مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أحلام ولي العهد السعودي.. حرب اقتصادية باردة في الخليج.. مُلاحقة معلوماتية لعناصر تنظيم الدولة

الصفحات الأولى لأهم الصحف اليومية السويسرية
كالعادة، تطرقت الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع إلى عدد من القضايا والأحداث التي تشهدها بلدان عربية كالسعودية وقطر وتونس. swissinfo.ch

اهتمت الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع بالإعلان عن مشروع "نيوم" الطموح في المملكة العربية السعودية وبالحرب المعلوماتية الجديدة التي تشنها الدول الأعضاء في التحالف ضد أعضاء ومؤيدي تنظيم الدولة الإسلامية، كما تطرقت إلى احتمالات تطور الأزمة الخليجية إلى حرب إقتصادية باردة بين قطر والسعودية والإمارات، إضافة إلى التحديات السياسية والإقتصادية التي تُواجه مسار العملية الديمقراطية في تونس.   

“مجرد بناء مجمّعات بالمليارات في الصحراء لا يكفي للتغيير”

تناولت عدد من الصحف السويسرية مشروع “نيوم”، الذي أطلقه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وتطرقت إلى دوافعه السياسية وفرص نجاحه وتبعاته على المجتمع السعودي.

صحيفة تاغس أنتسايغر الصادرة بتاريخ 26 أكتوبر 2017 رأت أن الإعلان عن إنجاز هذا المشروع العملاق في غضون ثماني سنوات في غاية الطموح وأنه مدفوع بالضغوط الإقتصادية بعد انخفاض سعر النفط.، أما الدافع الآخر فهو الرغبة في التغيير وتعزيز شرعية الأمير الجديد، الذي يتم تمهيد الطريق أمامه للوصول إلى سدة الحكم، حسب رأي الصحيفة.

الصحيفة الصادرة بالألمانية في زيورخ أوضحت أن “أكثر ما يهم ولي العهد هو تجديد العقد الإجتماعي مع جيل الشباب وتسريع وتيرة انفتاح المجتمع السعودي المحافظ. فالأمير يدرك جيدا أن غالبية الشباب السعودي تدعم هذه السياسات، فالعديد منهم درسوا في الخارج أو مُطلعون – على الأقل – على العالم عن طريق الهاتف الذكي. ففي كل عطلة أسبوعية تتزاحم طوابير السيارات على طول الجسر الرابط بين السعودية والبحرين، حيث يقطع الشباب السعودي مئات الكيلومترات لمشاهدة السينما في دور العرض البحرينية”.

تاغس أنتسايغر أضافت “من هذا المنطلق ستصبح صناعة الترفيه جزءا من الخطة المستقبلية. من جهة أخرى سيتم دمج المرأة السعودية في الحياة الإقتصادية، التي لا تمثل سوى خُمُس القوى العاملة الآن وهذه النسبة هي الأدنى في العالم، رغم أن أكثر من نصف خريجي الجامعات في السعودية من النساء. من جهة أخرى ارتفعت نسبة النساء العاملات بنسبة 130 % على مدى السنوات الأربع الماضية.”

في السياق، أشارت الصحيفة إلى التغيّرات الإجتماعية الجذرية التي ستشهدها السعودية في السنوات القادمة، حيث أقنع الأمير والده، الملك سلمان، بتقليص دور الشرطة الدينية (أي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكررابط خارجي) وتخفيف وصاية الرجال على النساء باعتبارها مصدر التمييز القانوني ضد المرأة. وقد سُمح للنساء بقيادة السيارة بدءا من عام 2018.

رغم ذلك، يُواجه مشروع الشاب الأمير تحديات، كان أولها إلغاء الأب الملك قرار خفض رواتب الموظفين، رغم أن نظام الإصلاح الإقتصادي للإبن الشاب يعتمد على تخفيض مصروفات الدولة. كما أن هناك مقاومة من المؤسسة الدينية في المملكة. لكن على كل حال، فإن “نجاح الأمير يعتمد في الأساس على مدى قدرته على توطيد سلطته ونفوذه”، كما تقول الصحيفة.

أما صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ الصادرة بتاريخ ذات اليوم فطرحت تساؤلات عن مدى نجاعة استثمار الدولة السعودية في هذا المشروع العملاق، وقالت: “المملكة لديها الكثير من المال وحاشية ولي العهد لا تخطط إلا لمشاريع عملاقة، لكن الشعارات العصرية لتسويق هذا المشروع، يجب ألا تنسينا حقيقة مهمة وهي أن أي مشروع استثماري حكومي مهما بلغ سخائه لن يجلب نفعا إذا لم تصاحبه منافسة حقيقية وانفتاح ونظام تعليمي ناجح وحوافز ضريبية مستديمة. وكقاعدة عامة، فإن الإستثمارات الحكومية ليست نموذجا ناجحا جدا، وأفضل مثال على ذلك جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة. فهي دليل على جنون التخطيط، الذي دفع الدولة إلى استثمار المليارات في مُجمّعات صناعية عديمة الفائدة والانتاجية. لذا فإن مجرد بناء مجمعات بالمليارات في الصحراء ليست بالخطوة الكافية لتغيير ذهنية المجتمع السعودي عن مفهوم العمل”.

“بدءُ الحرب المعلوماتية ضد تنظيم الدولة”

في عددها الصادر يوم 25 أكتوبر الجاري، تطرقت صحيفة تاغس أنتسايغر إلى الحرب المعلوماتية التي يقودها التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، حيث اجتمعت الأجهزة العسكرية والإستخباراتية في دول التحالف وبالتعاون مع الروس لتأسيس قاعدة بيانات معلوماتية دقيقة عن أعضاء التنظيم المتوفين والأحياء.

الصحيفة أوضحت أن “هناك مشهدا يتكرر في كل موقع يتراجع ويُهزم فيه تنظيم الدولة الإسلامية. ففي كل مدينة يفر منها أعضاء التنظيم ويتوقف فيها صوت طلقات النار، يبدأ الجنود في تمشيط المنازل والمباني، غرفة غرفة. كما يتم فحص جثث مقاتلي التنظيم بعناية وأخذ بصماتهم وتصوير وجوههم، والبحث عن مستندات وفحص أجهزة الكمبيوتر المحمولة وبطاقات الذاكرة وأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة. كل ذلك بهدف جمع معلومات دقيقة عن أعضاء التنظيم الأحياء وخططهم الهجومية، لأن نهاية دولة الخلافة الإسلامية لا يعني نهاية تنظيم الدولة، الذي سيسعى أعضائه بالتأكيد لمواصلة الجهاد في أماكن أخرى”.

تاغس أنتسايغر أشارت أيضا إلى أن “تكرار إعلان خبر وفاة أبو بكر البغدادي وثبوت عدم صحة هذه الأنباء أثبت الحاجة إلى تكثيف التعاون الدولي في مجال المعلومات الإستخباراتية”. في السياق ذاته، ما زال البحث جاريا عما يُسمّى بملف “إدارة العمليات الخارجية”، وهو مركز مكلف بالتخطيط للهجمات الإنتحارية خارج أراضي التنظيم كتلك التي وقعت في باريس وبروكسل ولندن، حيث وضعت أجهزة المخابرات المختلفة على قائمة أولوياتها معرفة أسماء أعضاء هذا القسم وأهداف الهجمات القادمة. على أية حال أظهر حجم البيانات المُجمّعة في الموصل وأماكن أخرى أن التنظيم يفشل عند تعرضه للهجوم في تدمير كل مستنداته في الوقت المناسب، لذا يبقى السؤال عما ستعثر عليه أجهزة المخابرات بعد السيطرة على آخر نقاط يتواجد بها التنظيم”، تقول الصحيفة. 

“قد تضطر أوروبا لأن تختار”

صحيفة “24 ساعة” الصادرة بالفرنسية في لوزان اهتمت بالتطورات المحتملة لما أسمتها بـ “الحرب الإقتصادية” القائمة بين قطر والسعودية واستجوبت بيار كونيزا Pierre Conesa – وهو خبير فرنسي في شؤون افريقيا والشرق الأوسط سبق له أن ترأس قسم الشؤون الإستراتيجية بوزارة الدفاع الفرنسية – التقى في شهر سبتمبر الماضي في الدوحة بعدد من رجال الأعمال الفرنسيين والأجانب ولا يُخفي خشيته من أن تتحول الأزمة الحالية إلى حرب اقتصادية شاملة يُمكن أن يُصيب شررها الشركات الأوروبية العاملة في المنطقة. 

في حواره مع مراسل للصحيفة في باريس، اعتبر بيار كونيزا أن “قطر تناور بمهارة ولم تقطع إمدادات أنبوب دولفين الذي يُزود دبي بالغاز. إنها تلعب ورقة القانون الدولي وتنقل الخلاف إلى مؤسساته (منظمة التجارة العالمية، المنظمة الدولية للطيران المدني..)فيما تظهر أنها تحترم التعهدات المتخذة والعقود الموقعة”.. ولكن هل يُمكن أن يخسر السعوديون وحلفاؤهم في حين أنهم يُمثلون القوة الأكبر في المنطقة؟ يُجيب الخبير الفرنسي: “هنا تكمن ازدواجية وخطورة هذه الوضعية. فالزعماء الثلاثة في المنطقة (أي محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وتميم بن حمد، التحرير) هم أبناء ديكتاتوريين أطلقوا مسارات لتحديث بلدانهم والإنفكاك من الإرتباط الوثيق بموارد النفط. ونحن نعلم بحكم التجربة أن أبناء الطغاة يتسمون بعدم استقرار أكبر من آبائهم”. 

رغم التوتر الذي تتسم به الأوضاع منذ 5 يونيو الماضي، استبعد المسؤول السابق في وزارة الدفاع الفرنسية خطر نشوب نزاع مسلح بين الطرفين وذكّر بأنه “في السابق، وفي العديد من المناسبات، كانت هناك رغبة من طرف العربية السعودية في إظهار أن قطر مجرد بلد هامشي وأنه يتعيّن عليه الخضوع، إلا أن الولايات المتحدة ردعتها، بل إن أكبر قاعدة أمريكية (خارج الولايات المتحدة) موجودة فوق تراب قطر”.

على العكس من ذلك، لم يستبعد بيار كونزا حصول حرب اقتصادية مستشهدا بتصريحات وردت على لسان سفيري دولة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن وموسكو ألمحا فيها إلى أنه “تُوجد بعض العقوبات الإقتصادية التي تتم دراستها حاليا”، لكنه اعتبر أن استراتيجة الحرب التجارية غير المباشرة تتسم هي أيضا بـ “التردد”، ذلك أن “قطر – التي تعتبر قزما مقارنة بالثقل التجاري للسعوديين والإماراتيين – تتوفر على عناصر قوة في مجال الرسملة عن طريق استثماراتها” في العديد من دول العالم ومن بينها فرنسا.      

“التونسيون يُريدون أكلا وشغلا” 

في حوار أجرته صحيفة “لا تريبون دو جنيف” مع الأستاذ عبد الفتاح مورو، نائب رئيس مجلس النواب التونسي ونشرته في عددها الصادر يوم 25 أكتوبر الجاري، اعتبر الرجل الثاني في حركة النهضة الشريكة في الإئتلاف الحاكم في تونس منذ نهاية عام 2014 أنه “إذا ما أجرينا مقارنة بين الوضع في بلادنا والأوضاع في ليبيا ومصر واليمن أو سوريا، فإننا بخير نسبيا، لكنني أعتقد أننا لا زلنا بحاجة إلى عشر سنوات إضافية كي نتوفر على مؤسسات راسخة. إذ يتعيّن علينا استعادة الإستقرار السياسي”. 

وردا على استدراك مراسل الصحيفة التي تصدر بالفرنسية في جنيف بشأن الإستقرار، أجاب مورو قائلا: “إن بلدا يُسيّر من طرف رئيس يبلغ 93 عاما من العمر (90 سنة و11 شهرا تحديدا لأنه مولود يوم 26 نوفمبر 1926، التحرير) ومتحالف مع راشد الغنوشي (رئيس حركة النهضة، التحرير) الذي يبلغ 76 عاما من العمر، هل هو مُستقر حقا؟ ما الذي سيحدث لو اختفى أحدهما؟ (حاليا) لا يُوجد اتفاق بين حزبيهما”.

بخصوص الأوضاع الإقتصادية، أقر مورو بأن “النمو لم يحصل بعد. في السابق كانت لدينا سوق في ليبيا، أما اليوم فلا يُوجد شيء. السياحة والفندقة يستعيدان عافيتهما ببطء. الإضرابات في مصانع الفوسفاط أفقدتنا نصف عملائنا. كل شيء بحاجة لإعادة الإنطلاق، وهذا سيتطلب الكثير من الوقت. لقد ملّ التونسيون من هذه الفوضى إنهم يُريدون طعاما وشغلا”. 

مع أن الإجابة الأولى المتعلقة بمستقبل الإستقرار أثارت في اليومين الماضيين زوبعة سياسية على الساحة التونسية، إلا أن الحوار تطرق إلى مسألة مهمة أخرى حيث طلب المراسل من القيادي في حركة النهضة توجيه رسالة إلى الشباب المسلم في سويسرا فأجاب: “إنني أقول لهم أن يتصرفوا كمواطنين، فلا يُوجد أي فارق بينهم وبين السويسريين الأصليين. يجب عليهم متابعة دراستهم والإستعداد لأن يكونوا ناشطين في المجتمع بشكل عام. فالإسلام ليس عقبة (أو إعاقة)، كما أن مسألة الإعتقاد قضية شخصية. إن ما يربطك بالآخرين هي حياتك وعملك اليومي”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية