مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بعد 30 عاما.. أيام سولوتورن الأدبية تحتفظ بتقاليدها

في سولوتورن، يحتل الأدب الصدارة، لكن لا يغيب عن المشهد السياسية الثقافية والترجمة والنشر (literaturtage) Keystone

تحتفل أيام سولوتورن الأدبية هذا العام بدورتها الثلاثين. وكما جرت العادة، يزخر برنامج التظاهرة بإبداعات كتاب سويسريين وأجانب، فاسحا المجال للمؤلفين المرموقين وللمواهب الشابة على حد سواء في أجواء تمتزج فيها اللغات والثقافات.

الناشر والصحفي مارتين زينغ، الذي انضم في مناسبات عديدة لعضوية لجنة برمجة الأيام الأدبية لسولوتورن، يسلط الضوء في حديث مع سويس انفو على المشوار الذي سلكته تلك الأيام على مدى ثلاثة عقود دون أن تفقد شبابها.

منذ عام 1979، ومع حلول عيد صعود السيد المسيح إلى السماء، يغمـُر صدى الكلمات أزقة المدينة القديمة لسولوتورن المُحصنة داخل معمار باروكي مُتميز .. صدى تحمله الأيام الأدبية التي يحتضنها مبنى “لاندهاوس” العريق .. وكلمات تُقرأ على الحضور بأصوات مؤلفين سويسريين وأجانب في القاعات المُقببة والأرضيات المُبلطة للاندهاوس.

وقد ظل المنظمون أوفياء للتصور الذي قام عليه إطلاق التظاهرة قبل زهاء ثلاثة عقود، إذ مازالوا يستدعون مؤلفين معروفين لتعزيز اكتشاف وافدين جُدد على عالم الأدب.

الناشر والصحفي مارتين زينغ يوضح خصوصيات أيام سولوتورن الأدبية في الحديث التالي:

سويس انفو: ما هي الأفكار التي تضمنتها الدورة الأولى لأيام سولوتورن الأدبية والتي مازالت مُستمرة؟

مارتين زينغ: لقد رأت الأيام الأدبية النور بفضل كـُتاب مثل بيتر بيشسيل، وأوتو ف. فالتير، ورولف نيديرهاوزير وآخرين، كانوا يريدون تنظيم نوع من “المُراجعة” لإبراز ما يحدث في سويسرا على المُستوى الأدبي.

واحتفظنا من تلك الحقبة بالحاجة إلى مناقشة أعمال مؤلفين يأتون من المناطق اللغوية الأربع (لسويسرا) ومن الخارج، وأيضا للحديث عن السياسة الثقافية. وهذا العام، سوف يـُناقش القانون الجديد حول الثقافة الذي هو قيد الإعداد.

وقد استمرت أيضا فكرة عدم تجميد البرمجة، إذ يتم، قدر المُتاح، تجديدُ تشكيلة اللجنة المُكلفة بها كل سنتين، ولئن لم يكن دائما من السهل إيجاد الأشخاص الذين يريدون الالتزام في هذا الإطار.

سويس انفو: وفي نهاية المطاف، لم تتغير الوصفة إلا قليلا في ظرف يناهز 30 عاما. ألا يحدق خطر الملل بالتظاهرة؟

مارتين زينغ: لقد كان الهدف دائما إظهار ما يحدث في سويسرا. وهذا ليس بمهرجان يدعو أي كاتب معروف (مهما كان)، إذ فضلنا دائما الجودة واستدعينا أيضا مؤلفين غير معروفين وآخرين شباب. لكن لاجتذاب الجمهور، يتعين توجيه الدعوة أيضا لأسماء مشهورة.

ولا تشارك في دورة هذا العام سوى قلة قليلة من أسماء الجيل القديم: موشغ، ونيزون، ويورغ شتاينير، وميشيل فيالا، ولكن جميعهم نشر كتابا جديدا. وفي الواقع، هنالك العديد من القدامى الذين اغتاظوا بعض الشيء بسبب عدم دعوتهم إلى سولوتورن…

أما بالنسبة للوصفة، فليس هنالك وصفة في حقيقة الأمر، بل يجب دائما الإبتكار والتجديد، علما أن المؤلفين لا يستجيبون دائما للدعوة لأن التظاهرات المُشابهة لأيام سولوتورن الأدبية قد تضاعفت.

سويس انفو: هذا العام على وجه التحديد، تنعقد أيام سولوتورن الأدبية في نفس فترة المعرض الدولي للكتاب والصحافة في جنيف. وكان معرض بازل للكتاب قد تقرر في نفس المدة أيضا قبل إلغائه. ألا يجدر القيام بتنسيق أفضل؟

مارتين زينغ: الحقيقة هي أن لا أحد يريد التنسيق بالفعل. ففيما يتعلق بمعرض جنيف، هنالك نوع من التعاون بيننا بما أن مؤلفين مثل داتشا مارايني أو ليديا ديفيس سيذهبان أولا إلى جنيف ثم يأتون إلى سولوتورن. ثـم إن الاتصالات مع آخذة في التحسن بفضل عمل الكاتب دانييل دو رولي.

سويس انفو : ما هو شعوركم إزاء مشهد النشر في سويسرا. هل يمثل شراء دور نشر في المناطق السويسرية المتحدثة بالألمانية من قبل دور نشر ألمانية أي خطر؟

مارتين زينغ: في الآونة الأخيرة، أصدرت دار النشر “ناغيل أوند كيمشي” (Nagel & Kimche) – التي اشترتها “هانسير” – مختارات جميلة جدا من الشعر الروماندي (نسبة إلى سويسرا الروماندية المتحدثة بالفرنسية) تحت إدارة فيليب جاكوتي. وحتى لو كان الناشرون ألمان أو فرنسيين، فيتعين عليهم العمل من أجل الجمهور السويسري.

كما أن هنالك ظاهرة مثيرة للاهتمام أيضا وتتمثل في بروز دور نشر صغيرة وشجاعة في المناطق السويسرية الناطقة بالألمانية، مثل “ساليس” (Salis) أو “بوديلوندبينشير” (Pudelundpinscher)، ترى النور لإطلاق أعمال مؤلفين مُبتدئين. في المقابل، لم يعد يوجد في كانتون غراوبوندن (في أقصى شرقي البلاد) أية دار نشر.

سويس انفو: تريد سولوتورن أن تكون مكانا تلتقي فيه الأعمال الأدبية للمناطق اللغوية المختلفة. ولكن من النادر أن يحضر فرانكوفونيون لجلسات قراءة بالألمانية أو العكس…

مارتين زينغ: أنا لا أعرف الجهة التي يجب إلقاءُ اللوم عليها بهذا الخصوص. إنها دائما مسألة اهتمام، لكنه صحيح أننا نُبـرمجُ قـِراءات المؤلفين الرومانديين في نفس اليوم لأننا نعلم أن الأشخاص القادمين من سويسرا الروماندية لا يمكثون عموما في سولوتورن أكثر من يوم واحد.

ويجب التشديد هنا على أن هنالك دائما جزءا صغيرا من جمهور سويسرا المتحدثة بالألمانية الذي يهتم بالمؤلفين الرومانديين. في المقابل، يظل الجمهور الروماندي الذي يهتم بالمؤلفين السويسريين المتحدثين بالألمانية أو بالإيطالية أصغر بكثير!

إن الحواجز اللغوية عالية جدا أساسا، ويزداد عُلوها عندما يتعلق الأمر بالأدب إذ يتطلب الأمر مستوى معينا من الكفاءة اللغوية. فضلا عن ذلك، قـلّت معرفتنا بالكتاب مقارنة مع عصر فريش ودورينمات وشيسيكس. فقد تقلصت المكانة المُخصصة للأدب في وسائل الإعلام، ولئن كان الوضع في سويسرا ليس سيئا مقارنة مع بلدان أخرى.

سويس انفو – كارول فيلتي

(ترجمته من الفرنسية وعالجته إصلاح بخات)

تأسست الأيام الأدبية لسولوتورن في عام 1978، وانعقدت دورتها الأولى في عام 1979.

يـُراد منها أن تكون منتدى للإبداع الأدبي في سويسرا، وينعقد القسط الأساسي من أيام سولوتورن الأدبية على شكل جلسات يستمع فيها الحضور إلى قراءات المؤلفين.

موازاة مع ذلك، تُنظـّم معارض مرتبطة بالأدب، ومنصات حول مواضيع أدبية، وورش للترجمة.

يحضر أيام سولوتورن الأدبية هذا العام، التي تتواصل من 2 إلى 4 مايو، أكثر من 70 كاتبا سويسريا وأجنبيا، من بينهم كتاب معروفون مثل أدولف موشغ، وبول نيزون، وبيتر شتام، ويورغ شتاينير، وميشيل فيالا أو دانييل ماغيتي، فضلا عن مؤلفين واعدين من أمثال ماريون دانييل بوبيسكو. كما سيقدم 14 كاتبا أول عمل لهم.

ومن المؤلفين الأجانب نجد الفرنسي جيل لوروي (الحائز على جائزة غونكور لعام 2007)، والإيطاليين داتشا مارايني وأندريا دي كارلو، والأمريكيين ليديا ديفيس وناتان إنغلاندر، والكوبية فيندي غيرا.

هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية SRG SSR idée suisse هي شريكة لأيام سولوتورن الأدبية للمرة الأولى هذا العام.

وتعرض مواقع الإذاعات والتلفزيونات في المناطق اللغوية الأربع ملفات خاصة حول التظاهرة الأدبية.

وتقوم الإذاعة السويسرية الناطقة بالألمانية DRS بتسجيل مباشر للقراءات الأدبية التي يمكن الاستماع إليها كاملة وبالمجان (ببرنامج ستريم أو بودكاست) على الموقع الإلكتروني للإذاعة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية