مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تغطية سويسرية لأحداث غزة من زوايا مختلفة

جانب من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة يوم 21 يوليو 2014
جانب من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة يوم 21 يوليو 2014 Keystone

تشعبت اهتمامات الصّحف السويسرية الصادرة يوم 22 يوليو 2014 بأحداث غزة، التي تناولتها من زوايا مختلفة: معاناة المدنيين الفلسطينيين وهلع وخوف سكان المستوطنات من خطر الأنفاق، فضلا عن كيفية تعامل الدبلوماسية الدولية والإقليمية أو عدم تعاملها مع الوضع. ولربما أن التذكير بلب الموضوع "الإحتلال"، لم يأت إلا من أحد الناجين من محرقة اليهود وأحد مؤسسي حركة السلام في إسرائيل رويفن موسكوفيتش.

صحيفة بليكرابط خارجي الشعبية الصادرة بالألمانية في زيورخ تطرقت للوضع في غزة مستعرضة “القتلى في الشوارع والعائلات الهاربة من الموت”. وكتب دانيال ريدل: “تعرف غزة منذ أسبوعين حربا بمعنى الكلمة. فهو صراع غير متكافئ بين جيش إسرائيليرابط خارجي مدجج بالسلاح من جهة، وبين حركة حماس الراديكالية الإسلامية التي تقاوم بوسائل بدائية وبكثير من الأصولية في مواجهة هزيمة مؤكدة. أما رهانها الكبير، فيتمثل في تحكُّمها في حوالي 1.8 مليون شخص مكتظين في إحدى أكثر المناطق كثافة سكانية. والنتيجة المرعبة: 500 قتيل فلسطيني، ثلثاهم من المدنيين . و 20 قتيلا إسرائيليا _ أكثر من عدد القتلى في الحربين الأخيرتين”.

نظرة الغزاويين

صحيفة لونوفيليسترابط خارجي التي تصدر بالفرنسية في كانتون فالي عنونت بالحرف الكبير “رغم الثمن الباهض، غزة تُحيي إنجازات حماس”، إذ أوردت بقلم مبعوثتها سيريل لوي، وصفا لكيفية استقبال سكان غزة لإعلان قادة فصائل عز الدين القسام عن إسقاط ضحايا من الجنود الإسرائيليين. واستشهدت بأقوال أحد المواطنين الغزاويين الذي يرى أن “المقاومة هذه المرة أكثر عزما وقوة من المرات السابقة. وهي تفاجئنا كل مرة” على حد قول لاد ظاهر.

وترى الصحيفة أن حركة حماسرابط خارجي استعادت مصداقيتها لدى السكان، مستعينة بشهادة المواطن الغزاوي إبراهيم حلاس، الذي يرى أن حماس والمجموعات المقاتلة الأخرى “هم الوحيدون الذين يحاربون من أجلنا وهم الوحيدون القادرون على إخراجنا من القهر الذي نحن فيه”. ودائما في شهادة الغزاويين، أوردت الصحيفة قول هيثم حداد، الذي قال: “بمضاعفة الإنتصارات المثيرة، إنما سيعمل مقاتلونا على ممارسة ضغط على نتانياهو، وبالتالي إجباره على الإستجابة لمطالبنا”.

نظرة الإسرائيليين

على غرار غالبية الصحف، تطرقت صحيفة لا ليبيرتيرابط خارجي الصادرة في فريبورغ بالفرنسية لنظرة الإسرائيليين لهذه الحرب. وكتب مراسلها ناسيم بيهار من تل أبيب تحت عنوان “أنفاق كل الأخطار”، متسائلا: “لماذا لم يكن جهاز استخبارات الجيش قادرا على اكتشاف وجود أنفاق تم حفرها تحت أقدام الجنود الذين كانوا مكلفين بمراقبة الوضع في بلاد حماس؟”.

وأوردت الصحفية شهادة أحد سكان مستوطنة أور هانر الذي قال: “إننا كنا نسمع منذ سنوات دوي حفر تحت الأرض، وأخبرنا الجيش بذلك، ولكن أحدا لم يرغب في أخذ أقوالنا مأخذ الجد… واليوم أصبحنا خائفين كلما سمعنا دويا غير عادي، بما في ذلك أصوات الصواريخ، لأننا نعتقد أنها عملية تسلل عبر هذه الأنفاق”.

ومن المستوطنة المجاورة عين هاشلوشا، التي تم فيها اكتشاف نفق الأسبوع الماضي يصل إلى قلب أحد المطاعم، أوردت صحيفة لاليبرتي شهادة مواطنة تطرح مشكلة المساءلة قائلة: “رغم دعمنا اللامتناهي للجيش في هذه العملية، علينا بعد انتهائها، الإستماع إلى تعليلات الجيش كيف استطاع أن يتغافل عن هذه الأنفاق الأرضية”.

صحيفة “بازلر تسايتونغ”رابط خارجي ترى على لسان بيار هويمان أن “أحسن شيء بالنسبة لسكان غزة، هو تواجد جيرانهم اليهود بالقرب منهم، لأن ذلك يضمن لهم استمالة أكبر قدر من الرأي العام العالمي إلى جانبهم”. وتضيف الصحيفة التي تصدر بالألمانية في بازل أن “حركة حماس تستفيد من هذه الوضعية، بحيث كلما ابتزت سكان القطاع كلما أدى ذلك إلى تحميل مسؤولية المعاناة لإسرائيل، بدون أن يحاول أحد في الغرب مراجعة المعطيات المغشوشة وأن يتوقف على حقيقة كذب حركة حماس”.

المقال الذي أتى تحت عنوان “أنفاق الإرهاب بدل المدارس”، يتطرق لموضوع الإسمنت إذ يقول كاتبه: “لقد اشتكوا طيلة سنوات لعدم القدرة على استيراد الإسمنت، وبالتالي عدم التمكن من بناء المدراس والمستشفيات… واليوم نكتشف بأن الإسمنت في قطاع غزة، يُسكب في الأرض (حرفيا) من أجل بناء أنفاق الإرهاب ومدينة تحت سطح الأرض”.

تحركات دبلوماسية حسب المصالح

الموضوع المشترك لدى الصحف السويسرية الصادرة اليوم حول أوضاع غزة، هو التطرق للتحركات الدبلوماسية، والتي أتت متأخرة وبعد اشتداد مناظر الرّعب والدمار والقتل، إذ كتبت صحيفة طاغس انتسايغر رابط خارجيونيوز نيت مقالا تحت عنوان “عودة أحد غير المحظوظين” – في إشارة إلى عودة وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة.

وتطرق مقال آخر في نفس الصحيفة التي تصدر بالألمانية في زيورخ للدور المصري تحت عنوان “السيسي يبرز كوسيط شريف”، وكذلك للمنافسة الدبلوماسية بخصوص مبادرات وقف إطلاق النار في غزة الواقعة بين “مناصري تيار الإخوان المسلمين الذين تعد حماس من ضمنهم، أي تركيا وقطر”، و”مناصري الثورة المضادة، أي السيسي والسعودية والإمارات وباقي دول الخليج، باستثناء قطر”، وهذا ما كتبت بشأنه صحيفة ليشتنشتاينر فاترلاند رابط خارجي الصادرة بالألمانية في إمارة ليختشتاين المجاورة، مقالا يلخصه العنوان الصريح “الكل يريد ضمان مصالحه”.

أما صحيفة “زيد اوست شفايتسرابط خارجي” التي تصدر بالألمانية في خور بكانتون غراوبوندن، فأشارت إلى “اكتفاء الأمم المتحدة بدور ثانوي” في هذه الأزمة.

تصدير في كل الاتجاهات

وقد تطرقت العديد من الصحف للنقاش الدائر في فرنسا حول “خطر تصدير صراع الشرق الأوسط” بسبب الجدل الدائر حول الترخيص أو عدم الترخيص للمظاهرات الشعبية المناصرة للشعب الفلسطيني، وهذا ما تناولته صحيفة طاغس انتسايغر تحت عنوان “أصداء الصحراء في فرنسا”، إذ كتب أوليفيي موللر، بعد التذكير بمختلف المظاهرات التي تم تنظيمها والتي مرت بدون شغب، والأخرى التي تحولت إلى معارك شوارع مع الشرطة”: “إن الشرطة الفرنسية تعتقد بأن هناك أقلية راديكالية من الطرفين، مقتنعة بأفكار أيديولوجية ترغب في إشعال نار الفتنة بين الطائفتين”.

وتحت عنوان “فرنسا ليست قادرة على التحكم في توتراتها الدينية”، كتبت صحيفة لاتريبون دي جنيفرابط خارجي الصادرة بالفرنسية بقلم غزافيي اولنزو، مستعينا بتحليل عالم الإجتماع ميشال فيو فيوركا بأن “مشاعر الكره لليهود هي في توسع”، مضيفا “أن الأحداث التي شهدتها فرنسا في عطلة نهاية الأسبوع (…) تدفع للقلق، لأنها تترك انطباعا عن فرنسا منقسمة وتميل أكثر فأكثر إلى التقوقع الطائفي، وفرنسا غير قادرة على التحكم في توتراتها ذات الطابع الديني”.

هذا “التصدير”، تشعر به أيضا الجالية اليهودية في سويسرا، وهذا ما تطرقت له صحيفة طاغس انتسايغر في مقال بقلم رئيس جمعية المنظمات اليهودية في سويسرا هيربيرت فينتر تحت عنوان “كراهية مجانية” تحدث فيه عن الهجمات التي تتعرض لها الجالية اليهودية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد اتخاذها موقفا من الشعارات المعادية لليهود التي ترددت في مظاهرات مناصرة للفلسطينيين.

ومن تأثيرات أحداث غزة على الدبلوماسية السويسرية، تطرقت صحيفة لوتونرابط خارجي التي تصدر أيضا بالفرنسية في جنيف، إلى إمكانية تأجيل زيارة لجنة السياسة الأمنية بالمجلس الوطني السويسري إلى إسرائيل في فصل الخريف القادم بسبب الأحداث، إذ كتب إيف بيتينيا قائلا: “إن زيارة وفد سويسري للجيش الإسرائيلي بعد المواجهات والقصف الذي أدى بالفعل إلى مقتل 570 فلسطينيا و25 جنديا اسرائيليا، ليست لتمر بدون إثارة جدل في سويسرا”، ولئن تم اتخاذ قرار إلغاء الزيارة بعد، إلا أن أحد أعضاء الوفد أكد أن النقاش دائر بهذا الخصوص. وتهدف الزيارة في الأصل إلى الإستعلام حول مشروع شراء طائرات بدون طيار من طراز هيرمس 900 بمبلغ 250 مليون فرنك في إطار برنامج التسلح لعام 2015.

“لسنا نحن اليهود من يعيش تحت الإحتلال”

وبعد أن تشعبت اهتمامات الصحف بتحليل تداعيات أحداث غزة من منظور ميداني ودبلوماسي وطائفي ونفسي، لعل مقال صحيفة آرغاور تسايتونغرابط خارجي (الصادرة بالألمانية في مدينة آراو) وهو عبارة عن حوار أجراه ميخائيل فاريزي مع الناشط السلمي الإسرائيلي، وأحد مؤسسي حركة السلام الإسرائيلية وهو من الناجين من محرقة اليهود في بولندا، الأستاذ رويفن موسكوفيتش، يُعتبر المقال الوحيد الذي ذكّر بواقع أزمة غزة وفلسطين عموما. عن سؤال الصحفي إن كانت إسرائيل تدافع عن نفسها، رد رويفن موسكوفيتش قائلا: “كل تاريخ إسرائيل مليء من جهة، بالإنجازات الكبرى في الإقتصاد والعلم والطب والتعليم والقدرة على استقبال اللاجئين، ولكن يجب أن لا ننسى بأن إسرائيل تعتمد من جهة أخرى على الكذب والسرقة وعلى مطاردة شعب آخر، وهذا ما لا يجب أن يحدث. لذلك، يجب أن لا نتساءل لماذا تقصف حماس؟ بل علينا أن نسأل لماذا لم تجد إسرائيل بعد أي مخرج لتطبيق قرارات الأمم المتحدة لعام 1948 التي نصت على تقسيم الأرض المقدسة إلى دولتين. فلسنا نحن اليهود الذين يعيشون اليوم تحت الاحتلال، بل إنهم الفلسطينيون”.

وعن سؤال الصحفي حول ما يجب القيام به، قال رويفن موسكوفيتش “إننا نسير اليوم في الاتجاه الخاطئ… وإن الغرب بموقفه السلبي وجموده، إنما يصوب البندقية لنفسه، إذ بعد أن استطاع إقامة نظام ديمقراطي قائم على أساس القانون الدولي، لا يمكن أن يقبل استمرار الظلم في الشرق الأوسط”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية