مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هل يفتح “السيسي” الباب لتسوية سياسية مع “الإخوان”؟

صورة التقطت لعبد الفتاح السيسي من طرف التلفزيون الرسمي المصري في مقر المحكمة الدستورية العليا بالقاهرة قبل وقت قليل من أداء اليمين الدستورية كرئيس لمصر يوم 8 يونيو 2014 Keystone

بعد الإنتهاء من مراسم تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر يوم الأحد 8 يونيو 2014 بحضور لافت لدول الخليج التي أيّدت عزل المشير السابق للرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 يوليو 2013، وفي ظل غياب أي مسؤول كبير من الدول الغربية التي تقدم للقاهرة مساعدات عسكرية وتقنية بمليارات الدولارات، تعود للواجهة التحديات الإقتصادية والأمنية والإجتماعية الكبرى التي تُعاني منها البلاد كما تُطرح بإلحاح مسألة التعامل السياسي مع المعارضين عموما وجماعة الإخوان المسلمين تحديدا.

في مؤتمر صحفي عُقِدَ بمقر الهيئة العامة للاستعلامات بمدينة نصر مساء الثلاثاء 3 يونيو 2014، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، برئاسة المستشار أنور العاصي فوز عبد الفتاح السيسي بمنصب رئيس جمهورية مصر العربية، وحصوله على 23 مليون و780 ألفا و104 صوتا، بنسبة 96.91% من إجمالي الأصوات الصحيحة للناخبين، والبالغة 25 مليونا و578 ألفا و190 ناخباً، في انتخابات بلغت فيها نسبة التصويت 47.45% من إجمالي من يحِق لهم التصويت، وهم: 53 مليونا و909 ألف و306 مواطن.

ومع تأكيد كثيرين أن التحديين، الأمني والاقتصادي، يأتيان في مقدمة التحديات التي تواجه السيسي في رئاسة مصر، يرى مراقبون أن “التسوية السياسية” للخلاف مع جماعة الإخوان المسلمين وأنصار ومُؤيّدي الرئيس المعزول محمد مرسي، تبقى واحدة من أهم وأبرز التحديات القائمة، فبدونها لن يتوافر للرئيس الجديد الهدوء والإستقرار اللازمين للتفرغ لإحداث إنجازات ملموسة على الأرض وبدء صفحة جديدة مع قطاع لا يُستهان به من المصريين، الذين يعتبرون أنفسهم في خصومة بل ثأر مع السيسي.

في هذا السياق، التقت swissinfo.ch، ثلاثة من الباحثين والمحللين السياسييّن المصرييّن، المهتمين بهذا الملف الشائك، وسألتهم  هل يعتقدون أن الرئيس الجديد سيستهل عهده بقبول (أو السعي) إلى إيجاد تسوية سياسية أو مصالحة شاملة مع القوى السياسية، وخاصة مع جماعة الإخوان المسلمين وحلفائهم، أم أن هذه المسألة قد حُسِمَت ولا مجال للتراجع فيها؟ وما هي الشروط الواجب توافرها لتهيئة الأجواء لإجراء مثل هذه التسوية أو المصالحة الشاملة؟ وكيف يُمكن توافرها أصلا؟..

عدد من يحِق لهم التصويت بلغ 53 مليون و909 آلاف و306 ناخب.

عدد مَن أدلى بصوته في الانتخابات خارج مصر بلغ 318 ألفا و33 ناخب.

عدد مَن أدلوا بأصواتهم داخل محافظات الجمهورية 25 مليون و260 ألف و190 ناخب.

وبهذا يكون إجمالي عدد المشاركين في الانتخابات الرئاسية 25 مليوناً و578 ألف ناخب.

بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية 47.45%

عدد الأصوات الصحيحة بلغ 24 مليون و537 ألف و615 صوتاً، بنسبة 95.93%

عدد الأصوات الباطلة بلغ مليون و40 ألف و608 صوتا، بنسبة 4.07%

حصل عبدالفتاح السيسي على 23 مليوناً و780 ألفاً و104 أصوات بواقع 96.91 %

حصل حمدين صباحي على 757 ألفاً و511 صوتاً بواقع 3.09 %

هل يدخل الإخوان من باب السيسي؟

في البداية، أوضح الدكتور محمد الباز، الخبير الإعلامي، أن “السيسي حسَم أمره مبكرا، حيث أعلن أنه فاتح الباب بالفعل لكل المواطنين، لكنه وضع لهذا شرطين؛ الأول، أن لا يكون متورطًا في قضايا فساد، وهؤلاء المقصود بهم رجال عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك. والثاني، أن لا يكون متورطا في قضايا العنف أو التحريض عليه”، مشيرا إلى أن “الشرط الثاني الذي يفتح الباب أمام استيعاب بعض الإخوان على أساس أنهم لم يُدانوا قضائيا في قضايا عنف، هو نفسه الذى يغلق أمامهم الباب، على اعتبار أن الإخوان في سلة واحدة وأنهم يساندون العنف، عمليا ونظريا”، على حد زعمه.

وفي تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch، يقول الباز، الكاتب والمحلل السياسي: “لكن السؤال الأهم هو: هل يقبل الإخوان المسلمون الدخول من باب السيسي إذا فتحه لهم؟”، ويجيب قائلاً: “أعتقد أن هذه مشكلة ستقابل التنظيم، خاصة أن السيسي عندما جزم بأنه لن يكون هناك إخوان في عهده، أعتقد أنه كان يقصد التنظيم، وليس الأفراد، الجماعة التي لها مرشد، وليس المواطنين الذين يمكن أن يحملوا فكر وأفكار حسن البنا”، حسب رأيه.

ويضيف “ولأنه لا إخوان دون تنظيم، فإنه على وجه التقريب يمكن أن يكون السيسي هو كلمة النهاية في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين بمصر”، معتبرا أن “المصالحة ليست اختيارا ولكنها اضطرارا. فهو لن يعمل في هذا الجو من الإضطراب ولن يصبر على أن يكون خصيما لفصيل من الشعب، خاصة وأن هذا الفصيل يرى أن له ثأرا عنده، لكن الإشكالية هي مصالحة على أي أساس؟”.

ويوضح الباز أن “الإخوان يتمسّكون بالشرعية التي يعتقدونها، رغم أن هناك شرعية جديدة على الأرض، وهى شرعية وراءها مؤسسات الدولة، على عكس شرعية الإخوان التي يدافع عنها أصحابُها من الخارج ومن داخل السجون، ولا شك أن شرعية الأرض بمعطياتها الحالية تكسب، وهو ما يجعلني أنحاز إلى أن الإخوان عند نقطة محددة، يمكن أن يسعوا إلى التصالح والجلوس بالقرب من المائدة، حيث لن يسمح لهم أحدٌ بالجلوس على المائدة مرة أخرى،.. أما متى تأتي هذه اللحظة، هذا بالطبع سيتوقف على نجاح السيسي أو إخفاقه في الشهور المقبلة”.

محمد الباز، خبير إعلامي

يُمكن أن يكون السيسي هو كلمة النهاية في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين بمصر

على كلا الفريقين تقديم تنازلات!

من جهته، يرى الباحث والمحلل السياسي مصطفى زهران، أن “هناك حقيقة ظاهرة وأخرى خفية، كلاهما يعيهما جيدا المراقب للمشهد السياسي المصري ويبصرهما المشير عبد الفتاح السيسي، الذى يُعدّ نفسَه لرئاسة مصر. الحقيقة الأولى الظاهرة، أن الإخوان وأنصارهم من القوى الإسلامية والذين التحفوا وانضووا تحت مظلة ما يعرف بالتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الإنقلاب، قد قاطعوا الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي أتت بالمشير السيسي”.

ويقول زهران، المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch، “أما الحقيقة الأخرى الخفية، فهي أن هذه المقاطعة ساهمت بقدر كبير في التأكيد على قوة وفاعلية جماعة الإخوان المسلمين على الأرض وقدرتها الكبيرة على الحشد والتعبئة، والتي انتفت هذه المرة في هذا الإستحقاق، جراء مقاطعتها لها والتي أثبتت أنها القوة الحقيقية المعارضة لأي سلطة تأتي بعد ذلك”.

ويضيف: “لذلك، وانطلاقًا من هذه النقطة، وبالتوازي مع الحراك القائم في الشارع، فضلاً عن عدم وجود رؤية حقيقية مستقبلية له، إلا أنه من المتوقع أن يذهب السيسي إلى محاولة التصالح أو الوصول إلى نقطة التقاء مع الإخوان وأنصارهم من الإسلاميين، خاصة وأن ازدياد وتيرة المعارضة في الشارع ربما ستزيد من حالة العنف في ظل مشهد اقتصادي مترهل”.

ويتابع زهران قائلاً: “ولا يعني ذلك أن المصالحة المتوقعة أو التكهن بذلك، أمر في منتهى اليُسر وأنه ربما يأتي مباشرة وعلى وجه السرعة عقب تنصيب السيسي رئيسا للبلاد، وإنما يتأتّى ذلك وفق مناخ يُساهم ويساعد على هذا التحول، إن جاز الوصف، وذلك شريطة أن يتنازل الفريقان – إلى حدٍّ ما – عن شروطهم السابقة”.

ويقول: “ولعل ما طرحه الدكتور ناجح إبراهيم (القيادي السابق بالجماعة الإسلامية) منذ وقت قريب، هو الحل الأمثل لجلوس الفريقين على طاولة المفاوضات، من خلال دفع الدّيّة عن كل فريق للآخر، فضلاً عن تنازل الإخوان عن فكرة عودة الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي وقبولهم بالواقع الجديد والمتغيّرات التي حدثت خلال عام كامل، وبالتوازي مع ضرورة إفراج السلطة عن كل معتقلي الإخوان، بلا استثناء”.

مصطفى زهران، محلل سياسي

من المتوقع أن يذهب السيسي إلى محاولة التصالح أو الوصول إلى نقطة التقاء مع الإخوان وأنصارهم من الإسلاميين

لا مخرج إلا بالمصالحة الوطنية

أما الكاتب والمحلل السياسي أحمد طه، فيقول: “للأسف الشديد، بات من المُستبعد إقدام السيسي على إجراء مصالحة وطنية مع جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها، على الأقل في المدى القريب، وذلك لعدّة أسباب؛ أهمها، أن كِلا الطرفيْن تبنّى سياسة التصعيد و”الحدّ الأعلى” من سقْف المطالب طيلة الأشهر الماضية، مما جعل من الأزمة “مباراة صفرية” من طرفيْها”؛ مشيرا إلى أن “السيسي نفسه صرّح منذ أسابيع قليلة في حوار متلفز إبّان حملته الانتخابية، بأنه لا وجود للإخوان في رئاسته”.

وفي تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch، يضيف طه: “الدولة تبنّت سياسة إقصائية – استئصالية تجاه جماعة الإخوان المسلمين، اقتصرت فيها على الحل الأمني، دون تقديم أي حل سياسي للأزمة. فقد اعتبرت حكومة الببلاوي (السابقة) الإخوان جماعة “إرهابية” وأسرفت السلطة كثيراً في استخدام الآليات الدولية الخشنة، بدءا من التوسع الكبير في الإعتقالات، ومرورا بالبطش الأمني بالتجمعات والمظاهرات، وانتهاءً بالقتل وإراقة الدماء في الشوارع بصورة بالغة القسوة”.

“ومن جانبها – يستطرد المحلل السياسي – لم تتراجع أو تتخلَّ جماعة الإخوان المسلمين عن مطلب عودة الرئيس السابق محمد مرسي، ورفضت تماماً أي حديث عن إمكانية قبول الأوضاع الجديدة، إلا بعد عودة مرسي، كما أن التكلفة الباهظة التي دفعتها الجماعة من دماء شبابها وحرياتهم والعائد الذي لا يُذكر، وضَعَ قيادة الجماعة في موقف بالغ الحرَج أمام قواعدها، مما يشكّلُ عقبة أخرى أمام خَطِّ الرّجعة عن موقفها”، إلى جانب “دخول الجماعات والخلايا المتطرفة على خطّ الأزمة، والتي قامت بعدّة عمليات إرهابية، راح ضحيتها العديدُ من الضباط والجنود الأبرياء، مما زاد الطين بلّة”.

وتابع طه قائلاً: “هذا بالإضافة إلى عامل آخر، ألا وهو الخطاب (التأجيجي) العدواني والتحريضي، الذي يتبنّاه عددٌ كبيرٌ من النّخبة السياسية والمالية والإعلامية تجاه كلمة “المصالحة” أو من يذكرها، ويكفي هنا أن نذكّر الحملة الشّعواء التي تعرّض لها الدكتور أحمد كمال أبو المجد، والحملة المماثلة التي تعرّض لها الدكتور حسن نافعة في فترات هبَط فيها الخطاب الإعلامي إلى مرحلة بالغة التدنّي والإسفاف”.

ويختتم الكاتب والمحلل السياسي أحمد طه بالقول بأنه “تجدُر الإشارة إلى أنه لا مخرَج من الأزمة الجارية، إلا بالمصالحة الوطنية. فلا يمكن أن ينطلِق الوطن نحو مستقبله بهذه الحالة من الإستقطاب السياسي الحادّ، الذي تحوّل إلى انقسام اجتماعي كبير، ولن تتحقّق المصالحة الوطنية، إلا إذا احتكم الطرفان إلى خطاب العقل وتغليب مصلحة الوطن على ما سِواها”.

“إعلان بروكسل” 

في 7 مايو 2014، أصدرت شخصيات مصرية معارضة للسلطات الحالية، إعلان مبادئ لاستعادة ثورة 25 يناير 2011، التي أدّت إلى تنحّي الرئيس الأسبق حسني مبارك. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي تمّ عقده في نادي الصحافة الأوروبي بالعاصمة البلجيكية بروكسل.

ومن بين الشخصيات الموقّعة على الإعلان، الذي شمل 10 مبادئ، محمد محسوب، نائب رئيس حزب الوسط للشؤون الحزبية (معارض) ووزير الشؤون القانونية في عهد الرئيس السابق محمد مرسي. وحاتم عزام، نائب رئيس حزب الوسط للعلاقات الخارجية وأيمن نور، مؤسس حزب غد الثورة (معارض) ويحيي حامد، القيادي في حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين ووزير الاستثمار في عهد مرسي، ومصطفى إبراهيم، أحد كوادر جماعة الإخوان في الخارج وثروت نافع، أستاذ جامعي مستقل، والكاتب الصحفي وائل قنديل، نائب رئيس حزب الدستور سابقا والمتحدث باسم الجمعية الوطنية للتغيير سابقا، ومها عزام، ناشطة سياسية ومنسقة ائتلاف المصريين الديمقراطيين ببريطانيا.

“إعلان المبادئ”، الذي جاء تحت عنوان: “من أجل استرداد ثورية يناير واستعادة المسار الديمقراطي”، نصَّ على “الإيمان بمبادئ ثورة 25 يناير وأهدافها والتمكين لمكتسباتها”. وأوضح الإعلان، الذي ألقاه ثروت نافع خلال المؤتمر الصحفي، أن المبادئ العشْرة التي يتضمّنها “تأتي تأسيسا على نضال الحركات الثورية منذ 25 يناير حتى الآن، وسعياً لإعلان مشروع سياسي متكامِل يوضّح مرحلة ما بعد رحيل الانقلاب الإرهابي – على حدِّ وصفه – وإزاحة النظام الديكتاتوري العسكري”.

وجاء في الإعلان: “يُسمح بمشاركة الجميع في إدارة مراحل انتقالية ناجحة، على أسُسٍ رصينة وسليمة، تعاقُدية وتوافُقية، ببرنامج زمني مناسب لكل مرحلة، يؤسّس لفترة تشاركية سياسية ومجتمعية وشعبية، يتحقّق فيها اصطفاف المصريين جميعاً”. وأكد على “إدارة التعددية التشاركية ضِمن حالة توافقية وعودة الجيش الوطني إلى ثكناته وبناء استراتيجية للمصالحة والقَصاص وتحقيق العدالة الاجتماعية وتمكين الشباب وسيادة القانون والمواطنة وتشكيل مؤسسات الدولة العميقة من أبنائها الشرفاء واستعادة حيوية المجتمع المدني وتحريره وإعطاء الأولوية الكبرى للأمن الإنساني والقضاء على الفساد والاستقلال الوطني الكامل لمصر ورفض التبعية وتفعيل دور مصر الإقليمي والدولي”.

ودعا بيان إعلان المبادئ العشرة “أبناء مصر الأحرار للاصطفاف معنا وتحمّل المسؤولية التاريخية لتجاوز هذه المرحلة الحرجة ودعم هذه المبادئ واستئناف الحوار لوضع آليات التنفيذ”.

“بيان القاهرة”

في 24 مايو 2014، أطلقت شخصيات ثورية مصرية مبادرة تدعو قوى ثورة يناير للاصطفاف صفاً واحداً لاستعادة ثورة 25 يناير والمسار الديمقراطي، في مواجهة منظومة الثورة المضادة والاستبداد والقمع، وحملت المبادرة اسم “بيان القاهرة”، وذلك في اجتماع ضم كلاً من: الدكتور سيف الدين عبد الفتاح والسفير إبراهيم يسري والشاعر عبد الرحمن يوسف.

وطالب “بيان القاهرة”، الذي وقعت عليه شخصيات وطنية من قوى ثورة يناير، بضرورة الاصطفاف صفا واحدا لاستعادة ثورة 25 يناير والمسار الديمقراطي، من منظومة الثورة المضادة ومواجهة الاستبداد والقمع والعمل لتجديد روح وقوة ثورة يناير المباركة، التي تعَـدّ عملا مفصليا ونقطة تحوّل كبرى في تاريخنا المعاصر.

وقال البيان “تُجمع قوى الثورة والوطن في مصر اليوم على أن ما يجري في ربوع الوطن، إنما هو استعادة بائسة وقبيحة لمنظومة نظام مبارك بما قامت عليه من الاستبداد والفساد، وبأبشع صورة ممكنة من بروز الدولة البوليسية القمعية، وبما يطال الجميع ولا يستثني إلا ما سار في ركاب المنظومة الانقلابية وهلّل لعمليات التشويه والإقصاء والاستئصال ونشر الفوضى والكراهية والانقسام، الأمر الذي يهدّد الأمن القومي المصري، بل يمثل تحديا كبيرا لأساس الوطن ومستقبله، ولا يمكن إلا مواجهته ومقاومته”، وأضاف أن “هذا الاصطفاف ضرورة وطنية وواجب الوقت وشرفا يجب أن يقوم له وعليه وبه كل مصري وطني مخلص لهذا البلد، وهدف لن نتوانى عن نُصرته وتحقيقه على أرض الواقع”.

وتابع البيان، أن الدعوة لهذا الاصطفاف تأتي “في إطار شديد الوضوح من الشفافية الكاملة، لا السرية ولا الخفاء. فمواقفنا الوطنية كانت وستبقى معلنة بكل وضوح وبلا أدنى الْـتِباس، نعلنها دائما في كل ما نملك من وسائل إعلام وإعلان، وبكل ما نملك من أدوات اتصال وتواصل مع الشعب وقواه”، وأكد أن هذا الحراك يأتي أيضا في إطار السلمية “مبدأ ورؤية وأداء؛ سلمية لا عنف فيها؛ إيمانا بأن في أشكال الاحتجاج السلمية سِعة للتعامل مع منظومة الاستبداد ومواجهة كل محاولات الإحباط والمحاصرة والالتِفاف على ثورة يناير وقواها ومكتسباتها”.

وتابع البيان أن “الاصطفاف الثوري الوطني أصبح ضرورة لتقوية صفّ القوى الثورية السياسية والمجتمعية، حتى تبلغ أهدافها وتمكّن لأدواتها في التغيير، خاصة أنها قد استُهدفت جميعا ومن دون استثناء من قِبل النظام القمعي، هذا الاصطفاف ضرورة كذلك من أجل استرداد مسار الديمقراطية والإرادة الشعبية الحقيقية وتحريك الطاقات لمواجهة شبكات الاستبداد ومؤسسات الفساد”.

وطالب الموقِّعون على البيان، وهم السفير إبراهيم يسري والدكتور سيف الدين عبد الفتاح والشاعر عبدالرحمن يوسف، كافة القوى أن تقوم بكل ما من شأنه أن يحقق هذا الاصطفاف الواجب والتنسيق اللازم والمقاومة المفروضة. واقترح الموقعون، على قوى يناير والقوى الوطنية المخلصة، تشييد منصّة انطلاق الإصطفاف الوطني عبر الآليات التالية:

تأسيس أمانة وطنية للحوار والتنسيق، تعمل على التواصل بين القوى الوطنية والثورية والمجتمعية، يتم فيها تمثيل كافة التيارات والشخصيات المستقلة تأسيس هيئة للقيام بصياغة «مشروع ميثاق شرف وطني وأخلاقي»، لضبط العلاقات فيما بين القوى الوطنية وبعضها البعض، وكذلك في علاقاتها وخطاباتها مع عموم الشعب المصري العظيم.

قيام (مجموعة صياغة مشروع إعلان مبادئ جامع) يكون محل اتفاق جميع القوى السياسية والثورية الوطنية، ويقوم على دراسة وافية لكافة البيانات وإعلانات المبادئ، التي صدرت عن مختلف القوى، والوقوف على مساحات الاتفاق في إطار حوار ممتد ومتجدد بين هذه القوى.

أن يتم كل ذلك في إطار مبدإٍ أساسي، هو (ضرورة العمل الجاد على استعادة شبكتيْ العلاقات والتواصل) بين قوى الثورة وبعضها البعض، وفيما بينها جميعا وبين قطاعات الشعب المخلصة لثورتها والواثقة في انتصارها في نهاية المطاف.

تدشين كيان سياسي جديد في 3 يوليو 2014 

مؤخرا، أعلن الدكتور أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، عن تدشين كيان سياسي جديد في 3 يوليو المقبل، بهدف مواجهة هذا الواقع المؤلم والمؤسف، مؤكدا أن أسباب طرح ما سمّاه فكرة “مبادئ وطنية”، هو الحاجة للدفاع عن مبادئ وقيم ومكتسبات ثورة يناير، التي هي بحاجة لأبناء هذه الثورة والشركاء فيها للدفاع عنها.

وأضاف نور: “ما زلنا في مرحلة تلقي ردود الأفعال حول الفِكرة، وهناك حماس واسع لها من معظم التيارات والشخصيات العامة والمستقلة، والتي تؤمن بثورة يناير، وفي مقدمتهم الدكتور سيف عبد الفتاح والسفير إبراهيم يسرى وآخرون”.

وأشار إلى أنه لم يتواصل مع أي عضو من جماعة الإخوان قبل عرض هذه الفكرة، لافتا إلى أنهم سيبدؤون مرحلة الحوار حولها اليوم، وينتهي الحوار قريباً، وربما في 3 يوليو القادم يُعلن عن تدشين هذا الكيان وأسماء المشاركين فيه، وربما قبل ذلك.

وأوضح أنه لا توجد اتصالات مع الحكومة الحالية، ولا أي شيء في هذا الاتجاه، متابعا: “نحن نتواصل مع شخصيات عامة وطنية مصرية وكيانات سياسية وشركاء في ثورة يناير، ونطرح فكرة للحوار – يقبلها مَن يقبلها ويرفضها مَن يرفضها ويتحفظ عليها مَن يرغب – ودائماً سيستمر الحوار للوصول إلى الهدف، وهو دولة ديمقراطية مدنية حرة”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية