مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التضحية بالاتفاقات الثنائية “سيكون كارثيا”

لا يزال كريستوف داربولي، رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي، يَعتبِـر بأن حماية الأسْرة هي الحِصان الرّابح الذي سيخوض به حزبه غِمار الانتخابات. 13 Photo

الحفاظ على سلامة الاقتصاد السويسري، هو أحد أولويات الحزب الديمقراطي المسيحي خلال الدورة التشريعية المقبلة. ولتحقيق ذلك، ليس أمامنا سوى التمسّك بالعلاقات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي، وِفقا لرئيس الحزب الديمقراطي المسيحي، كريستوف داربوليرابط خارجي.. مقابلة. 

لاستمالة الناخبين، يعتزِم الحزب الديمقراطي المسيحيرابط خارجي (يمين الوسط)، مواصلة جهوده في ميدانه المفضل، وهو الدّفاع عن الأسرة.

أجريت المقابلة في شهر مارس 2015

swissinfo.ch: ما أهَم أولويتين لدى الحزب الديمقراطي المسيحي خلال الدورة التشريعية القادمة؟

كريستوف داربولي: يجب بذل كل الجهود الممكنة للحفاظ على سلامة الاقتصاد السويسري، والمسألة الأخرى، المهمّة جدا، هي إصلاح مؤسساتنا الاجتماعية، وخاصة التأمين الاجتماعي رابط خارجيالأساسي (الشيخوخة والعجْز والوفاة)، وأعتقد بأنه سيكون أحد أهَم وأعظم الملفّات الساخنة المطروحة أمام المجلس التشريعي القادِم. ومنذ اليوم، تحتدم التوتّرات بشأنه بين الأحزاب.

swissinfo.ch: تسبّب قرار الناخبين السويسريين بشأن الحدّ من الهجرة، بالتوتّر مع الاتحاد الأوروبي، ومن الممكن أن يهدّد الاتفاقات الثنائيةرابط خارجي. إلى أيّ مدى أنتم في الحزب الديمقراطي المسيحي مستعدّون للحفاظ على هذه الاتفاقيات؟

كريستوف داربولي: إنقاذ الاتفاقيات الثنائية، هو أولوية، والاتحاد الأوروبي، هو السوق الأكبر والمُوَرّد الأوّل بالنسبة لنا، وسيظلّ كذلك لفترة طويلة، ولا أتصور بأن تتخلّى سويسرا عن هذه الاتفاقات، وإلا صار وضْع الاقتصاد والعمل كارثيا، ومن ثَم، هناك أيضا ضرورة لاحترام إرادة الشعب، الذي يرغب في الحدّ قليلا من الهجرة. ووفق الأصول الديمقراطية، نحن مضطرّون لاحترام الإرادة الشعبية.

يجب علينا أن نجِد السبيل للتوفيق بين هاتيْن المسألتين، ودائما ما كُنت أقول بأن ذلك مستحيل، لكن علينا أن ننجح، وليس أمامنا سوى أحد ثلاثة حلول: التضحية بالاتفاقيات الثنائية، ولا أعتقد بأن ذلك ممكن، أو تفسير إرادة الشعب بطريقة معقولة، أو التخلّي عن المادة الدستورية (121a) التي تنصّ على “الحد من الهجرة الجماعيةرابط خارجي“، ونحن من جانبنا، نقترح اعتماد بند احترازي، يسمح بتقييد الهجرة بحصّة معيّنة، وهو ما يمكن أن يكون أكثر مقبولا من الاتحاد الأوروبي.

swissinfo.ch: هناك قضية أخرى مطروحة بإلحاح في الوقت الحاضر، وهي قضية الفرنك القوي. ما هي الوصفة التي يرتئيها حزبكم لمواجهة الآثار السلبية لهذه القضية على قطاع التصدير؟

كريستوف داربولي: قدّمت كل الأحزاب ما في جُعبتها من مقترحات، وهو ما فعله أيضا الحزب الديمقراطي المسيحي، ولكنّ المسؤولية الأساسية تقع على عاتق المصرف الوطني السويسريرابط خارجي، وفي اعتقادي أن الحلول محدودة.

ومن جهة الأحزاب السياسية، ينبغي التركيز الحقيقي على القضايا الجوهرية التي تُعنى باستحداث الوظائف في البلاد والمحافظة عليها، كما ينبغي علينا أن نعزِّز ما لدينا من نِقاط قوة وأن نقلِّل أو نقضي على ما لدينا من نِقاط ضعف. وأعتقد بأن هذه هي السياسة المُثلى التي تحتاجها سويسرا لتبقى في وضع اقتصادي جيد.

وأن يكون الفرنك قويا، هو دليل على الاقتصاد الجيد جدا، وعلى العمل الجيّد الذي تقوم به سويسرا منذ عقود. وها هي اليوم تقطِف ثَـمرة مسيرتها السياسية الناجحة، لكن عليها أن لا تنكص على عقبيها وأن تستمر في الدِّفاع عن استقلالية بنكها المركزي. ومن ثَـم، هناك أيضا مَزايا لقوة الفرنك على المستهلِك على سبيل المثال، حيث ينبغي أن تنعكِس هذه المزايا على الأسعار، لتصُبّ بشكل مباشِر وعلى قدر الإمكان، في مصلحة المستهلِكين، وبذلك، يكون هناك على الأقل، مَن يستفيد من هذا الوضع المُقلِـق لبعض قِطاعات الاقتصاد.

المزيد

swissinfo.ch: في السنوات الأخيرة، سالت أنهار من المداد في الحديث عن الإسلام: المآذن، الحجاب، الإرهاب، ما هو وضع الدِّين الإسلامي في المجتمع السويسري؟

كريستوف داربولي: إنه وضع صعب، لأنه يتعلّق بالدِّين وبإيمان كلّ شخص وبحريته في ممارسة شعائره التعبدية التي كفلها له الدستور، والتي نحن جميعا مقتنعون بها، ويجب علينا أن نستمِر في احترام هذه الحقوق الأساسية والدستورية.

لكن، عندما يتِم خلط الدِّين بأسوإ ما لدى البشر من نوازع، كالنوازع الإرهابية، التي هي نوازع إجرامية تُفعَل بإسم الدّين، عندئذ يجب علينا أن نكون في غاية الحذَر، وأن لا نقحم قطعا مسألة التديُّـن وحرية الاعتقاد، ولكن في نفس الوقت، أن لا نكون ساذِجون ولا تأخذنا هَـوادة في محاربة المتطرّفين.

swissinfo.ch: كثيرا ما يوصَف الحزب الديمقراطي المسيحي بأنه “حزب الأسْرة”. فبشكل ملموس، ماذا قدّمتُم للأسرة خلال الدّورة التشريعية الحالية؟

كريستوف داربولي: من أهمَـ النتائج التي ننتظرها، مبادرتنا الشعبية التي من المتوقّع طرحها للاستفتاء الفدرالي في بداية العام القادم، وهي تهدِف إلى القضاء كلية على التمييز ضدّ المتزوِّجين فيما يتعلق بالضرائب والضّمان الاجتماعي. فمن غير المقبول أن يدفع الشخص حين يتزوّج ضريبة أكثر ويحصل على تأمين اجتماعي (الشيخوخة والعجز والوفاة) أقل، وقد اعترفت المحكمة الفدراليةرابط خارجي بهذا النوع من الظلم ضدّ الأزواج قبل 30 عاما، لكن، منذ ذلك الحين، لم يحدُث أي تغيير.
هناك أيضا تقدّم آخر على مستوى السياسة الأسَـرية، وعلى سبيل المثال، قُمنا بإطلاق برنامج إنشاء دور حضانة، لوجود نقْص في هذا النوع من المرافق في البلاد. 

تعود جذور الحزب الديمقراطي المسيحي إلى الحركة الكاثوليكية المحافظة التي كانت موجودة في القرن التاسع عشر وإلى عهد طويل، وهو يُعتبر الذِّراع السياسية للأوساط الكاثوليكية.
وبسبب موقِفه المُعارض للأفكار الليبرالية، تمّ إقصاؤه من الحكومة الفدرالية حتى نهاية القرن التاسع عشر، وأمام تقدّم الفِكر الاشتراكي، حصل تقارب في السلطة بين الحزب الديمقراطي المسيحي وبين الحزب الراديكالي. وفي عام 1891، دخل أول ممثل كاثوليكي إلى الحكومة.

وخلال القرن العشرين، هيْمن الحزب الراديكالي والحزب الكاثوليكي المحافِظ معظم الوقت على الحياة السياسية في سويسرا، وفي ستينيات القرن الماضي، بلغت نِسبة تمثيل الكاثوليكيين المحافظين على المستوى الفدرالي، أكثر من 23٪.

لكن هذه التشكيلة، التي أطلقت على نفسها إسم الحزب الديمقراطي المسيحي في عام 1970، بدأت شعبِيتها تتراجع ببُطْء واستمرار لصالح حزب الشعب (يمين شعبوي) بالدرجة الأولى، وأصبحت في مؤخرة الأحزاب الحاكمة. وفي عام 2003، خسِـر الحزب الديمقراطي المسيحي أحد مقعديْه في الحكومة الفدرالية. وفي الانتخابات الفدرالية الأخيرةرابط خارجي، أي في عام 2011، حصل على نسبة 12,3٪ من الأصوات.

swissinfo.ch: أنت تتحدّث عن إحراز تقدّم، في حين أن مبادرتكم الشعبية المُطالِبة بإعفاء المخصّصات العائلية من الضريبية، رُفضت بشكل حاسم من قِـبل الناخبين؟!

كريستوف داربولي: لغاية هذه اللّحظة، كل المبادرات الشعبية المتعلِّقة بقضايا الأسْرة لقِيَـت نفس المصير، وهذا الأمر مؤسِف إلى حدٍّ ما، إذ أن من المناسب لبلد يعاني من شيخوخة سكانية مع انخفاض في معدّل المواليد، ويريد الحدّ من الهجرة، أن يستثمِر في مجال الأسْرة، خاصة إذا أراد أن نحقِّق إدماجا أفضل للمرأة على المستوى المِهني، باعتبار أن ذلك ضرورة لإنجاح الاستِفتاء على مبادرة الحدّ من الهجرة.

يجب علينا أن نُحاول وضْع الأساسات في موضعها الصحيح، ونُعيد مناقشة السياسات المتعلِّقة بالأْسرة ونرى مَن هو الذي يُمكن لنا معه إيجاد حلول. فقد ظهر لي أن رُؤية حزب الشعب (يمين شعبوي) حول السياسة الأسَرية، أشبه ما تكون بتلك التي كانت زمَن العصور الوُسطى. وأما الحزب الليبرالي الراديكالي (يمين)، فلا يبدو معنِيا بالأمر بتاتا، وأما الاشتراكيون، فيُعجِبهم أن يعهدوا بأطفالهم إلى الدولة قدْر ما أمكن. وعليه فإن الاهتمامات متبايِنة إلى حدٍّ بعيد والقضية صعبة، ولا أعتقد بأنها من أولويات أيّ حزب باستثناء حزبنا.

كريستوف داربولي:؟؟؟؟؟   (هكذا بعثها عاطف غير واضح!!!!!)

swissinfo.ch: معنى هذا، أن حزبكم مُضطَـر للاتفاق مع الآخرين لإيجاد حلول بشأن قضايا الأسْرة أو غيرها؟!

كريستوف داربيلي: اليوم، يتكوّن وسط الطَّيف السياسي أساسا من الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الليبرالي الراديكاليرابط خارجي وغيرهما من الأحزاب الصغيرة التي التَحقت فيما بعد، وفي وجود الأغلبية الحالية، ليس بمقدور الوسط فرْض حلول على مجلس النواب، وهذه هي المشكلة الكبرى، مما يعني أننا مضطرّون للتعامل مع حزب الشعب – اليمين القومي – أو مع الاشتراكيين، وهذا يتطلّب تقديم تنازُلات مُزعجة نوعا ما، وأحيانا يصعب القبول بها. 

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية