مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

احتجاجات لبنان إلى أين؟.. ومن سيدفع الفاتورة في سوريا؟

مئات الأشخاص يتظاهرون ليلا في بيروت
بعد أن دخلت الإحتجاجات أسبوعها الثاني، متظاهرون يلوحون بالأعلام اللبنانية ويرفعون شعارات مناهضة للحكومة خلال مظاهرة نظمت أمام مسجد الأمين في وسط العاصمة بيروت مساء 24 أكتوبر 2019. Keystone / Nabil Mounzer

ناقشت العديد من الصحف السويسرية ملف الشمال السوري ووضعت خريطة للتوازنات الإقليمية والتشكيلات الجيوسياسية الجديدة في المنطقة بعد اختلاط الأوراق مرة أخرى إثر الانسحاب الأمريكي والغزو التركي وانسحاب الأكراد من الأراضي التي كان يحلمون بإقامة دولة عليها. كما اهتمت بتغطية وتحليل الإحتجاجات الشعبية في لبنان التي دخلت أسبوعها الثاني بمشاركة مئات الآلاف من المحتجين على الزيادات الضريبية وفساد الدولة، والداعين للإطاحة بالنظام السياسي بأكمله.  

لبنان بلد المليارديرات وجبال الديون

في عددها الصادر يوم 21 أكتوبر الجاري، تناولت صحيفة نويه تسورخر تسايتوتغ رابط خارجيحزمة الإصلاحات الشاملة، التي أقرتها الحكومة اللبنانية من أجل استعادة ثقة الشارع بعد موجة الاحتجاجات الواسعة على السياسات الاقتصادية والاجتماعية، لكنها رأت أنها قد لا تكفي لامتصاص غضب المواطن، لأن النخبة فاحشة الثراء يتعين عليها تقديم تضحيات أكبر بكثير.

كريستيان فايسفلوغ، مراسل الصحيفة في بيروت، عدّد أسباب انتفاضة اللبنانيين بالقول “إنها ليس مجرد احتجاج على التوزيع غير العادل للثروة، بل أيضًا على الفساد المتفشي وتلوث المياه وتدهور الخدمات العامة. رغم كل هذا، فإن مسألة توزيع الثروات عامل مهم لفهم حقيقة ما يجري في لبنان، فهذا البلد الصغير يضم أكبر عدد من المليارديرات في العالم مقارنة بالنرويج أو الولايات المتحدة”.

وعلى عكس الدول الصناعية الغربية، فإن الثروة والدخل في لبنان أكثر تركيزًا. فقد كتبت الخبيرة الاقتصادية ليديا أسعاد في دراسة نُشرت العام الماضي أن ” 0.1 في المائة من اللبنانيين، أي حوالي 3000 شخص، يكسبون نفس النسبة المئوية البالغة 50%، التي يكسبها 1.5 مليون شخص”. وعندما يتعلق الأمر بملكية العقارات، فإن الوضع مماثل: حيث يملك 10% من السكان 70 % من الأصول.

لبنان يرزح أيضا تحت جبل من الديون البالغ قيمتها 85 مليار دولار أي ما يعادل أكثر من 151 في المئة من الناتج القومي الإجمالي. وتبلغ نسبة الفائدة على الدين 40 في المائة من إيرادات الدولة. وقد حاولت النخبة السياسية القيام بمناورة لمواجهة أزمة الديون عبر اتخاذ تدابير تقشفية وفرض زيادات ضريبية تستهدف الطبقة الوسطى والدنيا بالأساس، ما أثار موجة احتجاجات حاشدة.

مراسل الصحيفة السويسرية شكك في نجاعة هذه الإجراءات لمواجهة تضخم الديون ولفت إلى أن “مشكلة لبنان ليست العبء الضريبي من حيث المبدأ، بل التوزيع الضريبي. الرسوم الضريبية تعادل فقط حوالي 15٪ فقط من إجمالي الناتج الاقتصادي. في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تبلغ هذه القيمة في المتوسط ​​35 في المئة. في الصيف الماضي، رفعت الحكومة الحد الأقصى لمعدل ضريبة الدخل إلى 25 في المئة. ولكن لا يزال هناك مجال لفرض ضرائب على الدخل الذي يتجاوز 150 ألف دولار. من جهة أخرى تبلغ قيمة الضرائب على أرباح الشركات، حوالي 6 % للشركات متوسطة الحجم، وهو معدل أقل بكثير من متوسط ​​منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ 16 في المائة”.

ونوه كريستيان فايسفلوغ إلى أن الإصلاحات الهيكلية الحقيقية التي تعمل على تحسين البيئة الاقتصادية ستكون بلا شك أنجع من زيادة الضرائب على الأثرياء. لكن لبنان ليس في وضع يسمح له باتخاذ مثل هذه الخطوات العملية بسبب عبء الديون واستمرار الحرب الأهلية في سوريا والتوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة وإيران. وفي ظل هذه الأوضاع، فإن هذه الإصلاحات الأخيرة لن تحقق الانتعاش الاقتصادي المرجو قريبًا. لذلك فإن “التدابير التقشفية، التي أوجعت الطبقات الوسطى والدنيا لا يجب أن تكون هي الحل الوحيد بمفردها. لبنان بحاجة إلى فائض من الإيرادات لسنوات للحد من تضخم الدين العام”، حسب رأيه.

لكن رئيس الوزراء سعد الحريري، مثله مثل السياسيين الآخرين ذوي النفوذ في لبنان، ينتمي إلى نخبة المليارديرات، لذا لم يكن من المتوقع أن يجري إصلاحاً ضريبياً آخر. وكانت حزمة الإصلاحات التي قدمها نيابة عن حكومته مساء الاثنين 21 أكتوبر الجاري “مزيجا من تدابير التقشف الشعبوية والرسوم الضريبية، بالإضافة إلى تحديث قطاعي الكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية اللذين طالبت بهما أصلاً الجهات الدولية المانحة منذ فترة طويلة. وكان من بين هذه المطالب على سبيل المثال، تخفيض رواتب ومعاشات الوزراء الحاليين والسابقين بنسبة 50 في المائة”. وأعلن الحريري عن قانون جديد طالب به المتظاهرون لاسترداد الأموال من مختلسي الضرائب. وأخيرا، يتعين على البنوك دفع أكثر من 3 مليارات يورو لتعويض ميزانية 2020.

وختم المراسل بالقول “ربما يُمكن لهذه الإصلاحات أن تفي بالشروط اللازمة للحصول على قروض البنية التحتية البالغة 11 مليار دولار التي وعدت بها الجهات الدولية المانحة، لكنها لا تكفي لاستعادة الثقة في السكان. ويبدو أن الحريري استشعر نبض الشارع، ليُعلن تأييده المطالبة بإجراء انتخابات جديدة دون أن يتحدث عن الاستقالة”.

“للمرة الأولى، نضع حدا لإرث الحرب الأهلية”

في عددها الصادر يوم الجمعة 25 أكتوبر، نشرت صحيفة “لوتون” تقريرا بعثت به مراسلتهارابط خارجي لور ستيفان من بيروت في سياق تغطيتها لاحتجاجات عشرات الآلاف من اللبنانيين المستمرة منذ أسبوع من أجل “التغيير”.

رغم تساقط الأمطار، لم يتراجع تجنّد المحتجين. ومع أن بعض الجامعات فتحت أبوابها مجددا، لكن الطلبة لا زالوا مرابطين في الشارع ويقول ميلاد (23 سنة): “لن أعود إليها.. ليس في هذه اللحظة التاريخية”. أما الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الوزراء سعد الحريري يوم الإثنين (21 أكتوبر) فقُوبلت بالتهكم باعتبارها وعودا مزيفة، وتحذر مريم (مُدرّسة) قائلة: “سنواصل النزول إلى الشارع للإبقاء على الضغط”.

ومثلما تنقل المراسلة السويسرية عن محمد المتخرج حديثا من الجامعة، فإن الأمر لا يقتصر على “الثقة التي كُسرت”، بل إنه صمّام انفتح: الكلمات التي ظلت مكتومة لوقت طويل والإحباطات ورغبات التغيير المقموعة والتي تفيض الآن. وفي تعليق لها على لافتة كتبت عليها متظاهرة: “أحبك يا شعبي”، تقول غادة (طالبة): “للمرة الأولى أشعر أننا نضع حدا لإرث الحرب (1975 – 1990) المتكون من انقسامات”.

جدران وسط المدينة انتشرت فوقها تعابير مثل “حرية” أو “ثورة”.. وشبان يتسلقون سُلّما للوصول إلى قمة “البيضة”، وهو عبارة عن فضاء مُهمل يرمز إلى الحرب وإلى الأخطاء التي شابت عملية إعادة البناء التي تلت النزاع.. إنها عملية إعادة تملك للفضاء العام. هنا توضح ريحان، القادمة من الضاحية الجنوبية للمراسلة السويسرية: “يُقال لنا: هل تعتقدون أنه يتم القيام بثورة بالغناء والرقص؟ أي نعم! إننا بصدد القيام بانتفاضة سلمية وعيش لحظة وحدة كبيرة. أنا هنا من أجل كل الجوعى ومن أجل كل الذين اضطروا للهجرة وضد الحكومة وضد الطائفية”.

في الأثناء، تبدو مُحاولات البعض هيكلة حركة الإحتجاجات (التي لا زالت بدون قيادة) سابقة لأوانها، فالمطالب متعددة ومتباينة جدا.. أما الآراء فهي منقسمة بين ضرورة تشكيل لجنة يُمكن أن تتفاوض مع الحكومة أم لا، وتقول ريهام، وهي أم لعائلة: “يجب أن تتهيكل الثورة لكننا لا نريد أي استغلال سياسي” لها.

يوم الأربعاء 23 أكتوبر، أعلن أحد القضاة عن إطلاق دعوى قضائية ضد نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء الأسبق المتهم بـ “الإثراء غير المشروع” لكن الشارع اللبناني أضحى معتادا على عمليات تصفية الحساب بين الزعماء السياسيين أو أنه بدا مُهيّئا بشكل كبير للرمي ببعض الأسماء في المحرقة من أجل حماية آخرين وكسب السلم الاجتماعية. في المقابل، تتكهن سحر قائلة: “من وجهة نظر اقتصادية، لم يعد لدينا شيء نخسره. ولهذا السبب فإن التحرك سيستمر طويلا”. وبالفعل، فقد ارتفعت معدلات الفقر في السنوات الأخيرة و”أصبح لبنان مُهددا بانهيار نظامه المالي”، كما تقول لور ستيفان في ختام تقريرها.     

الرابحون والخاسرون في سوريا

هذه الأسبوع أيضا، شغلت التطورات العسكرية والأوضاع الإنسانية في شمال سوريا اهتمام العديد من الصحف السويسرية وتطرقت إليها بالتحليل المُسهب. 

في عددها الصادر يوم 24 أكتوبر، كتبت صحيفة بليكرابط خارجي الشعبية الواسعة الإنتشار: “بعد انسحاب الأمريكيين من ميدان المعركة في سوريا، تنقض  النسور على الأرض، التي تشتم منها رائحة الدماء وأولهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أكبر المستفيدين من النظام الجديد الناجم عن فراغ السلطة في شمال سوريا”.

غيدو فيلدر، الصحفي في قسم الشؤون الدولية بالصحيفة، أعد قائمة للخاسرين والرابحين في آخر معارك الحرب الدائرة في سوريا وأوضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو “المستفيد الأكبر من الوضع الجديد. روسيا هي القوة التنظيمية الجديدة في سوريا. بوتين سيجبر الرئيس التركي أردوغان على الاعتراف ببشار الأسد باعتباره الحاكم الشرعي لسوريا وسينشر القوات الروسية في شمال سوريا جنبا إلى جنب مع قوات الأسد للسيطرة على المنطقة العازلة المعينة من تركيا، مع السماح للجنود الأتراك بالقيام بدوريات بالقرب من الشريط الحدودي”.

المستفيد الثاني حسب غيدو فيلدر هو الرئيس التركي الذي “غزا شمال سوريا وحصل من بوتين على المنطقة العازلة على الحدود. بوتين سيسمح بالوجود التركي في الشمال السوري وإن كان بقيود – لأنه يحتاج إلى هذا الدعم العسكري في سوريا ما بعد الحرب، كما أن هذا التواجد التركي المرفوض من قبل الحلف الأطلسي من شأنه أن يُبقي الخلافات بين أنقرة وحلفائها الأوروبيين ويصدع الحلف العسكري، ما يصب في مصلحة الروس”. أما المستفيد الثالث فهو الأسد “الذي سيستعيد السيطرة على البلاد كلها تقريبا بفضل الدعم الروسي”.  

أما الخاسرون الأكبر وفق الصحيفة دائما فهم الأكراد “الذين أصبحوا أبعد من أي وقت مضى عن حلم إنشاء منطقة حكم ذاتي” والحلف الأطلسي الذي “يقف مكتوف الايدي أمام التدخل التركي في سوريا ولا يدري حتى الآن رد الفعل الأمثل عندما يتعرض الجيش التركي، العضو في الحلف، لهجوم من قبل القوات السورية أو التركية”.

الخاسر الأخير هو دونالد ترامب، الذي “فقد مصداقيته بعد سحب جميع القوات الأمريكية تقريبًا من شمال سوريا في الأيام الأخيرة ليمهد الطريق أمام الغزو التركي بتداعياته المتمثلة في هروب المئات من مقاتلي داعش من سجون وحدات حماية الشعب الكردية”، كما تقول الصحيفة.

الأحياءُ أولى بالإهتمام..

تحت هذا العنوان، خصصت “لوتون” افتتاحية عددها ليوم 24 أكتوبررابط خارجي للملف السوري، وأكدت أن “العديد من الأوروبيين يرون – رغم عدم استعدادهم للإقرار علنا بذلك – أن الحرب في سوريا قد تضع أوزارها بفضل حل روسي يُبقي بشار الأسد في السلطة. بل اعتبرت أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في سوتشي يوم الثلاثاء الماضي (22 أكتوبر) بين فلاديمير بوتين ورجب الطيب أردوغان “يُخفي وراءه الهدف الحقيقي لروسيا المتمثل في دفع أنقرة إلى استئناف الحوار مع دمشق”.

تبعا لذلك، أوضحت الصحيفة أنه “ليس بإمكان الأوروبيين التأثير في المسار المستقبلي للأحداث” وهو ما كان متوقعا منذ أن أدى عدم تقيّد أوباما في عام 2013 بالخط الأحمر الذي حدده إذا ما تم استخدام أسلحة كيماوية إلى عجز فرنسا عن التدخل ضد النظام السوري.

مع ذلك، ورغم كل شيء، هل يرغب الأوروبيين في أن تكون لهم كلمة وازنة في مستقبل سوريا؟ يُجيب مارك ألغور، كاتب الإفتتاحية بالنفي مجددا لأن “المفاوضات التي تسير تحت إشراف الأمم المتحدة في جنيف هُمّشت من طرف عملية أستانا التي تقودها روسيا”. ويضيف: “إذا ما كان الأوروبيون غير قادرين أو غير راغبين في التحرك لوضع حد لهذه المذبحة بشروطهم، تبقى إذن شروط المنتصرين الأتراك والروس والإيرانيين والسوريين”. لكن القبول بهذه الحقيقة “لا يترتب عليه نسيان الجرائم التي لا تُحصى وضحايا هذه الأعمال الوحشية وآخرهم الأكراد. فالأغلبية الساحقة من القتلى تظل على مسؤولية حكومة بشار الأسد. أما التعويذات الداعية إلى تخليص سوريا من حاكمها فهي لا تُشكّل دبلوماسية ناجعة، بل هي مجرد دليل على غيابها”.

في ختام الإفتتاحية، كتب ألغور: “إذا ما سمح خفضٌ في العداء بين رجب الطيب أردوغان وبشار الأسد في تقليص حدة الصراع، فهل ما زال لدينا (نحن الأوروبيون) حجج أخرى نطرحها؟ إن تذكّـر الموتى لا يُعفي المرء من الانشغال بالأحياء”.

الانسحاب الأمريكي يصب لفائدة موسكو ولكن..

في حوار أجرته معه صحيفة “لا ليبرتي”رابط خارجي يوم 23 أكتوبر شدد جوليان نوسيتي، الباحث المشارك في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والأستاذ في مدارس سان سير العسكرية، في رده على سؤال يتعلق بسبب استبعاد الغربيين من المشهد السوري على أن “التناسق (وغيابه) هو ما يُميّز الموقفين الروسي والغربي من الأحداث في سوريا. فمنذ عام 2011 والكرملين يصرح بأنه يريد الإبقاء على الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم حتى وإن تطلب الأمر اللجوء إلى القوة وهو ما قام به فعلا. أما الغربيون فليس بإمكانهم الزعم بوجود نفس هذا القدر من الإنسجام (في المواقف) لديهم”.

مع ذلك، يبقى الغرب شريكا تجاريا مهما جدا لروسيا وذلك بالرغم من توقيع موسكو في السنوات الأخيرة لمزيد من الصفقات في المنطقة (في سوريا وتركيا والأردن ومصر مثلا) لكنها تتعلق بشكل شبه حصري بالمجال العسكري، بل إن حجم المبادلات التجارية بين روسيا ومُجمل البلدان العربية الإسلامية في الشرق الأوسط يُوازي ما هو موجود مع إسرائيل لوحدها” كما يقول الخبير الفرنسي.

عموما، يُؤكد جوليان نوسيتي أن حصيلة التدخل الروسي في الشرق الأوسط “تظل إيجابية حتى الآن بالنسبة لموسكو، فبفضل قليل من الوسائل المادية والعسكرية المستخدمة، جاءت التداعيات الدبلوماسية مهمة. فالنزاع في شرق أوكرانيا الذي كان يتصدر الاهتمام قبل سوريا تمت التغطية عليه تماما في حين أنه لم ينته بعدُ.. أما الآن فإن الخشية الكبرى لسوريا هو أن تجد نفسها مُرغمة على أن تدفع بمفردها فاتورة إعادة الإعمار المُرعبة في سوريا والتي تُقدر بعشرات المليارات من الفرنكات السويسرية”.             

من يدفع الفاتورة في سوريا؟

في هذا السياق، أوضحت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغرابط خارجي في عددها الصادر يوم 23 أكتوبر أن موسكو “تأمل في جني غنائم الحرب الطويلة في سوريا” بعد أن تضع الحرب أوزارها وتبدأ عملية إعادة الإعمار، وذهبت إلى أن “التدخل العسكري الروسي حقق بلا شك أرباحًا سياسية وعسكرية لروسيا”، وأشارت إلى أن المحللين أشادوا بالمهارة الدبلوماسية لروسيا، لكنهم نوّهوا أيضًا إلى العنصر العسكري حيث “مكّنت الحرب موسكو أولاً من تأكيد مصالحها السياسية والتحول إلى قوة لا غنى عنها. طبيعة سياسة الشرق الأوسط الروسية برمتها في السنوات الأخيرة تعتمد على رد الفعل، وليس على التخطيط طويل الأجل. في الحالة الراهنة للسياسة العالمية، فإن القدرة على الاستجابة الفورية للتغيير أمر بالغ الأهمية، كما يؤكد المحللون الروس”.   

الآن، تسعى روسيا لجني أكبر المكاسب من الحرب التي كلفتها حتى أوائل مارس 2018 ما بين 3.3 و 4.4 مليار دولار وهو رقم ليس بالكبير مقارنة بتكلفة بمشروعات البنية التحتية الكبيرة المتوقعة بعد الحرب. وفيما لم تدخر روسيا جهدا في التأكيد على أنها تريد الحصول على أكبر جزء من الكعكة وعلى أن الشركات المملوكة للدولة والقطاع الخاص ستنفذ مشاريع إعادة الإعمار “لكن من غير الواضح بعدُ من الذي سيدفع الفاتورة. فالنظام السوري يفتقر للمال وليس للغرب مصلحة في الاستثمار في سوريا الأسد والسماح للروس بالاستفادة. كما فشلت خطة موسكو بإقناع الأوروبيين بالدفع مقابل السماح بعودة اللاجئين. روسيا حققت المكسب الاستراتيجي المتمثل في إنقاذ نظام الأسد، لكن المكاسب المالية ليست مضمونة بعد”، وفق الصحيفة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية