مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الهجرة من سويسرا.. وليس فقط إليها

يحلم الكثير من أبناء سويسرا في المهجر بالعيش في دول الجنوب imagepoint

يميل عدد مُتزايد من السويسريين إلى هجرة الوطن، إذ أصبح سويسري من أصل عشرة يقيم في الخارج. ويعيش المهاجرون الذين يفوق عددهم 620 ألف شخص في شتى أنحاء العالم، خاصة في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

لكن قبل مغادرة الوطن، يتعين على المُرشحين للرحيل الاستعداد على أكمل وجه لتفادي المفاجآت السيئة.

بدأ السويسريون يهجرون وطنهم منذ قرون عديدة، سواء للإفلات من الفقر أو بحثا عن المغامرة أو حبا في بلاد أخرى أو لمرافقة حبيب..

وقد شرعت السلطات السويسرية في إحصاء أبناءها في المهجر منذ عام 1926. في تلك السنة، كان يقيم 280 ألف سويسري في الخارج (مقابل زهاء620 ألف في عام 2004).

وخلال الحرب العالمية الثانية، تراجع عدد السويسريين في الخارج بشكل كبير. لكن في الستينات، أخذ يرتفع من جديد.

ويـُذَكر السيد رودوف فايدر، مدير منظمة السويسريين في الخارج، بأن الهجرة ظاهرة تشهدها العديد من الدول. لكن سويسرا تظل البلد الذي يتوفر على أكبر جالية في الخارج. ويقول في هذا السياق: “في سويسرا، لا ندرك تماما أن بلادنا بلد هجرة في الاتجاهين (من وإلى سويسرا)”.

“سويسرا الـخامسة” شابة

خلال العام الماضي، تعززت الجالية السويسرية في المهجر التي تُدعى “سويسرا الخامسة” بقرابة 10 ألف شخص.

ويوضح السيد فايدر أن ذلك الارتفاع لا يعود فقط للهجرة، قائلا “إن عددا كبيرا من الأسر السويسرية في الخارج لديها أطفال، كما يمكن للمتزوجين من سويسريين الحصول على الجنسية السويسرية بشكل مـُيسر بعد سنوات قليلة من العيش معا”. ونوه السيد فايدر بهذا الشأن إلى أن نسبة كبيرة من سويسريي الخارج حاصلة على الجنسية السويسرية وجنسية أجنبية.

وتجدر الإشارة إلى أن 60% من أبناء الجالية السويسرية في المهجر نساء، وأن هجرة السويسريين لبلادهم تُعوض تقريبا بالكامل بوصول أبناء الجالية الذين يختارون العودة إلى الوطن. أما معدل عمر “سويسرا الخامسة” فهو أصغر بكثير من معدل سن سكان سويسرا عموما.

وتـُفسَّر هذه الظاهرة بالعدد المتزايد للشبان السويسريين الذين يذهبون للدراسة أو الأبحاث أو العمل أو ممارسة نشاط فني في الخارج.

وأشار السيد فايدر إلى أن دخول الاتفاقيات الثنائية بين سويسرا والاتحاد الأوروبي حيز التطبيق لم يؤدي إلى ارتفاع ملموس لعدد السويسريين في دول الاتحاد الأوروبي، قائلا “إن الارتفاع المُسجل بسيط، ليس موجة هجرة”.

بحثا عن الشمس..

ويفكر عدد متزايد من السويسريين في هجرة بلدهم بعد التقاعد للاستمتاع بشمس الجنوب وعيش حياة كريمة بمعاش التقاعد السويسري في بلاد أقل غلاء. حتى المسنون بعض الشيء أصبحوا يتنقلون أكثر لأنهم يتمتعون بصحة أفضل.

ويقول أندرياس هوبر، المتخصص في شؤون هجرة المسنين، إن لا كوستا بلانكا وجزر باليار في إسبانيا، ومنطقة ألغارف البرتغالية، وقبرص، والبرازيل وتايلاندا، وهنغاريا وكرواتيا، هي مناطق وبلدان تحظى بإعجاب سويسري خاص.

وقد وجدنا في بييمون وتوسكان الايطاليتين وفي جنوب فرنسا، عددا كبيرا من السويسريين الذين يعيشون منذ سنوات طويلة جدا في تلك المناطق.

وقال السيد هوبر عن هؤلاء إنهم “تخلوا عن كل شيء” للإقامة هناك. فهم فنانون أو مثاليون يبحثون عن الأصالة ويرممون منازلهم بأنفسهم.

ويبحث عدد كبير من المهاجرين عن “الجنة” لدى مغادرة وطنهم الأم، إذ يريدون الإفلات من ضيق سويسرا آملين في التمتع بمستوى عيش أفضل في الخارج اعتمادا على معاش التقاعد الذين يتقاضونه بالفرنك السويسري.

الرحيل يتطلب استعدادا جديا

وينصح مدير منظمة السويسريين في الخارج كافة أبناء البلاد الذين يودون الاستقرار خارج سويسرا أن يفكروا مليا قبل اتخاذ القرار. ويقول في هذا الصدد “إن قضاء عطلة أسبوعين في الخارج ليس كافيا لاتخاذ قرار الهجرة، يجب أن يعيش الشخص في البلاد التي تجتذبه بضعة أسابيع إن لم تكن بضعة أشهر، والسهر على إتقان لغة البلد الذي وقع عليه الاختيار”.

ومن المهم حسب السيد فايدر الاستعلام جيدا قبل الذهاب حول قضايا متعلقة بالتأمينات الصحية والتأمينات على العجز والشيخوخة. ومن يريد الاستقرار بالخارج يجب أن يـُسجل في القنصلية المعنية، والتي يصفها مدير منظمة السويسريين في الخارج بـ”حبل السُّري مع سويسرا”.

عندما يتحول الحلم إلى كابوس

من جهته، يشدد السفير بيتر سوتر من المكتب المكلف بالسويسريين في الخارج التابع لوزارة الخارجية على أهمية التدقيق في الناحية المالية قبل هجرة الوطن. وصرح بهذا الشأن: “يجب التوفر على بعض الاحتياطات، وإلا سيواجه الشخص مفاجئات سيئة”.

كما ذكر السيد سوتر بإمكانية لجوء السويسريين المقيمين في الخارج الذين يواجهون صعوبات مالية إلى مكتب التمثيل الدبلوماسي في البلد المضيف “لبحث فرضية أن إعادة المواطن السويسري إلى البلاد أو تقديم دعم مالي له في مكان إقامته في الخارج”.

أين الوطن؟

ويظل معظم السويسريين في الخارج على صلة وثيقة ببلادهم، لكن المعنى الذين يـُضفونه على كلمة “وطن” يختلف كثيرا من مهاجر إلى آخر.

بالنسبة للبعض، يظل الوطن مفهوما مجردا، وبالنسبة للبعض الآخر، يعني الوطن المكان الذين يعيش فيه، فيما يربطه آخرون بالبلاد الأم.

ويعود معظم السويسريين في الخارج لقضاء عطل في سويسرا. وإن كانوا أحيانا يشعرون بالحنين إلى الوطن، فإن البـُعد عنه يزودهم بقدرة أقوى على انتقاد بلادهم.

سويس انفو

في عام 2004، بلغ عدد السويسريين في الخارج 632057 شخصا.
60% منهم يقيمون في دول الاتحاد الأوروبي.
166199 سويسريا يقيمون في فرنسا.
تعيش أكبر جالية سويسرية (خارج الاتحاد الأوروبي) في الولايات المتحدة إذ يبلغ عددها 71419 شخصا.
442643 من أبناء سويسرا في الخارج يحملون الجنسية السويسرية وجنسية أخرى.
يتجاوز عمر 100421 من أبناء الجالية السويسرية في الخارج 65 عاما.
457340 يتمتعون بحق الترشح والتصويت.
95325 مسجلون لممارسة حق التصويت.

يتعين على السويسريين الذين يغادرون بلادهم إبلاغ السلطات والتسجيل في القنصلية المعنية في الخارج. يجب عليهم ان يحصلوا على المعلومات الضرورية فيما يتعلق بالتأمينات الصحية وصندوق التقاعد والتأمينات على العجز والشيخوخة. أبرمت سويسرا اتفاقيات في مجال التأمينات الصحية مع أكثر من 30 بلدا من بينها كافة بلدان الاتحاد الأوروبية والرابطة الأوربية للتبادل التجاري الحر.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية