مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التحرش الجنسي.. ظاهرة بلا وطن!

أحد التجمعات التي نظمها متظاهرون على سلم نقابة الصحفيين في القاهرة للتنديد بظاهرة التحرش الجنسي في مصر swissinfo.ch

اتفق خبراء مصريون متخصِّـصون في القانون والاجتماع وعِـلم النفس والإعلام والمجتمع المدني، على خطورة ظاهرة "التحرش الجنسي" على الفرد والأسرة والمجتمع، وأقرّوا بوجودها في مصر والدول العربية، سواء بسواء، وأكّـدوا أنها تتكاثر "بغِـياب الرّوادع الدّينية والأخلاقية"، وتتناسب تناسبًا عكسِـيًا معها، وطالبوا في الوقت نفسه بإعادة "الانضباط الأمني" إلى الشارع العربي، محذّرين من التمادي في إهمال الأمن الاجتماعي لصالح الأمن السياسي.

وأوضح الخبراء أن ظاهرة التحرّش الجنسي، التي استفحلت في الآونة الأخيرة وصارت ظاهرة مُـقلقة ومُـخجلة، تقِـف خلفها أبعادٌ اقتصادية وأخرى اجتماعية ونفسية، منها الكبْـت الجنسي النّـاتج عن تأخّـر سنّ الزواج والمُـغالاة الممجوجة في المُـهور، إضافة إلى البطالة التي توشك أن تفترِس زهرة شباب العالم العربي، فضلا عن الفقر والجهل والإحساس بإنعدام العدالة وحالة اليأس والإحباط وانتشار العشوائيات، والفراغ القاتل، مطالبين كل فئات وشرائح المجتمع بالتكاتف والتعاون للقضاء على الظاهرة، التي تشين الأمة العربية جمعاء.

وفي محاولة للوقوف على ظاهرة التحرّش الجنسي ومناقشة الأبعاد القانونية والاجتماعية والنفسية والإعلامية لهذه الجريمة، والإطلاع على الأسباب والنتائج والحلول المقترحة، التقت سويس إنفو كلا من الخبيرة القانونية المستشارة الدكتورة نهى الزيني، نائبة رئيس هيئة النيابة الإدارية، والخبيرة والمستشارة الاجتماعية نجلاء محفوظ، رئيسة القسم الأدبي المناوب بمؤسسة الأهرام، والخبيرة النفسية الدكتورة داليا الشيمي، مديرة مركز “عين على بكرة” للمساندة النفسية والتنمية الأسرية، وأخصائية التقييم النفسي وتنمية المهارات والتدخّـل المبكّـر بمستشفى الجلاء بالقاهرة، والصحفية داليا يوسف، النشطة في مجال المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، وأخيرًا الخبيرة الإعلامية زينب حامد، المدرسة المساعدة بقسم الإذاعة والتليفزيون في كلية الإعلام بجامعة القاهرة.

حكم كافٍ وعقوبة رادعة

المستشارة د. نهى الزيني (رئيسة لجنة الانتخابات بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة في الانتخابات البرلمانية لعام 2005، والتي تسبّـبت شهادتها بتزوير النتيجة لصالح مرشح الحزب الحاكم في ظهورها كنجمة لامعة)، أوضحت أن “الحكم الصادر في قضية الفتاة نُـهى رشدي، بالسجن 3 سنوات، ضد الشاب الذي تحرّش بها، سليم مائة بالمائة من الناحية القانونية، وأنه لم يكن غريبًا أو مستبعدًا، بل كان منتظرًا من القضاء المصري النزيه”.

وقالت الزيني في تصريحات خاصة لسويس إنفو: “لسنا بحاجة لقانون جديد خاص بالتحرش، فالمواد الموجودة في قانون العقوبات كافية ورادعة وتجرم هتك العرض وإفساد الأخلاق، كما تجرم الفعل الفاضح، وهي ذات المواد التي استند إليها القاضي الذي حكم على الجاني الذي تحرش بنُـهى”، مشيرة إلى أن “المدّة كافية، والحكم سيجعل كل من تسول له نفسه التحرش بامرأة أن يفكر 100 مرة قبل أن يقدم على هذه الجريمة”.

وكانت مصادر قانونية قد شكّـكت في صحّـة ما ردّدته بعض وسائل الإعلام من أن الحُـكم الذي صدر في قضية نُـهى، هو الأول من نوعه في تاريخ مصر، مشيرة إلى أن هناك عددًا من الأحكام التي صدرت في قضايا مماثلة، لكنها لم تأخذ حظها من الدّعاية الإعلامية.

وتذهب الناشطة داليا يوسف إلى أن “ميزة الحُـكم الذي صدر في قضية نُـهى تتمثل في أنه سيشجع الأسرة، كما أن فيه قيمة اجتماعية مُـضافة، عبر الحُـكم، فضلا عن كونه نوع من التدريب للبنات على مواصلة التقاضي حتى صدور الحُـكم، لأنه سيمثِّـل تجربة يُـقاس عليها عند كثير من الفتيات اللاّتي يتعرّضن للتحرّش، طالما أن هناك فتاة غامرت وأخذت حقّـها، فتجربة نُـهى جعلت المغامرة أقل غموضًا للبنات”.

الخبيرة الإعلامية زينب حامد اعتبرت بدورها أن “الحكم الأخير مفيد، لأن البنات سيُـصبحن أكثر جُـرأة في المطالبة بحقوقهن والدفاع عن أنفسهن، خاصة في ظل وجود الإعلام البديل من صحف خاصة، كالمصري اليوم والدستور ومواقع إلكترونية وبرامج توك شو، كل هذا ساهم في تفجير الموضوع وإعلام الناس بالقضية، حتى أصبحت قضية رأي عام”.

التحرّش ظاهرة بلا وطن!

وتعرف الخبيرة النفسية د. داليا الشيمي التحرش الجنسي بأنه “نوع من الانتهاك البدني للمرأة، فيه خدش لحيائها، خاصة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية التي تضع ضوابط للتّعامل مع جسد المرأة”، مشيرة إلى أن “التحرش لا يكون باللمس فقط، فهناك تحرّش بالألفاظ الإباحية يتطوّر شيئًا فشيئًا، ليصل إلى التحرش باللمس، وينتهي بالنشاط الجنسي”.

وتتفق مع الشيمي في تعريفها للتحرش، الإعلامية حامد، وتضيف في تصريحات خاصة لسويس إنفو: أن “التحرش الجنسي هو نوع من العنف البدني ضد المرأة وأنه أنواع ودرجات، فهناك عنف لفظي يتمثل في المعاكسات اللفظية، وهناك عنف بدني ويتمثل في التحرش الجسدي، وهناك عنف أو تحرّش إلكتروني، يتمثل في الرسائل والمواد الإباحية التي تُـرسل عبر “الموبايل” و”الإيميل” و”البلوتوث””، مشيرة إلى أن مصر والعالم العربي عموما يشهد “سوء استخدام للوسائل التكنولوجية الحديثة” التي تحولت إلى “أسلحة ذو حدّين”، حسب رأيها.

واعتبرت د. الزيني أن “التحرش موجود بمصر، كما هو موجود بكل البلدان العربية والغربية، وأنه يتكاثر بغياب الرّوادع الدِّينية والأخلاقية، وأنه يتناسب تناسبًا عكسيًا معها. فكلما زادت الرّوادع قلّ التحرش والعكس صحيح”، معتبرة أن “هناك مبالغات في تقدير حجمه من وسائل الإعلام وبعض المراكز الحقوقية، بالداخل والخارج، وإن كان تسليط الضوء على القضية قد يُـفيد في علاجها، كما لا يخفى أن هناك أجندة غربية في هذا الأمر”.

وتؤيِّـد الخبيرة الاجتماعية نجلاء محفوظ ما ذهبت إليه المستشارة الزيني، لكنها تحرص على تنسيب الأمور منوهة إلى أن “التحرّش موجود بكل بلاد العالم، وليس في مصر فقط، وهو بالطبع شيء مرفوض، إنسانيًا ودينيًا، غير أن هناك بعض الجمعيات النسائية التي تبالغ في تصوير الأمر وكأنه أصبح عاصفة تجتاح البلاد”، وتضيف “أكرر أن التحرّش مرفوض وغير مبرّر ولا أستهين به”.

أما الناشطة داليا فهي تتفق مع الآراء التي ذهبت إلى أن التحرّش ظاهرة عربية وعالمية وليس مصرية فقط، لكنها تختلف في تقدير حجم الظاهرة وتقول في تصريحات خاصة لسويس إنفو: “التحرش ظاهرة شديدة الانتشار في المجتمع المصري وتتم بصور مختلفة وبشكل يومي، في وسائل المواصلات والنوادي والحدائق العامة والأماكن المزدحمة، والمشكلة أننا لا نلتفت إلا إلى التحرش الجنسي في مراحله المتقدمة”.

وحول الدور الذي لعبه الإعلام في كشف الظاهرة، قالت الإعلامية زينب حامد: “لا شك أن الإعلام في الفترة الماضية ركّـز على قضية التحرش وساهم في خلق رأي عام قوي حول قضية نُـهى رشدي”، وهو ما تذهب إليه الناشطة داليا يوسف، وتضيف أن “ظاهرة التوك شو ساهمت في نشر القضية والترويج للحُـكم”.

أفلام شبابية هابطة!

ومن جهتها، ربطت نجلاء محفوظ بين الحياة الاقتصادية المُـنهارة للمصريين والتحرّش فقالت: “الملاحظ أن هناك أسبابًا اقتصادية وراء تزايد نسبة التحرش، حيث لاحظنا أن نسبة كبيرة من المتحرّشين هم من أبناء الطّـبقات الفقيرة وأنهم يتعمّـدون الذهاب للمناطق الراقية لممارسة التحرّش ببنات الطبقة الراقية، وهو مؤشر خطير على تزايد الفجوة الاقتصادية والغضب المكتوم من الفقراء تُـجاه الأغنياء”، معتبرة أن “في مقدمة أسباب انتشار التحرش، غياب الأمن عن الشارع، وهو ما يشكِّـل الرادع الاجتماعي الخارجي”.

وأضافت نجلاء محفوظ في تصريحات خاصة لسويس إنفو أن “للتحرش بُعد اجتماعي وآخر ديني وثالث إنساني. فالمفروض أن يكون هناك رادِع داخلي يمنَـع الإنسان من ارتِـكاب جريمة التحرّش، وهو الخوف من الله والشعور بأنه يراه فيستحي أن يراه على المعصية، فضلا عن الضمير الخاص بالتنشئة الاجتماعية التي يجدها في أسرته ومجتمعه”، معتبرة أن “الأسرة لا تقوم بدورها في التربية السليمة وزرع الضمير في نفوس الأبناء، وأن المجتمع ووسائل الإعلام والمدرسة، لا يقومون بأدوارهم كما ينبغي”.

وتتفق الشيمي مع محفوظ فيما ذهبت إليه، لكنها تركز اهتمامها على ظاهرة أخرى تتلخص في أن “بعض المتحرّشين يعتقدون أن الفتيات اللائي تأخّـرن في سن الزواج (يطلق عليهن إعلاميًا تعبير العوانس)، هن أكثر موافقة على التحرش بهن من غيرهن لاحتياجهن الجنسي وحرمانهن العاطفي، وهو فهم قاصر ونظرة خاطئة”، معتبرة أيضا أن “المشكلة أن النوادي صارت مقصورة على أبناء الأثرياء، بعدما وصلت قيمة الاشتراك إلى عشرات الآلاف من الجنيهات.. في وقت لا يكاد المواطن العادي يجد لُـقمة العيش، كما اختفت الساحات الشعبية التي كانت تُـعتبر المتنفس الوحيد للفقراء من الشباب”.

وتوضح الشيمي كذلك أن “الإعلام البديل أكّـد ظاهرة التحرش وساهم في نشرها، وهو في هذا أخطر مائة مرة من الإعلام القديم المُـتعارف عليه (السينما والمسرح ومسلسلات الدراما والصحافة التقليدية)، فخاصية “البلوتوث” الموجودة في أجهزة “الموبايل” ساعدت بعض التلاميذ من المراهقين وبعض الشباب الباحث عن المُـتعة الحرام، على أن يتناقلوا عبر الموبايل موادّ إباحية، (صور – صوت – فيديو)، بل ووصل الأمر لحدّ تناقل علاقة جنسية كاملة عبر الموبايل بعد تسجيلها من أحد المواقع الإباحية المنتشرة بكثرة على الإنترنت بلا رقيب أو حسيب..”.

ورغم اتفاقها مع الشيمي ومحفوظ، تُـبدي الناشطة داليا يوسف قلقها من تراجُـع المستوى الثقافي للبنات في مصر، رغم أنهن أكثر حظًا في التعليم مقارنة بالأجيال السابقة، مشيرة إلى أن “التعليم في مصر يتعرّض لأزمة حادّة تهدّد بوقوع “كارثة قومية”، ويكفي أن تعلم أن نسبة الأمية في مصر تعدّت نسبة 51%، وهي فضيحة بكل المعايير”.

وتكشف يوسف عن أن “السياق الاجتماعي والثقافي للمجتمع المصري قد تغيّـر كثيرًا لدرجة أن المتحرّش أصبح واثقًا أن أمره لن ينكشِـف، بسبب خجل البنت وخوفها على سُـمعتها وكرامتها، ولذا، فإنه يتمادى في فعلته بلا خوف، وينتقل من ضحية إلى أخرى بلا رادع”، مشيرة إلى أن “البُـعد الغائب في الموضوع، هو الضبط الاجتماعي الذي تراجع إلى وضع مخيف”، على حد قولها.

كما ترجع حامد أسباب تفشِّـي ظاهرة التحرش الجنسي بالنساء في مصر والعالم العربي، إلى “موجة الأفلام السينمائية الشبابية التي ظهرت بكثافة في السنوات الأخيرة، والتي تعرّضت بصورة مكشوفة لتفاصيل العلاقات الجنسية”، مُـعتبرة أن “حادث التحرّش الذي وقع بشارع جامعة الدول (العربية)، كان نتيجة طبيعية لتغطية أجهزة الأمن على الحادث، الذي وقع العام الماضي في وسط البلد”.

“حجاب” أكثر عريًا!!

وفي تعليقها على الدّراسات التي تتكلّـم عن أن المحجّـبات هنّ أكثر تعرّضًا من غيرهِـن لحوادث التحرّش والمضايقات والمعاكسات، قالت الناشطة يوسف: “لدي انطباع عام بأن الزيّ عامل لا يجب أن نهمله عند دراسة الأسباب الكثيرة المؤدية للتحرّش، لكنه في كل الأحوال لا يبرّر ارتكاب الجريمة”، معتبرة أن “هذه الدراسات تغافلت شيئًا مهمّـا، وهو أن الحِجاب الذي يتحدّثون عنه أكثر تبرّجًا من العري”.

وتضيف يوسف في تصريحات خاصة لسويس إنفو أنه “مع تسليمنا بانتشار الحِـجاب في السنوات الأخيرة، إلا أنه ظهر بمُـوضات غربية تخالف الضوابط التي اشترطها الإسلام في زيّ المرأة المسلمة، والتي اتفق عليها جمهور الفقهاء، وهي أن يكون (سابغًا يغطّـي البدن، عدا الوجه والكفين/ سمكيًا لا يشف/ فضفاضًا لا يصف ولا يحدد/ هادئ اللون لا يلفت الأنظار/ غير معطر لا يثير من يراه/……).

وتتفق محفوظ مع يوسف فيما ذهبت إليه، وتضيف أنها “قرأت بحثًا لإحدى السيدات تقول فيه، إن أغلب الرّجال يتحرّشون بالنساء المنقّـبات، بدعوى أن النِّـقاب يثير فضول الرجال، كما أنهم يسعَـون لأنْ يَـروا ما تُـخفيه المنقّـبة”، وتعلق على هذا الكلام بقولها: “هذا البحث بعيد كل البُـعد عن الحقيقة، وهو أمر ساذج لا يصدقه غبيٌ، فضلا عن العقلاء”، مشيرة إلى أن “مثل هذه الأقاويل لا تستهدِف سوى النّـيل من المنقّـبات، في محاولة للإساءة إلى الإسلام”.

وتؤيِّـد الاجتماعية محفوظ والناشطة يوسف فيما ذهبتا إليه؛ المستشارة الزيني، التي تختلف تمامًا مع ما ذهبت إليه هذه الدراسات والاستطلاعات، وتقول: “في رأيي أن غير المحجّـبات هنّ أكثر تعرّضًا للتحرّش والمعاكسات والمضايقات، غير أن بعض المحجّـبات لسن بمنأى عنه”، في إشارة إلى ما يُسمى بـ “الحجاب العصري”.

وتضم الإعلامية حامد صوتها لجملة الخبيرات الرافضات للرّبط بين الحجاب والتحرّش، وتضيف أن “ملابس البنات أصبحت اليوم أكثر تحرّرًا وانفِـلاتًا، وأنها أحد الأسباب التي لا يجب إنكارها في دفع الشباب المُغَيَّبِ إلى ارتكاب جريمة التحرّش،” مؤكِّـدة أن “معظم البنات اللاّتي ترتدين الحِـجاب هذه الأيام، لا يُـراعين الضوابط الشرعية الواجبة في الحجاب، حيث لا يمثل الحجاب لديهِـن سوى لون من ألوان المُـوضة، وهو ما يجعله في بعض الأحيان أشدّ تبرجًا من التبرج”، على حد قولها .

الحاجة إلى دعم نفسي ومعنوي

وحول الآثار النفسية لجريمة التحرّش على المتحرش بها، أوضحت الشيمي أن “التحرّش يخلق عند المرأة شعورًا بعدم تقبّـل الجسم، وهو ما يؤثر سلبيًا على علاقتها المستقبلية مع زوجها، كما يُـشعرها بأنها عديمة القيمة وأنها مجرّد وسيلة للمُـتعة، ليس إلا”، معتبرة أن “الجِـنس بالنسبة للمرأة، يساوي العاطفة والحنان، والعنف يقضي على مشاعِـر المرأة تمامًا ويدمِّـر هذه العاطفة ويؤثر على حالتها النفسية والعصبية”.

وتقول الشيمي في تصريحات خاصة لسويس إنفو: “حادثة التحرّش الجنسي لا تُمْحى من ذاكِـرة المرأة بسهولة، ما لم يُقـدّم لها الدّعم النفسي المناسب، بل إنها قد تظَـل تُـطاردها لعشرات السنين، حتى تكبر وتتزوج وتنجب وتصبح أمّـا ويتقدم بها السن، حتى وإن كانت تعرّضت للتحرش وهي ابنة 4 سنوات!!”، وتضيف “عندي أكثر من حالة بالمركز أقوم بعلاجها لسيدات تعرضن للتحرش في عمر يتراوح بين الرابعة والسادسة، ومع هذا، فإنهن لا ينسين هذه الواقعة أبدًا”.

وتصل الشيمي إلى القول بأن “التحرّش يصيب المرأة بالاكتئاب النفسي وفوبيا التعامل مع الناس في الشارع، حيث أنها تكون فاقِـدة للشعور بالأمان والثقة بالنفس، كما أنه يؤثر سلبيًا على علاقتها بأولادها مستقبلا، حيث تصبح شديدة الحِـرص عليهم لدرجة المبالغة، وهو نوع من الحماية الزائدة، التي تؤثر سلبيًا على تربيتهم وتكوينهم المستقبلي، ومن ثَـمَّ على مستقبلهم الاجتماعي”.

وحول الدّور الواجب على الأسرة والمجتمع لمعالجة الفتاة المتحرّش بها، قالت الشيمي: “مطلوب في البِـداية دعمها نفسيًا ومعنويًا، مع ضرورة أن نقتص لها ممّـن تحرش بها، وفي بعض البلدان الأوروبية يشترطون حضور الفتاة المتحرّش بها جلسات المحاكمة للشاب الذي تحرّش بها لتسمع بأذنها إدانته واتِّـهامه وصدور الحكم بسجنه، مما يكون له أثر إيجابي ومردود طيِّـب على حالتها النفسية”.

“روشتة” العلاج.. أدوار متكاملة

وحول روشتة العلاج والأدوار المطلوبة لمحاربة هذه الظاهرة المشينة، طالبت د. الزيني “بتسليط الضوء على موضوع التحرّش وأن يقوم كلٌ بدوره، لأنه إذا كان النصّ القانوني موجودا فإن على المرأة التي يتِـم التحرش بها أن تتماسك وتتشجّـع وتُـسارع لإبلاغ الشرطة وتُـصرّ على حقها، وعلى وسائل الإعلام أن تحذِّر من خطورة الظاهرة وتشرح أبعادها، اجتماعيًا ونفسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، وعلى الأسرة تقديم الدّعم اللاّزم لها ومساندتها نفسيًا ومعنويًا، والوقوف إلى جانبها حتى تحصُـل على حقها”.

وأضافت الزيني: “وعلى أجهزة الشرطة تكثيف دوريات الانضباط في الشارع، مع التركيز على وسائل المواصلات والأماكن المزدحمة والمسارعة لنجدَة الفتيات المتحرّش بهِـن، والاهتمام بالبلاغ والتحرّك لضبط الجاني وتنفيذ القانون بدون تراخي؛ ففي حادثة شارع جامعة الدول، وصلت الشرطة بعد أكثر من ساعة من الإبلاغ”، مشيرة إلى أن “مصر تعاني من مشكلة أمنية كبيرة، وهي تغليب الأمن السياسي على حساب الأمن الاجتماعي”.

وتعتبر د. الشيمي أن “الإعلام البديل، سلاح ذو حدّين، لذا، فالمطلوب ضبطه ومراقبته وعمل فلاتر مركزية من قِـبل الحكومة لمنع وصول هذه المواد الإباحية (صور – صوت – فيديو) للمستخدم، حماية له وللأسرة والمجتمع من الضّـياع، الذي يعود بلا شك بالخسائر الفادحة على الجميع”؛ وتتساءل عن “سبب اختفاء الملاعب من المدارس وإهمال حصص التربية الرياضية والفنية والقومية والدّينية، لصالح المواد العلمية الأخرى، وهو فهم قاصر وتصرف غير مسؤول”، على حد قولها.

وبينما تطالب الشيمي الدّعاةَ بالتحدّث بلغة الشباب، وأن يكونوا أكثر واقعية وأن يمسوا احتياجات الشباب في دروسهم وخُـطبهم وبرامجهم، وأن يُـديروا حوارًا طويلا معهم، فيردّوا على أسئلتهم، ويحترموا رغباتهم، وأن لا يسفهوا آراءهم؛ تؤكّـد يوسف أننا “في حاجة ماسّـة لـ “كود” أخلاقي عام وضبط اجتماعي، فضلا عن الحاجة إلى تأهيل البنات وتربيتهم على الدِّفاع عن أنفسهن”، موضحة أن “التربية السليمة والثقة بالنفس والوعي الثقافي، هي عوامل حاسمة في التعامل مع القضية”.

وتدعو حامد إلى “تقوية الشعور بالثقة المتبادلة بين المواطن وأجهزة الأمن، وقيام بعض المسؤولين بعمل مُـتابعة دورية للردّ على التساؤلات والاستفسارات، التي ترِدُ من المواطنين في برامج التوك شو (الحوارية)، إضافة إلى تفعيل موادّ التحرش الموجودة في قانون العقوبات”، مشيرة إلى أهمية أن “يلعب الإعلام دورًا في تغيير المفهوم الخاطئ عن المرأة، على أنها مجرّد سلعة وجسد، كما يبدو من سَـيل الإعلانات”.

وتختتم حامد حديثها، مطالبة بالاستفادة من “التقنيات الحديثة في محاربة الظاهرة من خلال إرسال رسائل التوعِـية عبر الموبايل، لتذكير الشباب وبيان سوء عاقبة جريمة التحرّش”؛ مشيرة إلى ضرورة “اهتمام الدُّعاة الجُـدد، أمثال عمرو خالد ومصطفى حسني ومعز مسعود والشيخ محمود المصري وغيرهم، بمعالجة قضايا التحرّش الجنسي وإدارة حِـوار مع الشباب، في برامج موجّـهة يحضرها شباب ممّـن لديهم خِـبرات أو تجارب إيجابية أو سلبية في موضوع التحرّش”.

همام سرحان – القاهرة

القانون رقم 58 لسنة 1937، بإصدار قانون العقوبات والصادر في 31 يوليو 1937 والمعمول به اعتبارا من 15 أكتوبر 1937 والمعدل بالقانون 283 لسنة 1956 والمعدل بالقانون 106 لسنة 1971.

الكتاب الثالث: الجنح والجنايات التي تحصل لآحاد الناس.
الباب الرابع: هتك العرض وإفساد الأخلاق

مادة 267: من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالسجن المؤقت. فإذا كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادما بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم، يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة.

مادة 268: كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك، يعاقب بالسجن المشدد من 3 سنين إلى سبع.

وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة، أو كان مرتكبها ممن نص عنهم في الفقرة الثانية من المادة 267، يجوز إبلاغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقرر للسجن المشدد، وإذا اجتمع هذان الشرطان معا يحكم بالسجن المؤبد.

مادة 269: كل من هتك عرض صبي أو صبية لم يبلغ سن كل منهما 18 سنة كاملة بغير قوة أو تهديد، يعاقب بالحبس، وإذا كان سنه لم يبلغ سبع سنين كاملة أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267، تكون العقوبة بالسجن المشدد.

مادة 269 مكرر: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر كل من وجد في طريق عام أو مكان مطروق يحرض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال.

فإذا عاد الجاني إلى ارتكاب هذه الجريمة خلال سنة من تاريخ الحكم عليه في الجريمة الأولى، فتكون العقوبة الحبس مدّة لا تزيد على ستة أشهر وغرامة لا تجاوز خمسين جنيها، ويستتبع الحكم بالإدانة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة.

مادة 278: كل من فعل علانية فعلا فاضحًا مخلا بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه.

مادة 279: يعاقب بالعقوبة السابقة كل من ارتكب مع امرأة أمرًا مخلا بالحياء ولو في غير علانية.

(المصدر: كتاب قانون العقوبات المصري – القسم الخاص – جرائم الاعتداء على المصلحة العامة وجرائم الاعتداء على الأشخاص – للدكتور رفاعي سيد سعد، أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة بني سويف – بجمهورية مصر العربية – طبعة 2004 – مكتبة دار النهضة العربية للنشر).

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية