مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بعد أربع دورات.. توجه للتمديد في عمر “منتدى حوكمة الإنترنت”

اتسع الإقبال على استخدام الإنترنت وتحولت الشبكات الإجتماعية والتواصل الإفتراضي بين البشر إلى ظاهرة عابرة للأجيال والمجتمعات والثقافات Ex-press

إلى جانب تعزيز محتوى شبكة الإنترنت باللغات المحلية ومن بينها العربية، والوقوف على واقع الشبكات الإجتماعية من "فايس بوك" و"تويتر" وغيرها باعتبارها ظواهر تفتح مجالا أوسع أمام استخدام الأجيال الصاعدة للشبكة، سيناقش "منتدى حوكمة الإنترنت" في شرم الشيخ حصيلة خمسة أعوام من نشاطه للتوصل الى صيغة مقبولة حول كيفية إدارة شبكة الإنترنت كما يرجّح أن يتم التمديد لهذه المهمة.

من بين التحديات التي لم تحسم فيها القمة العالمية لمجتمع المعلومات (جنيف 2003 وتونس 2005) المسألة المتعلقة بمَن هي الجهة أو الطرف الذي مِن حقه التحكم في شبكة الإنترنت. ولهذا الغرض تم تشكيل منتدى حوكمة الإنترنت الذي كُلف بمناقشة الموضوع في دورات تعقد دوليا وإقليميا لمعرفة مواقف الشركاء المختلفين من ممثلي حكومات وقطاع خاص ومنظمات المجتمع المدني من المشاكل المطروحة في مجال التحكم في الشبكة المعلوماتية الدولية.

ومع توسع شبكة الإنترنت وتحولها إلى مصدر هام للحكومات ومجال التجارة والمجتمع المدني والباحثين والاقتصاد بوجه عام، فرضت التهديدات المتزايدة لأمن الإنترنت وتعقدها تحديات جديدة. وأدرجت هذه القضية على جدول أعمال منتدى ادارة الإنترنت منذ اجتماعه الإفتتاحي في عام 2006، كما نوقشت بصورة أساسية بالتوازي مع قضية الإنفتاح.

وفى أول اجتماعين لمنتدى ادارة الإنترنت، أثارت قضية “الإنفتاح” مناقشة هامة ركزت أساسا على حرية تدفق المعلومات وحرية المعلومات من جهة والوصول إلى المعلومات والمعرفة من جهة أخرى. وشملت المناقشات الحاجة إلى إيجاد التوازن السليم بين حرية التعبير والاستخدام المسؤول لهذه الحرية وبين الوصول إلى المعرفة وحماية حقوق النشر. كما شكل دور الحكومات في حماية الحق في حرية التعبير على الإنترنت وحماية الخصوصية وعلاقتها بحرية التعبير جزءًا من تلك المناقشة.

وفى اجتماعه الثالث في حيدرأباد، حاول المنتدى تحديد فئات وأنواع مختلفة من التهديدات ووضع خريطة واضحة ومحددة للمجموعات المختلفة من القضايا المتصلة بأمن الإنترنت والأمن على الإنترنت. كما بحث المنتدى العلاقات المعقدة القائمة بين الأمن والخصوصية والإنفتاح وحاول الوقوف على كيفية التعامل مع التوترات التي قد تنشأ بينها والتعامل مع كيفية تنميتها بشكل متزامن. وشيئا فشيئا، أدرك المشاركون أن هناك علاقة معقدة تربط بين الأمن والانفتاح والخصوصية. وبالتالي، جاء الإجماع على أن التعامل مع جرائم الإنترنت وأمن الإنترنت والخصوصية والإنفتاح يعد مسؤولية مشتركة تقع على عاتق أصحاب المصلحة جميعا.

وسوف يتناول اجتماع منتدى إدارة الإنترنت الرابع المنعقد في شرم الشيخ من 15 إلى 18 نوفمبر 2009 هذه القضية مرة أخرى. وستهدف المناقشة – على الأرجح – إلى تحويل مجالات الخلاف بين الأمن والخصوصية والإنفتاح إلى مجالات للإلتقاء بينهم، بحضور حوالي 1000 مشارك يقدمون من نحو 100 دولة، تُمثل البعض منها على مستوى الوزراء.

وعشية انطلاق أشغال الدورة، أجرت swissinfo.ch حوارا مع السويسري ماركوس كومر، المنسق التنفيذي لمنتدى حوكمة الإنترنت الذي ترأس لأكثر من أربعة أعوام سلسلة النقاشات المثيرة التي قد تتمخض عن توصيات مهمة.

Swissinfo.ch : ما هي أهم التحديات المطروحة على المشاركين في مؤتمر شرم الشيخ؟

ماركوس كومر: قد يصعب القول بأن هناك تحديات لأن هذه الهيئة ليست هيئة لإتخاذ القرارات بل هيئة لمناقشة المواضيع المطروحة في مجال الإنترنت وتحضير وسائل اتخاذ القرارات في هذا الشأن.

وقد يكون التحدي الأكبر الذي يواجهنا كمنتدى، هو تحدي داخلي يكمن في نهاية المهلة المخولة من قبل قمة مجتمع المعلومات في تونس لمنتدى إدارة الإنترنت (أو حوكمة الإنترنت)، والتي تنتهي في شهر يونيو 2010. وهذه النقطة من بين النقاط التي ستناقش في اجتماع شرم الشيخ مع الدول الأعضاء لمعرفة موقفها من مواصلة أو عدم مواصلة هذا النقاش قبل أن يرفع الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة الموضوع أمام الدول الأعضاء في العام القادم.

وإلى جانب هذه النقطة هناك مواضيع تقليدية مطروحة للنقاش، مثل وصول الجميع الى شبكة الإنترنت، وانعكاس التعددية الثقافية واللغوية على الشبكة وهذا عنصر هام بالنسبة للمنطقة العربية التي ينعقد فيها المؤتمر والتي أصبح فيها تعريب الإنترنت أمرا واقعا وأصبح فيها ممكنا إعطاء أسماء عربية للمواقع. وإلى جانب التطورات التقنية هناك مناقشة مواضيع الأمن السيبراني وحماية المعطيات الشخصية. كما سنخصص مناقشة لموضوع الشبكات الاجتماعية أو التطبيقات الجديدة التي تستهوي الشباب مثل التويتر أو الفيسبوك.

ظل ملف حوكمة الإنترنت عالقا في الشق الأول من قمة مجتمع المعلوماتة في جنيف ولم يُحسم في تونس أيضا. فهل توصلتم الى تقريب لوجهات النظر بهذا الخصوص؟

ماركوس كومر: قمة تونس أقرت ضرورة مناقشة الموضوع بدون أن تصل الى خاتمة مفادها أن هناك أزمة في في مجال إدارة الإنترنت، ولكنها حثت على ضرورة تحسين التعاون والمشاركة في إدارة الإنترنت بإقحام كل الشركاء من ممثلي الحكومات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني. لأن القرار المهم في تونس كان التوفيق بين نظرة الحكومات التي كانت ترغب في مراقبة الإنترنت وبين التقنيين الذين كانوا يعتبرون أن الإدارة (مسألة) تقنية ولا تتطلب تدخل السياسيين. وهذا النقاش الدائر داخل منتدى إدارة الإنترنت يرى فيه العديد من المراقبين وسيلة أسهمت الى حد كبير في تعزيز هذا التعاون بين مختلف الشركاء. وبما أن شبكة الإنترنت أصبحت واقعا يمس مختلف أوجه الحياة في عصرنا الحاضر فقد أصبح من الصعب على هيئة واحدة إدارة كل ذلك بمفردها.

لكن الدعوة الى ضرورة التعاون بين مختلف الشركاء لم ترفق بتحديد الإطار والالتزامات، وتركت الأمور كما كانت عليه بين أيدي هيئة متحكمة في الإنترنت مثل هيئة “آيكان” الأمريكية ؟

ماركوس كومر: حتى قمة تونس لم تنتقد تولي هيئة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة (الآيكان) “ICANN” إدارة الإنترنت ولو أن دولا كانت تنتقد ذلك. ولكن هذه الهيئة التي كانت مسؤولة أمام الحكومة الأمريكية وحدها انتهت مهمتها اليوم وبالتالي أصبحت كل الدول معنية بمناقشة كيفية تمديد مهمة “الآيكان” في إدارة الإنترنت.

في قمة تونس ظهرت أفكار حول ضرورة البحث عن إمكانية إقامة شبكات إنترنت خاصة بكل دولة لتفادي إخضاع الشبكة لرقابة دولة واحدة او هيئة واحدة. فهل ما زالت هذه الأفكار متداولة؟

ماركوس كومر: هذه أفكار تناقش في الكواليس ولكن لحد اليوم لم يبد أي بلد رغبة في الخروج عن المشاركة في شبكة الإنترنت كشبكة عالمية تتمتع بالقدرة المعروفة حاليا.

مع اقتراب نهاية المهلة المحددة لمنتدى إدراة الإنترنت، ما هي برأيكم الإقتراحات التي ستقدم للدول الأعضاء بعد هذا النقاش الذي دام خمسة أعوام؟

ماركوس كومر: بدون أن نستبق الأحداث، يمكن القول أن الاستفتاء الذي أجريناه على موقع المنتدى سمح بالحصول على حوالي ستين ردا من الدول الأعضاء من بينها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الشرق الأوسط مثل قطر التي تقف وراء فكرة تجديد مهمة منتدى حوكمة الإنترنت أو العربية السعودية التي تعارض ذلك. ولكن يمكن القول أن الجميع – باستثناء ثلاث مشاركات – يؤيد فكرة تمديد مهمة منتدى إدارة الإنترنت مع المطالبة بضرورة تحسين طريقة النقاش وكيفية طرح المواضيع.

ولكن الموقف الرسمي هو الذي سيتمخض عن النقاش الذي سيشهده اجتماع المنتدى في الأسبوع القادم. وفي هذا الإطار يمكن القول أن غالبية الذين سيشاركون في الدورة سيأتون بفكرة تمديد مهمة المنتدى لأنهم يعترفون بالعمل الجيد الذي أنجزه. وبالطبع فإن القرار سوف لن يتخذ في لقاء شرم الشيخ بل في مؤتمر العام القادم وفي سياق اجتماع الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة.

swissinfo.ch – محمد شريف – جنيف

المرحلة الأولى في جنيف

انعقدت من 10 إلى 12 ديسمبر 2003 بمشاركة 16000 ممثل للحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الدولية والأممية وممثلي المجتمع المدني. وكان من بين المشاركين فيها حوالي 65 رئيس دولة وحكومة. أما الحصيلة فهي: اعتماد إعلان وخطة عمل للحد من الهوة الرقمية القائمة بين الأغنياء والفقراء. لكن قمة جنيف لم تحسم لا قضية تمويل كيفية ردم الهوة الرقمية ولا نقطة إدارة الإنترنت وأرجأتهما الى قمة تونس.

المرحلة الثانية في تونس

انعقدت ما بين 16 و 18 نوفمبر 2005 بمشاركة حوالي 17000 شخص. نقطة إدارة الإنترنت التي شكلت عنصرا أساسيا في قمة تونس لم يتم حسمها وتم إرجاؤها الى “موعد قادم” من خلال تأسيس “منتدى” لمناقشة الموضوع من جديد والتوصل بعد حوالي خمس سنوات إلى حلول مقبولة من طرف الجميع (إن حصل اتفاق بشأنها).

يُعدّ منتدى إدارة (أو حوكمة) الانترنت نتاج “دورة تونس” للقمة العالمية لمجتمع المعلوماتية التى عقدت فى عام 2005 وفيها طلبت الحكومات من أمين عام الأمم المتحدة عقد منتدى جديد للحوار السياسى لمناقشة القضايا المتصلة بالعناصر الأساسية لادارة الانترنت بغية تعزيز استمرارية الانترنت وقوتها وأمنها واستقرارها وتطورها.

لا يعد المنتدى هيئة لصنع القرار، وإنما يوفر مساحة قيمة لتحاور كل الذين يلعبون دورا هاما ويتحملون مسؤولية فى تطوير مجتمع المعلوماتية لمناقشة قضايا ادارة الانترنت وإعطاء الفرصة للمشاركين لتبادل الخبرات العملية من زوايا مختلفة.

يعتبر المنتدى آلية “متعددة الأطراف المستفيدة” والتى تشمل الحكومات والمنظمات الدولية فضلا عن القطاع الخاص والمجتمع المدنى والأكاديميين والمجتمع التقنى وغيرهم من أجل تشجيع الحوار السياسى.

وكنتاج لـ” مرحلة جنيف” من القمة العالمية لمجتمع المعلوماتية التى عقدت فى عام 2003، جرى تبنى “إعلان مبادئ جنيف” والذى بمقتضاه، أعلنت الدول التزاما مشتركا “ببناء مجتمع معلوماتية يركز على الأشخاص ويتسم بالشمول والتوجه نحو التنمية”. وقد اتفقت هذه الدول على وجوب أن تصبح الإدارة الدولية للانترنت متعددة الأطراف ومتصفة بالشفافية والديمقراطية مع مشاركة كاملة من قبل الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدنى والمنظمات الدولية.

ومن الجدير بالذكر أن “جدول أعمال تونس” استلزم اختبار “الرغبة فى مواصلة” المنتدى خلال خمس سنوات من إنشائه، ومن أجل رفع أمين عام الأمم المتحدة توصيات للجمعية العامة بهذا الصدد. وسيكون 2010 عام النسخة الخامسة من منتدى إدارة الانترنت.

وقد عقدت الاجتماعات الثلاثة السابقة للمنتدى فى أثينا فى اليونان (نوفمبر 2006) وريو دى جانيرو فى البرازيل (نوفمبر 2007) وفى حيدر آباد فى الهند (نوفمبر 2008).

وسيعقد المنتدى دورته لعام 2010 فى مدينة فيلنيوس فى ليتوانيا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية