مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الصين تُغذي أجواء حرب باردة داخل مجلس حقوق الإنسان

القاعة الكبرى التي تدور فيها اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف
صورة التقطت يوم الجمعة 23 مارس 2018 داخل القاعة الكبرى التي تدور فيها اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف قبيل التصويت على القرار الذي تقدمت به الصين. swissinfo.ch

كالعادة، اختتمت الدورة الرئيسية للهيئة الأممية المعنيّة بحقوق الإنسان يوم الجمعة 23 مارس الجاري بسلسلة من الإقتراعات. ومن خلال إصدار قرار يدعو إلى "تعاون متبادل المنفعة"، حققت الصين نجاحا دبلوماسيا، إلا أن هذا النص يُمكن أن يُـقـوّض – على المدى الطويل – عمل المحققين المستقلين بشأن الإنتهاكات الجسيمة للحريات، وهو تهديد أشارت إليه على وجه الخصوص سويسرا.

في هذا الصدد، لا يُخفي أدريان كلود زولير – المُطلع على كواليس ساحة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة – قلقه مما حدث، ويضيف قائلا: “هذا هو الحدث الرئيسي في هذه الدورة. هذا القرار الصيني يُمثل الخطوة الأولى في مسار انتكاسة كبرى”.

ظاهريا، جاء القرار المقدم من طرف بكين متعطرا بشذى المُثل العليا للأمم المتحدة، فهو يتعلق بـ “تعزيز التعاون متبادل المنفعة في مجال حقوق الإنسان”، وتم اعتماده بأغلبية 28 صوتاً مقابل صوت واحد وامتناع 17 عضواً عن التصويت، كما “يطلب من اللجنة الإستشاريةرابط خارجي لمجلس حقوق الإنسان إجراء دراسة حول دور المُساعدة التقنية وبناء القدرات في مجال تعزيز التعاون ذي المنفعة المتبادلة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان”.

محتويات خارجية

هنا يكمُن الإشكال: ما الذي يعنيه التعاون ذي المنفعة المتبادلة بين الدول فيما يتعلق بحقوق الإنسان؟ قبل إجراء التصويت، أعربت سويسرا عن شكوك جدية حول هذا المفهوم من خلال الإشارة إلى “لغة مُبهمة وغامضة تُضعف المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان”.

وفيما رحّب فالنتان زيلفيغر، بـ “التعاون البناء على المستوى الدولي باعتباره وسيلة لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها”، حرص السفير السويسري لدى الأمم المتحدة في جنيف، على التذكير في ختام الدورة 37 لمجلس حقوق الإنسانرابط خارجي بأن “الولايات المتعلقة بحقوق الإنسان يُفترض أن تتدخل حيثما تكون هناك انتهاكات لحقوق الإنسان وتمنع حدوث الأزمات وأن تستجيب بسرعة للأزمات”، مع التشديد على “المشاركة الحاسمة للمجتمع المدني في آليّات حماية حقوق الإنسان”.

لجمُ المدافعين عن حقوق الإنسان

في هذا الصدد، يرى أدريان كلود زولير أن هذه هي القضية التي أثارها هذا القرار حيث أن “الإجراء الذي أرساه القرار الصيني يتمثل في تطويق نظام الإجراءات الخاصة (أي التحقيقات المستقلة التي يقوم بها المقررون الخاصون – التحرير) وتكثيف الضغوطات الممارسة عليهم. وهذا، ابتداء من عدم ذكر الإجراءات الخاصة في القرار، ولا المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان. وبهذه الطريقة، هناك محاولة لكتمان أصوات حاملي الرسالة، ولتعقيد عمل المقررين الخاصين الذين ينقلون الرسالة. وذلك من خلال تجاهل هيئات مُراقبة الإتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان والعودة إلى مبدإ عدم التدخل”.

بهذه الطريقة، يعود مجلس حقوق الإنسان إلى لغة ومفاهيم الحرب الباردة. وفي هذا الصدد، يُذكّر أدريان كلود زولير: “في خمسينيات القرن الماضي، استخدم الإتحاد السوفياتي أيضًا فكرة التعاون ذي المنفعة المتبادلة”.

بطريقته الخاصة، ذهب جيسون ماك في نفس الإتجاه بمناسبة التصويت على القرار الصيني، حيث صرّح الدبلوماسي الأمريكي أن “اللغة <المُطمئنة> بشأن التعاون ذي المنفعة المتبادلة تهدف إلى إفادة الدول الإستبدادية على حساب شعوب يجب علينا جميعا كدول أن نحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية فيها. لقد أعرب المندوبون الصينيون بوضوح عن نيتهم تمجيدَ رئيس دولتهم عن طريق إدراج فكره في المُدوّنة الدولية لحقوق الإنسان”.

(ترجمه من الفرنسية وعالجه: كمال الضيف)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية