مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“المطلوب أن تصبح مؤسّسات الدولة أكثر صلابة في أقرب وقت”

بعد مرور زهاء ثلاثة أعوام على اندلاع الثورة، يستمر التونسيون في النزول إلى الشارع للتعبير عن آرائهم المؤيدة أو المعارضة للحكومة أو للتضامن مع ضحايا العنف أو لرفض الإرهاب. (في الصورة: تجمّع آلاف المؤيدين لحركة النهضة، الشريك الرئيسي في الإئتلاف الحاكم، في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة مساء 24 أكتوبر 2013 للتعبير عن تضامنهم مع قوات الأمن بعد سقوط ضحايا في صفوف الشرطة (1) والحرس الوطني (6) يوم 23 أكتوبر في كل من منزل بورقيبة وسيدي علي بن عون). Keystone

عندما يستحضر المرء الوضع الذي كانت عليه العلاقات التونسية السويسرية في عهد الرئيس السابق بن علي، والتي كادت أن تصل إلى مستوى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ثم يُقارنها بما أصبحت عليه اليوم، يمكن القول بدون تردد أن تحولا كبيرا قد طرأ عليها.

بطبيعة الحال، يعود الفضل في هذا التغيير إلى ثورة 14 يناير 2011 التي أطاحت بحكم استنفد أغراضه، وهو الحدث الذي تفاعلت معه سويسرا كثيرا، وحاولت أن تترجمه في مساعدات ملموسة وميدانية. كيف حصل هذا التحول؟ وما هي ترجمته على أرض الواقع؟ وكيف تبدو آفاق هذا التعاون في ظل التحديات السياسية التي تواجهها مرحلة الإنتقال نحو بناء نظام ديمقراطي؟

السيد بيار كمبرنوس، سفير الكنفدرالية السويسرية لدى الجمهورية التونسية، الذي يعمل منذ نحو ثلاثة أعوام على بناء جسور فعّالة مع المجتمع المدني من جهة ومع الجهات الرسمية من جهة أخرى، حاول أن يُجيب على هذه الأسئلة التي طرحتها عليه swissinfo.ch في سياق حوار صريح ومفتوح.

قفزة نوعية

بداية، كيف يُقيّم السفير السويسري الحالة الراهنة للعلاقات الثنائية بعد الثورة التونسية؟ هل تُعتبر مرضية أم أن هناك جوانب لا زالت في حاجة للدعم والتطوير؟ يقول السيد بيار كمبرنوس: “إن سويسرا كانت من بين الدول السبّاقة التي انخرطت في وضع برنامج مخصص لتقديم الدعم للإنتقال الديمقراطي في تونس منذ 11 مارس 2011. في البداية تم اتخاذ إجراءات عاجلة في أواسط شهر يناير من نفس السنة تمثلت في تجميد وقائي لممتلكات مسؤولي نظام السابق، وبعد ذلك أخذت تتطور نشاطاتنا بشكل مكثف وهام حتى بلغت خلال 2013 مستوى تجاوز 20 مليون فرنك سويسري (حوالي 35 مليون دينار تونسي). واذا قارنا ذلك بما كان عليه وضع العلاقات الثنائية قبل الثورة فإنه يمكن القول بأن ما توصلنا اليه يشكل قفزة نوعية وكمية شجاعة. كما أننا نبقى متحفزين لتحقيق مزيد النجاعة في مشاريعنا، خاصة في الوقت الراهن، الذي يتسم بكثير من الأسئلة المحيرة حول مستقبل المسار الإنتقالي”.

 

EDA

أولوياتنا حددتها السلطات التونسية

في محاولة لفهم آليات الدعم السويسري للتونسيين، سألت swissinfo.ch السفير بيار كمبرنوس عما إذا كانت لسويسرا أولويات تعمل على تحقيقها في ضوء ضمان مصالحها، أم أن سياسة برن في هذا المجال تستند بشكل أساسي إلى الأولويات التي يفرضها الوضع الداخلي لتونس؟

في إجابته، أكد السفير السويسري أن “الأولويات التي تم ضبطها حددتها الوضعية المحلية والإحتياجات التي ضبطتها السلطات التونسية. كما أن هذه الأولويات قد حُدّدت في ضوء الإضافة التي تعمل سويسرا على تحقيقها في الميادين التي لها فيها خبرة مُعترف بها من قبل الآخرين. لهذا السبب جاءت مشاريع الدعم التي قمنا بها في صلب المشاكل الخاصة بالحوكمة وآليات توفير الشغل كما أنها تعلقت بالأسئلة والقضايا الخاصة بالهجرة. كما ركزنا بشكل كبير على المناطق الغير المحظوظة في وسط البلاد وجنوبها، وهو ما يشهد على هذا التوجه المعتمد من قبلنا”.

سُئل عن الإسلاميين فتحدث عن.. المسار!

في محاولة لتوسيع دائرة النقاش، طلبنا من السفير كمبرنوس أن يُجيبنا بصراحة عن ردود فعله حول نجاح الإسلاميين في تونس وفي عدد من الدول العربية في الوصول إلى السلطة. هل فوجئ بذلك؟ وهل طرح بعض الأسئلة حول تداعيات هذا التغيير في موازين القوى حول المصالح السويسرية وعلى الإستقرار الإقليمي عموما؟ إجابته جاءت دبلوماسية إلى حد كبير، حيث اعتبر أن “نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في تونس سنة 2011 قد كشفت عن رغبة الناخبين والناخبات في ممارسة حقوقهم حتى ولو أن جزء هاما من الجسم الإنتخابي قد احتفظ بصوته ولم يشارك في الإقتراع. كما أنه من الصعب حدوث توقع مُسبق حول ما ستؤول إليه موازين القوى بين الإتجاهات السياسية في ضوء غياب ثقافة ديمقراطية وممارسة فعلية لقيم المواطنة. المهم بالنسبة لنا قبل كل شيء هو المساهمة في المسار الذي يسمح لتونس بتطوير آليات وقواعد تسمح باحترام حقوق الإنسان، ودعم دولة القانون، والسعي لتحقيق المساواة والعدالة الإجتماعية وضمان الإستقرار الدائم”.

المزيد

المزيد

مساعدة مالية لطالبي اللجوء التونسيين

تم نشر هذا المحتوى على وفي صيف 2012، أطلقت سويسرا مشروعا يتمثّل في تقديم مساعدة مالية لطالبي اللجوء التونسيين الذين يقبلون بالعودة الطوعية إلى موطنهم. هذه الفترة التجريبية تستمر سنة وتقتصر في مرحلة أولى على 250 شخصا. (SF/swissinfo.ch)

طالع المزيدمساعدة مالية لطالبي اللجوء التونسيين

استرجاع الأموال.. “مسألة معقدة”

نأتي الآن إلى ملف تهريب الأموال في عهد الرئيس السابق، التي لا يزال جزء هام منها موجودا حسبما يبدو بالبنوك السويسرية، وبالرغم من قرار التجميد الذي تم اتخاذه من قبل الحكومة السويسرية، إلا أن كثيرا من البطء لا يزال مُلاحظا في هذا السياق، كيف يُفسّر الدبلوماسي السويسري ذلك بعد مرور زهاء ثلاثة أعوام على اندلاع الثورة، وماذا فعلت برن لتمكين التونسيين من حقوقهم؟

أجاب السفير بيار كمبرنوس مذكرا بأن “سويسرا كانت أول دولة قامت بتجميد أموال التونسيين بالمؤسسات البنكية السويسرية، وذلك بدءًا من تاريخ 19 جانفي 2011. لكن المشكلة تكمُن في أن الإجراءات المتعلقة بتحديد هوية أصحاب تلك الحسابات، وباسترجاع الممتلكات تتطلب وقتا طويلا. مع ذلك تم اتخاذ الإجراءات الضرورية للتعجيل بإتمام ذلك في أسرع الأوقات، مع تقديم الدعم الفني للهيئات القضائية التونسية. إن تبادل الوثائق وتقاسم المعلومات والخبرات من شأنه أن يساعد على ضمان حقوق الشعب التونسي”.

“تربطنا بالمجتمع المدني علاقات وثيقة”

على صعيد آخر، دار الحديث عن علاقات سويسرا والسفير تحديدا بالمجتمع المدني التونسي، الذي يمر حاليا بمرحلة نمو سريعة، كما يحتاج إلى المساعدة والإحاطة، وهنا شدد السفير على أن “برنامج الدعم للإنتقال الديمقراطي يعطي أهمية كبرى لدور المجتمع المدني الذي تربطنا به علاقات وثيقة. فعديد الجمعيات الناشطة بالخصوص في مجالات المراقبة الإنتخابية، والعدالة الانتقالية، والدفاع عن المساواة بين الجنسين، والإعلام، والتكوين المهني أو الهجرة، تتمتع بمساندتنا ودعمنا، وتستفيد من جهود الإحاطة التي نقوم بها. إن حيوية هذه المنظمات إلى جانب الدور الهام للقطاع الخاص يشكلان أحد المفاتيح الرئيسية لبناء المواطنة الجديدة التي تولدت عن الثورة”، على حد قوله.

كل شروط النجاح متوفرة في تونس.. ولكن!

لم يكن بالإمكان أن يُختتم هذا الحوار دون استفسار السفير عن مدى ثقته في إمكانية تأسيس أنظمة ديمقراطية بعد مرور ثلاثة أعوام على اندلاع الثورات العربية؟ أم أنه يعتقد بوجود احتمالات أخرى؟ أجاب السيد بيار كمبرنوس أن “الصور الرمزية التي عرفتها مختلف أشكال التمرد في العالم العربي لا تتجه نحو التعميم، ولهذا سيكون من دور المؤرخين تحليل وفهم تعقيداتها المختلفة. لكن فيما يتعلق بتونس، تتوفر كل الأشياء لقيام نظام ديمقراطي. المهم أن لا يقع التخلي عن المكاسب التي تحققت في سنة 2011، وخاصة حرية التعبير، وتعبئة المواطنين، وتحقيق مسار انتخابي شفاف. المطلوب أن تصبح مؤسّسات الدولة أكثر صلابة في أقرب وقت، وذلك من خلال خارطة الطريق واضحة المعالم، إلى جانب أجندة تتمتع بالمصداقية، وعندها يمكن الإستجابة لضرورات المرحلة ولتطلعات التونسيين التي لخصتها الثورة في أهداف ثلاثة، وهي الحرية والعمل والكرامة”.

تونس (رويترز) – فجر انتحاري نفسه في منتجع سوسة السياحي التونسي يوم الأربعاء 30 أكتوبر في أول هجوم من نوعه منذ عام 2002 في البلد الذي يحارب إسلاميين متشددين يستغلون حالة الفوضى في ليبيا المجاورة.

وذكرت مصادر أمنية أن الشرطة أحبطت هجوما آخر عندما ألقت القبض على مهاجم كان ينوي تفجير نفسه عند قبر الحبيب بورقيبة أول رئيس للبلاد في بلدة المنستير الساحلية.

واعتقلت الشرطة خمسة عناصر أخرى من هذه المجموعة كانت تنوي القيام بهجمات على ما يبدو وقالت انهم كلهم ينتمون الى جماعة انصار الشريعة المتشددة المحظورة.

ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم ومحاولة التفجير لكن الحكومة التي يقودها الإسلاميون في تونس تحارب متشددي جماعة أنصار الشريعة وتقول ان هذه الجماعة لها صلات بجناح القاعدة في شمال افريقيا.

وقال محمد علي العروي المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية ان الانتحاريين تونسيان دخلا تونس عبر بلد شقيق دون أن يذكر هذا البلد بالاسم.

وذكر مصدر أمني أن المهاجم الأول كان يريد في البداية دخول فندق رياض بالم وفي يده حقيبة لكن لم يسمح له بالدخول فجرى ناحية الشاطئ وفجر نفسه. ولم يصب أحد بأذى.

وتثور المخاوف من أن يضر هذا التفجير بصناعة السياحة التي جذبت 5.8 مليون شخص أغلبهم من أوروبا جاءوا إلى تونس العام الماضي للاستمتاع بشواطئها المطلة على البحر المتوسط وبالرحلات في الصحراء التونسية.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 30 أكتوبر 2013)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية