مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“اليمن مهدد بالتقسيم”.. “أسرار الإستحواذ على مجموعة بن لادن”.. “عُقدة سوريا”

الصفحات الأولى لعدد من الصحف السويسرية
تناولت الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع أجواء التهديد والخوف في كواليس الإنتخابات الرئاسية المصرية وأسباب الحملة العسكرية التركية في عفرين وتداعياتها على الداخل التركي والنظام الإقليمي و"مليارات العار" التي تقدمها المملكة العربية السعودية لفائدة المساعدات إنسانية في اليمن، البلد العربي الذي تشترك آلتها الحربية في تدميره منذ ثلاثة أعوام. swissinfo.ch

القصة المثيرة للاجئة عراقية استأنفت مسار حياتها في سويسرا وتقرير أممي سري يُحذر من احتمال تعرض اليمن للتقسيم والأسباب الحقيقية وراء استحواذ السلطات السعودية على شركة بن لادن وفرص التهدئة في سوريا مع تأزم العلاقات بين الأطراف المتصارعة على النفوذ والحدود في المنطقة.. هذه أهم القضايا والملفات العربية التي ناقشتها الصحف السويسرية هذا الأسبوع.

قصة لاجئة شابة من العراق إلى دافوس

في عددها الصادر بتاريخ 13 يناير 2018، روت صحيفة “لوتون” بكثير من التفاصيل المسار “الذي لا يُصدّق” للشابة اللاجئة آية محمد عبد الله انطلاقا من العراق ثم مرورا بسوريا وتركيا ووصولا إلى جنيف ودافوس. عن حياتها اليوم في سويسرا، تقول الشابة التي غادرت بلادها في سن الرابعة عشرة رفقة عائلتها سنة 2009 إلى سوريا (حيث فقدت العائلة أثر الأب)، ثم اضطرت للفرار منها إلى تركيا في عام 2011 بعد اندلاع الثورة: “لقد كانت الشهور الأربعة الأخيرة شديدة الإثارة، لقد غيّرت حياتي”.

في سن الثانية والعشرين، تقيم آية حاليا في جنيف رفقة والدتها ووالدها (الذي جمع الشمل به مجددا) وأشقائها الثلاث بعد سنوات عسيرة مرت فيها كلاجئة بسلسلة عجيبة من الأحداث الأليمة والصدف السعيدة. في سبتمبر 2015، وبفضل الدعم الذي تلقته من المفوضية السامية شؤون اللاجئين، تلقت العائلة ردا إيجابيا على طلب اللجوء من طرف السلطات الأمريكية لكن واشنطن تراجعت عن قرارها بعد شهرين دون تقديم أي مبرر.. إثر ذلك، نشرت آية يوم 13 ديسمبر 2015 قصة عائلتها على مدونة Humans of New Yorkرابط خارجي الشهيرة للمصور الأمريكي براندون ستانتون الذي تعرفت عليه عندما كانت في تركيا حيث عملت مترجمة لفائدة بعض المنظمات غير الحكومية المعنية باللاجئين.

شاهد أحد الأشخاص الذين يعرفون والدها (الذي اتضح أنه وصل إلى سويسرا قبل عامين ونصف حيث تقدم بطلب لجوء) النص المنشور فأطلعه عليها.. الأب تعرّف على ابنته وترك رسالة على المدونة التي يُتابعها 18 مليون شخص.. وبعد ذلك، تضافرت جهود أفراد ومحامين ومؤسسات أممية لربط خيوط الإتصال ونجحت في إعادة تجميع العائلة في جنيف حيث منحتها السلطات حق اللجوء.

منذ ذلك الحين، تحولت آية إلى مثال معبّر يُجسّد في نفس الوقت معاناة ونجاحات أفواج من الأجيال الشابة التي اضطرت لمغادرة أوطانها جراء الحروب والنزاعات وانعدام الأمن. وبعد أن اختارتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في نوفمبر 2017 لتكون “مفوضة للشباب” تقديرا للعمل الذي قامت به لفائدة اللاجئين في تركيا، التقت بالسيد فيليبو غراندي، المفوض السامي لشؤون اللاجئين وألقت يوم 12 ديسمبر الماضي في جنيف “خطابا مُلفتا” أمام مندوبي المفوضية العاملين في شتى أنحاء العالم.

يوم الإثنين 15 يناير تمكنت آية – بعد محاولة فاشلة مع جامعة جنيف – من استئناف دراستها الجامعية في مجال العلاقات الدولية بعد أن حظي مطلبها بالقبول من طرف جامعة “وبستر” الخاصة.. أما الآن فتستعد الشابة العراقية للمشاركة يوم 22 يناير الجاري في فعاليات الإجتماع السنوي للمنتدى الإقتصادي العالمي في منتجع دافوس بمداخلة رفقة النجمة الأمريكية كايت بلانشيت Cate Blanchett أمام جمع من الصيارفة ورجال السياسة ورجال الأعمال تتحدث فيها عن حياتها كلاجئة شابة. 

والآن، ما هو الحلم الذي تريد آية محمد عبد الله تحقيقه؟ تجيب الشابة العراقية بكثير من الثقة والتصميم: “أن أنتهي من دراستي وأن أواصل العمل لفائدة اللاجئين”. 

لماذا سيطرت السلطات السعودية على شركة بن لادن للمقاولات؟

في “نويه تسورخر تسايتونغ” الصادرة بتاريخ 13 يناير 2018، تناول أولريش شميت، مراسل شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة التي تصدر بالألمانية في زيورخ سيطرة المملكة العربية السعودية على شركة بن لادن للمقاولات وذلك بعد احتجاز عدد من أفراد عائلة بن لادن، من بينهم بكر بن لادن رئيس مجلس إدارة مجموعة بن لادن، البالغ من العمر 71 عاما والذي يملك حوالي 23.58٪ من أسهم الشركة. 

شميت أوضح أن “هذا الإعلان يأتي بعد انقلاب قاده ولي العهد الشاب محمد بن سلمان على نخبة رجال الأعمال والأمراء واحتجاز عدد منهم في أكتوبر من العام الماضي في فندق ريتز كارلتون في الرياض حتى التفاوض على شروط الإفراج، فالأمير الشاب ليس معنيا فقط بمحاربة الفساد ولكن أيضا بملء الخزانة”.

الصحيفة أشارت إلى أن” مجموعة بن لادن هي واحدة من أكبر الشركات في البلاد واستفادت على مدى عقود من العلاقات الوثيقة مع عائلةآل سعود  المالكة. وتتكهن مصادر إعلامية بأن تدخل الدولة هدفه في المقام الأول تسخير شركة بن لادن في تنفيذ خطة التنمية الوطنية “رؤية 2030”. ويبدو أن ولي العهد محمد بن سلمان يريد ضمان مشاركة مجموعة بن لادن ، عملاق المقاولات في تحقيق المشاريع الضخمة على البحر الأحمر مثل “نيوم”، لا سيما أن ردود فعل المستثمرين الدوليين على مشروع المستقبل بقيمة 500 مليار دولار جاءت بالصمت المطبق”.

أما الهدف الثاني فهو مالي بامتياز حسب أولريش شميت، حيث أنه “على عكس بقية المحتجزين المتهمين بالفساد، فإن الدولة تدين بالمليارات لمجموعة بن لادن، التي أسسها عام 1931 محمد بن عوض بن لادن المهاجر الفقير القادم من اليمن. وفي الوقت الذي صرف أمراء وأميرات آل سعود ملايين الدولارات في رحلاتهم في أوروبا، كانت أسرة بن لادن تشيّد ناطحات السحاب والجامعات والمستشفيات وأحياء مالية بأكملها والعديد من المشاريع العسكرية السرية. هذا ويقال إن الشركة تعاني من مشاكل مالية، لكن هناك خشية في أوساط رجال المال والأعمال في الرياض من أن تكون عملية استحواذ الدولة على شركة بن لادن نموذجا يحدد مسار السياسة الإقتصادية للسنوات المقبلة. وسيكون لهذه السياسات عواقب مدمرة، فمحاولة الدولة التحرر من التزاماتها بسداد الديون بهذا الشكل من الإكراه، لن يُخيف المستثمرين الدوليين فحسب”، وفق ما جاء في الصحيفة.

“عقدة سوريا المستعصية”

في عددها الصادر بتاريخ 18 يناير 2018، رأى بول أنطون، مراسل صحيفة دير بوند أن الآمال في تهدئة الأوضاع في سوريا بعد هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” تلاشت وأن المعضلة السورية تزداد تعقيدا مع التصعيد المتزايد بين قوى الصراع الدولية والإقليمية في المنطقة ودخول كل الأطراف في حرب مفتوحة.

مراسل الصحيفة التي تصدر بالألمانية في العاصمة برن أورد عدة مؤشرات أولها استمرار القتال العنيف بين قوات الجيش السوري المدعومة من روسيا والفصائل الجهادية المقاتلة والمدعوم بعضها من الجار التركي. ويأتي هذا في الوقت الذي تزداد فيه حدة التوترات بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا وإيران والنظام السوري، وبين تركيا من جهة أخرى.

في تقريره، أشار أنطون أيضا إلى إعلان مسؤولين من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة دعم وحدات حماية الشعب الكردية المنضوية تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية في مسعى إنشاء قوة حدودية جديدة قوامها 30 ألف فرد، ما أثار حفيظة أنقرة، التي أعلنت أنها ستهاجم أي “جيش جديد”. في الوقت ذاته، ظهرت موجة جديدة من التصعيد بين واشنطن وموسكو بعد القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” في الأراضي السورية، فقد كانت هناك توقعات بانسحاب القوات الأمريكية بعد المعارك الأخيرة، إلا أن واشنطن لم تسحب إلا بضعة مئات من قوات المارينز، فيما يُعتقد باستمرار وجود حوالي خمسة آلاف جندي أمريكي في الأراضي السورية المُحاذية للحدود مع العراق.

من جهته، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة بمحاولة تقسيم سوريا. وعلى الرغم من اتفاق موسكو وطهران وأنقرة على رفض الخطط الأمريكية في الداخل السوري، إلا أن العلاقات بين واشنطن وأنقرة من جهة أخرى تدهورت بشدة وذلك منذ موافقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نهاية 2016 على التفاوض في أستانا دون المباركة الأمريكية. في مقابل ذلك، تجد أنقرة في تقدم القوات السورية المدعومة بغطاء جوي روسي انتهاكا للإتفاق المبرم حيث تعد أدلب واحدة من مناطق عدم التصعيد، التي تم الإتفاق عليها بين الأطراف المتفاوضة، لذا استدعت تركيا سفراء روسيا وإيران. وعلى صعيد آخر، أعلنت موسكو صراحة عن استراتيجيتها القادمة الرامية إلى القضاء على جبهة النصرة، التي تحظى بالدعم التركي في مواجهة الأكراد.

في ظل هذا المشهد المتسم بتعقيد شديد بين القوى المتصارعة على النفوذ في الداخل السوري، ختم بول أنطون تقريره بالإشارة  إلى أن “أردوغان سيخسر في أي مواجهة تحصل في أدلب مع القوات السورية المدعومة من إيران ورسيا، لذا سيبحث عن نصر أسهل يُمكن تحقيقه على حساب أكراد سوريا”، على حد رأيه.

مخاوف أمميّة من تقسيم اليمن

في عددها الصادر يوم 18 يناير 2018، تطرقت صحيفة “لوتون” في مقال نشرته بالإشتراك مع صحيفة “لوموند” الفرنسية إلى أهم ما ورد في تقرير سري يقع في 79 صفحة تم إعداده من طرف مجموعة من الخبراء المتخصصين في الشؤون اليمنية وسُلّم إلى مجلس الأمن الدولي.

بعد ثلاثة أعوام من النزاع في اليمن، توصل خبراء الأمم المتحدة في التقرير الذي اطلعت “لوموند” على نسخة منه إلى حصيلة تفيد بأن “اليمن، كدولة، توقف عمليا عن الوجود. وعوضا عن دولة واحدة، هناك الآن عدد لا يُحصى من الدويلات الصغيرة التي تتقاتل فيما بينها ولكن لا أحد منها لديه الدعم السياسي أو القوة العسكرية لتجميع البلد أو التوصل إلى تحقيق انتصار عسكري فوق الميدان”.

الصحيفة التي تصدر بالفرنسية في لوزان أشارت إلى أن اليمن أصبح “رهينة للحرب بالوكالة التي تخوضها المملكة العربية السعودية – التي تقود منذ مارس 2015 تحالفا لبلدان عربية سنية – ضد إيران التي تقدم منذ سبتمبر 2014 دعما محدودا للمتمردين الحوثيين المسيطرين على العاصمة صنعاء”. وفي نفس التقرير، شدّد الخبراء أيضا على ما أسموه “انمحاء الحكومة الشرعية في المهجر التي انخرطت الرياض في الحرب باسمها”. واعتبروا – في اتهام شديد – أن الرئيس عبد ربه منصور هادي لم يعد يُسيطر على “قوات الأمن والقوات العسكرية العاملة لحساب حكومته”.

على العكس من ذلك، تستند الإمارات العربية المتحدة – العنصر الرئيسي من دول التحالف المتواجد فوق الأرض – في الجنوب على “الحراك” (اسمه الكامل: الحراك الثوري لتحرير واستقلال جنوب اليمن، تأسس في عام 2007 على يد علي سالم البيض وعدد من الشخصيات الجنوبية – التحرير)، الذي تحركه نزعة انفصالية. تبعا لذلك، يرى الخبراء الأمميون أنه “بالنظر إلى طول النزاع، ومحدودية النجاحات المُسجلة على المستوى العسكري، والإنقسامات التي طفت على السطح، فقد أضحى انفصال الجنوب الآن إمكانية واقعية جدا”.

من جهة أخرى، يلاحظ الخبراء الأمميون تفاقم خطر “تدويل النزاع”، ذلك أن إطلاق أربعة صواريخ باتجاه السعودية من طرف المتمردين الحوثيين أدى إلى “تغيير طبيعة النزاع ومن شأن ذلك أن يُحوّل نزاعا محليا إلى نزاع إقليمي أكثر اتساعا”. وقد استنتج الخبراء الذين تمكّنوا من معاينة بقايا الصاروخين اللذين أطلقا باتجاه الأراضي السعودية يومي 22 يوليو و4 نوفمبر الماضيين أنهما متطابقيْن مع تصميم صاروخ إيراني من طراز “قيام 1″، كما توصلوا إلى أنه “تم إنتاجهما بشكل شبه مؤكد من طرف نفس الجهة المصنعة”، بالرغم من أن الخبراء يقولون إنه “لا يُوجد لديهم أي دليل بخصوص هوية الموفر أو الوسيط”. 

في المقابل، يقول الخبراء في تقريرهم إن إيران – وبسبب إخفاقها في الحيلولة دون التسليم المباشر أو غير المباشر لهذه الصواريخ إلى الحوثيين – قد انتهكت حظر الأسلحة المفروض على اليمن طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي تم التصويت عليه في أبريل 2016.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية