مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تعزيز التنمية عبر شراكة بحثية بين الشمال والجنوب

Reuters

تتنافس الحكومات والمنظمات الدولية في مطالبها لمحاربة ظاهرة الاحتباس الحراري. أما الفقراء فلهم مشاكلهم الملموسة التي تتلخص في كيفية كسب القوت اليومي وتأمينه. فهل بإمكان التعاون بين الشمال والجنوب في مجال البحث العلمي أن يساعدهم على ذلك؟

هذا ما حاولت الإجابة عنه الندوة الدولية التي اختتمت يوم الجمعة 4 يوليو في جامعة برن تحت عنوان “البحث العلمي في خدمة التنمية”.

يسهر مركز التنمية والبيئة شمال جنوب NCCR الذي يعتبر إحدى الدعائم الرئيسية في نشاطات الصندوق الوطني السويسري للبحث العلمي، على معالجة موضوع التنمية وأبحاث القضاء على الفقر.

ومن العناصر الرئيسية لنشاط هذا المركز الذي أسسته الحكومة السويسرية في عام 2001: قيام باحثين من بلدان الجنوب ومن سويسرا بإنجاز أبحاث مشتركة.

حصيلة سبع سنوات

وعن تجربة بلغت عقدها السابع، يقول هانس هورني، أستاذ الجغرافيا والتنمية المستدامة بجامعة برن، ومدير المركز الوطني للأبحاث شمال جنوب: “نحن نحاول في الوقت الراهن وضع نتيجة مؤقتة لعملنا”.

وأضاف في تصريحاته لسويس انفو: “إننا نحاول تحديد ما تم تحقيقه في مجالات تحسين قدرات الحكومات، وحل النزاعات، ومحاربة الفقر، وحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة”.

التعاون والتنمية في مرحلة انتقالية

ويقول هانس هورني “تمر عملية التعاون في مجال التنمية في الوقت الحالي بمرحلة انتقالية. ففي سويسرا، هناك تفكير في كيفية تحسين عملية المساعدة على التنمية. وفي هذا المجال، تُظهر المناقشات باستمرار وبقوة أهمية قطاع البحث العلمي كقطاع قائم بحاله”.

أما أغلب النشاطات التقليدية في مجال المساعدة على التنمية مثل حفر الآبار، وغرس الأشجار، وتحسين ظروف الزراعة، فتتولاها في الوقت الحالي وبشكل كبير الوزارات المحلية والمنظمات غير الحكومية المحلية.

الاحتفاظ ببحاثة الجنوب في الجنوب

ومن النقاط التي يشدد عليها هانس هورني “ضرورة تركيز التعاون في مجالات أخرى في الوقت الحالي. فالقطاع الجامعي يعرف فرقا كبيرا بين الشمال والجنوب. كما أن كثافة الباحثين بالنسبة لعدد السكان في إفريقيا تقل بما بين 50 و100 مرة عما هي عليه في سويسرا”.

وإذا ما تم تكوين أبناء الجنوب في النظم التعليمية في بلدان الشمال، فإن هؤلاء الأكاديميين سوف لن يعودوا إلى بلدانهم. وهو ما لا يحدث في نظام التكوين المُتبع من قبل مركز التنمية والبيئة شمال جنوب؛ إذ يقول هانس هورني “من بين 140 طالب دكتوراه الذين زاولوا دراستهم في معهدنا هناك 80 من بلدان الجنوب. وكل هؤلاء عادوا إلى بلدانهم بعد الانتهاء من الدراسة”.

ويعزو البروفيسور هورني نجاح هذا الأسلوب إلى أن “هؤلاء الطلبة يتم استقبالهم لفترة قصيرة في الشمال، أي فقط لفترة إكمال الدراسة. أما التكوين المتمثل في كيفية معالجة مشاكل صغار الفلاحين في بلدان الجنوب، فنقوم بتلقينها لهم في بلدان الجنوب”.

دور الشركات الكبرى في تعزيز السلم والاستقرار

90% من الصراعات الحالية ليست صراعات بين الدول بل صراعات داخلية. كما أن النشاطات الاقتصادية الشرعية منها أو غير الشرعية، تعتبر من العناصر الأساسية المساعدة على استمرار الصراعات وإذكائها.

لذلك يعتبر القطاع الخاص من العناصر الرئيسية التي بإمكانها التأثير في تعزيز السلم المدني، مثلما يقول لوران غوتشل، مدير المعهد السويسري للسلم والأستاذ بالمعهد الأوروبي بجامعة بازل.

وأضاف غوتشل في حديثه لسويس إنفو “إن هدف الأبحاث التي نقوم بها في إطار مركز التنمية والبيئة شمال جنوب، هو تطوير استراتيجيات إستباقية تسمح للقطاع الخاص بالإسهام في عملية إقرار السلم المدني، وتغيير مجرى الصراعات”.

واستطرد قائلا “قد لا تدرك الشركات اليوم بعدُ تأثير تدخلاتها، كما أنها تعتبر من جهة أخرى عاملا اجتماعيا بإمكانه أن يؤثر في قطاعات اجتماعية معينة”.

عدم اشتراك شركات سويسرية لحد الآن

ويوضح لوران غوتشل “إذا ما نظرنا لبعض المشاريع، فإننا لم نتمكن بعد من إشراك شركات سويسرية فيها”. وهذا رغم أن الاتصالات تمت بالفعل مع هذه الشركات. ويقول غوتشل “بإمكاني القول بصراحة: إننا لم نشعر في المرحلة الأولى بأن لهذه الشركات اهتماما بالموضوع”.

وأضاف “إذا ما أردنا القيام بأبحاث تتضمن معالجة ممارسات مختلف الشركاء في سويسرا، فإن على هؤلاء الشركاء مد يد التعاون إلى حد كبير. وإذا لم يقوموا بذلك، فإننا سوف لن نتوصل إلى جمع المعلومات الضرورية التي نحتاجها لأبحاثنا”.

السياحة كفرصة سانحة

ويرى غوتشل أن الفرص الكبرى المتاحة هي في قطاع السياحة، هذا القطاع الذي يحتاج إلى تحديد لمعايير نوعية جديدة. ويقول: “يجب تحديد معايير نوعية يكون لها تأثير على شرائح المواطنين في المنطقة وعلى مختلف الفئات في المجتمع، سواء فيما يتعلق بفض النزاعات أو إقرار السلم أو الحفاظ على البيئة أو احترام حقوق الإنسان”. وهنا يتطلب الأمر تحديد هذه المعايير وإدماجها في العروض السياحية.

ومن المواضيع التي كثيرا ما تثار لدى الحديث عن السياحة مسألة المقاطعة. كالتساؤل على سبيل المثال ما إذا كان من المقبول التوجه الى ميانمار (بورما سابقا) لغرض السياحة؟

فلوران غوتشل لا يجد مانعا في التوجه إلى ميانمار كسائح لأنه “إنسان محب للإطلاع”، ويضيف “لم تتح لي فرصة زيارة البلاد من قبل، ولي أمل في أن أتمكن من زيارتها في المستقبل للاطلاع ولتحديد مشاريع جديدة”. وهو يبرر معارضته للمقاطعة بالقول: “لأن تأثيراتها ليست دوما في الاتجاه الصحيح”.

سويس إنفو – جون-ميشيل بيرتو

(ترجمه من الألمانية وعالجه محمد شريف)

شارك أكثر من 250 باحث وخبير في الندوة العالمية التي انعقدت في جامعة برن بين 2 و4 يوليو تحت عنوان “البحث العلمي من أجل التنمية”.

وقد اهتمت الندزوة بخمسة محاور:

حسن إدارة الدول وكيفية التأثير في الصراعات.

الأوضاع الصحية والنظافة في المحيط السكني.

الفقر والعولمة والتخطيط العمراني للمدن.

الموارد الطبيعية في عملية تنمية مستدامة.

وسائل وطرق البحث العلمي في عملية تنمية مستدامة.

يـُعتبر إحدى الدعائم الأساسية للصندوق الوطني للبحث العلمي في سويسرا.

ويمثل برنامج أبحاث مشترك بين الجامعات السويسرية في مجالات التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة في سويسرا وفي بلدان نامية في كل من افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.

وافق البرلمان السويسري في عام 2001 على إنشاء مركز التنمية والبيئة شمال جنوب NCCR بهدف تعزيز البحث العلمي في مجال التنمية في سويسرا.

ويقوم بتمويل هذا المركز كل من الصندوق الوطني للبحث العلمي، والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون التابعة لوزارة الخارجية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية