مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الساعات الفاخرة السويسرية تواجه فسيفساء السوق الصينية

الممثلة زانج جيي تضيف لمسة صينية لتسويق إحدى ماركات الساعات الفاخرة السويسرية Reuters

قد يبدو بيعُ الساعات السويسرية الفاخرة للعدد المتزايد من أصحاب الملايين في الصين مأمورية سهلة، لكن سوقَ بلاد التـّنين لها خصوصيات تستدعي وقفة تأمل.

ويــُنوه الخبراء إلى وجود اختلاف في وجهات النظر حول تعريف المُنتجات الفاخرة بين أغنيــاء الصين، وبالتالي لا يـمكن تطبيق استراتيجية تسويق واحدة بالضرورة على كافة المُستهلكين.

سجلت صادرات الساعات السويسرية إلى الصين ارتفاعا مُلفتا في عام 2010، ويُتوقع أن يستمر الحال على هذا النحو في الفترة المقبلة على خلفية النمو الذي تشهده الطبقة الغنية في البلاد.

وبلغت قيمة صادرات الساعات السويسرية نحو الصين في العام الماضي 1,1 مليار فرنك، من إجمالي 16,2 مليار فرنك من صادرات هذا القطاع، أي بزيادة ناهز قدرها 57% مقارنة مع الأرقام التي سُجلت في عام 2009.

اتحاد صناعة الساعات السويسرية في مدينة بيين/بيل (كانتون برن) رأى في هذه الأرقام حدوث “دينامية” مُلفتة، بحيث قفزت الصين بثلاثة مراكز على قائمة المُستوردين لتحتل الدرجة الرابعة في الترتيب العام وراء هونغ كونغ والولايات المتحدة وفرنسا.

ولكن كيف تــنجح في بيع ساعة سويسرية فاخرة لمُستهلك صيني لديه المال الكافي لاقتناء ساعة فخمة ولكن يحتاج إلى مُبررات مُقنعة لشرائها؟ وما هي العلامات التجارية التي تجتذبهم؟


هذه الأسئلة المثيرة للاهتمام والفضول تُطرح في الوقت المناسب بما أن صانعي الساعات السويسريين يُحضرون لفعاليات المعرض الدولي لصناعة الساعات والمجوهرات “عالم بازل” الذي يتواصل من 24 إلى 31 مارس 2011.

ولتسليط الضوء على هذا الموضوع، نظمت جامعة نوشاتيل عرضا مع خبيرتين صينيتين في مجال التسويق وأحد الباحثين في الجامعة.

تقدير الماركات العريقة

أول ما يُلفت الانتباه هو أن الصينيين يولون أهمية كبرى للعلامات التجارية التي كانت من بين الوافدين الأوائل على السوق. كما أن لديهم ذاكرة طويلة الأمل.

وفي تصريحات لـ swissinfo.ch، قالت تينغتينغ مو، الباحثة في قسم التسويق بمعهد إدارة الشركات في إيكس أون بروفانس (فرنسا): “إن أول إعلان إشهاري للساعات في التلفزيون الصيني كان لــعلامة “رادو” السويسرية. وفي ذلك الوقت [1979]، رأى الجميع في ذلك حدثا جديدا، ومع ذلك لم تكن (تلك الإعلانات) موجهة [سوى] للمقيمين في شنغهاي التي كانت ولازالت لحد اليوم أكثر مدن الصين تأثرا بالنمط الغربي. وكان على من يـريدُ شراء ساعة الذهاب إلى شنغهاي بسبب عدم وجود متاجر الساعات في أي مكان آخر من البلاد. وبالتالي يمكـنك أن تتخيل مدى غلاء الساعات في تلك الفترة”.

ولازالت علامة “رادو” التجارية تتمتع بالشعبية في الصين وتحتل مرتبة عالية بين الماركات الفاخرة المفضلة (انظر الفقرة المتعلقة يسار الصفحة).

سوق متغــّيرة ومتعددة الأطياف

واستنتجت مو في بحوثها وجود عدة فئات في سوق الساعات الصينية، مثل الممتثلين للتقاليد، وأتباع الموضة، والنخب المتكبرة، والبراغماتيين والراغبين في إشباع رغباتهم.

وقالت الباحثة مو إنه ينبغي على صانعي الساعات السويسرية النظر في تصميم طبعات محدودة من إبداعاتهم لأن بعض الصينيين يريدون أن تحافظ الساعات التي يقتنونها على قيمتها.


وأضافت مو أنه لا ينبغي عليهم فتح متاجر فقط في المدن الكبيرة مثل بيجين وشنغهاي وقوانغتشو، بل الاهتمام أيضا بما وصفتها بالمدن من الدرجتين الثانية والثالثة مثل كونمينغ.

أما بالنسبة لـيي تشي، أستاذة التسويق في جامعة الأعمال الدولية والاقتصاد ببيجين، يظل العنصر الأساسي استيعاب طبيعة السوق الصينية.

وتقول في هذا السياق: “إن المستهلكين الصينيين يتغيرون كثيرا وأعتقد أنه من المهم جدا أن تضع نفسك في مكانهم. يجب أن ندرك أن هناك الملايين في شمال وجنوب وشرق وغرب الصين، وهم يفكرون بشكل مختلف، ويتصرفون بشكل مختلف، ويشترون أشياء مختلفة”.

وأضافت في تصريحاتها لـ swissinfo.ch: “ربما كانوا يشترون في الماضي أشياء بأعلى سعر لأنهم لم يكونوا يميزون حقا (المنتوج) الجيد، وبالتالي لم يكونوا يستطيعون بالفعل تقدير قيمة الساعات. أما الآن، بدلا من أن ينظروا إلى السعر، بدؤوا يهتمون بـ “الشخصية” التي تتمتع بها الساعة، وبثقافتها وتاريخها”.

وعلى المــُسوِّقين أيضا النظر في أفضل استخدام لاسم أي علامة تجارية في الصين. فعلى سبيل المثال، هل يحتاج الإسم إلى ترجمة؟ وإذا كان الأمر كذلك، كيف تتم الترجمة؟ صوتيا أم لغويا أم من خلال مطابقة لفظية معنوية. وهذا عامل مُعقد بالتأكيد لكنه مهم للوصول إلى اعتراف المُستهلك الصيني بأية علامة تجارية.

وفي هذا الصدد، يقول نيكولا هانسنس، الباحث في جامعة نوشاتيل: “ينبغي أن ينظر القائمون على قطاع صناعة الساعات جدّيا في بعض العناصر الصينية، وخاصة بعض العناصر الثقافية”.

ويستطرد قائلا: “مع ذلك، يجب تحقيق توازن حقيقي عند دخول هذه السوق، ولكن بطريقة لا تُصبح فيها (شخصيتك) صينية تماما”.

منطق هانسنس بسيط وواضح: “أنت تمثل ماركة سويسرية وتجسد شيئا غامضا، وبالتالي عليك أن  تحافظ على هذا الجزء من خصوصياتك الذي هو بمثابة حمضك النووي”.

ويعتقد هانسنس أنه لكل علامة تجارية موقعها الخاص وبالتالي عليها التفكير في استراتيجيها الخاصة للتعامل مع السوق الصينية.

وينبغي على بعض الماركات القيام بذلك بطريقة مكثفة، حسب هذا الباحث الذي لا يستثني اللجوء إلى الترجمة الصينية لأسماء العلامات التجارية أو الاستعانة بالأسماء الصينية المشهورة في الإعلانات المطبوعة أو التلفزيونية وفي الفعاليات والتظاهرات الضخمة في بيجين أو المدن الرئيسية الأخرى.

ويضيف في هذا الشأن: “هنالك شيء ننساه دائما هنا عندما ننتج ساعة في نوشاتيل أو جنيف، وهو أن لدينا ثقافتنا الخاصة المرتبطة بصناعة الساعات، وأنه من الصعب أحيانا بالنسبة لأشخاص آخرين استيعاب ما وراء العلامة التجارية، وخاصة بالنسبة لسوق جديدة مثل الصين”.

يقدر عدد سكان الصين بـ 1,3 مليار نسمة. ويناهز عدد المليونيرات 875000 والميليارديرات ب 55000.

يمتلك أصحاب الملايين في المتوسط مليونيرا ثلاث سيارات، و4,4 ساعة فاخرة.

 
أما أصحاب المليارات فيمتلكون معدل ​​أربع سيارات، وخمس ساعات فاخرة.

في عام 2009، تجاوزت الصين الولايات المتحدة في استهلاك السلع الفاخرة بحيث شكلت مشترياتها نسبة 27,5% من إجمالي سوق المنتجات الفاخرة العالمية. ويـُتوقع أن تحل محل اليابان في المركز الأول بحلول عام 2015.

ويشكل المستهلكون في الصين أصغر سوق للمنتجات الفاخرة بحيث يقل عمر 80% منهم عن 45 عاما. ويذكر أن متوسط عمر أغنى الرجال هو: 60 عاما في أوروبا و47 في الصين (حسب تقرير أثرياء العالم لعام 2006).

وانخفض متوسط عمر ​​الأثرياء إلى 39 سنة في عام 2010.
 
يـُعتبر جمع القطع القيمة من أهم الاستثمارات التي يقوم بها أصحاب الملايين الصينيين. وتشتمل مجموعاتهم على ما يلي:

44%: الساعات والمجوهرات

15%: الخط القديم واللوحات

13%: النبيذ

12%: السيارات

7%: الفن المعاصر.

  

(المصدر: الباحثة الصينية تينغتينغ بقسم التسويق بمعهد إدارة الشركات في إيكس أون بروفانس بفرنسا)

في عام 2010، كانت أبرز ماركات الساعات السويسرية الفاخرة التي اجتذبت الصينيين هي “روليكس” و”أوميغا” و”كارتيي”.

وعندما سئلوا عن الماركات الفاخرة المفضلة لديهم، اختار الصينيون الماركات العلامات التالية: باتييك فيليب، كارتيي، رادو، أوميغا، IWC، تيسو، لونجين، جايغر-لوكولتر، بياجي، مونبلون، شوبار وتاغ هوور.

(المصدر: يي تشي، أستاذة التسويق في جامعة الأعمال الدولية والاقتصاد ببيجين،  ونيكولا هانسنس الباحث في جامعة نوشاتيل).

(ترجمته من الإنجليزية وعالجته إصلاح بخات)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية