مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الصورة في الإعلام السويسري بين التوظيف والقيمة الجمالية

الصورة التي فازت بجائزة "الأحداث": إثر تهاطل الأمطار يومي 8 و 9 أغسطس 2007 غمرت مياه نهر روس محطة الضخ في بلدة سينس بكانتون أرغاو

للمرة السابعة عشر تنظم مؤسسة الفضاء الإعلامي في سويسرا مسابقة الصورة الصحافية، وبلغ عدد المشاركين هذه السنة 135 صحافيا بينهم 27 امرأة، تقدموا جميعا إلى لجنة التحكيم بما عدده 1841 صورة التقطت في الفترة المتراوحة بين سبتمبر 2006 وأغسطس 2007.

ويزداد الاهتمام بهذه التظاهرة سنة بعد سنة، نظرا للدور المتعاظم الذي تلعبه الصورة إلى جانب الكلمة، مقروءة ومسموعة، في تناول موضوعات الساعة المحلية والدولية والأحداث الثقافية والفنية والرياضية.

ولإفساح المجال للجمهور في الإطلاع على مختارات من تلك الصور، ينظم المتحف الوطني السويسري بزيورخ معرضا يمتد إلى نهاية شهر فبراير القادم. ويتوزع المعرض على ستة أجنحة تغطي فناء ثلاث قاعات كبرى.

الجائزة الأولى في هذه المسابقة والتي تبلغ قيمتها 15.000 فرنك سويسري كانت من نصيب مايكل فرتنبورغ، مصوّر صحفي من زيورخ. وتتمثل مساهمته في لقطة مباشرة لتجمع لأنصار حركة السلام الخضر في 17 أغسطس 2007، في منطقة آلاتش المتجمّدة (برن، سويسرا)، التي يبلغ ارتفاعها 2300 متر للاحتجاج على مخاطر التغيرات المناخية التي تتهدد الطبيعة، في الوقت نفسه، فاز برونو فوزر لصنف صور الشخصيات العامة، وكريستين بارلوشر للصور الرياضية، ومايكل شيبر للأحداث العالمية.

جدل وتبرير

ولكن هذا الاختيار لم يمر من دون إثارة زوبعة حول القيمة الفنية لصورة مايكل فيتنبورغ. فهي، بحسب النقاد، مجرد لقطة ضمن مشروع أشمل عمل على انجازه المصور الأمريكي سبنسر تونيك، وهي ذوقيا وقيميا، دون انتظارات الجمهور، لكن لجنة التحكيم دافعت عن اختيارها بالتأكيد على لسان، كريست بوت، الناطق باسم لجنة التحكيم بأن “هذه الصورة الفريدة والمتميزة التي تداولتها على نطاق واسع وسائل الإعلام الدولية، تتميز بالمهارة والطرافة، وتشيد بجهود حركة السلام الأخضر، الرائدة في مجال الدفاع عن البيئة، فضلا عن اقتناع اللجنة بكوننا نعيش لحظة تاريخية تتداخل فيها الصورة مع السياسة حتى تحولت السياسة نفسها إلى معركة من أجل فرض هذه الصورة أو تلك في ذهن الرأي العام”.

ويضيف كريست بوت رادا على المنتقدين: “هل مطلوبا من الإعلامي المستقل ممارسة الرقابة الذاتية؟ وهل مفروض عليه تقييم تأثير هذا المشهد أو ذاك على جمهور متنوع ومتعدد؟ أقررنا بهذا أم لم نقر، يقول بوت: “تسعى الدوائر الإعلامية اليوم من خلال الكلمة والصورة إلى كسب الرأي العام إلى هذه القضية أو تلك”.

والذي حكم قرار إسناد الجائزة “هو قدرة هذه الصورة على الجمع بين التوعية السياسية لقضايا البيئة والتركيب الفني الرائع والنجاح الإعلامي الكبير”، يضيف كريست بوت، الناطق باسم لجنة التحكيم.

موسوعة متكاملة لأحداث السنة

المعرض يحتوي أيضا على صور فنية رائعة التقطها صحافيون محليون تعود بالذاكرة إلى شخصيات سرقت الأضواء، وإلى أحداث ستعمر الذاكرة السويسرية لسنوات لاحقة، كالسيول الجارفة التي غمرت العديد من المناطق في الثامن والتاسع من أغسطس 2007، فحولت مناطق شاسعة إلى جزر معزولة أو لشخصيات عامة، كرئيسة الكنفدرالية ميشلين كالمي- راي التي حظيت بنصيب الأسد من التغطية الإعلامية ولاحقتها الكاميرا في لقاءاتها مع المواطنين خلال الاحتفالات الوطنية واللقاءات الحوارية وخلال سفرها لهذا البلد أو ذاك متابعة لمشروعات، وتشجيعا لإنجازات و توثيقا لعلاقات.

ويتوقف المعرض خاصة عند وقفتان مفعمتان بالمعاني، ودالتان على عمق التواصل بين الحكومة والشعب في سويسرا، الأولي لكالمي-راي، وهي تحاول التخفيف عن مواطنة مسنة تضررت أملاكها بسبب السيول التي شهدتها البلاد الصيف الماضي، والثانية لساموئيل سميث، وزير الدفاع والرياضة، وهو يبكي ستة جنود قضوا في انزلاق أرضي في 12 يوليو 2007.

وكما أن للرياضة عشاقها، فلها أيضا حظا كبيرا في المعرض. فسويسرا تتمتع في هذا المجال بورقات قوية، فهي موطن فيدرار، بطل كرة المضرب، ومقر اللجنة الاولمبية، وعاصمة الكرة الأوروبية سنة 2008، إذ على أرضها ستدور البطولة الأوروبية بداية من شهر يونيو القادم. ولم يكتفي المعرض بعرض لقطات للرياضات المعروفة بل أيضا لمسابقات ذوي الحاجات الخاصة و للفاقدين للسكن وللجمباز وسباق الدراجات. كما وثقت الصور للحظات تتويج المركب الشراعي السويسري “ألينغي” في سباق “كأس أمريكا” بإسبانيا السنة الماضية، وفوز البطلة السويسرية سيمون نيغلي- لودر بلقبها الرابع عشر في سباقات التوجيه التي شهدتها كييف، عاصمة أوكرانيا في أغسطس 2007.

هذه بعض المحطات التي يتوقف عندها المعرض، ويمكن الإشارة إلى غيرها كظواهر اجتماعية عدة أسالت الكثير من الحبر السنة الماضية كعنف الشباب و إقبالهم على استهلاك الكحول والمخدرات ومسألة الاحتفاظ بالسلاح في المنزل، بالإضافة إلى لقطات نادرة لزعماء أحزاب سياسية، ولمجندات حزب العمال الكردي في شمال العراق والمواقع السياحية في اسطنبول.

عبد الحفيظ العبدلي – زيورخ

● يستمر معرض مسابقة الصور الصحفية بمتحف زيورخ إلى موفى شهر فبراير 2008
● شارك في المسابقة 135 صحفيا من بينهم 27 امرأة، وتقدموا بما يبلغ 1841 صورة .
● بعد زيورخ ينتقل المعرض إلى “قاعة المنتدى السياسي للفدرالية السويسرية ببرن، ثم إلى المعرض الدولي للكتاب بجنيف الذي يفتتح في 30 أبريل 2008.
● يصدر بالتزامن مع الإعلان عن الجوائز كل سنة كتاب يتضمن مختارات من الصور الصحفية، والطبعة الحادي عشر من هذا الكتاب تباع الآن في المكتبات العامة وفي المتحف الوطني بزيورخ.

للمقال الصحفي المكتوب في سويسرا أيضا مسابقته، فقد حصل مقال بربارا أشرمان (العيش في أحياء بازل القديمة)، ومقال ريغولا تانّر (الحيوانات ومربيها)على جائزة أفضل المقالات الصحفية في المنطقة الناطقة بالألمانية، وبالنسبة للجنة التحكيم، المقال الأول كتب بأسلوب شيق وتميز بالوضوح وعدم التصنع، فعبر تقديم سبعة أمثلة مختارة، استطاعت الكاتبة رسم صورة حقيقية عن ظاهرة الشيخوخة التي تميز المجتمع السويسري بموضوعية وحياد، مشيرة في نفس الوقت إلى مشكلة تزايد النفقات على العلاجات الصحية. وأما مقال ريغولاّ تانّر، فقد حاول استكشاف الأوجه المختلفة للعلاقة بين الإنسان والحيوان، وهذين المقالين حصلا على هذا الاستحقاق لما تميّزا به من طرافة وأسلوب جيد.

وأما جائزة أحسن مقال صحفي لسنة 2007 في المنطقة الفرنسية، فقد آلت إلى الصحفية جوّوال فابر، كاتبة بصحفية “24 ساعة” الصادرة بلوزان، للريبورتاجات التي أنجزتها حول مزارعين ومهمّشين من دون سكن، مما عكس صورة حقيقية عن النظام الاجتماعي السائد. فقلمها الصادق والمنصت بدقة للحقيقة الاجتماعية يرفض أي مبالغة أو تسامح، وأعمالها بحسب لجنة التحكيم “تشهد على قدرة فائقة على الملاحظة وتميّز الخطوط الدقيقة”. وأما الجائزة الثانية للمقالات المدونة بالفرنسية فقد حصلت عليها مادلين جوي، التي أصدرت تحقيقا صحفيا مثيرا في صحيفة “ليبرتي”، الصادرة بفريبورغ، حول إشتراء مجموعة تركية لبعض المؤسسات العامة في المدينة. وبرغم ما مورس من ضغوط على الصحفية، أصرت على نشر التحقيق،. ولهذه الشجاعة التي تميّزت بها، استحقت التكريم.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية