مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

العنف ضد النساء لم يعد شأناً خاصاً!

بدءا من الفاتح من أبريل سيتم التعامل مع العنف العائلي باعتباره جريمة تقع تحت طائل القانون swissinfo.ch

على عكس ما كان معمولا به في السابق، سيصبح العنف العائلي جريمة يعاقب عليها القانون بغض النظر عن تقدم الطرف المتضرر بشكوى من عدمه.

القانون السويسري الجديد، الذي سيدخل حيز التنفيذ في الفاتح من أبريل، يعطي السلطات الأمنية الحق في التدخل وإخراج الجاني من المنزل.

لفتت القضية الأنظار في فرنسا رغم كونها في الواقع “عادية”: رجل يقف أمام القضاء بتهمة ضرب صديقته حتى الموت.

ما كان غير عادي في القضية هو تورط “شخصيات شهيرة” في الموضوع. فالرجل المقصود هو نجم الروك الفرنسي بيرتراند كانتات، الذي قتل في الصيف الماضي صديقته الممثلة ماري ترينتينيان البالغة من العمر 41 عاماً.

حاول كانتات خلال القضية أن يخفف من وقع لجوءه للضرب ويقلل من أهميته. كان يحب رفيقته، قالها وهو ينتحب. وهو يفكر فيها “في كل ثانية”.

لكن تقرير الطب الشرعي كان واضحاً: كان اعتداؤه عليها وحشياً إلى حد كبير. وشهد بذلك أيضا الطبيب الذي أسعفها قائلاً “بدت الجثة كما لو كانت قد خرجت من معركة ملاكمة”.

كال نجم الروك المرأة ضرباً حتى نزفت نزيفاً مبرحاً، وتركها بلا حراك في فراشها. وبعد أربعة أيام لقيت حتفها جراء جروحها.

أصدر القضاء حكمه في هذه القضية يوم الاثنين الموافق 29 مارس، وقرر سجن كانتات لمدة 8 سنوات.

سبب متكرر للموت!

كانت لقضية ترينتينيان الأليمة نتائجها الإيجابية في فرنسا، فقد تسببت في شرخ جدار الصمت المحيط بها، وسلطت الأضواء من جديد على ظاهرة العنف الزوجي والعائلي. وبدأت الصحف في نشر دراسات حول الظاهرة والإحصائيات المتعلقة بها، والنتيجة كانت مخيفة لمن لم يكن يدري. ففي كل شهر في فرنسا تلقى ست نساء مصرعهن تحت قبضات رجالهن!

ومقارنة بفرنسا، فأن عدد النساء اللاتي يُقتلن على أيدي شركائهن في سويسرا سنويا، والذي يصل إلى 40 امرأة، يظل أسوأ بكثير خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار التفاوت في الحجم وعدد السكان بين البلدين.

ما هو مؤكد بالنسبة لظاهرة العنف العائلي أنها لا تعرف فرقاً بين الدول النامية أو المتقدمة، كما أنها لا تميز بين الأوساط الغنية والمثقفة ونظيراتها الفقيرة والكادحة.

وقد أظهرت دراسة للأمم المتحدة أن العنف هو المسبب الأكثر تكراراً لموت النساء ممن تتراوح أعمارهن ما بين 14 و 44 سنة في كافة أنحاء المعمورة.

قانون سويسري جديد !

من المقرر أن يدخل قانون سويسري جديد، يهدف إلى منح الشرطة صلاحيات أوسع في محاربة ظاهرة العنف العائلي، حيز التنفيذ في الفاتح من أبريل.

فحتى الآن كانت الشرطة تجد نفسها مكبلة الأيدي في حال اعتداء الرجل على المرأة بسبب نص قانوني قديم كان يتعامل مع العنف المنزلي باعتباره شأناً خاصاً، ويشترط تقدم الضحية بشكوى رسمية للسماح بتدخل السلطات العمومية في القضية.

وتظهر الدراسات أن خوف المرأة من شريكها أو اعتمادها عليه اقتصاديا عادة ما يمنعها عادة من التقدم بشكوى ضده. غير أن القانون الجديد سيفتح آفاقاً جديدة للتعامل بحزم مع هذه المشكلة.

ينص القانون على اعتبار ظاهرة العنف المنزلي جريمة تجبُ معاقبة من يقدم عليها. فهي ليست شأناً عائلياً خاصاً بعد اليوم. وما يعنيه هذا عملياً هو أن قوات الشرطة، التي تتلقى نحو 10 آلاف بلاغً بحالة عنف عائلية سنويا، لن تقف منتظرة تقدم المرأة بالشكوى، بل ستتدخل بحكم بنود القانون الجديد.

طرد الجاني من المنزل!

ولن يقف الأمر عند هذا الحد. إذ تدرس عدة كانتونات سويسرية إمكانية طرد الرجل من البيت الذي يعيش فيه مع شريكته. ففي العديد من الحالات، تضطر المرأة إلى مغادرة المنزل، هي وأطفالها، هرباً من العنف الذي تعايشه.

وعادة ما تلجأ المرأة إلى ملاجئ للنساء، تؤوي إليها في مثل هذه الحالات. وقد أظهرت إحصائية اجتماعية أنه في عام 2002 اضطرت 989 امرأة إلى البقاء لفترات متفاوتة في ملجأ مؤقت. لكن نظراً لقلة الموارد لا تستطيع تلك الملاجئ تقديم الدعم للمرأة إلى أجل غير مسمى. والنتيجة أنها تضطر إلى العودة إلى المنزل مرتمية من جديد في أحضان دائرة العنف.

ووفقا للتعديل القانوني الذي تسعى الكانتونات إلى اعتماده والمسمى بـ “قانون الطرد”، سيكون من حق السلطات إخراج الجاني من المنزل العائلي لفترة تصل إلى عشرة أيام. ومن حق الضحية المطالبة بتمديد الفترة إذا ما تقدمت بطلب إلى المحاكم المدنية.

وقد أقدم كانتونا “سانت جالين” و”أبنزلر أوسرهودين” بالفعل على تطبيق ما أصطلح على تسميته بـ”قرارات الطرد”، وأدى ذلك إلى نتائج مثيرة للإعجاب. ففي نصف حالات العنف العائلي التي تم الإبلاغ عنها، تم إخراج الجاني من المنزل أو احتجازه لفترة مؤقتة.

وقد اعتبرت السيدة كلاوديا مايير، المتحدثة بإسم منظمة تمثل ملاجئ النساء في سويسرا، الإجراءات الجديدة بأنها “مرحلة تاريخية هامة في مكافحة العنف العائلي”.

لكنها أعربت عن اعتقادها بأن هناك حاجة إلى تحسين خدمات الاستشارة والدعم الطبي والمساعدة المالية إضافة إلى رعاية أفضل داخل ملاجئ النساء.

وتقول “نحن في حاجة إلى المزيد من ملاجئ النساء. فالمرأة تحتاج إلى البقاء في الملجأ لحمايتها، حتى إذا تم طرد زوجها. كما أنه من الأفضل بالنسبة للمرأة والأطفال الذين عانوا من العنف العائلي أن يعيشوا في منطقة محايدة”.

سويس إنفو

في سويسرا:
امرأة من كل خمسة نساء تتعرض للضرب من شريكها مرة واحدة على الأقل في حياتها.
كل ثاني امرأة تتعرض إلى نوعٍ من أنواع العنف النفسي.
تلقى 40 امرأة مصرعها سنوياً نتيجة ً للضرب المبرح من قبل شريكها.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية