مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“بارقة أمل” في لبنان و”صفقات قذرة” بين روما وطرابلس وشهادات من الرقة

صحف
اهتمت بعض الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع باتفاق الحكومة الايطالية مع بعض الميليشات الليبية المسلحة من أجل وقف تدفق المهاجرين على سواحلها الجنوبية وبالأوضاع في لبنان إثر انسحاب مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية. swissinfo.ch

هذا الأسبوع، تراوحت اهتمامات الصحف السويسرية ما بين الأوضاع السياسية في لبنان بعد انسحاب مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية والصفقة التي يبدو أن إيطاليا عقدتها مع بعض الميليشات الليبية المسلحة لوقف تدفق المهاجرين وتداعيات سقوط معظم أحياء مدينة الرقة السورية بأيدي تحالف للمقاتلين الأكراد والعرب تدعمه الولايات المتحدة. 

“بارقة أمل في لبنان”

في الثالث من سبتمبر الجاري، تناول موقع الإذاعة العمومية السويسرية الناطقة بالألمانية SRF الوضع في لبنان بعد انسحاب مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية بعائلاتهم من الأراضي اللبنانية. وفي حوار مطول مع فيلين شولكمان، مراسل الإذاعة في الشرق الأوسط، رأى الإعلامي أن “الجهاديين ذهبوا، لكن مشاكل الدولة اللبنانية متعددة الأعراق والطوائف باقية”. وأشار إلى أن “لبنان، الذي يعيش فيه الآن حوالي مليوني لاجئ سوري، يواجه تحديات هائلة، فهذا البلد تحكمه نخبة صغيرة من قادة ميليشات الحرب الأهلية السابقة والأرستقراطيين ورجال الأعمال، كما أن حجم الفساد هائل والبنية التحتية منهارة والحكومة تثقلها الديون”.

فيلين شولكمان لفت إلى أن “طريقة التعاطي مع انسحاب الجهاديين تظهر حجم الخلافات في لبنان، فالحكومة اللبنانية تريد حفظ ماء وجهها بإنكار تعاونها مع حزب الله في تحقيق هذا المكسب العسكري. كما أن الجيش اللبناني يحظى بدعم أساسي من الولايات المتحدة، لكن تم تجنب الحديث عن هذا التحالف في هذه المناسبة”.

من جهة أخرى، أوضح مراسل الإذاعة السويسرية أن ميليشا حزب الله الشيعية “طرف سياسي له تأثير في لبنان، وهو حلقة مكملة في “الهلال الشيعي” الممتد من الشرق الأوسط إلى البحر المتوسط. فمن خلال محور طهران وبغداد ودمشق وبيروت، تحاول إيران تعزيز نفوذها في المنطقة. ويلعب حزب الله دورا رئيسيا في هذا المسعى”.

وأضاف أن “الإحتفاء بالانتصار الأخير أوقف الحديث عن المخاوف الأمنية والقلق من وصول شرارة الحرب السورية إلى لبنان بتركيبته السكانية المعقدة، فيما يتم الإحتفاء الآن بالجيش اللبناني كمنتصر، لكن الحقيقة – مثل الواقع اللبناني – أكثر تعقيدا من ذلك”.

 الكثير من “الصفقات القذرة في ليبيا”

في عددها الصادر بتاريخ 2 سبتمبر 2017، تناولت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ (تصدر بالألمانية في زيورخ) خبر اتهام إيطاليا بدفع مبالغ مالية للميليشات الليبية من أجل وقف تهريب المهاجرين. وأوضحت الصحيفة التي تصدر بالألمانية في زيورخ أن حكومة الوفاق الليبية في طرابلس تحصل بالفعل على مساعدات تقدر بالملايين من الإتحاد الأوروبي، لكن هذه الصفقات الأخيرة تتم مع الميليشات المسلحة في المدن الساحلية بطريقة مباشرة وذلك وفق مبدإ “من يدفع أكثر”، حيث تقدم الحكومة الإيطالية مبالغ أعلى من تلك التي تدفعها عصابات التهريب، هذا بالإضافة إلى وعود اقتصادية بتحسين البنية التحتية وبناء مشروعات لخلق فرص عمل حقيقية.

الصحيفة أشارت إلى أن القبائل والميليشات المسلحة ليست متورطة فقط في صفقات تهريب البشر ولكن أيضا النفط، ويبدو أن هذه الجماعات ترتبط بعصابات المافيا في جزيرة صقلية وهو ما يثير المخاوف من تقوية شوكة هذه العصابات في الداخل الإيطالي. لكن البعض يرى أنه لا بديل عن مثل هذا التعاون على المستوى المحلى بسبب الفراغ الأمني الذي خلفه سقوط نظام القذافي وفي ظل فشل محاولات تشكيل حكومة مركزية قادرة على فرض سيادتها في جميع أنحاء البلاد.

من جهته، أعلن وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي أن رؤساء بلديات الموانئ الليبية هم الشركاء الرئيسيون للإستراتيجية الإيطالية لوقف الهجرة غير الشرعية مقابل إعادة البناء الإقتصادي في هذه المناطق. وفي هذا الصدد، ذهبت نويه تسورخر تسايتونغ إلى أن “هذه السياسة تعود إلى التجربة التاريخية لإيطاليا، التي كانت مقسّمة إلى جمهوريات صغيرة، حيث لم تترسخ الدولة الوطنية الإيطالية بوصفها وحدة سياسية وإقليمية ذات سيادة إلا في القرن التاسع عشر”.

شهادات من مدينة الرقة

هذا الأسبوع، تركز اهتمام الصحف السويسرية الصادرة بالفرنسية على متابعة تطورات الأزمة في كوريا الشمالية وبسير الحملة الإنتخابية في ألمانيا المجاورة وبالقمع الذي تتعرض له الأقلية المسلمة في ميانمار على تغطيتها لما يحدث في بؤر التوتر في المنطقة العربية.

الإستثناء الوحيد تقريبا كانت صحيفة “لاليبرتي” (تصدر بالفرنسية في فريبورغ) التي نشرت في عددها الصادر يوم 2 سبتمبر الجاري تقريرا بعثت به مراسلتها من مركز قيادة العمليات للجبهة الشرقية لمعركة الرقة السورية تطرقت فيه إلى بعض معاناة آلاف المدنيين الذين لم يتمكنوا من مغادرة الأحياء القديمة للمدينة التي سقطت بأيدي قوات سوريا الديمقراطية (قسد) يوم 1 سبتمبر.

المراسلة آديت بوفييه أشارت إلى أن عدد الأشخاص الذين لا زالوا يتواجدون في المدينة يُقدر بخمسة وعشرين ألف شخص من بينهم مقاتلون تابعون لتنظيم “الدولة الإسلامية” والعديد من العائلات لم تتمكن من الفرار وترك بيوتها. كما أفادت أن “كل يوم يشهد تمكن حفنة من المدنيين من الإفلات من هذا الجحيم والإلتحاق بالمواقع التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهي عبارة عن تحالف يضم في صفوفه مقاتلين أكرادا وعربا”.

بعد ذلك، تتم مرافقتهم تحت حراسة مشددة إلى ما يُعرف بـ “منطقة الإدارة الكردية في شمال سوريا” (أو “روج آفا”، أي غرب كردستان باللغة الكردية)، حيث يظل البعض منهم رهن الإعتقال لبضعة أسابيع يتم فيها استنطاقهم والتثبت من أنهم “لم يسفكوا دماء إلى جانب الرجال المرتدين للأسود”.. ثم يلتحق الذين يُفرج عنهم بأقاربهم وينتقل معظمهم للتكدس في مخيمات (4 منها رسمية و10 مؤقتة) خصّصت لإيواء المُرحّلين من مدينة الرقة في المنطقة الخاضعة لسلطة أكراد سوريا. يُوجد أهم هذه المخيمات في “عين عيسى” التي تبعد حوالي خمسين كيلومترا إلى الشمال من الرقة ويُؤوي حوالي ثمانية آلاف شخص.

في وصفها لأوضاع المخيم، تقول المراسلة: “رغم الحرارة الخانقة التي تقارب الخمسين درجة مائوية والضجيج، ينام طفل فوق أرضية إحدى الخيام.. العائلات لا تتوفر على شيء تقريبا وتتكدس على بعضها البعض دون (مراعاة) أي خصوصية”. ثم تتحدث عن حسين، الذي وصل إلى المخيم في اليوم السابق رفقة زوجته وأبنائه الخمسة، بعد أن غادروا المدينة من الجنوب، وعبروا نهر الفرات بواسطة قارب، ثم وصلوا إلى المناطق الصحراوية وساروا مشيا على الأقدام عدة أيام مع بعض قطع من الخبز وشيء من الماء، يقول حسين : “نحن على قيد الحياة. لم أكن أعتقد أن ذلك سيكون ممكنا”.

الرجل الذي اتخذ قرار الهروب بعد أن اقتربت المعارك من بيته يروي قائلا: “حتى تلك اللحظة، قررت أن أخفض رأسي. على مدى أربعة أعوام، خضعنا لقوانينهم وعنفهم. في البداية، كانوا سوريين وعراقيين ولكن بسرعة شديدة قدم الأجانب. أولئك كانوا حقا برابرة متعطشين للدماء، كان لديهم دائما مبرر للقتل أو للضرب. لم يكن بإمكاننا فعل أي شيء سوى التصرف بحذر والصبر في انتظار أن يُعيدوا إلينا مدينتنا. لكن عندما بدأت الطائرات في قصف المواقع المحيطة بنا، لم يعد بإمكاننا مواصلة البقاء”. 

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية