في تونس خلال السنة الماضية، كما مكنت اللجنة 212 مهاجرا في مراكز استقبال مؤقتة جنوب تونس من إجراء اتصالات هاتفية مع ذويهم. وتمكن موظفو اللجنة أيضا من تيسير تبادل 104 رسالة من “رسائل اللجنة الدولية للصليب الأحمر” و110 رسالة شفوية عبر الهاتف بين السجناء وعائلاتهم. وخلال الفترة نفسها، مكنت اللجنة الدولية المهاجرين في الجنوب التونسي من إجراء حوالي 37 مكالمة هاتفية. وتم تبادل 67 رسالة بين مكتوبة وشفوية بين الأسر وذويهم المحتجزين في الخارج.

دورٌ إقليمي 

على صعيد آخر، تدعم اللجنة الدولية للصليب الأحمر ضحايا النزاعات والعنف، مثل اللاجئين الصحراويين، من خلال برنامجها لمعاودة التأهيل الجسدي. وفي هذا الإطار، تدعم اللجنة الدولية منذ سنة 2007 مركز الشهيد الشريف، الواقع داخل حرم المستشفى الوطني “الشهيد الحافظ” في الرابوني، وهي منطقة قريبة من مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف، الواقعة غير بعيد عن الحدود الجزائرية المغربية. 

وتضمن اللجنة الدولية للصليب الأحمر النقل المجاني، انطلاقا من نقطتي تجميع في كل من تندوف وبرابوني. ويتولى الطاقم متعدد التخصصات المسؤول عن مركز إعادة التأهيل البدني، تقديم خدمات مختلفة إلى المتضررين، مثل العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي وتأمين أجهزة اصطناعية لمبتوري الساق أو الذراع، وأجهزة تقويم لكل المصابين بمختلف الإعاقات، والعصي والكراسي المتحركة. كما يقوم الطاقم الطبي بزيارات ميدانية إلى المخيمات لمتابعة أوضاع المرضى. ويؤمّن المركز للمرضى فرصة السكن طيلة مدة العلاج، علما أن جميع هذه الخدمات تُقدم مجانا. 

للعلم، تتبعُ نشاطات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تندوف البعثة الاقليمية للجنة الدولية بتونس، ضمانا للحيادية.

سيدة بلباس قاضية في محاكمة صورية
cicr

تطوير القانون الإنساني

تشمل نشاطات البعثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر في تونس أيضا دورات تكوين وتدريب بالتعاون مع أكاديميين وإعلاميين من أجل تطوير الوعي والمعرفة بالقانون الدولي الانساني، ويتم كثير منها بالتعاون مع منظمة الهلال الأحمر التونسي. ومن بين شركاء البعثة في هذا المجال كلية الحقوق بالجامعة التونسية التي أقيمت معها دورة حول موضوع “دور المحكمة الجنائية الدولية”. ويندرج هذا النشاط في إطار الجهود التي تبذلها اللجنة الدولية من أجل فهم أفضل لمهمتها وعملها في كنف الحياد وعدم التحيّز والاستقلالية. 

كذلك استضاف المعهد العالي لأصول الدين بتونس (التابع لجامعة الزيتونة) يوما دراسيا حول حماية المدنيين في النزاعات المسلحة بين الشريعة الإسلامية والقانون الإنساني الدولي. كما تعاونت البعثة الاقليمية للجنة الدولية مع وزارة الصحة التونسية في إقامة ندوة حول جراحة الحروب في مدينة قابس (جنوب) بمشاركة ثلاثين طبيبا تونسيا من المتخصصين في جراحة العظام والقلب والشرايين والجراحة العامة. وعلى مدى ثلاثة أيام، اطلع المشاركون على خصوصيات مختلف جروح القلب وكيفية رعاية هذه الفئة من المصابين، وتمت مناقشة العديد من المواضيع في هذا الشأن مثل الأضرار الباليستية والكسور وإصابات الألغام مع المختصين في جراحة الحرب الموفدين من طرف اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

*تأسست البعثة الاقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر بتونس في سبتمبر 1987

*كانت موجودة في تونس قبل ذلك وتعرضت قافلتها إلى أضرار فادحة خلال الغارة التي نفذها سلاح الجو الفرنسي على قرية ساقية سيدي يوسف الحدودية مع الجزائر في فبراير 1958.

*جهزت البعثة أماكن خاصة في سجني المرناقية (مدينة تونس) والقصرين (وسط) تحتمي بها العائلات من الحرِ والقرِ عند انتظار دورها في زيارة أبنائها المعتقلين. 

عسكريون وأمنيون.. وسينمائيون

لم تقتصر نشاطات البعثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر في تونس على المدنيين بل شملت أيضا العسكريين. إذ أوضحت فاتن مطير أن مائة من كبار ضباط الجيش والجمارك والدفاع المدني، تلقوا تكوينا من شأنه أن يُعزز معرفتهم بالقانون الدولي الانساني، في إطار الندوة العلمية السنوية التي تقيمها المدرسة الحربية العليا التابعة لوزارة الدفاع التونسية، بدعم من  اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وفي هذا الإطار، تطرقت المناقشات، التي شارك فيها الضباط التونسيون، إلى عدة جوانب من الموضوع، وفي مقدمتها مفهوم حماية السكان المدنيين. 

وأضافت فاتن مطير أن نشاط البعثة توسّع أيضا إلى مجال السينما، إذ أقام الهلال الأحمر التونسي بالتعاون مع نشاطات البعثة الاقليمية للجنة الدولية و”جمعية مُخرجي الأفلام” التونسية، يوم الفيلم الإنساني في كل من العاصمة تونس والمهدية والكاف وسيدي بوزيد. وقالت إن الذين حضروا العروض كانوا من المتطوعين من اللجان الجهوية والمحلية في المحافظات الأربع.

وفي أكتوبر 2016، شارك عشرون طبيبا تونسيا، بينهم أطباء التخدير والعناية المركزة والكسور وقسم الطوارئ، في الدورة التكوينية الأولى لعلاج الجروح في حالات الطوارئ، التي اقامتها المديرية العامة للصحة العسكرية في المستشفى العسكري بتونس العاصمة.

وتوافقت وزارة الداخلية التونسية واللجنة الدولية على برنامج طموح يُنجز خلال العام الجاري يرمي إلى تكريس لامركزية التدريب، بمعنى أن يشمل الأمنيين العاملين في داخل البلد. وتدعم اللجنة الدولية للصليب الأحمر هذا المشروع من خلال تأمين الخبرات الدولية في هذا المجال من أجل “المساهمة في ترسيخ ثقافة حقوق الانسان في العلاقات بين المواطن والأمني”.

من العلاج الوظيفي إلى المساند الطبية

هذه نماذج من الخدمات التي يقدمها المكتب الاقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر في تونس:

العلاج الطبيعي : و يتضمن تمارين علاجية للعضلات، والحفاظ على حركة المفاصل، وإعادة توازن الجسم، وكيفية استخدام الأجهزة المساعدة.

العلاج الوظيفي : تحسين أداء الفرد والتغلب على جوانب القصور أو العجز وتحسين قدرته على أداء الواجبات والأعمال اليومية باستقلالية والحد من الاعتماد على الغير.

الأطراف الاصطناعية : يتم تصنيع طرف اصطناعي كبديل للطرف المبتور باستعمال مادة “البوليبروبيلان”، وهي تقنية خاصة تتماشى مع الظروف المناخية للمنطقة  

المساندُ الطبية : وهي أجهزة مساعدة أو مصححة لجزء من الجسم.

الشلل الدماغي عند الأطفال : يهتم المركز بصفة خاصة بالأطفال الذين يعانون من الشلل الدماغي فيدرب أفراد العائلة على القيام بالتمارين اليومية اللازمة كما يزودهم بالأجهزة المساعدة إذا اقتضت الحاجة.

زيارة المخيمات: يقوم فريق العمل بزيارات دورية إلى المخيمات لمتابعة المرضى، وخاصة منهم المستفيدين بالأطراف الإصطناعية لتوجيههم للاستخدام الصحيح والصحي للطرف.

المُستفيدون من الخدمات والعلاج بالمركز كُثرٌ ابتداءً من ضحايا الألغام الأرضية وصولاً إلى أولئك الذين يُعانون من بتر أو تشوه أو شلل في الأطراف السفلى أو العليا أو  من عواقب كسر غير ملتئم.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية