مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خبراء سويسريون: “رفع الحظر عن استهلاك المخدرات لمحاربة الإدمـان”

إحدى فعاليات الحملة "دعنا نتكلّـم عن المخدرات" من أجل إلغاء الحظر على القنّـب (الحشيش) في عام 2004 أمام مبنى الحكومة الفدرالية Keystone

طالبت ثلاث لِـجان وطنية سويسرية بالتخلّـي عن مبدإ تجريم تعاطي المخدّرات واعتبرت أن الحظر ليس إجراء فعّـالا لمحاربة الإدمان، الأمر الذي أثار ردود فعل ساخنة من عدة أطراف.

ومن ناحيته، صرّح فرانسوا فان دير ليندي، رئيس اللجنة الفدرالية لشؤون المخدّرات قائلا: “إن الحظر، بمعنى المؤاخذة القانونية، أمر عديم الجدوى”، وهو ما اعتبرته بعض الأوساط بمثابة تقليعة الموسم أو كما يقول المَـثل “زوْبعة في سماء صافية”.

وجدير بالذكر، أن موقف اللجنة الفدرالية لشؤون المخدرات ليس جديدا، وهي تتبنّـى فكرة التخلي عن تجريم تعاطي المخدرات منذ عام 1989، ولما حصل التصويت في نوفمبر 2008، تبيّـن من نتائجه التأييد الشعبي الواضح لسياسة الدولة المستندة إلى أربعة دعائم، هي: الوقاية والرّدع والحدّ من الأضرار والعلاج، مما آذن بحلّ مشكلة المخدرات لبضع سنوات على أقل تقدير.

غير أن التقرير الذي أعدّته ثلاث لجان وطنية، كل واحدة منها مهتمّـة بشأن من الشؤون الثلاثة المؤدية للإدمان (أي المخدرات والكحول والتّـبغ)، والذي تمّ نشره في شهر مايو الماضي، غيّر التوقّـعات وأجّـج النقاش.

فقد أجمع خبراء اللِّـجان الثلاثة، من خلال الوثيقة التي تحمل عنوان “تحدّي الإدمان”، على ضرورة رسم إستراتيجية وِقائية جديدة.

“كلما هو قانوني يضر أكثر”

وتقول البيانات المتوفرة بشأن تعاطي المخدرات، وخاصة الكوكايين، إن هذه الظاهرة آخذة في التزايد، خاصة بين الشباب. ووِفقا للتقديرات الأخيرة، فإن ما بين 25 ألفا و60 ألف شخص في سويسرا يتعاطون الكوكايين يوميا.

والحقيقة، حسبما ذكر الخبراء الذين أعدّوا التقرير، أن الإضرار بالصحة لا يأتي فقط من المخدّرات أو من بقية المحظورات، ولكن و”بشكل عام، يتسبّـب تعاطي المواد غير المحظورة بأضرار صحية أخطر من تلك التي يسببها تعاطي المواد المحظورة”.

وبدوره، قال فان دير ليندي: “حان الوقت للكفّ عن الإعتقاد بأن هنالك أبرار وآخرون أشرار مدمِـنون”، مذكّرا في نفس الوقت بالآثار السلبية المحتملة للمسكّـرات والنيكوتين والكافيين والمنوّمات والمهدّئات والمسكّـنات.

وبالنسبة لرئيس اللجنة الفدرالية لشؤون المخدرات، فإن الأجدَر أن يُلغى التمييز القائم بين الممنوعات وغير الممنوعات، وبالتالي، “لا يُجرّم أحد”، مشدّدا على أن الوقاية السليمة تكمُـن في عدم تجريم تعاطي المخدّرات.

ومن وجهة نظر الطبيب في خدمة الاسعاف والنقل الطارئ (ATS- Ambulances TransfertsSecours )، فإن السماح بتعاطي الهيرويين تحت الرقابة، وفّر فرصة الإتصال بالأشخاص الغارقين في الإدمان، ومن ثَـم مساعدتهم.

وإلى حدٍّ ما، وافق ديك مارتي، عضو مجلس الشيوخ من الحزب الليبرالي الراديكالي على الفكرة واعتبر أنه من المفروض أن يتم إضفاء الشرعية على جميع أنواع المخدّرات وأن تُخرَج من دائرة الحظر، وحسب رأيه، فإن هذا سيجعل مكافحة الإتِّـجار الدولي بالمخدرات ومحاربة الجريمة المنظمة أكثر فاعلية، فضلا عن أن سيطرة الدولة على سوق المخدرات ومراقبتها له، من شأنه أن يحقق منفعة اقتصادية يمكِـن أن تُستثمر عوائدها في دعم سياسة الوقاية.

“محض هراء”

وفي المقابل، لم تسلم الاستنتاجات التي توصلت إليها اللجان الوطنية الثلاثة من الإنتقاد الشديد. فأندريا مارتينا غايسبوهلر، الشرطية والنائبة في البرلمان (الغرفة السفلى) عن حزب الشعب السويسري (يمين متشدد)، على يقين من أن رفع الحظر القانوني على المخدرات “هو بمثابة توجّـه خاطئ وأن الحظر يبقى خيْـر وسيلة للرّدع، إذا ما أردنا مكافحة المخدرات”.

أما رد فعل الرابطة السويسرية لموظفي الشرطة، فقد جاء أكثر حِـدّة، حيث وصفت إلغاء الحظر بأنه “محض هراء”، لأن من شأنه أن يقوّض جهود الوقاية ولن يكون بوسع الشرطة التدخّـل من أجل حماية الشباب.

وفي بيان صادر عنه، أوعَـز هاينز بوتاور، رئيس رابطة الشرطة إلى أن “إلغاء الحظر يشكِّـل خطرا على السلامة المُـرورية وعلى نظام الرّعاية الصحية”.

ومن جانب آخر، ذكّر كلود روي، عضو مجلس النواب الفدرالي في مقالة في صحيفة “لاتريبون دي جنيف”، بأن الشعب السويسري سبق له في عام 1998 أن رفض المبادرة بشأن رفع الحظر على المخدّرات، كما رفض في عام 2008 إلغاء العقوبة على القنّـب (الحشيش)، ودعا النائب الحكومة إلى عدم التساهل و”للضغط من أجل منع قيام سوق” للمخدرات في سويسرا.

دعوة إلى إعادة التفكير

ولم يصدُر حتى الساعة عن المكتب الفدرالي للصحة العمومية، الذي قام باستلام التقرير، أي تعليق حول العمل الذي قامت به اللِّـجان واكتفى بالتأكيد على لسان المتحدث باسمه على أن التقرير “لا يعكس بالضرورة وِجهة نظر المكتب”.

كما أن فرانسوا فان دير ليندي أوضح – من جانبه – لصحيفة “لوتون” (تصدر بالفرنسية في جنيف) بأن “الأساس في الموضوع كان استلهام مفهوم متكامِـل من منظور الصحة العامة، يُقَدَّم كاقتراح لمكافحة الإدمان”.

أما من المنظور السياسي، يُـقـرّ رئيس اللجنة الفدرالية لشؤون المخدرات بأن إلغاء الحظر المفروض على المخدّرات، ليس هذا أوانه، ويقول: “أردنا – بطريقة أو بأخرى – أن نثير نِـقاشا معمَّـقا حول سلوك الإدمان في واقع مجتمعنا، وقد يجد الإنسان نفسه مضطَـرا أحيانا إلى كسْـر حاجز الصّـمت”.

swissinfo.ch

تعكف مدينة زيورخ – بناء على طلب من برلمانها – على دراسة الاقتراح بشأن السماح تحت الرقابة ببيع القنب (الحشيش).

ينص المشروع، الذي يعتبر سابقة في سويسرا والمدعوم من الاشتراكيين والخُـضر والخُـضر الليبراليين، على إنشاء مراكز عمومية تخضع للرقابة، يمكن قصدها بهدف شراء الحشيش والماريجوانا، وهذا، بحسب مؤيِّـدي المشروع، من شأنه أن يتيح الفرصة لتأسيس ما يمكن اعتباره مرصدا، يضطلع بمهمة الرقابة على استهلاك القنّـب (الحشيش)، كما يهيِّـئ للمدمنين وأشباههم المتابعة من قبل الخبراء المختصين.

وبالموازاة، تقوم المدينة بالتركيز على برامج الوقاية وتطويرها مع تفعيل حملات توعِـية لطلاّب المدارس.

تملك الحكومة مدّة عاميْـن لدراسة وتقييم المشروع، وسيتعيَّـن عليها أخْـذ القضايا القانونية في الحسبان.

تشدد المؤسسة السويسرية لمكافحة المسكّـرات والمخدّرات على أن القانون السويسري لا يسمح ببيع واستهلاك الحشيش.

ويجرّم القانون الفدرالي بشأن المخدّرات، زراعة القنّـب (الحشيش) لأجل استخلاص المخدّرات أو تجارتها أو استهلاكها أو حِـيازتها، ويعاقب على ذلك بأحكام تتراوح ما بين الغرامة والسّـجن لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات.

ويبيح القانون وصف القنّـب (الحشيش) لأغراض عِـلاجية، شريطة الحصول على ترخيص بذلك.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية