مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الجمود في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لن يُكسر قريبا

بعد عشرات السنين من المفاوضات، يظل ملف مدينة القدس من نقاط الخلاف المستعصية على الحل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. Keystone

لم يسفر النقاش الذي جمع إلياس صنبر، السفير الفلسطيني لدى منظمة اليونسكو والسياسية والكاتبة الإسرائيلية يائيل دايان على هامش فعاليات مهرجان فيلم حقوق الإنسان في جنيف عن تقديم أي جواب عن التساؤل المطروح في ندوة "إسرائيل – فلسطين: كيف يمكن كسر الأمر الواقع؟".

في المقابل، أعرب جون دانيال روخ، السفير المكلف بملف الشرق الأوسط بوزارة الخارجية السويسرية الذي شارك في الندوة عن استغرابه كيف أن “نقاشا حول موضوع الصراع الفلسطيني جلب عددا كبيرا من الحضور في وقت أصبحت تتجاهله الصفحات الأولى لوسائل الإعـلام”.

وبالفعل استقطبت الندوة الحوارية التي نظمت مساء الأربعاء 7 مارس 2012 في جنيف، في إطار الدورة العاشرة لمهرجان فيلم حقوق الإنسان مئات الأشخاص قدموا للإستماع إلى وجهة نظر أصوات تعتبر معتدلة من الطرفين، في شخص الكاتبة والسياسية الإسرائيلية يائيل دايان ابنة الجنرال الراحل موشي دايان، وفي شخص السفير الفلسطيني لدى منظمة اليونسكو إلياس صنبر.

عراقيل قديمة.. بل قد تكون مقصودة

اختار منظمو الندوة أن يتركز النقاش فيها على “كيفية كسر الجمود الذي تشهده مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين”. وفي هذا السياق، حلل السفير الفلسطيني أسباب الجمود القائم حاليا في المفاوضات بين الطرفين موضحا بأنها ليست وليدة التقلبات الأخيرة الناتجة عن ثورات الربيع العربي، أو ناجمة عن بروز الخطر النووي الإيراني.

وفي المقام الأول، عدد السفير إلياس صنبر “توسع المستوطنات اليهودية” إضافة إلى “مواقف المستوطنين اليهود الذين يشكلون أقلية أصبحت تهيمن على مواقف الإدارة الإسرائيلية”، على حد قوله.

إضافة إلى ذلك، حمّل الجانب الأمريكي مسؤولية فرض “مسار تفاوضي مُتعرّج يتمثل في العمل على التفاوض بخصوص القضايا التي لا تشكل خلافا بين الطرفين بدعوى خلق الثقة بينهما، وإبقاء القضايا الساخنة إلى ما بعد مثل قضية المستوطنات والقدس واللاجئين”.  وحسب رأيه، فإن النتيجة التي نجمت عن هذا الإملاء الأمريكي تمثلت في “إعطاء الجانب الإسرائيلي إمكانية التحكم في الوقت والتحكم في تقييم مدى استعداد أو عدم استعداد الجانب الفلسطيني للدخول في المفاوضات”. أما الحصيلة على الأرض فكانت “توسع للمستوطنات” بشكل أصبح معه حل الدولتين أمرا غير ممكن التحقيق.

كما أشار صنبر إلى الخلل القائم في ميزان التفاوض بين “دولة  لها حدود هي دولة إسرائيل” وبين “سكان أراض محتلة متنازع عليها، يُطلب منهم دوما تقديم الأدلة لتحديد حدود أراضيهم، وتقديم الأدلة حول عاصمتهم وما إلى ذلك من الأجوبة على التساؤلات التي يطرحها الطرف المحتل”.   

وبعد أن عبر السفير الفلسطيني لدى اليونسكو عن الأسف “لكوننا لم نبدأ بالتفاوض حول القضايا الحساسة من البداية أي حول المستوطنات والقدس واللاجئين”، قدم بعض التوضيحات التاريخية التي تطرح تساؤلات حول مدى جدية التمشي (منذ إطلاق مسار مدريد في خريف 1991) لحل معضلة الشرق الأوسط.

في هذا السياق، أشار إلياس صنبر إلى الحديث الذي دار بين الناشط الفلسطيني الراحل فيصل الحسيني ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر قبيل اجتماع مدريد عن “ما الذي قد يحصل عليه الفلسطينيون من المفاوضات” حيث رد عليه بيكر بالحرف: “أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة”، وهو “ما لم نتجاوزه لحد اليوم بقيد أنملة”، على حد تأكيد صنبر.  

مخاوف دائمة.. والوقت ليس في صالح إسرائيل

في مداخلتها، حاولت يائيل دايان حاولت التقليل من حدة الإنتقادات التي وجهها السفير الفلسطيني إلا أنها شاطرته الرأي بخصوص المستوطنين والمستوطنات حيث أشارت إلى أنه “يُراد تقديم الإستيطان على أنه تعزيز لأمن إسرائيل، ولكن لا أحد اليوم يؤمن بذلك ويكفي أن ننظر إلى ما تنقله وسائل الاعلام الإسرائيلية من تدخل لقوات الجيش لحماية المواطنين العرب من هجمات المستوطنين الذين لا يحترمون القوانين”.  كما اتفقت مع إلياس صنبر في اعتبار أن “الوقت ليس في صالح إسرائيل، لذلك يجب العمل على إعادة تفعيل العملية السلمية”.   

وعندما أسهبت يائيل دايان في تعداد المخاطر المُحدقة بالمنطقة والتي لها تأثير على المسار السلمي مثل ثورات الربيع العربي أو الخطر النووي الإيراني أو حتى القصف الفلسطيني الأخير لبئر السبع، تدخل السفير إلياس صنبر للتوضيح بأن العراقيل القائمة بوجه العملية السلمية “أقدم من المشكل النووي الإيراني” وأشار إلى وجود “عقدة الخوف لدى الشعب اليهودي رغم امتلاكه قوة عسكرية وحتى سلاحا نوويا حسب اعتقاد الجميع، وعقدة الشعور بالكراهية والنبذ”، على حد قوله.

وفيما اعترف السفير صنبر بأن “ذا الشعور بالخوف لدى الشعب اليهودي له مبرراته التاريخية من اضطهاد نازي وغيره” إلا أنه استدرك قائلا: “لا يجب تحميل الشعب الفلسطيني مسؤولية طمأنة الشعب اليهودي، لأن ذلك ليس في مقدوره كشعب يعيش في الشتات”، لينتهي إلى أن “أحسن عربون طمأنة هو عرض التوصل الى سلام شامل ودائم”.

مزيد من التساؤلات.. ولا أجوبة!

على عكس ما كان مؤملا من طرف الجمهور المتابع للندوة، لم يتمكن المتدخلان من الإجابة على التساؤل المطروح، حول كيفية تفعيل العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين للخروج من الأمر الواقع المفروض حاليا، بل أضافا مزيدا من التساؤلات.

فمن ناحيتها، ترى يائيل دايان أن الخطر بالنسبة للمنطقة بأكملها يكمُن في البرنامج النووي الإيراني وفي التطورات التي تعرفها سوريا وتساءلت: “بودي معرفة موقف أصدقائنا الفلسطينيين من البرنامج النووي الإيراني؟”، ما دفع السفير إلياس صنبر للرد بالقول: “إنكم تعيشون معنا وليس إلى جانبنا، وتعرفون جيدا كيف هي علاقاتنا بإيران وكيف هي علاقاتنا بعد ما حدث في غزة، وكيف هي علاقاتنا بسوريا…”.

وفي سياق متصل، تطرقت يائيل دايان عن موقف الدول التي أيدت انضمام فلسطين لمنظمة اليونسكو وتساءلت لماذا لم تقم بإنشاء تحالف وتدفع بملف المفاوضات الى الأمام؟ وكان رد السفير الفلسطيني لدى اليونسكو أن “الدول التي وقفت الى جانب فلسطين تحملت مسؤولياتها بجدية، ولو أدى ذلك إلى فقدان المنظمة لحوالي 200 مليون دولار” من الدعم الأمريكي. في المقابل، اعتبر أن رد فعل واشنطن المبالغ فيه راجع إلى أن “فلسطين، التي كانت ممثلة على المستوى الثقافي في المنظمة، أصبحت  بهذه الخطوة  ممثلة كدولة في محفل أممي، أي خارج قبضة المسار الذي حاولت فرضه الولايات المتحدة “.

وعلى الرغم من إقرار المُتحدثيْن في الندوة في نهاية المطاف بضرورة تعزيز فكرة “الإتفاق حول البحث عن نفس الهدف” أي إحلال السلام بين الشعبين، إلا أن معظم التساؤلات التي طرحها الجمهور في نهاية النقاش جاءت لتؤكد – بغض النظر عن الجمود الذي يعرفه المسار السياسي والتفاوضي – أن الأفكار السائدة في صفوف الرأي العام ليست بصدد التبلور في اتجاه حل محتمل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 65 عاما.

تجمع منظمة Jcall أفرادا من الجالية اليهودية في الشتات.

بعد إطلاقها في الولايات المتحدة، تأسس فرع لها في شهر مايو 2010 انطلاقا من البرلمان الأوروبي.

في ديسمبر 2011، تأسس فرع لها في سويسرا يسعى حسب رئيسه مايير كو فاندرشي إلى “الدعوة للعودة الى تحكيم العقل في أن مستقبل إسرائيل يمر بالضرورة عبر إقامة سلام مع الشعب الفلسطيني وإقامة نظام ديمقراطي وفقا لمبدإ الشعبين والدولتين”.

من مواليد 2 ديسمبر 1939 وهي ابنة موشي دايان، وزير الدفاع الإسرائيلي في حرب يونيو – حزيران 1967.

عملت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي برتبة نقيب.

انتخبت نائبة في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) ما بين 1992 و 2003

تترأس حاليا مجلس مدينة تل ابيب، عاصمة إسرائيل

تعرف بكونها كاتبة ومعلقة صحفية في العديد من الصحف العبرية ومن أعمالها “مذكرات حرب الأيام الستة” و “السيرة الذاتية” لوالدها موشي دايان.

انضمت الى حركة “السلام الآن”، وشاركت في منظمة بيتسلم والمركز الدولي للسلام ، ومجلس الأمن والسلم، وهو ما يتيح لها المشاركة في عدة ندوات ومؤتمرات عبر العالم حول موضوع السلم والأمن في إسرائيل. كما تساهم في حملات الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق ذوي التوجه الجنسي.

سفير فلسطين لدى منظمة اليونسكو حاليا.

لم يتجاوز عمره السنة حينما أطردت عائلته من فلسطين بعد قيام دولة إسرائيل.

أقام في لبنان والتحق بحركة المقاومة الفلسطينية في نهاية الستينات من القرن الماضي.

غادر لبنان الى فرنسا في عام 1969حيث تخرج  في قسم التاريخ ، وزاول مهنة التدريس الجامعي في باريس ولبنان والولايات المتحدة الأمريكية.

تولى مهمة رئيس تحرير مجلة “دراسات فلسطينية” التي أسسها في عام 1981

وقام بترجمة عدة أعمال شعرية من بينها قصائد الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش.

تم اختياره في عام 1992 عضوا في الوفد الفلسطيني المفاوض مع الإسرائيليين وتولى مهمة الإشراف على الفريق المعني بملف اللاجئين. كما أنه عضو في المجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1988.  

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية