مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“ثمن الحرية في السعودية”.. و”اختبار لخطة بوتين في سوريا” و “أوضاع العمال في قطر”

الصفحات الأولى لعدد من الصحف السويسرية
اهتمت الصحف السويسرية هذا الأسبوع بوضع شعب الدومر في الأردن وملف أغني المحتجزين في العالم المستمر في السعودية وبدلالات زيارة الأسد إلى مدينة سوتشى الروسية إضافة إلى أوضاع المهاجرين الأفارقة الماساوية في مراكز الإحتجاز بليبيا. swissinfo.ch

هذا الأسبوع، تناولت الصحف السويسرية التطورات الجارية في المنطقة العربية من زوايا عدة، حيث تطرقت إلى مفاوضات السلطات السعودية مع الأمراء وكبار رجال الأعمال المحتجزين المستمرة في الرياض تحت شعار "المليارات مقابل الحرية"، وسلطت الأضواء على جرائم الحرب المرتكبة في سوريا باعتبارها "وسيلة لمزيد التقارب بين بوتين والأسد"، كما اهتمت بأوضاع المهاجرين الأفارقة في معسكرات الإحتجاز في ليبيا، وتحدثت عن أوضاع العمال في حضائر بناء الملاعب في قطر وبعض التحسن الذي طرأ عليها. 

“ثمن الحرية في السعودية بالمليارات”

أفادت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ الصادرة بتاريخ 19 نوفمبر 2017 أن العائلة المالكة السعودية تتفاوض مع الأمراء ومجموعة رجال الأعمال المحتجزين حول حصولهم على الحرية مقابل دفع أموال ضخمة وأوضحت أن “ولي العهد محمد بن سلمان أعلن بعد اعتقال أكثر من 200 من أعضاء العائلة المالكة والوزراء ورجال الأعمال في رسالة موجهة للشعب “أن لا أحد فوق القانون”، ورغم ذلك تعرض السلطات الآن على المحتجزين التخلي عن جزء من ثرواتهم مقابل إطلاق سراحهم وتبرئتهم من أي تهمة. وفي حال تم التوصل إلى هذا الإتفاق، فمن المتوقع أن يتدفق ما لا يقل عن 50 مليار دولار بهذه الطريقة إلى خزانة الدولة الفارغة. وحسب مصادر إعلامية فإن المفاوضات تدور حول مئات المليارات من الدولارات، فيما أفادت وسائل إعلامية أخرى أن السلطات السعودية تريد مصادرة ما يصل إلى 70 في المائة من ثروة المشتبه بهم”.

الصحيفة الصادرة بالألمانية في زيورخ أشارت أيضا إلى أن “القصر الحاكم أغلق منذ الإعتقالات مئات الحسابات المصرفية، فيما دعت السلطات حلفاءها الخليجيين إلى تقديم معلومات حول الحسابات المصرفية للمتهمين في دولهم. من جهة أخرى تم القبض على شخصيات جديدة، بينها عسكريون. هذه الخطوة قد يفسرها البعض كاستمرار لولي العهد في سياساته، ولا سيما أن الفساد مستشر فعلا في المملكة وهناك حالة من السخط في الأوساط الشعبية وهذا يعني أن المملكة بحاجة إلى انتهاج سياسات أكثر شفافية، لكن المشكلة أن المفاوضات السرية الجارية لا تتسم بأي شفافية وفي نهاية المطاف لن يدرك المواطن السعودي، ما إذا كانت هذه التهم جدية أم لا. أي أن الأمور ستبقى في النهاية على ما هي عليه الان، حيث سيظل أعضاء العائلة المالكة يُمسكون بزمام الأمور فيما بينهم”.

أما عن تداعيات هذه التطورات على الإقتصاد السعودي، فتوضح كارين ايونغ، الخبيرة في الإقتصاد السياسي في دول الخليج، في تصريح للصحيفة أن “مكافحة الفساد خطوة مهمة في عملية الإصلاح الإقتصادي في المملكة العربية السعودية. غير أن عمليات التطهير الحالية هدفها توطيد نظام الحكم أكثر من إضفاء الطابع المؤسسي وسيادة القانون”. وعزت الخبيرة الإقتصادية “انتشار الفساد والمحسوبية على نطاق واسع إلى حقيقة أن الدولة وليس القطاع الخاص هي المحرك الرئيسي للإستثمار. وعلى الرغم من الأهداف الطموحة لولي العهد بتعزيز الإقتصاد الخاص عبر “رؤية 2030″، إلا أنه ليس هناك ما يدعو للإعتقاد بوجود “ثورة في الإقتصاد السعودي”، حسب رأيها..

“جرائم الحرب وسيلة للتقارب”

في عددها الصادر بتاريخ 23 نوفمبر 2017، تناولت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا ودلالاتها، ولفتت إلى أن “إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإنتصار وانتهاء الحرب، يُذكّـر بإعلان الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش 2003 بأن المهمة انتهت في العراق، وحتى يومنا هذا، ما يزال الجنود الأمريكيون يقاتلون في العراق”.

الصحيفة ذكّرت أيضا بأن “فلاديمير بوتين أعلن أيضا في مارس 2016 عن انتهاء العملية العسكرية في سوريا وسحب القوات الروسية. لكن الواقع كان عكس ذلك تماما، حيث انخرطت الطائرات الروسية في تفجير مدينة حلب السورية حتى حولتها إلى أنقاض”. 

الصحيفة الصادرة في زيورخ أفادت أن بوتين الذي “أشاد بالديكتاتور السوري بشار الأسد في وباستعداده لإحلال السلام وإيجاد الحلول وبنجاحاته الكبيرة سواء في ميدان المعركة أو في الميدان السياسي”، نوّه أيضا إلى أن “الوقت قد حان للتوصل الى حل سياسي بعد انتهاء المرحلة العسكرية”. وأضافت الصحيفة أنه “على الرغم من تأكيد بوتين في حديثه مع الأسد على ضرورة تولي الأمم المتحدة عملية السلام في نهاية المطاف، إلا أن الواقع أن خيوط اللعبة لم تعد في يد واشنطن، بل في موسكو. ولا سيما أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سعيد بأن تملأ موسكو الفراغ في سوريا، فقوة روسيا الجديدة هي في الواقع ضعف أمريكا”، حسب رأي نويه تسورخر تسايتونغ.

في الوقت الذي أصبحت مدينة سوتشي الأولمبية – التي تحول إليها الرئيس الإيراني حسن روحانى ونظيره التركي رجب طيب اردوغان للمشاركة في القمة الخاصة بالملف السوري التي انعقدت يوم الأربعاء 22 نوفمبر الجاري – مركزا جديدا للدبلوماسية الدولية، أكدت الصحيفة أن “نجاح خطة موسكو سيكون محل اختبار في الأيام المقبلة، لكن من المعروف أن الأسد كان أكثر انفتاحا في تقبل الدعم الروسي العسكري، في حين رفض كل محاولات الوساطة من أجل تغيير السلطة، بل إنه أصبح مع مرور الوقت على يقين بأن ارتكابه جرائم حرب يزيد التقارب مع الحليف الروسي المعارض للإطاحة به مهما كان الثمن”. 

وفي هذا الصدد، ذكّرت نويه تسورخر تسايتونغ بأن “روسيا استخدمت حق الفيتو عشر مرات في مجلس الأمن الدولي لمنع التوصل إلى قرار ضد دمشق”.

“من فضلكم.. ساعدونا”

في إطار متابعة الصحافة السويسرية بأوضاع المهاجرين الأفارقة المحتجزين في ليبيا، تمكنت صحيفة لوتون (تصدر بالفرنسية في لوزان) من ربط الإتصال عن طريق الهاتف مع شاب أريتري يبلغ 34 عاما من العمر محتجز حاليا مع حوالي 1500 مهاجر إفريقي آخرين في عشرين حاوية معدنية في معسكر اعتقال يقع في “غريانة” غرب العاصمة طرابلس، وهو واحد من ضمن ثلاثين مركز مماثل “تخضع لإشراف الحكومة الليبية”، حسب ما أعلمت به المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الصحيفة.

في إجاباته عن أسئلة لويس ليما والمنشورة في الصحيفة الصادرة يوم 24 نوفمبر 2017، قال الشاب الذي كان يتحدث متخفيا تحت بطانية كي لا يتفطن إليه الحراس: “نعاني من نقص في الغذاء، وليس لدينا ماء.. لا نرى ضوء النهار. من فضلكم، ساعدونا”.

وبعد أن استعرضت الصحيفة سلسلة التصريحات الصادرة عن أبرز القادة والمسؤولين الأوروبيين في الأيام الأخيرة للتعبير عن الإنشغال الشديد لمصير مئات الآلاف من المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في ليبيا في انتظار فرصة العبور إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط على إثر بث تقرير تلفزيوني في قناة سي ان ان الأمريكية كشف عن حصول عمليات بيع لمهاجرين أفارقة في مزادات علنية في ضواحي العاصمة طرابلس، أضافت “لوتون” أن المحنة التي يمر بها هذا الشاب ورفقاؤه تدفع إلى “تنسيب هذه المواقف” خصوصا بعد أن اتضح من خلال تصريحات الشاب الأريتري أنه “بعد مرور أكثر من شهر على تواجدنا هنا، لم نُشاهد أي (رجل أبيض)”، في إشارة إلى المسؤولين أو العاملين المفترضين لدى ممثليات المنظمات الأممية أو البعثات الأوروبية العاملة في طرابلس.

من جهة أخرى، صرح لاجئ شاب ثان للصحيفة خلال نفس الإتصال: “يُوجد هنا أيضا أطفال ونساء. ليست لدينا مراحيض ولا يُوجد هواء للتنفس. إننا نقضي كامل يومنا في البكاء”.

ظروف العاملين في ملاعب قطر.. تحسّنت!

في حوار أجراه إيمانويل بورلو، مراسل صحيفة “24 ساعة (الصادرة بالفرنسية في لوزان) في الدوحة مع فاطمة النعيمي، المسؤولة عن الإتصالات في اللجنة العليا للمشاريع والإرثرابط خارجي، المسؤولة عن تنظيم الأدوار النهائية لكأس العالم لكرة القدم لعام 2022 في قطر، تم التطرق إلى الإنتقادات العديدة التي وُجّهت إلى ظروف العمل وسوء المعاملة للعمال الأجانب في حضائر بناء الملاعب أو تشييد المنشآت المرتبطة بالحدث الكروي العالمي وسألها: هل تمت تسوية هذه الأوضاع بعد صدور هذه الإنتقادات أم لا؟ 

في إجابتها أشارت النعيمي إلى أن “رفاهية العمال تمثل واحدة من أهم انشغالاتنا وستكون إحدى المواريث الإجتماعية الأهم لكأس العالم. لقد وضعنا برنامجا مبتكرا لرفاهية العمال يضمن مقاييس عالية في مجالي السكن والأمان للذين يشتغلون في مشاريعنا”.

في نفس السياق، سأل مبعوث صحيفة “24 ساعة” المسؤولة القطرية عن مصير الإتفاق الذي تم التوصل إليه قبل بضعة أشهر برعاية كتابة (أو أمانة) الدولة السويسرية للشؤون الإقتصاديةرابط خارجي والإتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)رابط خارجي والمنظمة الدولية للعاملين في قطاعي البناء والأخشابرابط خارجي والقاضي بتحسين ظروف العاملين في تشييد الملاعب التي ستحتضن كأس العالم، فأجابت فاطمة النعيمي: “على إثر الاتفاق الذي وقعنا عليه في موفى عام 2016، تقوم المنظمة الدولية للعاملين في قطاعي البناء والأخشاب منذ شهر يناير الماضي بإجراء عمليات تفقد على مواقعنا. وفي شهر يونيو من هذا العام، سجّل الإتحاد النقابي السويسري “أونيارابط خارجي” حصول تطورات إيجابية في ورشنا، مشيرا إلى أن ظروف الصحة والسلامة (لدينا) مشابهة تماما لما هي عليه في حضائر البناء السويسرية”.

في مقابل ذلك، لفت مراسل صحيفة “24 ساعة” إلى أن الإتفاق يقتصر على الورش المرتبطة بكرة القدم ولا يشمل العديد من المنشآت والبنى التحتية الأخرى المبرمجة لاستقبال التظاهرة (مستشفيات، طرقات، طرق سريعة، جسور، سكك حديد، …) حيث لا زال التحدي قائما ومتمثلا في “تطبيق نفس المقاييس في جميع الورش والحضائر”، كما تشدد جين سوك لي، مديرة الحملات في المنظمة الدولية للعاملين في قطاعي البناء والأخشاب العائدة لتوها من زيارة تفقدية إلى قطر.

“غجر الأردن يخشون السوريين”

من الأردن، أعد مراسل صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ مقالا طويلا عن “الدومريين” أو من يُلقّبون بـ “النّوَرْ” أو “الغجر” في مدينة مأدبا. وكتب في العدد الصادر يوم 23 نوفمبر 2017 أنهم “في صراع مع الهوية والتاريخ والحاضر، فالكثير منهم يخفون هويتهم خشية التعرض للتمييز أثناء البحث عن عمل أو سكن أو حتى في سوق الزواج. هذا ويدعي بعضهم أن أصولهم من قبيلة بني مُرّة ويتحدثون باللغة العربية، لكنهم في ذات الوقت يفتخرون بلغتهم الدومرية وبتقاليدهم وتراثهم وذلك في تناقض واضح في مكونات الهوية”، حسب قوله.

مراسل الصحيفة السويسرية أوضح أيضا أن “الدومريين عاشوا في ظروف أفضل في الأردن، عندما حاول الملك عبد الله الأول بناء دولته في شرق الأردن ذات الكثافة السكانية المنخفضة في أوائل العشرينات من القرن العشرين، وحينها استعان الملك بالدومريين في الجيش وصاروا مواطنين، حتى أن البعض يتحدث عن العصر الذهبي لشعب الدومر في الأردن. لكن التطورات الإقليمية أدت إلى تغيير هذه المعادلة، حيث فر مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الأردن في أعقاب حروب 1948 و1967 مع إسرائيل. ولم تعد الدولة الأردنية تعتمد على الدومر ليفقدوا بذلك امتيازاتهم. وأصبح الدومريون يُوصفون بالغجر والنّوَر والهمجية والسحرة والعرافين والمحتالين، بعبارة أخرى لم يعودوا أفضل حالا من ابن عمومتهم في أوروبا”. 

في السياق، يقول فتحي أبو موسى، رئيس قبيلة الدومر في الأردن: “هذا ليس بالعدل، كنا مؤسسي الدولة وأصبحنا الآن مواطنين من الدرجة الثانية”. من جهة أخرى، يُعاني الكثير من أبناء شعب الدومر من الفقر وغياب فرص التعليم والبطالة. كما أدى قدوم أكثر من مليون لاجئ سوري إلى الأردن إلى ارتفاع نسبة البطالة في أوساط الشباب الدومري، الذي لا يمكنه منافسة السوريين ممن يتمتعون في أغلب الحالات بمؤهلات علمية جيدة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية