مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“السيسي يجب أن يرحل .. وجدار الخوف قد سقط”

ميدان التحرير
ميدان التحرير بالقاهرة، وقد حاصرته الشرطة المصرية ومنعت الوصول إليه يوم 27 سبتمبر 2019 Keystone / Khaled Elfiqi

لم تهتم الصحف السويسرية في هذا الأسبوع بالشؤون العربية باستثناء الحراك الجديد الذي تشهده مصر هذه الأيام، فتناولت كل من صحيفة "لوتون" الناطقة بالفرنسية و"نويه تسورخير تساتونغ" الناطقة بالألمانية هذا الحراك بالتحليل.

تحت عنوان “المصريون يكسرون حاجز الخوف”، تناولت صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ بالتحليلرابط خارجي المظاهرات الجديدة في مصر. واستهل الصحفي كريستيان فايسفلوغ مقالته بالقول “الاحتجاجات الجديدة تزعزع جهاز السلطة حول السيسي”، وشدد على أنّ هذا الحراك على محدوديته، جدير بالاهتمام، وذلك لوقوعه على الرغم من القمع. ومن ثم يعرض فايسفلوغ باختصار كيف ضرب رئيس جمهورية مصر الحالي عبد الفتاح السيسي بقبضة من حديد، في البداية الإخوان المسلمين ومن ثمّ كلّ من عارض سياساته، من نشطاء أحرار وسياسيين ومنظمات غير حكومية. كما يتطرق الصحفي للتغييرات التي أُدخلت في أبريل الماضي على الدستور المصري والتي تضمن للسيسي وجوده على رأس السلطة حتى عام 2030 وتجعل من الجيش وصياً وحارساً على القانون.

“السيسي يجب أن يرحل”

ويأتي فايسفلوغ على ذكر بعض الشعارات التي تطالب برحيل السيسي ومنها “ارحل يا سيسي” و”قول، ما تخافشي، السيسي لازم يمشي”، كما ذكر المناطق التي خرجت فيها المظاهرات كميدان التحرير في القاهرة وبعض المناطق في الإسكندرية وغيرها، ويؤكد على تصميم الناس على التجمع على الرغم من محاولة الشرطة صدّهم مستخدمة الغازات المسيلة للدموع والاعتقالات. على الرغم من قلة عدد المتظاهرين إلا أن الحراك أدى إلى زعزعة ثقة النظام الحاكم بنسه، بحسب فايسفلوغ.

وبحسب الصحيفة أيضاً، فإن وراء تلك الاحتجاجات مجموعة من مقاطع الفيديو التي انتشرت على الإنترنت، وفيها يظهر المستثمر في البناء المقيم في المنفى، في اسبانيا بالتحديد، محمد علي يبدو أنّه قد كشف عن انتشار الفساد بين صفوف السياسيين في السلطة. ينتقد علي بشكل مباشر وزير النقل في الدور الذي أداه في بناء فندق مخصص للمخابرات. كما يبدو أن علي نفسه قد تلقى مهمة بناء فيلا لاصطياف الرئيس ولا يزال يدين له الجيش بـ 13 مليون دولار، بحسب ما تنقل الصحيفة. ويستمر فايسفلوغ في تحليله، مفندّاً تفاصيل بدايات المظاهرات، فيذكر رد السيسي وانكاره للاتهامات من قبل محمد علي، ما يدفع آخرين إلى مساندة علي بمقاطع فيديو أخرى تؤكد الاتهامات وتزيد عليها، فتأتي على ذكر شبه جزيرة سيناء وتسليم جزيرتيْن للملكة العربية السعودية والفشل في محاربة الإسلاميين هناك. لم تأت هذه الاتهامات من معارضين للسيسي فحسب بل ومن ضباط في الجيش ومحامين ونشطاء، بحسب فايسفلوغ.

“النظام في حيرة من أمره”

في تحليله، يرى فايسفلوغ أنّ النظام في مصر “لا يعرف بعد كيف ينبغي عليه التعامل مع العصيان الجديد”، فإلى الآن لا يزال يتمسك بالوصفة القديمة، “كاعتبار المعارضين له أتباعاً للإخوان المسلمين أو عملاء ومرتزقة للقوى الأجنبية”. على ما يبدو وبحسب الصحفي، قد تمّ يوم الجمعة 20 سبتمبر اعتقال 200 إلى 300 شخص في سياق تلك الاحتجاجات الجديدة، وتم تعزيز الوجود الأمني في المدن. ومع ذلك فقد خرج 200 شخص يوم السبت 21 سبتمبر إلى شوارع السويس، بحسب فايسفلوغ، الذي يرى بأنّ “وصفة القمع القديمة لم تعد تجدي نفعاً، فبعض المصريين على الأقل قد كسرو حاجز الخوف”.

الغضب يتصاعد ضد النظام المصري

خصصت صحيفة “لوتون” السويسرية يوم الثلاثاء 24 سبتمبر بدورها تحليلا لمستجدات الأوضاع في مصررابط خارجي بعد تحدي بضع مئات من الأشخاص الحظر الذي يفرضه النظام المصري على الاحتجاجات وعلى النزول إلى الشارع. وتأتي هذه الاحتجاجات على إثر الاتهامات التي وجهها مؤخرا رجل أعمال مصري إلى السيسي والجيش بسوء إدارة الأموال العامة.

المقال في الأصل كتبته الصحفية هيلين سالون، مراسلة صحيفة “لوموند” الفرنسية، والتي استهلّته بخبر “إلقاء القبض على عشرات الأشخاص في مصر بعد احتجاجات غير مسبوقة ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي”. وقد رفع المتظاهرون شعار “قول ما تخافش، السيسي لازم يمشي”. وقد امتدت هذه المظاهرات التي جرت مساء يوم الجمعة 20 سبتمبر وتجددت الدعوات إليها يوم الجمعة 27 سبتمبر إلى العديد من المدن المصرية. وتقول الصحفية الفرنسية “تمثل هذه الاحتجاجات رسالة قوية موجهة إلى الرئيس السيسي في ضوء القبضة الحديدة المفروضة على أي صوت معارض في البلاد”. وتأتي أيضا “على خلفية الركود الاقتصادي، وازدياد الغضب في البلاد ضد الماريشال وجيشه”.

الذي أشعل جذوة هذا التحرّك، بحسب هذا التقرير “سلسلة من مقاطع الفيديو نشرها رجل الاعمال المصري يُدعى محمد علي من منفاه في اسبانيا، والتي اتهم فيها الجيش المصري بسوء إدارة الأموال العامة في بناء الفنادق الفخمة والقصور الرئاسية، واهدار الكثير من الأموال العامة في بناء قبر أم الرئيس”.

الصحفية تشير أيضا إلى “الصدى الكبير الذي وجدته اتهامات رجل الاعمال الفار إلى اسبانيا على شبكات التواصل الاجتماعية وفي الشارع المصري”. ويشير المراقبون بالفعل إلى تزايد دور الجيش المصري في مختلف القطاعات الاقتصادية منذ تولّي عبد الفتاح السيسي السلطة في انقلاب عسكري ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي في صيف 2013″.

ثلث المصريين يعيشون تحت خط الفقر  

ينبع هذا الغضب دائما بحسب نفس التقرير من “اعتقاد الكثير من المصريين أن مليارات من اليوروهات التي تم استثمارها في مشاريع ضخمة مثل العاصمة الإدارية الجديدة، أو مضاعفة قناة السويس، كان من الأفضل استخدامها لاعادة بناء اقتصاد ضعيف وتحسين مستوى الخدمات العامة”. خاصة وأن هذه المشاريع الكبرى، تتزامن مع التدابير التقشفية التي فرضها النظام المصري على المواطنين منذ عام 2016 والتي أضرّت بضعاف الحال من السكان، والذين يعيش ثلثهم تحت خط الفقر”.

ومن المؤشرات الدالة على انزعاج النظام من هذه الاحتجاجات الأخيرة، صدور نفي على أكثر من جهة من داخل دوائر النظام المصري، ورفض رئيس الدولة نفسه هذه الاتهامات معتبرا إياها “أكاذيب صرفة” و”أن رجل الاعمال المعارض يريد إضعاف مصر وتقويض ثقة السكان في الجيش”. 

الصحفية تشير إلى أنه على الرغم من أن عدد الذين نزلوا للشارع كان محدودا “لكن التحرّك يصبح ذا قيمة كبرى إذا ما علمنا المخاطر غير العادية التي يواجهها كل محتج”.

القمع قتل أكثر من 800 شخص

لم يفت صاحبة المقال الإشارة إلى أن “الاحتجاجات باتت نادرة منذ إطاحة الجيش بالرئيس المنتخب محمد مرسي في يوليو 2013، وما رافق ذلك من قمع أدى إلى مقتل أكثر من 800 شخص وسجن عشرات الآلاف، بعد إصدار قانون يحظر الاحتجاج وامتداد القمع إلى كل صوت نقدي، بما في ذلك المتشددين المؤيدين للثورة على حكم الإخوان والمعارضين العلمانيين واليساريين”.

ولذلك لا غرابة دائما بحسب الصحيفة السويسرية أن تعقب هذه الاحتجاجات الأخيرة “تسجيل المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية 356 عملية اعتقال (في اليوم الأوّل الذي اعقب المظاهرات) في جميع أنحاء البلاد، وحظر مواقع المعلومات وصفحات التواصل الاجتماعية”. وتختم المقالة بالتساؤل عن “مستقبل هذه الحركة الاحتجاجية في ظل السياق القمعي السائد في مصر الآن. حتى لو ادعى بعض المصريين أن “جدار الخوف قد سقط”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية