مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القطمران الشمسي “طورانور” في رحلة حول العالم من أجل الطاقات المتجددة

القطمران الشمسي "طورانور" يغادر ميناء موناكو في أوّل رحلة لمركب يعمل بالطاقة الشمسية حول العالم Keystone

انطلق "طورانور"، أوّل قارب يعمل بالطاقة الشمسية في رحلة عبر العالم رافعا العلم السويسري. وقد غادر هذا القطمران الشمسي ميناء موناكو يوم الاثنين 27 سبتمبر 2010، والهدف من هذه الرحلة لفت الأنظار إلى أهمية استغلال الطاقة الشمسية في مجال النقل، وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة.

وفي اتصال مع swissinfo.ch من على سطح المركب، أكّد رافيال دومغان، السويسري الباعث للمشروع، وعضو طاقم الرحلة أن المركب يتقدم بثبات، وأن الأمور تسير على ما يرام.

وأوضح دومغان في تعليق أرسله بالبريد الإلكتروني: “أنه من الصعب إيجاد العبارات المناسبة لوصف الشعور الذي ينتابنا بعد انطلاق هذه الرحلة التي استغرق الإعداد لها ست سنوات، والإبحار في الليل بإستخدام الطاقة الشمسية مسألة في غاية الأهمية والطرافة”. ويتقدّم القطمران في هدوء مستخدما محركا كهربائيا لا تنبعث منه أي غازات ملوّثة، ولا يستخدم أي قطرة وقود.

وأضاف دومغان: “هدفنا هو إثبات أن التكنولوجيا في مجالات الطاقة المتجددة قد أحرزت تقدما وأنها ذات مصداقية. ونقدم الدليل الحي من خلال رحلتنا هذه على أنه بإمكان سفن النقل العمل بدون الوقود الأحفوري”.

50.000 كلم

من المتوقّع أن تستغرق هذه الرحلة التي سوف تقطع مسافة 50.000 كلم على الأقل 8 أشهر، يتم خلالها الإبحار بمحاذاة الشاطئيْن الشرقي والغربي لأمريكا الشمالية، ومنها إلى كانكون بالمكسيك ، فسيدني بأستراليا، ثم العودة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.

وسوف يقوم طاقم المركب بتعديل المسار وضبط السرعة باستمرار طبقا لتوفّر أشعة الشمس وللتنبؤات متوسطة المدى بشأن المناخ. ويأمل أفراد الطاقم الحفاظ على معدّل سرعة عند مستوى 7.5 عقدة.

ويبلغ ثمن أكبر سفينة من هذا النوع قرابة 16.6 مليون فرنك سويسري، وتتشكل من طابقين، ويصل طولها إلى 31 مترا، وعرضها إلى 15 مترا، ويبلغ وزنها 85 طنا.

وفي أعلى السفينة، نجد لوائح لالتقاط الخلايا الفولطاضوئية؛ تبلغ مساحتها 540 مترا مربعا، موصولة بمحركيْن موزّعيْن على الطابقين، وتسمح البطاريات المخزنة لهذه الطاقة للقطمران بمواصلة الرحلة لثلاثة أيام متتالية، حتى لو لم يخزّن طاقة شمسية جديدة.

الدعم الحكومي

هذا المشروع يلقى الدعم من وزارة الخارجية السويسرية التي منحته 300 فرنك سويسري خلال الفترة المتراوحة بين عامي 2009 و2011.

وتقول الوزارة في بيان صادر بهذا الشأن أنها قدمت هذا الدعم للارتقاء بالقدرة التنافسية السويسرية وتعزيز الإبتكار خصوصا في مجالي تكنولوجيات البيئة والطاقة المتجددة، ومن أجل أن تصبح سويسرا بلدا نموذجيا في هذه المجالات.

وقال متحدث بإسم الوزارة في اتصال مع :swissinfo.ch “إن PlanetSolar باعتبارها مشروعا نموذجيا وعالميا، يصلح أن يكون منطلقا للترويج للطاقة البديلة، بسبب الإشعاع الذي تحظى به، والإهتمام البالغ الذي يلقاه هذا المشروع من وسائل الإعلام”.

كذلك يمكن لهذا القطمران أن يستفيد من دعم لوجستي وتنظيمي من القنصليات والسفارات السويسرية في المدن التي يتوقف عندها. ويسمح هذا الأمر بتقوية وتعزيز علاقات هذه المؤسسات مع العديد من الجهات في أعلى مستوى.

سيّد الحلبة

انطلق هذا المشروع في عام 2004 على مقربة من بحيرة نوشاتيل في غرب سويسرا، وقد شارك فيه فريق دولي من الفيزيائيين، والمهندسين، وصانعي السفن.

وقد اشتق اسم “طورانور” من فيلم “the Lord of the Rings Saga”، ثم ترجم ذلك العنوان لاحقا إلى “القوة القاهرة للطاقة الشمسية”.

ولا يُعد “Planet Solar” الإنجاز الوحيد الذي حققته سويسرا في مجال الطاقة الشمسية. فقد دعّمت وزارة الخارجية أيضا مشروع الطائرة الشمسية “Solar Impulse” الذي أطلقه بيرنارد بيكارد، ومن المنتظر أن تقوم هذه الطائرة بجولة حول العالم في عام 2013.

وقامت هذه الطائرة في الأسبوع الماضي بأوّل رحلة لها عبر سويسرا، وحطّت في كل من مطاريْ جنيف وزيورخ. وفي يوليو الماضي، حلّقت طوال الليل مكتفية بالطاقة الشمسية التي خزّنتها خلال النهار، وكانت تلك سابقة تاريخية في مجال الطيران. ويقوم مبتكر سويسري آخر منذ فترة برحلة حول العالم في سيارة أجرة تعمل بالطاقة الشمسية.

“اهتمام وخيال واسع”

بالنسبة لدافيد شتيكلبرغر، المدير التنفيذي للجمعية السويسرية للعاملين في الطاقة الشمسية، هذه التطوّرات قرّبت هذا النوع من الطاقة إلى الجمهور.

وقال في حديث إلى swissinfo.ch: “لقد بيّنت هذه المشروعات أن هناك اهتماما كبيرا وخيالا واسعا في سويسرا لدى أشخاص مقتنعون بجدوى الطاقة الشمسية، وبإمكاننا بالتالي القيام بأزيد مما قمنا به حتى الآن”.

وتوجد في سويسرا الكثير من الأبحاث القيمة والتجارب الناجحة في مجال الطاقة الشمسية، ومثلت المرتكز العلمي لهذه الإنجازات. ومع ذلك لا تعد سويسرا رائدة بحسب شتيكلبرغر عندما يتعلق الأمر باستخدام الطاقة الشمسية في الحياة اليومية، كاستخدامها في التدفئة مثلا.

ويضيف شتيكلبرغر: “تحتل سويسرا مرتبة متأخرة جدا بالمقارنة مع البلدان المجاورة، فهي متأخرة عن ألمانيا في مجال استخدام الطاقة الكهربائية الضوئية للفرد الواحد، وهي كذلك خلف النمسا في مجال استخدام الطاقة الشمسية الحرارية للفرد الواحد”. ويرجع شتيكلبرغر هذا التأخّر إلى غياب الإرادة السياسية، وإلى انخفاض أسعار الطاقة الأحفورية.

وتمثّل الطاقة الشمسية في سويسرا حاليا 0.13% من مجموع الإنتاج السويسري من الطاقة، لكن هذا المسؤول مقتنع بأن هناك فرصة لإنتاج المزيد من الطاقة الشمسية.

وختم شتيكلبرغر بالتاكيد على “أنه بإمكان سويسرا إنتاج ربع احتياجات بناياتها من الطاقة الكهربائية فقط بواسطة التقنيات المتوفرة حاليا. ولكن بإمكانها إنتاج أكثر من ذلك إذا ما أخذنا بعين الإعتبار تطور تقنية الخلايا الفطوفلطائية في المستقبل”.

كابتن المركب: باتريك مارشسو (فرنسا)

نائب الكابتن: ميكايلا فون
كوشكول (فيلاندا)

رئيس البحارة: جون لونغ فاسّر (ألمانيا)

إدارة الطاقة: كريستيان أوشنباين (سويسرا)

الكهربائي: دانيال شتاهيل (ألمانيا)

مؤسس المشروع والمبادر به: رافيال دومغان (سويسرا)

سفينة “PlanetSolar” هي ملك لإمو شتروهير، أحد رجال الاعمال الألمان. وقد بنيت هذه السفينة منذ 14 شهرا في كيال بألمانيا، ووضع تصميمها كرايغ لومس من نيوزيلاندا.

يشتغل “طورانور” بواسطة محركين هوائيين لعكس الدوران خاليين من الأنبعاثات الغازية الملوّثة للبيئة، ويبلغ قطر الواحد منهما متريْن، أي ضعفا قطر المركبات العادية التي هي في حجم “PlanetSolar”، وهو ما يجعل عملية الدفع أقوى وأكثر فاعلية.

ونظرا إلى كون نصف المحرك في الهواء ونصفه الثاني تحت الماء، تم إنشاء عجلة تسحب التأثير، مما يسمح بدفع المركب من دون الحاجة إلى شعبة موجّهة.
وبالنسبة للمحركات الكهربائية كل حركتيْن على مستوى العمود ينتج عنهما 120 كيلووات، وتكون الجدوى في إستخدام مصادر الطاقة بقيمة 90%.

أما التحدي الكبير الذي يواجه السفن الشمسية هو عبور فترة طويلة من الوقت من دون توفر أشعة الشمس، مما يتطلب توسيع القدرة على التخزين، والزيادة في جودة وفعالية عملية الدفع. وهذا التحدي يمكن معالجته عبر وضع تقنيات جديدة، بما في ذلك إنتاج بطاريات شحن خاصة.

المصدر: PlanetSolar

(ترجمه من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية