مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اللاجئون السوريون في لبنان.. تحذيرات أممية من مخاطر متفاقمة

لاجئون من منطقة يبرود السورية بعد وصولهم في 18 فبراير 2014 إلى ضواحي مدينة عرسال الحدودية اللبنانية. Keystone

بعد أن تجاوز عدد اللاجئين السوريين في لبنان المليون نسمة، ارتفعت أصوات أممية للتحذير من مخاطر التأثيرات السلبية على البنية التحتية وعلى التركيبة الإجتماعية والتوازنات السياسية في بلد الأرز. كما حذرت من ارتفاع حدة التوتر بين اللبنانيين واللاجئين السوريين الذين قد يصل تعدادهم إلى حوالي 1.5 مليون شخص بحلول نهاية العام.

في العادة، تحرص المنظمات الإنسانية الأممية على ممارسة أكبر قدر من التحفظ في تصريحاتها عندما يتعلق الأمر بالحديث عن الأوضاع الإنسانية المتردية الناجمة عن الأزمة السورية، إلا أنها بدأت أخيرا – وأمام وطأة الأرقام والمعطيات المتوفرة لديها – في الخروج عن تحفظها والحديث عن تفاقم الأوضاع في لبنان من جراء وصول أكثر من مليون لاجئ سوري إلى هذا البلد المجاور لسوريا في ظرف زمني وجيز.

وقبل أيام، صرح روس مونتاين، منسق المساعدة الإنسانية الأممية في لبنان أمام الصحافة الدولية في جنيف قائلا: “عندما نلاحظ بأننا انتقلنا من بضعة آلاف من اللاجئين إلى حوالي مليون لاجئ في ظرف ثلاث سنوات فقط، فإن ذلك يعني تجاوز طاقات الإستيعاب في لبنان”.

المزيد

المزيد

يوميات مواطن سويسري يُعايش مآسي المخيمات

تم نشر هذا المحتوى على منذ بضعة أشهر، بات أبناء سوريا يموتون من الجوع، والعطش، والمرض، ومؤخرا من البرد، وليس فقط جراء المعارك اليومية. وفي المناطق المحاصرة، أكل السوريون لحم القطط والكلاب والحمير. ولملء بطونهم الصغيرة، ابتلع الأطفال أوراق الشجر، وحتى الورق المقوى (الكرتون). ورغم مخاطر المعارك الدائرة، لازال بيرغامين المعتنق للإسلام منذ 2005، يقوم بزيارات مكوكية بين زيورخ ومدينة…

طالع المزيديوميات مواطن سويسري يُعايش مآسي المخيمات

تحذير من تفاقم الوضع

حتى الآن، بلغ عدد اللاجئين السوريين الوافدين على لبنان حوالي مليون شخص يتوزّعون على مناطق البلاد ويُقيمون وسط الأهالي نظرا لرفض السلطات اللبنانية إقامة مخيمات للاجئين، ما يعني بلغة الأرقام أن العدد الإجمالي لسكان بلد الأرز قد ارتفع بحوالي 25% خلال السنوات الثلاث الماضية.

وفي مقارنة ترمي لتوضيح وطأة هذه الوضعية على لبنان (لمن ليست له معرفة مُسبقة بالوضع القائم فيه)، شبّه السيد روس مونتاين، منسّق المساعدة الإنسانية لمنظمة الأمم المتحدة في لبنان، ما حدث بـ “توافد حوالي 80 مليون مكسيكي على الولايات المتحدة في غضون ثلاث سنوات”.

في المقابل، لا تكمُن المشكلة في لبنان في استقبال هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين مرة واحدة فحسب، بل في توزّع اللاجئين على عدة مناطق وإقامتهم وسط السكان، ما يُعقّد عملية تقديم المساعدات لهم. وفي ظل استمرار الأزمة في سوريا، تتوقع الأمم المتحدة أن يرتفع العدد مع نهاية العام الجاري إلى حوالي 1،5 مليون شخص.

وبالإضافة إلى ما سبق، تُعاني النداءات التي وجهتها الأمم المتحدة لتأمين المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين عموما، وللمتواجدين منهم في لبنان بالخصوص، من عجز في التمويل رغم المؤتمرات والندوات المتكررة لحث البلدان الممولة على تنفيذ الوعود التي قطعتها على نفسها. وفي هذا الصدد، أفاد السيد روس مونتاين أن “النداء الخاص بتأمين حاجيات اللاجئين والنازحين السوريين خلال عام 2014 والمقدر بحوالي 1،9 مليار دولار، لم يُحقق لحد اليوم تمويلا إلا في حدود 14%”.

تحذير من “كارثة كبرى”

في سياق متصل، أدى هذا التوافد الكبير والمستمر للاجئين السوريين على لبنان إلى مُمارسة ضغط كبير على البنية التحتية في البلد الصغير، وخاصة في المناطق الفقيرة والمُهمّشة منه.

وفي دراسة أصدرها البنك الدولي مؤخرا حول وضع الإقتصاد في لبنان، توصل الخبراء إلى أن “الإقتصاد اللبناني فقد حوالي 7،5 مليار دولار بسبب تراجع السياحة، وتراجع النشاطات الإقتصادية وصرف أموال في قطاع المساعدات الإنسانية”، وهو ما أدى في الفترة الأخيرة إلى “ظهور بوادر توتر بين اللاجئين والسكان اللبنانيين الذين استقبلوهم فوق  أراضيهم”، بحسب المنسّق الأممي للشؤون الانسانية في لبنان.

وبالإضافة الى معضلة نقص التمويل، والإرتفاع المستمر في أعداد اللاجئين السوريين الهاربين إلى لبنان والبلدان المجاورة، حذرت أصوات أممية أخرى على غرار أنطونيو غوتيريش، المفوض السامي لشؤون اللاجئين من أن “أزمة أوكرانيا قد تثني القوتين العظميين (أي الولايات المتحدة وروسيا) عن ممارسة أية ضغوط على الأطراف السورية لدفعها نحو التسوية بعد انهيار مفاوضات جنيف”، مثلما ورد في حديث أجرته معه إحدى الصحف السويسرية.

وفي ختام الحوار، قال المفوض السامي لشؤون اللاجئين: “أتمنى من هؤلاء الذين يتحمّلون أهم مسؤولية في قضايا العالم أن يفهموا جيدا بأن تناسي سوريا سيكون بمثابة كارثة كبرى”.   

ازداد عدد طالبي اللجوء في الدول الصناعية بمعدل 28% في عام 2013 وبشكل أساسي بسبب الأزمة السورية، حسبما جاء في أحدث تقرير صادر عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في جنيف.

طبقا لهذا التقرير المخصّص للجوء في الدول الصناعية في عام 2013، تقدم حوالى 612700 شخص بطلبات لجوء في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا وفي منطقة المحيط الهادي. وهو أعلى رقم يُسجّل منذ عام 2011.

في الترتيب الجديد، جاءت أفغانستان – التي كانت خلال العامين الماضيين أبرز بلد لناحية تقديم طلبات اللجوء في العالم – في المرتبة الثالثة وراء كل من سوريا والإتحاد الروسي.

من بين الدول العشر الرئيسية التي يتقدم رعاياها بطلبات لجوء في البلدان الغربية، هناك ست دول تشهد أعمال عنف أو نزاعات مسلحة وهي: سوريا وأفغانستان وأريتريا والصومال والعراق وباكستان.

وفي عام 2013، سجلت أعلى نسبة طلبات لجوء في 38 بلدا أوروبيا، وبلغ مجموع الطلبات 484600 طلب أي بزيادة الثلث عما كان عليه الوضع في عام 2012.

(المصدر: وكالات)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية