مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الشورى” يتحفَّـظ على بُـنود باتفاقية التعاون مع سويسرا

إحدى جلسات مجلس الشورى المصري swissinfo.ch

وافق مجلس الشورى المصري، بأغلبية الأعضاء، على إعادة الإتفاقية الموقَّـعة بين مصر وسويسرا؛ بشأن التعاون الفنّي والمالي والمساعدات الإنسانية، إلى الحكومة لدراسة ملاحظات أعضاء المجلس عليها وعمل التعديلات اللازمة، ثم إعادتها للمجلس مرّة أخرى لمناقشتها من جديد.

ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻠﻲ ﺒﺸﺭ، ﻭﺯﻴﺭ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ المحلية قال: “ﺴﻨُﻌﻴﺩ دراسة ﺍﻟﺘﺤﻔّﻅﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺒﺩﺍﻫﺎ ﺍﻟﻨﻭﺍﺏ ﻋلى ﺍلإتفاقية، وﺴﻴﺘﻡ ﻤُﺨﺎﻁﺒﺔ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻟﺴﻭﻴﺴﺭﻴﺔ ﺒﺸﺄﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﻋﻠى ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﺘﺨﺩِﻡ ﺍﻻﺘﻔﺎﻗﻴﺔ ﺨﻁّﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻓِﻌﻼً”، مؤكِّـدا على ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻤﺘﻤﻴِّـﺯﺓ ﺒﻴﻥ ﻤﺼﺭ ﻭﺴﻭﻴﺴﺭﺍ، ﻭ”أننا ﻨﺤﺭِﺹ ﻋﻠى ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ معها”.

وأضاف بشر، أنه التقى مع دومينيك فورغلر، السفير السويسري بالقاهرة، الذي أكَّـد له أنه تم تجميد الأرصِدة، ولكن على الحكومة المصرية إثبات مِلكية الأموال، وعلينا أن نساعدهم في ذلك. والأصل، أن الأموال التي لم يُثبِـت صاحبها أنه يملكها، فتعود لمصر بالتبَعية، موضِّحا أن تحفظات النواب على الإتفاقية في محلها ومن الممكن أن تُعالَج من خلال إضافتها بعد الرّجوع إلى الحكومة السويسرية.

وحول ما أثاره النواب بشأن أن يكون للحكومة خطّة حول ما تريده، قال بشر “إن الحكومة لديها خطّة طويلة وقصيرة المدى”، موضحا أن “الاتفاقية المعروضة تمّت في إطار خطّة الحكومة وأنها لا تتعارض مع الدستور”.

وكان مجلس الشورى، برئاسة الدكتور أحمد فهمي، قد ناقش في جلسة 1 مايو 2013، التقرير المقدّم من اللجنة المُشتركة (تشمل لجنة تنمية القوى البشرية والإدارة المحلية ومكتب لجنة الشؤون المالية والاقتصادية)، عن قرار رئيس الجمهورية بالمُوافقة على الاتفاق الإطاري، المُوقّع في القاهرة بتاريخ 2 يناير 2013  بين مصر والكنفدرالية السويسرية بشأن التعاون الفني والمالي والمساعدات الإنسانية.

ما هي أهداف الاتفاقية؟

يهدِف الإتفاق الإطاري بين مصر وسويسرا إلى تحديد الشروط والأحكام العامة لكافة أشكال التعاون، من أجل التنمية بين الجانبيْن، وتُـطبَّق هذه الشروط والأحكام على المشروعات والبرامج في مجال التعاون من أجل التنمية المُتّفق عليها بين الطرفين، وأن يعزّز الطرفان في إطار التشريعات الوطنية في بلديهما، تحقيق مشروعات التعاون الفني والمالي في مصر، والتي تكون مُكمِّلة لجهود مصر الذاتية في التنمية.

الإتفاقية أشارت أيضا إلى مجالات وأشكال التعاون؛ منها التعاون المالي، والذي يقدم التعاون المالي لمصر من أجل تمويل السِّلع والمُعدّات والمواد، بالإضافة إلى الخدمات ذات الصِّلة ونقْـل المعرفة اللاّزمة للتنفيذ الناجح للمشروعات، خاصة مشروعات البِنية الأساسية ذات الأولوية ومشروعات إعادة التأهيل، وسيتم التركيز على مشروعات قِطاعات المِياه والطاقة والمخلّفات. وهناك أيضا مساعدات إنسانية ستُقدّمها الحكومة السويسرية لمصر، بما في ذلك المَعُونة الطارئة في شكل سِلع.

swissinfo.ch

أبرز تحفّظات “الإخوان”

حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، رفض الإتفاقية، وقال الدكتور عصام العريان – رئيس الكُتلة البرلمانية لنواب الحزب بالمجلس: “إن اللجنة (الثلاثية المُشكّلة) لم تدقِّق في بنود الإتفاقية، كما أن الإتفاقية بها العديد من الثّغرات القانونية والدستورية. وضرب مثالا بما ورد في المادة الأولى، التي تتعلق بأسُس التعاون، وتتضمّن احترام مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وفي معرض التعليق على تلك المادة، قال العريان: “إن مبادئ الديمقراطية تختلِف من بلد إلى آخر”، مُدلِّـلا بأن “عددا من الدول أباحت زواج المِثليين تحت شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو ما نرفضه ببلدنا”، مشيرا إلى أن أيّ “اتفاقيات يجب أن تكون في إطار الدستور المصري”، لافتًا إلى أن مصر “لديها تحفّظات على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”. كما أوضح، أن المادة الرابعة من الإتفاقية، تتيح النّفاذ التام للطرف السويسري في كلّ هيئة في مصر، حكومية وغير حكومية، أمر “غير مقبول ويجب أن يوضح أنه – وِفقا لقانون العمل الأهلي الذي يُناقَـش الآن – لا يسمح بذلك”.

في السياق نفسه، أكد العريان، أن المشرِّعين المصريين لن يسمَحوا لأي جهة أجنبية أن تخترِق المُجتمع المصري، محذّرا الحكومة من “أنها إذا لم تبادِر في تقديم قانونها، سنمرر القانون الذي نُناقشه الآن”، مُبديا تعجُّبه من المادة السابعة من الإتفاقية، والخاصة بمكافحة الفساد، متسائلا: “كيف يُكافح الطرف السويسري الفساد، وهو لديه كل أموال طُغاة العالم؟”.

رئيس الكُتلة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة قال أيضا: “يتعيّن على الكنفدرالية السويسرية أن تُـظهر حُسن النِّية، وتُعيد إلينا أموال النظام السابق ورجال أعماله”، وطالبها بعدم التحجّج بالأحكام القضائية، مختتما بالقول: “إننا نرفُض الإتفاقية ونُطالب بالإتفاق على بنودٍ أفضل”.

باقي الأحزاب: بين الرّفض والتحفّظ!

ﺼﻼﺡ ﺍﻟﺼﺎﻴﻎ، ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ عن ﺤﺯﺏ “ﺍﻟﻭﻓﺩ”، دعا إلى ﻁﺭﺡ ﺍﻻﺘﻔﺎﻗﻴﺔ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﻤُﺠﺘﻤﻌﻲ ﻗﺒل إﻗﺭﺍﺭﻫﺎ، ﻟِﻤﺎ ﺘﻀﻤّﻨته ﻤﻥ ﻤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ، ﺤﺘى ﻻ ﻴُﻔﺎﺠَـﺄ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺒإبرام اﺘﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺭﺠﻭﻉ إﻟﻴﻪ، مُعلنا ﺭﻓضه للاتفاقية ﻟِﻤﺎ ﺒﻬﺎ ﻤﻥ خلل.

في الأثناء، ﻁﺎﻟﺏ ﻤُﻤﺜِّـﻠو ﺤﺯﺏ “ﺍﻟﻭﺴﻁ” في مجلس الشورى، ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺒﻭﻀﻊ ﺨﻁّﺔ ﺘﻌﺭﻀﻬﺎ ﻋلى ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ، ﺘُﺤﺩِّﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺒﺭﻨﺎﻤﺠﻬﺎ وسياستها في ﺍﻟﺘﻌﺎﻤُل ﻤﻊ ﺍﻟﻤِﻨَـﺢ ﻭﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺭُﻤﻬﺎ مع الدول، ﺘﻭﻀِّﺢ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩ ﻤﻥ ﺘﻭﻗﻴﻊ ﻫﺫﻩ ﺍلإﺘﻔﺎﻗﻴﺎﺕ. فيما ﺘﺤﻔَّﻅ ﻋﺒﺩﺍﻟﻤﻨﻌﻡ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ، ممثل حزب “ﻏﺩ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ”، على ﺒﻌﺽ ﻨﺼﻭﺹ الإتفاقية، ﻭإن ﻭﺍﻓﻕ عليها ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﺒﺩﺃ، مشيرا إلى أن ﻫﻨﺎﻙ ﻨﺼﻭصا “ﺠﺎﻨﺒﻬﺎ ﺍﻟﺼﻭﺍﺏ”.

ﺃﻤﺎ ﻋﺒﺩﺍﷲ ﺒﺩﺭﺍﻥ – ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ﻟﺤﺯﺏ “ﺍﻟﻨﻭﺭ” (السلفي)، ﻓﻘﺩ ﺃﻋﻠﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻓﻘﺔ على الإتفاقية من ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﺒﺩﺃ، ﻤﻊ ﺇﺒﺩﺍﺀ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺘﺤﻔّﻅﺎﺕ، ﻭمنها ﺃﻥ ﺍلإﻔﺎﻗﻴﺔ ﻟﻡ تـﺘﻡ ﺩﺭﺍﺴﺘﻬﺎ ﺒﺸﻜل ﻜﺎفٍ ﻹﺒﺩﺍﺀ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻓﻴﻬﺎ، مؤيدا ﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﻌﺭﻴﺎﻥ ﺤﻭل ﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ، ﻭﺇﺒﻼﻍ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻲ، ﺍﻟذﻲ يـﺴﻌﻲ ﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋلى ﺃﻤﻭﺍﻟﻪ ﺍﻟﻤﻨﻬﻭﺒﺔ.

من جانبه، طالب النائب صلاح الطبراني بضرورة أن تستغني مصر عن المِنح، حتى لا يتدخّل أحد في الشؤون الداخلية لمصر. بينما انتقد النائب السيد المتبولي اشتراط احترام حقوق الإنسان الوارد في الإتفاقية، وقال: “هل المنصوص عليه في الدول الغربية من احترام لحقوق الإنسان، هو نفس المطبّق في الدول العربية، ومنها مصر”، مُطالبا باحترام اختلاف الخصوصية الثقافية.

“أين أنفِقت الأموال؟”.. سؤال طبيعي!

من ناحيته، اعتبر الدكتور عبدالعظيم محمود – رئيس لجنة تنمية القوى البشرية بمجلس الشورى، أنه “من الطبيعي أن تحدّد الجِهة المانِحة أيْن أنفِقَت الأموال التي وجّهتها لدول أخرى. وفي حالة سويسرا، تحرص الجهات المعنِية بها على توضيح أن الأموال التي قُـدِّمت لمصر، كانت من أجل التقارب، وأنها أنْـفِقَت لتطوير البِنية التحتية أو الطُّرق أو التعليم وغيرها من المجالات التنموية”.

وأضاف محمود أن الإتفاقية “تمّت الموافقة عليها من قبل رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء، ثم أحِيلت إلى لجنة مُشتركة من تنمية القوى البشرية والشؤون المالية والإقتصادية بالمجلس، لكتابة تقرير عنها وتقديمه إلى النواب في مجلس الشورى”.

وزارة الخارجية: الإتفاق “نموذجي”

على مستوى وزارة الخارجية، وصَف السفير بدر عبد العاطي – ممثل الوزارة في جلسة البرلمان، الإتفاق الإطاري الموقّع بين الحكومتين المصرية والسويسرية بشأن التعاون الفني والمالي والمساعدات الإنسانية بـ “النموذجي”، مشيرا إلى أنه “لا يتضمّن أيّ شروط من الجانب المانح (سويسرا)”.

وفي كلمته أمام لجنة تنمية القوى البشرية بمجلس الشورى، أشار عبد العاطي إلى أنه “لم تتِم الإشارة إلى أي اشتراطات سياسية”، موضحا أنه “ليس عيبا أن تتلقّى البلاد مِنحا خارجية”. وأضاف أنه “لا يمكن لأية دولة أن تفرِض على مصر أيّ شيء”، وقد “تم رفْض مِنح كثيرة تُركِّز على أولويات لا تتفق معنا”. وأوضح أيضا أنه “هناك قطاع للتعاون المالي وآخر للتدريب وثالث للسلع والموارد، وطبيعة الإتفاق الإطاري لتغطية المدى القصير والمتوسط والبعيد، وعند وضعه في حيز النفاذ الخاص بالإتفاقية مع سويسرا، سيتم رهنه بالأولويات المصرية”.

وردّا على تساؤل لأحد النواب بمجلس الشورى بشأن تنفيذ المشروعات، كشف عبد العاطي أن “كل جهة معنِية تقدِّم قائمة الأولويات وترسلها إلى وزارة التعاون الدولي، وتُوضع في ميزانية الدولة، وهناك قطاع خاص بالبيئة وآخر للنقل، ونأخذ من الوزارات المعنِية، ويتم طرحها على الجهة المانحة لكي يتم التنفيذ”.

“الكرة في ملعب البرلمان المصري”

من ناحيته، قال السفير مروان بدر – ممثل وزارة التعاون الدولي: “إن الأولويات في الإتفاقيات، ليست حول مجالات التعاون فقط، ولكن في كيفية استخدام التمويل المُتاح”، مشيرا إلى أن “التمويل يُعرَض علينا من الدولة المانحة، وإذا كانت شروطه ليست مناسبة، فمن حقِّنا أن نرفضها ونطلب وضع شروط أخرى”.

وأضاف بدر أن هناك دولاً تطلب تركيز المساعدات على محافظة واحدة، حتى يظهر التأثير، خاصة إذا كانت المِنحة مَثلاً في حدود 10 مليون دولار، ومن هنا، فإنهم يطالبوا بتحديد المحافظة الأكثر احتياجا، مع مراعاة التوجّه العام بالتنسيق مع وزارة التنمية المحلية، لكي نخدم جهات متفرِّقة، وِفقا لعدّة اعتبارات في تحديد الأولويات.

السفير بدر أكد أن مشروع الإتفاق تمّ التصديق عليه من طرف البرلمان السويسري، والكرة في ملعب البرلمان المصري، ونوّه إلى أن الإتفاق لا يمَس المسألة التنفيذية ولا السيادة المصرية، موضحا أن سويسرا هي أول دولة جمّدت أموال رموز النظام السابق، وأنها تعد الآن قانونا لإعادة الأموال إلى مصر، طبقًا للتشريع السويسري.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية