مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عرض صحفيّ 19.10 2018

 

تحت عنوان “الرياض تعد بتوضيح كامل في قضيّة خاشوقي”، كتبت صحيفة تاغيس أنتسايغير الناطقة بالألمانيّة ليوم الأربعاء 17 أكتوبر تحليلاً لتداخلات قضية اختفاء الصّحفي جمال خاشوقي. الأمن التركي يدخل إلى السّفارة السّعوديّة في أنقرة في السّاعة 4:25 صباحاً وقبل ذلك في السّاعة السابعة مساءاً تقريباً، باحثاً عن أدلّة وعينات دم وبقايا DNA، يمكن لها أن تثبت تواجد الصّحفي المختفي في السّفارة في يوم 2 أكتوبر، وتثبت قيام المخابرات السّعوديّة باستجوابه وتعذيبه ومن ثمّ قتله. ويسترسل كاتبا المقالة باول أنطون كروغير وكريستيان شلوتسير بعد ذلك بالحديث عن رجب طيب أردوغان الذي صرّح عن اكتشاف عيّنات لنوع من أنواع السّم وأنّه يتمّ الآن تحليله. وقد علّق الصحفيان في هذا السّياق على العلاقات السّعوديّة التّركيّة وعلى حساسيّتها وصعوبتها، حتّى قبل قضيّة خاشوقي.

وكان دونالد ترامب قد كلّف بشكل مفاجئ وزير خارجيته مايك بومبو بإدارة وساطة بين أنقرة والرّياض، وفي الوقت ذاته أعلن ترامب عن سيناريو جديد لقضيّة خاشوقي، مفادها أنّ بعض “المتحوّلون إلى وحوش قاتلة” يمكن أن يكونوا قد تصرّفوا على هواهم وقتلوا الصّحفي خلال عمليّة تحقيق، وذلك بلا علم من القيادة السّعوديّة. يتابع الصّحفيان تحليلهما من خلال سيناريو خاص بهما يستند على بعض الشواهد والأحداث التي دارت أمام السّفارة في فترة ما بعد اختفاء خاشقجي، ويقترحان في نهايته أنّ السلطات السّعوديّة في السّفارة كان لديها ما يكفي من الوقت لإخفاء كلّ أثر للجريمة المحتملة.

السّفير السّعوديّ ترك أنقرة ووصل إلى الرّياض في يوم الثّلاثاء 16 أكتوبر، بحسب الصّحيفة ونقلاً عن وسائل إعلان تركيّة. في هذه الأثناء لم ينكر وليّ العهد ولا العاهل السّعوديّ احتمال تورّط المملكة بقضيّة اختفاء خاشوقي. ثمّ يتساءل الصّحفيّان عن إمكانية إيجاد سيناريو ما يسمح لكلّ الجهات بحفظ ماء وجهها في هذه القضيّة. ويضيف الصحفيان بأنّ الجهات الرّسميّة التّركيّة قد أعلنت امتلاكها لتسجيلات صوتيّة وشرائط فيديو تثبت عمليّة قتل خاشوقي في السّفارة. وتنقل الصّحيفة عن صحيفة النيويورك تايمز ما نشرته عن قيام وليّ العهد السّعوديّ بالموافقة على عمليّة التّحقيق ومن ثمّ على اختطاف خاشوقي بالقوّة واحضاره إلى المملكة. ولكن الصحيفة تضيف بأنّ قصّة التّسجيلات والفيديوهات التي تتحدّث عنها السّلطات التّركيّة والتي تمّ الحصول عليها كما تدّعي تلك السّلطات من ساعة أبيل التي كان يرتديها خاشوقي قد تمّ وصفها، حتّى من قبل الإعلام المعارض لحكم أردوغان، بالأسطورة، وذلك من أجل التّغطية على حقيقة التّجسّس على السّفارة وهو ما يتعارض مع اتّفاقيّة فينا.

الصّحيفة تعرض في نهاية مقالتها تصريحات عائلة خاشوقي، حيث طالب أبناءه “بلجنة دوليّة مستقلّة” تقوم بالتّحقيق في تداخلات اختفاء خاشوقي.

“المملكة ستكون بحال أفضل مع وليّ عهد آخر”

من جانبها خصصت صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ النّاطقة بالألمانيّة ليوم الجمعة 19 أكتوبر في زاويّة الآراء مساحة لمقضيّة خاشوقي أيضاً، يحلّل فيها أندرياس روش تداخلات هذه القضيّة من زاوية العلاقات السّعوديّة الأمريكيّة التي يصفها “بأنّها الآن على المحك”. تحت عنوان “لا مصداقيّة لوليّ العهد بعد الآن”.

يرى روش أنّ هناك صعوبة خاصّة لقضيّة خاشوقي بالنّسبة لإدارة ترامب، فترامب استطاع إلى الآن إمّا متابعة سياسة سابقيه، كما فعل في مسألة سوريا مثلاً، أو إثارة صراعات جديدة، كما فعل مع كوريا الشماليّة وإيران، أمّا الآن فهناك نوع جديد من التّحدّي يتّسم بالتّعقيد. فليس هناك وصفة جاهزة لحلّ هذه المسألة من غير إعادة تحديد شكل العلاقة بين بلاده والمملكة العربيّة السّعوديّة. فالمملكة لا تمثلّ ندّاً تقليديّاً لأمريكا، كما هو الحال مع روسيا وإيران، حيث يكون الحل الاعتياديّ متمثّلاً بكل بساطة بمنع السّفر والعقوبات الاقتصاديّة. ولكن الأمر يتعلّق بأحد أعمدة السّياسة الأمريكيّة الخارجيّة. فلا تستطيع الولايات المتّحدة بكلّ بساطة غضّ النّظر عمّا حدث، ولا ضرب مصالحها بعرض الحائط من خلال انهاء الشّراكة مع المملكة. لا بدّ هنا من حلّ استراتيجيّ متوازن، كما يرى روش.

لا شكّ بأنّ قضية خاشقجي ستترك أثر على العلاقة بين البلدين، ولكن السّؤال الذي يطرح نفسه في أيّ مجال سيكون ذلك؟ فتلك العلاقات لم تبنى أبداً على المبادئ المشتركة، فنظام السّعوديّة ملكيّ مطلق، أمّا سبب العلاقات الوثيقة فيعود إلى اللقاء التاريخي في سنة 1945 بين الملك عبد العزيز والرئيس روزفلت، فهي علاقات سياسيّة بحتة، وإن كانت قد بنيت بداية على مصالح أمريكا بنفط المنطقة، فأنّها اليوم أكثر تعقيداً من ذلك كما يرى روش، فالمملكة هي شريكة الولايات المتّحدة الأمريكيّة في مكافحة الإرهاب وزبونة تسليح مهم وتمثّل ثقل موازي لإيران في المنطقة.

والأهم كما يرى روش هو التزام أمريكا بالدمقراطيّة وحقوق الإنسان، هذا الالتزام هو على المحكّ الآن أكثر من أيّ وقت مضى. حيث تقارير بشاعة وتعذيب وقتل هذا المفكّر كما يصفه روش، تضيف ثقلاً كبيراً على طبيعة هذه العلاقات، بحيث لا يمكن لترامب التّملّص من الرّدّ على ما حصل. ويرى روش أنّ استراتيجيّة ترامب للتّعامل مع هذه المعضلة يجب أن تبدأ بالسّؤال عن مدى أهميّة وليّ العهد في علاقات أمريكا بالمملكة. ويقترح روش أن تتخلّى أمريكا عن “حضن وليّ العهد” والتّوجّه بالخطاب إلى النّخبة في المملكة السّعوديّة، واقتراح أنّ “المملكة ستكون بحال أفضل مع وليّ عهد آخر”.

 

 

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية