مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“نحن بحاجة إلى طريقة جديدة للتفكير في كيفية عمل البرلمان”

ملفات ورقية متراكمة فوق مكتب
كما هو الحال في معظم المجالس التشريعية، لا زال البرلمان السويسري أبعد ما يكون عن بلوغ مرحلة الاستغناء عن استخدام الأوراق. Keystone / Alessandro Della Valle

في ظل السلطات الممنوحة لها في سياق "وضع الحالة الإستثنائية"، استلمت الحكومة السويسرية زمام الأمور فيما يتعلق بالتعامل مع جائحة كوفيد - 19 في البلاد. وفيما يستعد البرلمان الفدرالي للعودة إلى العمل، يناقش دانيال غراف، الناشط في مجال الديمقراطية الرقمية كيف ستؤثر الأزمة على السياسات التشاركية في المستقبل.

swissinfo.ch: بسبب الفيروس، تم تهميش جناحيْ الديمقراطية شبه المباشرة في سويسرا، أي الشعب والبرلمان. ما هو حجم المشكلة المترتبة عن هذا الوضع بالنسبة للديمقراطية؟

دانيال غراف: بشكل عام، يثق الناس في سويسرا في أن الحكومة تبذل قصارى جهدها لحل الأزمة مع مراعاة مخاوف المواطنين. هناك نقاشات عامة حول الإجراءات، ولكن ليس هناك إحساس بأن شيئًا ما يسير بشكل خاطئ. مع ذلك، فنحن لا نرى ما (يحدث) وراء الكواليس في برن، حيث تتابع الإجراءات بسرعة وتتأثر بشدة من قبل جماعات الضغط. في الحالة العادية، يُخضع المواطنون قرارات مثل خطة إنقاذ قطاع الطيران للرقابة، وحتى إن لم يتمكنوا من التصويت عليها، فيُمكنهم التظاهر ضدها، ولكن حتى التظاهر في الشارع ليس خيارًا في الوقت الحالي.

swissinfo.ch: هل كان من الممكن أن يكون البرلمان أكثر انخراطا في المُشاركة (في اتخاذ القرار) رقمياً؟

دانيال غراف: في الفترة السابقة، عندما بدأنا الحديث عن الرقمنة، لم يُنصت إلينا أحد، وخاصة في البرلمان نفسه. كان التفكير منصبا على الدوام على حماية الوضع الراهن، والإبقاء على الأمور على ما هي عليه. من الواضح الآن أن هذا موضوع يجب مناقشته. إنه أمر لا يُصدق أن مؤسسة محورية في مجتمعنا لا يُمكنها القيام بوظيفتها الرقابية الأساسية دون أن تكون متواجدة فعليا في برن. نحن بحاجة إلى طريقة جديدة للتفكير في كيفية عمل البرلمان. ستكون الرقمنة أولوية في الأشهر المقبلة. 

رجل ينظر إلى عدسة المصور
دانيال غراف (من مواليد 1973) ناشط ديمقراطي ومُسيّر حملات في إطار المبادرات الشعبية والاستفتاءات. أسّس في عام 2015 منصة WeCollect (أي نحن نجمع التوقيعات) الديمقراطية التي سيتم تحويلها إلى مؤسسة غير حزبية وغير ربحية في شهر يونيو 2020. اشترك مع ماكسيميليان شتيرن في تأليف كتاب “أجندة للديمقراطية الرقمية” (2018). يعيش مع عائلته في مدينة بازل. zvg

swissinfo.ch: كيف ستبدو عملية رقمنة من هذا القبيل؟

دانيال غراف: النقطة الرئيسية هي أنها ليست مجرد مؤتمرات عبر الفيديو. ولا يقتصر الأمر على مجرد نسخ ما يحدث في غياب الإرتباط بالإنترنت على منصة افتراضية. الجميل في المسألة هو أنه يمكنك تطوير نظام رقمي وفقًا لأهداف جديدة – من بينها على سبيل المثال – إشراك المواطنين بشكل أكبر. البرلمان من طراز قديم جدا بمعنى أنه يجب عليك أن تكون (متواجدا) هناك للمشاركة؛ ويُمكن للتكنولوجيا توسيع هذا الأمر. كما يُمكن زيادة الشفافية حول من يجتمع مع من ومن يتحدث مع من. ولكن هذا ما يؤدي دائمًا إلى الصد والدفع إلى الخلف. فالبرلمان أشبه ما يكون بقصر قديم، مليئ بالزوايا والغرف المظلمة، مع عدد قليل فقط من المحظوظين المسموح لهم بالدخول إليه. هناك كثيرون لا يريدون أن يتغيّر هذا الوضع.

swissinfo.ch: لا يزال التصويت الإلكتروني مُستبعدا، بما في ذلك للاقتراعات الوطنية المقرر إجراؤها في شهر سبتمبر القادم. هل سيُدرج مجددا على جدول الأعمال بعد أزمة فيروس كورونا؟

دانيال غراف: ما تعلمناه من هذه الأزمة هو أن الثقة هي أعلى قيمة في الديمقراطية. في سويسرا، وينطبق هذا أيضًا على الاقتراعات حيث يثق الناس في أن النتيجة دقيقة، ولهذا السبب لا ترى احتجاجات في برن بعد الإعلان عن أي نتيجة. لقد أوضحت العيوب الأمنية التي تم العثور عليها العام الماضي في أنظمة التصويت الإلكتروني أن المضي قُدُماً في اعتمادها على نطاق واسع كان سيكون خيارًا سيئًا. أود أن أقول بأن الحواجز أصبحت الآن أعلى من ذي قبل، بعد أن ثبت أن الثقة مهمة للغاية.

محتويات خارجية
لا يمكن حفظ اشتراكك. حاول مرة اخرى.
شارف على الإنتهاء… نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
مقالاتنا الأكثر قراءة هذا الأسبوع

اشترك في نشرتنا الإخبارية المجانية للحصول بانتظام على أهم منشوراتنا حول مواضيع متنوعة مباشرة في صندوق بريدك

أسبوعيا

توفر سياسة خصوصيّة البيانات المعتمدة من طرف هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية (SRG – SSR) معلومات إضافية وشاملة حول كيفية معالجة البيانات.

swissinfo.ch: هل سنشهد ارتفاعًا في الحملات الرقمية للأحزاب السياسية خلال الأشهر القادمة، نظرًا لأن قواعد المباعدة الاجتماعية تعني أنها لا تستطيع تنظيم تجمعات كبيرة؟

دانيال غراف: أعتقد أنه لن يكون هناك سوى تأثير صغير على الحملات. ففي هذا المجال، تبقى الأمور إلى حد ما على ما هي عليه ما قبل وبعد فيروس كورونا. لكن المفاهيم ستتحول فيما يتعلق بجمع التوقيعات الإلكترونية لفائدة المبادرات الشعبية والاستفتاءات. قبل قرار الإغلاق، لم يكن يُتحدّث كثيرا عن التجميع الإلكتروني للتوقيعات. أما الآن، فقد أصبحت هذه المسألة مشكلة كبيرة، خصوصا وأن التصويت الإلكتروني – الذي كان الشيء الوحيد الذي كانت الحكومة على استعداد للنظر فيه سابقًا – يتهاوى. من وجهة نظر ديمقراطية، من المحتمل أن يكون تعزيز الجمع الإلكتروني للتوقيعات (لفائدة المبادرات الشعبية – التحرير) أحد أفضل النتائج المترتبة عن الوباء.

swissinfo.ch: يُمكن أن تكشف أزمات من هذا القبيل عن وجود ثغرات ومشاكل أساسية في المجتمعات والديمقراطيات. ما الذي لفت نظرك بشكل خاص خلال هذه الفترة؟

دانيال غراف: إن تصورات نظامنا الديمقراطي بصدد التغيّر ببطء ولكن بثبات. في السابق، كانت الفكرة هي أن النظام السويسري يعمل بشكل جيّد حقًا، وأنه لا حاجة لتغيير أي شيء. سنبدأ في إدراك أنه من الضروري تكييفه على أساس مستمر، باستخدام التكنولوجيا، تمامًا مثلما نقوم بتكييف مجالات أخرى من حياتنا. تميل سويسرا إلى التفكير في نظامها الديمقراطي على أنه منقوش في الصخر، لكن هذه الأزمة تظهر أن بعض أدواته بحاجة إلى أن تصبح أكثر مرونة.

(ترجمه من الانجليزية وعالجه: كمال الضيف)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية