مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“عائلات ليبية في قوارب الهجرة السرية”.. “لم يعد هناك أحلام في غزة”

صفحات أولى لست صحف يومية سويسرية
هذا الأسبوع، تناولت الصحف السويسرية بالتحليل التداعيات المرتقبة لقرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا). swissinfo.ch

عاد ملف الهجرة السرية ليستأثر باهتمام عدد من الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع من خلال حوارات مع نشطاء كشفوا عن تسجيل موجة هجرة جديدة من طرف عائلات ليبية تنتمي إلى الطبقة الوسطى بسبب عدم الإستقرار المزمن في بلادهم، أو عبر تقارير سلطت الأضواء على الزيادة المسجلة في أعداد المهاجرين الأفارقة والمغاربة المتوجّهين إلى الشواطئ الإسبانية انطلاقا من البلد المغاربي والتشدد الذي تبديه السلطات تُجاه الظاهرة. 

صحيفة “24 ساعة”، تصدر بالفرنسية في لوزان، 28 سبتمبر 2018

“إنها عائلات ليبية من الطبقة المتوسطة..”

إثر اتصال هاتفي أجرته يوم الخميس 27 سبتمبر الجاري مع متطوعة سويسرية تتواجد منذ نهاية شهر أغسطس الماضي على متن سفينة “أكواريوس” المُبحرة حاليا في عرض السواحل المالطية، نقلت كلوواي بانيرجي – دين شهادة كيري سانتر، وهي باحثة تعد الدكتوراه في جامعة برن اختارت العمل ضمن منظمة “اس أو اس المتوسط” لنجدة الأشخاص الذين يُغامرون بالإبحار في قوارب الهجرة السرية باتجاه سواحل الضفة الشمالية للمتوسط.

في معرض شهادتها عن الوضع فوق السفينة التي تُقل حاليا 58 مهاجرا تم إنقاذهم قبل أسبوع من الغرق وسط البحر ويُنتظر نقلهم إلى سفينة أخرى قبل توزيعهم على أربعة بلدان (ألمانيا والبرتغال وفرنسا وإسبانيا) أعربت عن استعدادها لاستقبالهم، قالت كيري سانتر: “تُواجه سفينتنا أمواجا يتراوح ارتفاعها بين مترين و ثلاثة أمتار ومن غير الممكن تحويل أي كان إلى سفينة أخرى في مثل هذه الظروف”.

الناشطة السويسرية تطرقت أيضا إلى الظروف التي أحاطت بعملية الإنقاذ التي شاركت فيها خلال الليلة الفاصلة بين يومي الجمعة 21 والسبت 22 سبتمبر الجاري وقالت: “لقد كانت عملية طويلة جدا ومعقدة. لقد وجدنا أنفسنا وجها لوجه مع حرس الشواطئ الليبيين الذين كانوا يصرخون ليطلبوا منا مغادرة المياه الدولية التي كانوا يُسيّرون فيها دوريات”.

في نفس الحوار، أفادت كيري سانتر بأن مجموعة المهاجرين التي تم إنقاذها تضم 16 طفلا وسيدة حاملا وأنهم يُعانون من ظروف قاسية حيث “ينامون على الأرض.. الرجال في الخارج فوق سطح السفينة والنساء والأطفال في الداخل”. وأكدت أن الناجين يختلفون هذه المرة عن المهاجرين القادمين من البلدان الواقعة جنوب الصحراء الذين اعتادت سفينة “أكواريوس” على نجدتهم وقالت: “إنها عائلات ليبية من الطبقة المتوسطة هاربة من النزاعات القائمة في بلادها. وهذا ما يُعزز موقفنا المتمثل في القول بأنه من غير المُمكن إعادة أشخاص إليها” (أي إلى ليبيا).

صحيفة “لوتون”، تصدر بالفرنسية في لوزان، 27 سبتمبر 2018

تشدّد مغربي في مواجهة قوارب الهجرة السرية 

في تقرير بعنوان: “المغرب، الحارس الآخر للهجرة”رابط خارجي، تطرق سيمون بوتيت إلى حادثة إطلاق حراس الشواطئ المغاربة يوم 25 سبتمبر الجاري النار على قارب يُقل مهاجرين وإلى ظاهرة التوجّه المتزايد لأغلبية المهاجرين للإنطلاق من المغرب عوضا عن ليبيا لدى محاولتهم اجتياز البحر الأبيض المتوسط باتجاه إسبانيا.

الحادثة التي أسفرت عن مقتل طالبة مغربية في سن الثانية والعشرين وعن إصابة ثلاثة مغاربة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، جاءت لتؤكد الجاذبية المتزايدة للوجهة الإسبانية التي سجّلت – طبقا لإحصائيات نشرتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وأكدتها وكالة مراقبة الحدود الأوروبية “فرونتاكس” – وصول 36000 شخص إلى شواطئها منذ بداية العام الجاري (مقابل 22000 شخص طيلة عام 2017). ولا يقتصر الأمر على الأفارقة القادمين من بلدان غرب القارة، بل شمل المغاربة أيضا الذين وصلت نسبتهم إلى “15% من إجمالي العابرين لمضيق جبل طارق منذ بداية السنة الجارية حيث احتلوا المرتبة الثالثة وراء الغينيين والماليّين”، حسب مفوضية اللاجئين.

في إجابة على تساؤل كاتب المقال حول أبعاد التدخل العنيف مؤخرا من طرف البحرية الملكية وهل يعني ذلك توجّها نحو مزيد التضييق من طرف المغرب، أجاب مُراقب طلب عدم الكشف عن هويته أن “المغرب استخدم الهجرة باتجاه أوروبا دائما كرافعة سياسية للحصول على تلبية طلباته في ملفات أخرى كحقوق الصيد البحري”. وفي هذا الصدد، يبدو أن المغرب أكثر استعدادا اليوم للتعاون مع الأوروبيين والحد من عمليات الإنطلاق (من أراضيه) باتجاه السواحل الإسبانية. فمنذ نهاية شهر أغسطس الماضي، وافقت الرباط على استعادة المهاجرين الذين نجحوا في اختراق حواجز جيْبيْ سبتة ومليلة الإسبانيين، كما قامت باعتراض 54 ألف مهاجر في عرض البحر منذ بداية عام 2018.

وفيما يؤكد جون لوي أركان، أستاذ الإقتصاد والمتخصص في شؤون شمال افريقيا في معهد الدراسات العليا الدولية والتنمية في جنيف، أن المغرب “يُعتبر تلميذا نجيبا فيما يتعلق بمراقبة تدفقات الهجرة.. إلا أنه ليس قادرا على إعادة المهاجرين السريين الأفارقة إلى الحدود بسبب الإفتقار إلى إرادة سياسية (بهذا الخصوص)”، ويضيف شارحا “لأن المغرب لا يُريد أن يُضرّ بعلاقاته الجيّدة مع شركائه الأفارقة في الوقت الذي يسعى فيه للإنضمام إلى المجموعة الإقتصادية لدول غرب أفريقيا”.


صحيفة “تاغس أنتسايغر”، تصدر بالألمانية في زيورخ، 22 سبتمبر 2018

“لم يعد هناك أحلام في غزّة”

استهلّت أليكساندرا فوديل شميد، مراسلة الصحيفة من غزة تحقيقهارابط خارجي حول الوضع الإنسانيّ والإجتماعي في القطاع بالتأكيد مجددا على أن “النّاس في قطاع غزّة يعيشون في سجن كبير”، ثم ركّزت بالدّرجة الأولى على أوضاع النّساء هناك وعلى معاناتهنّ تحت حكم حركة حماس وبعد تسليمها الأمور إلى السلطة الوطنية قبل عام. ولكنها لم تغفل عن تحميل الأطراف الأخرى بعض المسؤوليّة كالولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي من خلال العقوبات المفروضة من طرفها على حماس، إضافة إلى حصار إسرائيل ومصر لقطاع غزّة.

“الحصار مُحكَم على من يسكن في غزّة، حتّى وإن كان لديك سبب للخروج يتناسب مع الشّروط المفروضة من السلطات الإسرائيليّة فقد يستغرق إجراء تصريح السفر شهوراً طويلة ولا ضمانة للحصول عليها”، بحسب ما جاء في الصّحيفة التي أضافت بأنّ هذا الحصار، الذي يشبه كثيراً السّجن، قد ساهم في “زيادة نفوذ وسيطرة حركة حماس من خلال زيادة التّديّن والتّطرّف هناك”. ومن خلال وصف مختصر لمقهى ساحلي، يشتمل على قسم خاصّ بالسّيّدات، تحاول فوديل شميد الكشف عن معاناة النّساء في غزّة، “فهنّ يجدن في هذا المقهى ملجأ يُمارسن فيه بعض الحريّات التي لا يمتلكنها حتى في بيوتهن”، كتدخين الشيشة مثلاً.

الصحيفة نوّهت أيضا إلى التغيّرات في الأوضاع، بالأخص بالنّسبة للنّساء والتّشدّد في تطبيق التّعاليم الدينيّة، كطريقة اللباس وحظر استهلاك المشروبات الكحوليّة والتّدخين وغيرها، بعد قرار حماس قبل عام تسليم الأمور في غزّة إلى السّلطة الوطنيّة الفلسطينيّة، غير أنّ هذا “لم يدم طويلاً”، بحسب فوديل شميد. فالآن تعود الأمور كما كانت عليه قبل ذلك، “في بعض الأحيان يأتي أفراد حركة حماس ويمنعوننا من التّدخين، ولكن بشكل عام يتم غضّ النظر عنه هنا”: هذا ما تنقله المراسلة عن إحدى الفتيات اللّاتي يرتدن هذه القهوة ويتعرّضن للشّتم والتوبيخ، مستشهدة بذلك على “عودة التّشديد”، حسب قولها. 

في تقريرها، تنقل فوديل شميد ما تشاهده في شوارع مدينة غزّة حيث نصف النّساء يرتدين النقاب ولا تُرى فيها أيّ امرأة أو فتاة بلا غطاء رأس، حتى ممّن لا يتجاوزن سنّ الثانية عشرة. كما تنقل الصحفيّة على لسان إحدى محاوراتها كيفيّة تعاملها مع هذا الحصار الذي يُضاف إلى حصار غزّة ككلّ، حيث تقول: “إن قهوة الساحل هي المهرب الوحيد لها من المنزل ولو مرّة في الشهر”. ومع أن محاورتها أنهت دراستها لتكنولوجيا المعلومات في جامعة غزّة، إلا أنه يجب عليها الكذب إذا ما شاءت الخروج من البيت وزيارة إحدى صديقاتها مثلاً: “يجب عليّ الكذب وقول إنّي أذهب إلى مقابلة عمل أو موعد في الجامعة من أجل الخروج”.

على لسان محاورة أخرى، تتطرق المراسلة السويسرية إلى بعض العادات السّائدة في الحيّ التي تقطن فيه مُحاورتها، حيث يتدّخل الجيران ويُطالبون الأب مثلاً بضرب ابنته إذا ما عادت متأخّرة إلى البيت لأن سمعة العائلة تكون في خطر: “اضربها…اضربها، يجب الإنتباه ممّا يقوله الجيران”، وتضيف “أنا مطلّقة وأعتبر عارا على عائلتي”.

في تحقيقها، تتطرّق فوديل شميد إلى الكثير من الأمور الشّخصيّة والآراء المنقولة عن بعض القاطنات في غزّة، ومنها الزّواج التّقليديّ والخيار بين الزواج والوظيفة وما إلى ذلك. إحداهن تفضّل العمل على الزواج وتقول: “البعض يوافق على الزواج للإفلات من قبضة العائلة ولكنّهن يقعن في قبضة الزّوج”، أمّا هي فتختار الوظيفة، ولكنّ نسبة البطالة في غزّة تفوق 61.4%، وهي حقيقة لا تتوقف عندها المراسلة طويلا، ومن ثمّ تختصر ما تبقّى من الحديث عن الوضع في مدينة غزّة بسؤال مُحاوراتها عمّا إذا كان لديهن أمل بالتّوصل إلى حلّ سياسيّ للفلسطينيّين، وكان جوابهنّ: “لا، لم يبق لديّ أيّ أمل”. 

ولدى سؤالهم عن وجهة السّفر الأولى في حال تم العثور على حلّ وفُك الحصار عن قطاع غزّة، لم تكن الإجابة أفضل من سابقتها: “الجميع يحلم بالخروج، ولكن لم يعد هناك أحلام في غزّة”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية