مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الخبراء يوصون الحكومة باعتماد التبادل التلقائي للمعلومات

تواصل الضغط على المصارف وتصاعده من اجل الكشف عن البيانات الخاصة بحرفائها الأجانب المشتبه في تهربهم من دفع الضريبة. Keystone

يجب على سويسرا اعتماد آلية التبادل التلقائي للبيانات المصرفية ضمن استراتيجيتها من أجل ساحة مالية نظيفة. هذا هو مضمون التوصيات التي توجّهت بها مجموعة من الخبراء إلى الحكومة.

ويقول الخبراء السويسريون إن هذه الآلية تفي بمطالب الأطراف الرئيسية على الساحة الدولية مثل الإتحاد الاوروبي، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، والولايات المتحدة الأمريكية. ويعدّ هذا التحوّل جوهريا بالنسبة للساحة المالية السويسرية.

وعرضت نتائج هذا التقرير الذي شارك في انجازه ثلاثة عشر خبيرا في المجاليْن المالي والاقتصادي، برئاسة آيمو برونيتي، البروفسور بجامعة برن، خلال مؤتمر صحفي عقد للغرض ببرن يوم الجمعة 14 يونيو 2013.

اتجاه نحو الشفافية

بالنسبة للخبراء الذين أنجزوا هذا التقرير، لم تلق آلية الضريبة على المصدر، التي تتمسّك بها سويسرا دون جدوى القبول على الساحة الدولية، وبعض الدول تخشى مجرّد الحديث حول امكانية استخلاص مواطنيها لمستحقاتهم الضريبية في بلد آخر من دون الكشف عن هوياتهم. و تبدو بالتالي حظوظ توسعة دائرة القابلين بما يسمى “اتفاقيات روبيك” إلى ما وراء المملكة المتحدة والنمسا محدودة جدا.

ويسير الاتجاه الحالي سواء في الولايات المتحدة الامريكية، او في الإتحاد الأوروبي والبلدان الاعضاء في منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية نحو مزيدا من الشفافية تجاه السلطات الضريبية. وإزاء هذا الوضع، بات على سويسرا أن تأخذ زمام المبادرة وتقطع خطوات تتجاوز المعايير المعمول بها حاليا. مقابل ذلك، يجب أن تحصل على ضمانات تسمح لها بالوصول إلى الأسواق الخارجية، يضيف الخبراء.

خمس توصيات

 يقترح الخبراء خمس توصيات، الأولى، أن توافق سويسرا على أن يصبح التبادل الآلي للبيانات المصرفية، المعيار المعتمد على الساحة الدولية. وأن تقدّم ضمانات بألا تقبل مصارفها من الآن فصاعدا أصولا أو ودائع من عملائها الاجانب غير معلنة لدى إدارات الضرائب في بلدانهم.

ووفقا لهذه الوثيقة، إذا ما أصرّت هذه المصارف على ضمان الشفافية والالتزام الضريبي من عملائها، فإنها تستعيد إلى حدّ ما الثقة والاعتراف، وهو ما من شأنه أيضا أن يضع حدا للانتقادات، وللمتاعب القانونية في الخارج. كما أنها ستكسب بسبب ذلك سلامة قانونية. ومن دون هذا الشعور بالأمن، سوف تضعف الساحة المالية السويسرية مع مرور الوقت.
 

ثم يجب على سويسرا في مرحلة لاحقة أن تشارك مباشرة وبفعالية من داخل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في صياغة آلية دولية للتبادل الآلي للمعلومات على مستوى أوسع وأشمل لا تُستثنى من ذلك الصناديق الائتمانية او الشركات التي يوجد مقرّها في بلد، ونشاطها في بلد آخر. وهذا المعيار يجب أن يُعتمد من طرف كل الساحات المالية الكبرى. غير ان الخبراء يتوقّعون أن يستغرق التوصّل إلى ذلك وقتا طويلا.

تطبيق المبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون

تدعو التوصية الثالثة الكنفدرالية إلى تنفيذ المبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية على وجه السرعة، وهو ما يسمح بقبولها في المرحلة الثانية من الإستعراض الذي سوف يجريه بقية الأعضاء في الخريف القادم. ويتعلّق الامر هنا على وجه الخصوص بوضع حكم يتعلّق بعرض المساعدة الإدارية لأغراض ضريبية.
 

 وحول العلاقة مع الإتحاد الاوروبي، تشير التوصية الرابعة على برن بضرورة التأكّد من أن اللوائح الاوروبية الجديدة لن تمنع امكانية الوصول إلى الأسواق. وهو ما يعني من جهة أخرى تسوية النزاعات السابقة مع البلدان الرئيسية الاعضاء في الإتحاد، بطريقة عادلة ومتوازنة.   

وإذا ما نجح الإتحاد الاوروبي والبلدان المعنية في التوصّل إلى اتفاق بشان هذيْن النقطتين، عندئذ يجب على سويسرا أن تقترح على الفور آلية التبادل التلقائي للمعلومات الضريبية أثناء المفاوضات الهادفة إلى توسيع اتفاقية الضرائب مع الاتحاد الأوروبي. هذا الأمر يجب التمسّك به حتى وإن لم يعترف بهذه الآلية كمعيار متفق عليه على المستوى الدولي.  
 

لكن هذه التوصية الأخيرة ليست محلّ إجماع بين الخبراء. فأقلية منهم ترى أنه يجب الإتفاق أوّلا مع الإتحاد الاوروبي على أن يكون التبادل التلقائي هو المعيار في التعامل الدولي، ثم تطبيق هذا المعيار في وقت لاحق في مجال الضريبة على الادخار.

قطيعة

هذه الاستراتيجية تقطع تماما مع النظرة التي دافعت عنها إيفلين فيدمر – شلومبف، وزيرة المالية السويسرية، حتى الآن. وقد أوضحت هذه الأخيرة خلال لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام، أنه على الرغم من أن الحكومة ترى أن اقتطاع الضريبة من المصدر يظلّ اكثر جدوى من التبادل الآلي للبيانات المصرفية، فإنها تقرّ بأن التطوّرات اليوم تسير في اتجاه آخر.
 

 وبالنسبة للوزيرة، من المهمّ الآن أن نحدّد بوضوح المجال الذي يجب ان يشمله التبادل الآلي للمعلومات. كما صرّحت بأن سويسرا ستبحث عن حلفاء من داخل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية يشاطرونها وجهة النظر تلك.

وبينما يرحّب الحزب الليبرالي الراديكالي بهذه المقاربة الجديدة، يرى الحزب الديمقراطي المسيحي أن السمة الطاغية على هذا التقرير هي النزعة الدفاعية!.

من جهتها، ترى جمعية المصرفيين السويسرية أنه بالإمكان تصوّر قبولها بآلية التبادل الآلي للمعلومات المصرفية، إذا ما تمكنت سويسرا، بوصفها دولة ثالثة، من الحصول على فترة انتقالية تمتدّ إلى الأوّل من يناير 2015. كما أن هذه الجمعية، مثلها مثل الجمعية السويسرية للمصارف الخاصة، تطالب بتسوية عادلة للنزاعات العالقة في الماضي، وبإمكانية الوصول إلى الأسواق دون تمييز.

في عام 2005، اقترح الإتحاد الاوروبي مبادئ توجيهية تسمح لكل بلد بالحصول على البيانات المتعلقة بالودائع والأصول العائدة لمواطنيها القاطنين في الدول الأعضاء بشكل آليّ.

 هذه الآلية لم يتم رفضها حتى الآن إلا من طرف لكسمبورغ والنمسا، اللتان تخصمان من المصدر نسبة عالية تقدّر ب 35% على كل رعايا الإتحاد الاوروبي المقيمين على أراضيهما.

 هذه المستخلصات الضريبية تسلّم لاحقا لخزينة البلد الأصلي لدافع الضريبة، من دون كشف لا المصرف الذي توجد فيه الودائع، ولا هوية صاحب الودائع. وقد اعتمدت سويسرا هذه الآلية كذلك بينها وبين الاتحاد الأوروبي.

 نظرا لأوجه القصور في النظام الحالي، قرر الإتحاد الاوروبي توسيع نطاق التبادل التلقائي للمعلومات المصرفية إلى خمسة أصناف جديدة من الإيرادات المالية ومن الأصول، وهي ايرادات العمل، والرسوم، ومنتجات التأمين على الحياة، والمعاشات، والممتلكات العقارية وإيجاراتها.  

يطالب الإتحاد الأوروبي كل من لكسمبورغ والنمسا وسويسرا بالتخليّ عن السرية المصرفية وباعتماد التبادل التلقائي للبيانات. وفعلا أعلنت لكسمبورغ اعتمادها التبادل التلقائي ابتداء من الاوّل من يناير 2015، ومن الارجح أن تحذو النمسا حذو لكسمبورغ.

وفقا لبروكسل، تخسر البلدان الاعضاء في الإتحاد الاوروبي سنويا ما يناهز عن 1000 مليار دولار نتيجة للتهرّب الضريبي.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية